خلط الأوراق وتبرير المواقف المتناقضة من بعض النخب الوطنية

بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري

من أبجديات السياسة وانظمة الحكم في العالم وجود حكومة ومعارضة سواء كانت هذه الحكومة

ديمقراطية او ديكتاتورية.

فإذا كان نظام الحكم ديمقراطيا يحتكم الي المؤسسات الدستورية والقضائية ستكون هناك حكومة وطنية منتخبة يراقبها البرلمان وأحزاب المعارضة الوطنية من داخل قبة البرلمان ويخضع وزرائها ومديروها الي الاستجواب والمسائلة القانونية من ممثلي الشعب وقواه الوطنية المعارضة وتنقل جلساتها وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وهنا الجميع معارضة ونظام تحت سيادة القانون الذي يكفل للجميع ممارسة الحق الدستوري دون المساس بسيادة القانون.

اما اذا كان نظام الحكم ديكتاتوريا قمعيا كما هو الحال في ارتريا فلا مجال لممارسة اي حق دستوري الذي لا وجود له اصلا إذ أن المشرٍع الوحيد هو رأس السلطة الديكتاتورية وهو الرئيس والبرلمان والقاضي اما البقية الباقية فمجرد احجار علي رقعة الشطرنج ولاعب وحيد لا منافس أمامه يحرك تلك الأحجار كيفما شاء فمن أراد يقتله ومن أراد غيًبَهُ ومن أراد حَنًطَهُ ليصبح دمية بين يديه الي جانب الادوات القمعية المنفذة لاوامره.

وبهذا يجعل من الوطن سجنا كبيرا الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود والشاهد علي ذلك عشرات الألوف من الأحرار الوطنيين علماء وسياسيين، رجال دين مشائخ ورهبان، اعلاميين كتاب وصحفيين، رجال ونساء، أطفال وشيوخ علي حد سواء تئن بهم زنازين وحاويات بيوت الأشباح ولا يعرف مصيرهم او اماكنهم وان كانو احياء ام اموات.

وامام هذا الرعب الأحمر وخدمة الصخرة العبودية اللامحدودة لم يكن امام مئات الآلاف من الشباب الارتري سوي خوض مغامرة الخروج من (حضرموت الي الموت) عبر الحدود والصحاري والمحيطات سميه ما شئت هروب، جبن، تحسين وضع، البحث عن الامان، لكنه قطعا لم يكن خروجا اراديا، وقد انتظم الجميع كل وفق قناعاته وتوجهاته لرفع الظلم ومقاومة هذا النظام الذي تسبب في معاناتهم وحرمانهم من زويهم.

الي هنا يبدو الأمر طبيعيا ولكن مالم يكن طبيعي ما يدور هذه الأيام من ازدواجية العمل لبعض النخب الوطنية التي تتصدر المشهد السياسي بمبادرة دعوة المهجرين قسرا إلي العودة للوطن وتلميع صورة النظام القبيح وتصوير الوضع داخل ارتريا كأنه (جنة عدن) تنعم بالأمن والأمان والرخاء والاستقرار.

هذه الدعوة التي احتار الجميع في أمرها ليس لغرابتها فقط بل ممن يقومون بالترويج لها وما إذا كانوا يملكون هذا الحق فعلا ام لاء علما ان من يقوم بمثل هذه الدعوات هو النظام الحاكم فقط إما بدعوة صادقة للمصالحة الوطنية وإجراء تغير في سياسة نظام الحكم وهذا مستبعد طبعا وإما لاستمالة البعض من أطراف المعارضة وشق صفوفها بالخضاع.

عمليا هؤلاء خرجوا من الوطن لنفس الأسباب التي دفعت بالجميع الي مغادرة الوطن وما زالت قائمة والتي تتمثل في البطش والتنكيل والسجن والتعذيب حتي الموت، لا دستور، لا محاكم، ولا قضاء، ولا اعلام.

ختاما تساؤلات عديدة حول الموضوع!!!

اذا قلنا فاقد الشئ لا يعطيه

1. فكيف بهؤلاء يدعون غيرهم للعودة وهم انفسهم لا يملكون حق هذه العودة الا بشروط؟

2. هل انتفت أسباب التهجير القسري؟

3. وهل هناك مبادرة من النظام بإطلاق سراح المعتقلين او الكشف عن مصير المغيبين؟

4. ام هناك بوادر بتفعيل الدستور وإطلاق الحريات العامة؟

5. ام تريدون منا ان نرقص فوق انين وجراحات المغيبين من الوطنيين الأحرار؟

6. الم يكونوا هؤلاء زملاءٌ لكم بالأمس القريب؟

واخيرا هل العودة او زيارة الوطن (الطبيعي) تحتاج الي نداء او دعوة؟؟؟

امتي صبرا فإنًا لن نغيب * لم يعد يُطْرِبُنا ذاك النحيب،

فالحبيب الحر يسعي للحبيب * فجرنا يا امتي صار قريب،

آن ان نرجع ذا المجد السليب * عائدون امتي لا تيأسي،

عائدون امتي لا تيأسي

Top
X

Right Click

No Right Click