الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقي - الجزء الخامس
بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري
كما أسلفنا في الجزء السابق وفي ظروف بالغة الدقة والتعقيد وتنامي ظاهرة الانشقاقات
قررت الجبهة عقد مؤتمرها الوطني الأول في الفترة الواقعة مابين 14 اكتوبر و12 نوفمبر من العام 1971في الاراضي المحررة وبحضور ممثلي كافة ابناء الشعب الارتري الي جانب ممثلي جيش التحرير الارتري وعدد من ممثلي الدول الشقيقة والصديقة.
من جانب آخر تسارعت ظاهرة الانشقاقات في جسم الثورة حيث فشلت قبل المؤتمر كل المساعي والمحاولات التي بذلت من اللجنة التحضيرية والشخصيات الوطنية بالتواصل مع المعنيين واقناعهم بالعدول عن مواقفهم وحضور المؤتمر العام الأول للثورة وكان موقف الشهيد سبي واضحا منذ مؤتمر ادوبحا وعزل المجلس الأعلي.
أما افورقي فكان جزءا من مؤتمر ادوبحا الذي أقر انعقاد المؤتمر الوطني الأول وعضو القيادة العامة لجيش التحرير الارتري ولم يُظهر اي اعتراض واضح علي عقد المؤتمر وطُلب منه أن يكون ضمن اللجنة التحضيرية للمؤتمر ولم يحضر وللمرة الثانية قبل انعقاد المؤتمر ذهب إليه وفد عالي المستوي من الجبهة وطلب منه حضور المؤتمر وكان جوابه سوف ارد عليكم ولم يرد او يحضر.
وهكذا عُقِدَ المؤتمر بغياب كل من الشهيد عثمان صالح سبي والديكتاتور افورقي ولم يتوصل الي قرار بحل ظاهرة الانشقاقات بل أشار إليها بعبارة فضفاضة تقول (الساحة لا تحتمل أكثر من تنظيم) والتي فصرت من كل طرف حسب موقفه من الآخر.
في هذا الوقت كانت الأطراف المنشقة قد عقد كل منها اجتماعه التأسيسي حيث عقد جناح الشهيد عثمان صالح سبي اجتماعه التأسيسي في منطقة (سَدْحُو عيلا) في إقليم دنكاليا تحت اسم قوات التحرير الشعبية رقم (1)
وعقدت مجموعة أسياس افورقي (سلف نطنت) اجتماعها التأسيسي في منطقة (تَخْلِي) ضاحية بالقرب من (مِرَارَة).
كما ولحقت بهم مجموعة (العُوبَلِيُونْ) تحت اسم قوات التحرير الشعبية رقم (2)
تأتي هذه الظاهرة من التشرذم والإنشقاقات بعد مؤتمر ادوبحا نتيجة لأسباب طبيعية كانت تمر بها الثورة وكان يمكن حلها بالحوار في المؤتمر العام للثورة وتفادي ظاهرة تعدد التنظيمات اهم هذه الأسباب تمثلت في:-
1. عزل المجلس الأعلي من قبل القيادة الثورية وانتخاب القيادة العامة لجيش التحرير الارتري.
2. اعتقال بعض أعضاء القيادة العامة من أبناء المنطقة الرابعة (أبناء سمهر) تحديدا بحجة امتناعهم تسليم العهدة.
3. حادثة مقتل الجنديين في كسلا (وَلْدَاي قِدَي وكِدَانِي كُفْلُو).
4. مجموعة (عُوبَلْ) وما تحمله من توجه مخالف للوحدة الوطنية.
كل طرف من هؤلاء ارتكز علي حجته بغض النظر عن ما اذا كانت صح او خطأ وشق طريقه نحو الانفصال التام.
وكانت نتيجته ان قام المناضل عثمان سبي بمحاولة عزل الجبهة عن محيطها في الخارج وإقناع رؤساء المكاتب (أعضاء البعثة الخارجية) التي كان يراسها بالانضام اليه في اجتماع (عَمًان) الشهير ثم إقناع أبناء المنطقة الرابعة في الميدان بالانفصال عن الجبهة وتأسيس تنظيم موازي لها بتجنيد عدد من الشباب الارتري في السودان ونقلهم جوا من الخرطوم الي عدن اليمن الجنوبي سابقا التي منحته كافة التسهيلات من معسكرات تدريب وتجهيز المقاتلين المستجدين وادخالهم الي منطقة دنكاليا عبر البحر تحديدا (سَدْحُو عِيلَا) التي عُقِد فيها الاجتماع التأسيسي.
من جانبه استغل أسياس حادثة مقتل الجنديين (وَلْدَاي قِدَي وكِدَانِي كُفْلُو) في كسلا بالإضافة إلي ما يضمره في نفسه مسبقا من توجه طائفي انفصالي تواصل مع عدد من المسيحين ممن كانو في صفوف الجبهة أمثال (اَسْمَرُومْ قَرِزْقَهِيرْ، واَبَرًا مُكُنًنْ) عُضْويْ القيادة العامة ومَسْفِنْ حَقُوسْ الذي كان مع الشهيد سبي وحضر معه اجتماع (سَدْحُو عِيلَا) ولاحقا انضم الي مجموعة أسياس لاسباب غامضة وقلة قليلة من المقاتلين من أبناء كبسا في المنطقة الخامسة وبدأ بتأسيس تنظيمه السري (سَلْفِي نَطِنًتْ) بتجنيد المزارعين واستقطاب الطلاب والموظفين الحكوميين اليه حيث عقد اجتماعه التأسيسي في منطقة (تَخْلِي) ضاحية بالقرب من منطقة (مِرَارَة).
من جهتها مجموعة عوبل وهي مجموعة تضم بعض أبناء المنطقة الاولي بقيادة كل من (ادم صالح - عثمان عجيب - احمد ادم عمر) وكان لهم توجه مخالف ومختلف عن توجه القيادة الجديدة للجبهة بدورها التحقت بقوات التحرير الشعبية جناح سبي.
وبناءا علي عبارة (الساحة لا تحتمل أكثر من تنظيم) وفي ظل تزايد انعدام الثقة بين الأطراف أصبح الحظر والتوجس هو الموقف السائد بين رفاق السلاح مع إبقاء اليد علي الزناد في مناطق التماس.
وبما أن الجبهة كانت الأكثر انتشارا وأكبر عددا قياسا بالأطراف الاخري كان لابد لها من الوقوع في مثل هذه المناوشات المحدودة بينها وبين هذا الطرف أو ذاك في مواقع مختلفة ما دفع الأطراف الثلاث للتتحالف والتنسيق فيما بينها لشئ في نفس كل منهم وعملا بمقولة (عدو عدوي صديقي) وبذالك تحدد طرفي الصراع بين كل من الجبهة من جهة وجناحي قوات التحرير الشعبية 1و2 ومجموعة افورقي (سلفي نطنت) من جهة اخري.
نواصل... في الجزء القادم