الصومال يخلط أوراق أفورقي وعلى السودان الحذر
بقلم الأستاذ: عمار العركي المصدر: البلد نيوز
صرح الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود لتلفزيون بلاده قائلا:
(أول مهمة لي ستكون إعادة شباب الصومال الذين أخذوا لإريتريا وشاركوا في الحرب الدائرة في إثيوبيا) القراء التحليلية لهذا التصريح تذهب في اتجاهات عديدة، وكلها تشير الى نهج وإستراتيجية جديدة للرئيس الصومالى المنتخب حديثا مخالفة لسلفه ”فرماجو“، وذلك على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
ولتقريب الفهم التحليلي، يجب إستدعاء ملابسات وحيثيات إرسال ”الشباب الصومالي“ الى ارتريا للتدريب والزج بهم فى آتون الحرب ليجد - من نجا منهم - نفسه أسيرا ولربما يتم تسليمه للعدالة الدولية متهما بجرائم وانتهاكات انساتية.
بداية القصة كانت عندما كشف الإعلام الصومالي عن قيام الرئيس الصومالى السابق ”محمد عبدالله فرماجو“، وفي إطار تحالفه الثلاثي (الصومال، اثيوبيا، ارتريا) وفى تكتم وسرية تامة، بإرسال دفعتين من الشباب الصومالى يتعدى عددهم حوالي 1900 للتدربب في ارتريا فى يونيو 2109م، ثم الدفع بهم الى القتال ضد التقراي بجانب الجيش الارتري.
و سرعان ما توالى كشف الخبايا، التى أدت لنشوب ازمة داخلية حادة ومواجهات بين الأهالي والعشائر والبرلمان الصومالى من جهة وحكومة الرئيس فرماجو من جهة أخري، وذلك عقب مطالبات وإحتجاجات عارمة قام بها الاهالي والعشائر التى ينتمي اليها الشباب، تزامناً مع تقارير للامم المتحدة في سبتمبر 2021م، مفادها تورط قوات صومالية تدربت في ارتريا فى الحرب على اقليم تغراي الاثيوبي، وأن للامم المتحدة ادلة موثوقة على نقل قوات صومالية من معسكرات تدريب عسكري فى ارتريا كانوا موجودين بالقرب من مدينة ”اكسوم“، الا ان الحكومة الصومالية السابقة برئاسة فرماجوا ظلت تنفي على الدوام، بينما سارعت حكومة افورقي بالاحتجاج الذى عقبه طرد عدد من موظفي الأمم المتحدة فى اسمرا على ضؤ هذه التقارير.
بالتالي، وجد الرئيس الصومالى الجديد ضآلته فى هذا الملف الملتهب على طاولتى برلمان بلاده الذي يضغط من اجل عودة أولئاك الشباب لبلادهم، والامم المتحدة التى ان تسعي لإتبات صحة تقاريرها في مشاركتهم في الحرب وقيامهم بجانب الجيش الارتري بأعمال وممارسات وصفتها بجرائم الحرب وإنتهاكات ضد الإنسانية.
كذلك نجد بأن الرئيس الصومالى الجديد وضع الملف فى سلم أولوياته ويود إبتدار فترته بتحقيق اهداف استراتيجية على المستويين الداخلي والخارجي وذلك من خلال:
رد الجميل للمجالس الولائية – والتى يعد العشائر والقبائل الصومالية المطالبة بعودة ابناءها عمودها الفقري - والبرلمان المركزي بعد دعمهم له إنتخابيا، وتمتين هذه العلاقة.
كسب وتطمين المجتنع الدولى بقيادة الامم المتحدة والولابات المتحدة ”المتحفظتين“ تجاهه سيما وأن الثانية ضاعفت من قواتها فى الصومال غداة اعلان فوزه في الإنتخابات الرئاسية.
تضييق الخناق والضغط على الرئيس الأرترى افورقي، والذي لم تكن العلاقة بينهم كما يجب إبان توليه رئاسة الصومال في الفترة 2012م-2017م، قبل ان يخسر السباق الإنتخابي لصالح ”فرماجو“.
يُعد تصريح الرئيس الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود بمثابة مسمار آخر فى نعش التحالف الاثيوبى الارتري الصومالى الموقع فى اسمرا بين رؤساء الدول الثلاثة في 5 سبتمبر 2018، عقب المصالحة بين الصومال وارتريا إثر اتهام الاولى للثانية بدعم مسلحين صوماليين مما أدي، الي ايقاع عقوبات اممية على ارتريا في 2009م، والتى تم رفعها بطلب الصومال واثيوبيا فى نوفمبر 2018م كواحدة من نتائج وإافرازات إتفاق السلام الشامل - التكتيكي الكذوب - بين اثيوبيا وارتريا والذي نشهد تصدعه وبوادر انهياره في الوقت الراهن جراء الإستفاقة وعودة الوعى ”لأبي احمد“ المندفع و المتسرع، وبدأ فى نفض يده من تحالفه مع الامهرا وارتريا بإطلاق دعوة ومبادرة تصالحية مع التقراي في إطار حوار قومي اثيوبي شامل، ويبدو بأن تلك الدعوة قد قطعت شوطاً بعيداً بعد أن أطلقت ”جبهة التقراى“ صراح 4000 من أسرى الجيش الأثيوبى لديها.
نتوقع بأن يسعى افورقي والأمهرا الى محاولة هدم المعبد، ولربما يسعيا لتفجير الاوضاع بشرق السودان والفشفة، والإيقاع بين السودان وأثيوبيا فى حرب حدودية طاحنة للجانبين، وبالتالى يجب على السودان عدم تحميل الإستفزازات والتعديات الراهنة على الآراضى والمزارعين، و التصريحات الرسمية العدائية الأثيوبية الأخيرة - بالأحرى الأمهراوية - والتى ستتوالي كعادة الأمهرا عندما يضيق الخناق عليهم من قبل ابي احمد والجيش الفيدرالي الذي هو ضد اقحام قواته مع مليشيات الامهرا لاسترداد الفشقة او في التعدي.
الأمهرا وهم فى الرمق الاخير يخططون لاشعال الوضع والايقاع بالجيش السوداني والأثيوبي باي شكل انتقاما من الطرفين. المستجد فى الامر ومما سيكون له تأثير كبير في المعادلة هو”الصومال“وتوجه رئيسه الجديد المنتخب حسن شيخ محمود والذى قام بخلط الأوراق بتصريحاته تلك، ولكم ان تتخيلوا ماذا سيكون عليه موقف الامهرا وارتريا في مستقبل الايام القليلة القادمة وهم يفقدون آخر دعم وسند ”استراتيجي جوارى“، ولا استبعد بان يكون ”لابي احمد“ تنسيق وترتيب خفى مع حسن شيخ من اجل التضييق وتشديد الخناق على الامهرا وارتريا،،، وهذا ايضا تناوله خلال تحليلنا لتحركات.
افورقي المتوجس خيفة من تسليم التقراي للأسرى الارتريين للامم المتحدة لاثبات جرائم افورقي في ”تقراي“، والذين بينهم عدد كبير من الشباب الصومالي الذين سيبتدر حسن شيخ فترة مهامه الرئاسية باعادتهم من ارتريا.
عموما، بالضرورة تواصل وتعاطى السودان مع ”آبى أحمد“ والوصول معه لتفاهمات، مع التحوط والحذر ومراقبة الوضع عن كثب، الى حين موت المقتول وحده.