الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقي - الجزء السادس

بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري

توقفنا في الجزء السابق عند تحديد طرفي الصراع بين كل من جبهة التحرير الارترية من جهة

أسياس أفورقي 8

وقوات التحرير الشعبية 1و2 ومجموعة افورقي من جهة اخري.

بدأت المناوشات والصدامات المحدودة بين اطراف الصراع بحجة الدفاع عن مناطق النفوذ لكل منهما حيث وقعت أولي هذه المواجهات بين جبهة التحرير الارترية وقوات التحرير الشعبية في شهر فبراير من العام 1972 في منطقة (دَالِي) بالوحدة الإدارية رقم 11 شمال دنكاليا حسب التقسيم الإداري للجبهة سابقا حيث كان إقليم دنكاليا وحدتين إداريتين 11و12 شمال وجنوب دنكاليا والتي تعتبر إمتدادا لمناطق نفوز قوات التحرير الشعبية إذ لم يسبق للجبهة وجود عسكري منظم في دنكاليا.

وكانت هذه اول سرية من الجبهة تحاول التوغل في المنطقة بقيادة الشهيد/ علي محمدابراهيم احد أبرز أبناء المنطقة ونائبه الشهيد/ ابراهيم بوليسي والمشرف العام علي الوحدتين الاداريتين11و12 شمال وجنوب دنكاليا المناضل/ عبدالله سليمان.

وتم رصد ومحاصرة هذه السرية من قبل قوات التحرير الشعبية اشتبك الطرفان في معركة استمرت 6 ساعات تقريبا أصيب خلالها عدد من المناضلين من الطرفين بجراح من بينهم الشهيد علي احمد الذي تم اجلائه الي احدي العيادات الميدانية للجبهة في منطقة (اكًلُو قِزَاي) ليتم علاجه هناك.

وقعت هذه المواجهة كما ذكرنا في منطقة (دَالِي) بالقرب من منطقة (بُورِي). وكانت خسائرها محدودة علي الطرفين ومما يؤسف له أن تقع هذه المواجهات بين رفاق السلاح وأخوة كانو حتي بالأمس القريب في خندق واحد وربما بين شقيقين أحدهما هنا والآخر في الطرف المقابل وربما قَتَلَ أحدهما الآخر دون علم منهما.

ثم كانت الموقعة الثانية في(اكًلُو قِزَايْ) بالقرب من منطقة (وِيعَة) أيضا كانت محدودة الخسائر وامتدت المواجهات لتشمل معظم اجزاء المنطقة الرابعة عموما ومناطق (شِعِبْ) وضواحيها تحديدا والتي تعتبر مناطق نفوذ طبيعة لقوات التحرير الشعبية.

وهكذا استمرت المواجهات العنيفة بين الاخوة الاعضاء مابين عامي 1972و 1973 في حالة كر وفر ومن منطقة الي اخري حاصدة في طريقها الأرواح الغالية في معارك الرابح فيها هو الخاسر.

حتي وصلت الي المعركة الفاصلة بينهما في موقعة (قَرَقٍرْ) الشهيرة والتي تَدخًل فيها الجيش السوداني فاصلا بين الطرفين تراجعت بموجبه الجبهة الي مواقعها داخل العمق الارتري بينما إنسحبت قوات التحرير الشعبية بمحاذات الحدود السودانية الي الساحل الشمالي معسكر (بِلِيغَاتْ).

توقفت المعارك بين الفريقين خلال الربع الأخير من العام 1973 وحتي آخر العام 1974 حيث أتيحت الفرصة لكل منهما للإعداد والتسليح والتدريب واستقبال التدفق الهائل من الشباب الارتري الي كلا الطرفين من داخل المدن الارترية والطلاب الدارسين في الجامعات الإثيوبية اثر التغيير المفاجئ الذي حدث في نظام الحكم الأثيوبي بسقوط الهالك هيلي سلاسي واستلام المجلس العسكري المؤقت مقاليد السلطة بقيادة الجنرال امان عندوم ذو الأصول الارترية الذي طرح نفسه عرابا لمشروع الحل السلمي للقضية الارترية في إطار الدولة الإثيوبية وقام للترويج له بجولة شملت جميع المدن الارترية ولكنها قوبلت بالرفض التام من الشعب الارتري وثورته المسلحة علي حد سواء.

ليعود ادراجه الي اديس اببا مصحوبا بخيبة أمل كبيرة ويجد نفسه أمام صراع محتدم بين أجنحة المجلس العسكري المؤقت ثم محاصرا في منزله والقضاء عليه بينما تم إعدام أكثر من خمسين ضابطا رميا بالرصاص بعد أن تم استدعائهم في احدي السكنات العسكرية ليستقر الحكم لضابط مغمور وهو العقيد منقستو هيلي ماريام الذي حكم اثيوبيا بالقبضة الحديدية ل17 عام.

من جانبها صعًدتْ الثورة الارترية من ضرباتها ضد المحتل الأثيوبي وانتقلت من مرحلة الدفاع الي مرحلة الهجوم ومحاصرة المدن الكبري بما فيها العاصمة اسمرا.

وللمرة الثانية وبعد فترة هدنة استمرت لمدة عامين تخللتها بعض التفاهمات أسفرت عن شبه تنسيق بين الجانبين في الحصار المشترك الذي فُرِضَ علي العاصمة اسمرا عام 1975.

الا ان شبح الخلاف اطل برأسه من جديد ليتجدد القتال المؤسف بين الاخوة رفاق السلاح في الموقعة الشهيرة (وكي زاقر) والتي كان لمواطني المنطقة الدور الوطني الكبير بإيقاف القتال والفصل بين الأشقاء.

وهنا تم رفع الحصار عن المدن وعاد كل طرف الي مواقعه الخلفية ليتواصل الحوار بينهما وإنهاء حالة العداء والدخول في الوحدة الوطنية الشاملة بمساعدة من الدول الشقيقة والصديقة كالسودان والعراق وسوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية اسفرت عن اتفاقية الخرطوم في العام 1976وقعها:-

• عن جبهة التحرير الارترية - الشهيد/ احمد محمد ناصر ،
• وعن قوات التحرير الشعبية - الشهيد/ عثمان صالح سبي ،
وبحضور ممثلي الدول الراعية.

وقبل أن يجف الحبر الذي كتبت به سرعان ما تم الانقلاب عليها من قبل ما يسمي بالمجلس الإداري لقوات التحرير الشعبية (قيادة الداخل) والتي كانت برئاسة الديكتاتور افورقي في عملية إنقلابية ثانية له علي القيادة الشرعية للتنظيم والتنصل من كل ما قامت به باسم التنظيم ليس لشئ إلا لرفضه الوحدة الوطنية.

وكما تمرد سابقا علي القيادة الشرعية للجبهة وأعلن انشقاقه عنها هاهو الديكتاتور افورقي ينقلب للمرة الثانية علي القيادة الشرعية للتنظيم ويؤكد علي نهجه الانفصاليي المتطرف، وأصدرت هذه المجموعة الانقلابية بيانا تعلن فيه رفضها التام إتفاقية الخرطوم وان الشهيد سبي لا يمثل إلا نفسه.

وهكذا انتهت الاتفاقية ليبدأ معها فصلا جديدا علي الساحة الارترية التي شهدت ولادة تنظيم ارتري ثالث باسم جبهة التحرير الارترية قوات التحرير الشعبية بقيادة كل من الشهيد/ عثمان صالح سبي والزعيم السياسي المخضرم الشهيد/ محمد سعيد ناود.

نواصل... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click