قراءة في ارتريا ومسئوليات ما بعد الاستقلال رؤية مستقبلية - الحلقة الخامسة والأخيرة
بقلم الأستاذ: منصور أبو سما - كاتب وروائي ارتري تأليف القائد المناضل: عبدالله إدريس
رؤية مستقبلية نحو البناء والتعمير:
مدخل:
استميحكم عذرا أحبتي أن الملم ما تبقى من هذا الكتاب الرائع للشهيد عبدالله ادريس محمد والذي ركز فيه على الوفاق والمصالحة الوطنية ورسم ملامح رؤية لدولتنا إرتريا بعد الاستقلال كاجتهاد بشرى له ماله وعليه ما عليه. في وقت سلم ورهن فيه الكثير من القيادات الوطنية في الساحة الارترية مسيرتهم النضالية لصاحب اللعنة صاحب الأجندات الخفية. طمعا في مكسب سياسي أو منصب زائل لم يشرع له شعب نبيل خاض أطول حرب بالمنطقة من أجل بناء دولة ووطن يهنئ فيه ويسعد، ولكنها تناثرت كالاحلام مع غطرسة تنظيم اقصائي اكل حتى أبنائه.
أسر الشهداء وجرحى التحرير:
تكوين هيئة أو صندوق لأسر الشهداء وجرحى حرب التحرير لتوفير متطلباتهم من معيشة وسكن وتعليم وعلاج؛ ليكونوا في المستقبل منتجين وأصحاب مهن وحرف تاهلهم للمشاركة في تطوير بلادهم ويجب أن تكون لهذه الهيئة مهام وصلاحيات وبرنامج واضح على أن توضع لهذه الهيئة ميزانية ثابتة تنفق منها على هذه الأسر والجرحى واقامة مشاريع استثمارية لصالح رعاية هؤلاء الابطال.
اللاجئون والمهاجرون:
أن تضحيات هؤلاء اللاجئين في سبيل قضية بلادهم ومشاركتهم في مسيرة الكفاح المسلح تملي على الدولة الارترية الإسراع في حل قضيتهم واعادتهم إلى ديارهم التي أخرجوا منها قهرا وقسرا، والدولة الارترية باستطاعتها اليوم الدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عامة من أجل حل قضية اللاجئين، كما يجب الاهتمام برعاية الجاليات الارترية من المهاجرين في الدول العربية ودول العالم وربطهم بوطنهم والعمل على معرفة قضاياهم ومشاكلهم والظروف التي يعيشون فيها وتشجيعهم على المساهمة في عملية البناء بخبراتهم وامكانياتهم.
وانني اقترح تكوين رابطة للاجئين يتم تكوينها من كل معسكرات اللاجئين وذلك للمشاركة في كيفية العودة والاستعانة في هذا الأمر بالجهات السودانية المسؤولة عن اللاجئين الاريتريين والمنظمات الدولية التي ترعى اللاجئين.
المجال الاقتصادي:
اننا نعيش اليوم في عالم يقدس التخصص والخبرات والجدية والوضوح في مجالات الاقتصاد ومن الصعب على القادة والمواطنين العاديين وضع سياسات اقتصادية بدون دراسة وبغير المتخصصين من أصحاب الخبرة. لهذا يجب التركيز على توفير الشروط الضرورية للتنقيب عن الثروات الطبيعية وغيرها بتجميع الكفاءات الوطنية من الاقتصاديين الاريتريين على مستوى الوطن وخارجه دون استثناء ولهذا اقترح: تشكيل مجلس قومي للشؤون الاقتصادية يتولى مهمة وضع استراتيجية وسياسة اقتصادية وبرنامج وخطط مستقبلية كما يجب أن تتوفر لهذا المجلس كافة الدراسات والبيانات والمعلومات الضرورية حول الموارد الوطنية ومن المهم أن تعطى له صلاحيات ومهام واضحة تساعدنا على تنمية الموارد والاستفادة من المعونات التي نحصل عليها من الأشقاء والأصدقاء. على أن تكون تركيبة المجلس القومى من المتخصصين في كافة فروع الاقتصاد:-
١) أصحاب الخبرة والتجربة والدراسة المتخصصة مثل خريجي الكليات الاقتصادية.
٢) خريجي المحاسبة والخبراء في الضرائب.
٣) خريجي كليات التجارة والمعاهد العليا في هذا المجال.
٤) الإسراع في تحديد العملة الوطنية الارترية وتجميع كل من له خبرة في مجال النقد واقترح أن تكون العملة الوطنية الارترية دينار أو ريال أو ليرة لأن هذه الأنواع من العملة مألوفة لدينا في كل من السودان واليمن والسعودية وغيرها من الدول المحيطة بنا. ويعتبر تحديد العملة الوطنية شيء مهم يرتبط بمسائل السيادة الوطنية لهذا يجب على الحكومة الانتقالية الإسراع في إنجاز هذه المهمة من خلال المختصين من الكفاءات الوطنية والشقيقة والصديقة.
٥) إقامة البنك الوطني الارتري (المركزي) مسألة ملحة بصفة عاجلة جدا بجانب البنوك التجارية والعقارية والزراعية والصناعية ويعتبر البنك المركزي قمة الجهاز المصرفي ومهمته الإشراف على بقية البنوك المختلفة ويعمل على الترخيص لها ومراقبة أدائها والتأكد من اتباعها القواعد والإجراءات المصرفية السليمة وعادة تناط به مهمة اصدار النقود بالبنك المركزي نيابة عن الدولة أو الحكومة ويعتبر الجهة الرسمية المسؤولة عن تنفيذ السياسة النقدية للدولة.
٦) التركيز على دراسة الموارد والناتج القومي والدخل القومي والإنفاق، أيضا البحث عن إمكانية المؤسسات الاستثمارية التابعة للدولة وتقييم أدائها من قبل المختصين لأن تكليف جهات غير متخصصة بوضع استراتيجية وسياسة اقتصادية ستكون بداية خاطئة تقودنا إلى العمل الارتجالي الذي لا يمكن أن تؤدي نتائجه الا الي الخلل في التفكير والتخطيط والأداء العملي لهذا ندعو إلى تجنب مثل هذه الأخطاء والقرارات التي تعتمد على هذه التقديرات غير المدروسة والموضوعة من خلال عناصر أو أفراد غير متخصصين.
المجال الثقافي:
يجب خلق حركة ثقافية متطورة مع الاهتمام بتدريب الكوادر ورفع كفاءتهم كما يجب تشجيع إبداعات الشباب والفنانين وابتكاراتهم في جميع مجالات الفن والفنون جميعها، والاستعانة بخبرات أشقائنا واصدقائنا في هذا المجال الحيوي في حياة شعبنا الذي يتطلع إلى نهضة شاملة وفكر متطور يبدأ بالدراسة والتخطيط ويعتمد على الكفاءة والتخصص.
السياسة الخارجية المقترحة:
علينا ان لا ننسى اننا شعب عظيم استطاع مواجهة التحديات وصمد امام العدوان الإثيوبي وحلفائه في الغرب والشرق، وإذا أحسنا التصرف ووضعنا السياسة الملائمة والمدروسة من قبل المختصين في مجال العلاقات الدولية والدبلوماسية. والمطلوب منا اليوم أن نحدد الاسبقيات في علاقتنا الإقليمية والدولية ولنبدأها بدول منطقة القرن الأفريقي ومن ثم باقي دول العالم. ولهذا الغرض نقترح: تكوين مجلس قومي (وطني) يتم اختياره من أصحاب الخبرة والعلم والتجربة في هذا المجال لرسم سياسة مدروسة لعلاقتنا الخارجية مع دول العالم... ( وقد تم شرح الكثير من التفاصيل ومهام وزارة الخارجية بالكتاب لا يتسع المجال لذكرها).
الخاتمة:
واختم هذه السلسلة من أدبيات جبهة التحرير الإرترية وفقا لما جاء بكتاب (إرتريا ومسؤوليات ما بعد الاستقلال) "رؤية مستقبلية". بابيات من الشاعر العظيم كجراي والتي بدأ بها الكتاب وهي:-
في كل بقاعك يا وطني...
يتردد لحن الحرية.
في ساوا حيث الأرض هناك...
قلاع نضال خلفية.
في بركا وفي وديان القاش...
وفي الطرقات الرملية.
من أجل العزة يا شعبي...
تلد الابطال اريترية.
فارفع راياتك يا شعبي...
شاكر لكم المتابعة.