تعقيب على الأمسية التي نظمها منبر الحوار الوطني الإرتري: نحو موقف وطني توافقي تجاه الأحداث في إثيوبيا
بقلم الأستاذ: صالح اشواك - كاتب وناشط سياسي إرتري
كنت حريص على المتابعة والمشاركة في الأمسية التي نظمها منبر الحوار الوطني الإرتري،
نحو موقف وطني توافقي تجاه الأحداث في إثيوبيا ኣብ ኢትዮጵያ ንዘሎ ተረኽቦታት ስምምዓዊ ሃገራዊ ሚዛን ምቕማጥ
و نتيجة لظروف خاصة لم أتمكن من المشاركة تعقيباً أو استفسار و لكن تابعت الندوة على نحو حقق لي الفائدة ولأن الأخ/ عبدالرازق كرار أطروحاته تأتي دائماً بصورة تحرك المياه الراكدة و لم تتاح لي فرصة التعقيب أثناء بث الندوة فأثرت أن يأتي تعقيبي مكتوب و ربما نشره في العام يدفع الأخريين ممن لم يتسنى لهم حضور الندوة إلى متابعتها في صفحة المنبر في الفيس حيث إنها متاحة كتسجيل و من ثم الإدلاء بآرائهم و قطعاً هذا يخدم الندوة و يسهم في تحقيق الغايات المرجوة من المساهمة المميزة للأخ/ عبدالرازق كرار.
1. لعل ما لفت نظري في حديث الأخ عبدالرزاق تأكيده وفي أكثر من موضع على ضعف المعارضة مما يجعل منها غير ذات تأثير على مستوى التغيير أو صناعة أسبابه أو المساهمة في رسم معالمه عبر أطروحاتها التي يمكن أن تحقق لها القوة اللازم في أن تشكل حضور في المشهد بما أن الأمر ليس وقفاً على الداخل فقط أو على وسيلة واحدة دون الأخرى و بالتالي فأنها يمكن أن تستحوذ على مساحات مهمة من خلال أطروحاته السياسية الموحدة و هذا عامل مهم في إكسابها القوة و المتانة اللازمة علاوة على أن هذا ربما يفتح لها مسارات مهمة في التعامل مع القوى الفاعلة و المؤثرة في المنطقة أو في الداخل على مستوى جنرالات العسكر أو الذين يمكنهم إحداث التغيير، لعل الضعف الذي يعتري المقاومة من أهم أسبابه الوضع السياسي في دول الإقليم و تقاطعات مصالح هذه الأنظمة الإقليمية مع النظام سواء كانت هذه المواقف معلنة أو يتم التعاطي من خلال اتخاذها مسارات خفية و صامتة لذا لا يمكن فقط ا، نتصور العامل الذاتي دون غيره كمؤشر أساسي على ضعف المعارضة.
2. لعل التغيير المحتمل حدوثه من الداخل بطبيعة الحال في حال حدوثه سوف لن يأتي مستصحب لتصورات كل القوى المناوئة المقاومة للنظام نظراً لتباين رؤية كل مجموعة وفق الخلفية السياسية لثنائية التجربتين الرئيسيتين في الساحة الوطنية كذلك لا يمكننا أن نتصور أن التغيير من الداخل يمكن أن يأتي دون أن يكون لمن يقدمون عليه علاقات مع بعض القوى الخارجية التي تشكل امتداد لذات المدرسة السياسية و بالتالي فأن التغيير من الداخل ربما يضعنا أمام مأزق جديد ما لم يستجيب لتصورات القوى المقاومة في الخارج و التي من المفترض أنها لا تختلف مع رؤية المستفيدين من التغيير في الداخل و ليس بالضرورة أن تتفق رؤية الخارج بالمطلق مع المنفذين.
3. الأمر الذي يثير القلق إلى حد كبير هو حدوث الفراغ السياسي نتيجة غياب الحاكم الأوحد مما يعني في ظل غيابه بروز أكثر من مركز قوى بين أقطاب النظام في محاولة لتصفية الحسابات بين الأطراف و يظل هذا المهدد الأخطر وربما يؤدي إلى ولادة دولة متناحرة و فاشلة كنتيجة حتمية لتعدد مراكز القوى ما بين المنظومة العسكرية التي تعيش حالة صراع خفي مادام الرئيس متحكم في أدارة كل التناقضات و الاستفادة منها في بقائه.
4. لعل أمر أخر أيضاً يثير الكثير من القلق و هو أن يتم إعادة إنتاج مشهد مطلع التسعينيات في الانصراف الكيفي من المعارضة في حالة حدوث أي تغيير أو دخول معطى جديد يسهم في فرض واقع جديد في الداخل و يسهم في صناعات تحالفات جديدة بين مراكز القوى في الداخل و جزء من تنظيمات أو مجموعات من المعارضة لنجد أنفسنا أمام مرحلة جديدة تتسم بالهشاشة و الضعف نتيجة الصراعات لذا فأن وضع التصورات التي تحد من خطورة سيناريوهات التغيير من الداخل أو حدوث فراغ نتيجة غياب الرئيس تستدعي من الجميع التفكير باتجاه وضع خارطة طريق يتم التسويق لها و التبشير بها كرؤية تسند كرافعة سياسية أي تغير محتمل.
5. كما أن الأخ/ عبدالرازق طرح أمر أظن أنه من الناحية السياسية غير مقبول و ربما ما دفعه إلى ذلك تصوره الذي يشبه اليقين في أن (المعارضة ضعيفة) حيث أشار إلى أن أسياس وفق مقاربته التي يتصور من خلالها بأنه يحافظ على السيادة الوطنية بإخراج الوياني من دائرة التأثير السياسي فأن هذا الأمر لا يحتاج من المعارضة أن تقف مع أسياس لأنه سيفعل ذلك بالضرورة دون أن أي حاجة لمن يناصره هذا الكلام أنا اتفق معه إلي حد ما و لكن على المعارضة إدانه اي عدون يستهدف الوطن على الأقل إذا لم تعلن وقوفها مع النظام فهي ليست مطالبة بالحياد، و هنا أود أن أشير إلى أن العلاقات بين النظام و التقراي علاقات معقدة و متشابكة و بالتالي لا يمكن أن نتصور أن النظام بمنطق الوعي بالتقراي أن يفكر في أن يخرج الوياني من دائرة الفعل السياسي و لكن في تصوري سيعمل على تقليل مخاطر عنفوانها و جبروتها الذي تستمده من الالتفاف الشعبي حولها لأنها أقنعت شعب التقراي بأن هذه المعركة هي معركة وجودية و بالتالي فأن هذا الأمر و هذا ربما يسهم في إعادة ترتيب العلاقات بينهم بما يحقق نرجسية أسياس في أن يكون صاحب السيطرة في تسير هذه العلاقات بعد أن فقدت الوياني الكثير من القدرات العسكرية و قدراتها المادية و لكنها تمتلك رصيد سياسي كبير على مستوى علاقاتها مع الغرب و القوى والمنظمات الفاعلة فيه و بالتالي لا يمكن أن أتصور التقراي دون الوياني و لكن ربما برؤية جديدة و تصور جديد.
6. الأمر الأخر الذي أشار إليه حيال التحالف مع التقراي و الوقوف معها بغية التغيير فأنه ذكر بأن المعارضة ليست بحاجة لأن تقف مع التقراي طالما أنها سوف تحقق هذا الأمر و في تقديري هذا الأمر و الوقوف في موقف المتفرج حيال اعتداء خارجي من قوى ينظر عليها أنها تشكل مهدد للوطن هو أمر في غاية السلبية بل على العكس على قوى المعارضة التعبير عن رفضها لإنخراط التقراي في صناعة التغيير بصورة مباشرة لأن هذا سيتم مقابلته برفض شعبي كبير علاوة على أن هذا سيخلف دولة تحت الإنتداب التقراوي لذا (أنا مالي) ثمنها باهظ للغاية و لا يقل فداحة عن الوقوف مع النظام تحت ذريعة حماية السيادة الوطنية.
عموماً يمكن القول أن الموقف الوطني يقتضي من قوى المعارضة تجاوز كل خلافاتها و وضع أولويات رئيسية و تعليق كل المختلف حوله إلى أن يتم خلق دولة ديمقراطية يكون للشعب فيها القول الفصل إزاء كل المختلف حوله.