قراءة في ارتريا ومسئوليات ما بعد الاستقلال رؤية مستقبلية - الحلقة الأولى
بقلم الأستاذ: منصور أبو سما - كاتب وروائي ارتري تأليف القائد المناضل: عبدالله إدريس
تمهيد: قبل ان نبدأ سلسلة حلقاتنا المتتالية بإذن الله تعالى؛ لتوثيق رؤية جبهة التحرير الإريترية
لارتريا الدولة والمستقبل. وفقا لما جاء بكتاب: إرتريا ومسؤوليات ما بعد الاستقلال "رؤية مستقبلية" لمؤلفه الشهيد/ عبدالله ادريس، دعونا نضع أرضية من خلال التعريف بالكتاب ومؤلفه.
المؤلف في سطور:
• ولد الشهيد/ عبدالله ادريس في منطقة شلاب شمال شرق مدينة أغردات في مارس ١٩٤٤م.
• التقى بالقائد عواتي بمنطقة (ساوا) في نوفمبر ١٩٦١م طالبا الالتحاق بالثورة؛ فامره عواتي بالعودة لمواصلة دراسته.
• اكمل تعليمه الابتدائي في السودان ودرس الإعدادية والثانوية في جمهورية مصر العربية.
• تطوع في النضال الوطني عام ١٩٦٥م وأرسل ضمن عشرين طالبا إلى جمهورية سوريا وتخرج من الكلية الحربية برتبة ملازم. وعاد إلى الميدان وعمل في المنطقة العسكرية الخامسة.
• دعي مع زملائه لأول مؤتمر عسكري في منطقة (عردايب).
• انتخب عضوا في القيادة الثورية المؤقتة في مؤتمر (عنسبا) سبتمبر ١٩٦٨م.
• انتخب عضوا في القيادة العامة في أغسطس ١٩٦٩م في مؤتمر (ادوبحا) التاريخي.
• تدرج في القيادة العسكرية من قائد أصغر وحدة مقاتلة إلى رتبة القائد العام لجيش التحرير.
• انتخب عضوا في المجلس الثوري ونائبا لرئيس جبهة التحرير الإريترية في نوفمبر ١٩٧١م في المؤتمر الوطني العام الأول.
• اعيد انتخابه في المؤتمر الوطني العام الثاني عضوا في المجلس الثوري واللجنة التنفيذية في مايو ١٩٧٥م.
• انتخب رئيسا للجنة التنفيذية في ٢٥مارس١٩٨٣م. واعيد انتخابه في المؤتمر الوطني العام الثالث في ديسمبر١٩٨٣م.
• جددت الثقة به في المؤتمر الوطني الرابع غير العادي مؤتمر الشهيد القائد محمود حسب سبتمبر ١٩٨٩م.
• في ظل قيادته لجيش التحرير تحررت معظم المدن الارترية وحقق جيش التحرير الارتري انتصارات عظيمة.
• وافته المنية بمدينة لندن في يوم ٣٠ أبريل ٢٠١١م بعد صراع مرير مع المرض. ووري جثمانه الثرى في موكب مهيب بمدينة كسلا السودانية.
يقع الكتاب في ١٣٨ صفحة من القطع الصغيرة. ولكنه لخص رؤية الجبهة للدولة الارترية داخليا وسياستها الخارجية.
انقل لكم مقطع من خاتمة الكتاب والتي قال فيها الشهيد/ عبدالله ادريس في ملخصها:
أن شعبنا الارتري هو المعلم الأول لنا جميعا، وأنه قادر وبجدارة على ممارسة الديمقراطية ويتمتع بالنضج الكامل، وعلينا اليوم جميعا التخلص والتحرر والتجرد من سياسات فرض الأمر الواقع أو ما يسمى بالشرعية الثوري، لأننا تجاوزنا هذه المرحلة وعلينا التكاتف من أجل بناء رؤية سياسية متكاملة تعزز بناء الوطن.
وان على حكومة الجبهة الشعبية التأكيد على أن إريتريا لكل الاريتريين وليست حكرا لتنظيم الجبهة الشعبية، وذلك من الناحية العملية، وان تكف عن الإساءة وإهانة القوى السياسية الارترية الأخرى.
علينا جميعا أن نؤكد مقولة (لكم ما لنا من حقوق وعليكم ما علينا من واجبات). وبهذا الفهم تتم الوحدة بالتراضي بين الاريتريين جميعا.
مدخل: اسمحوا لي أن انوه في البداية أن ما يتم نقله من خلال رؤية مؤلف الكتاب الشهيد/ عبدالله ادريس محمد ليس بالضرورة أن يتطابق مع رؤيتي الشخصية أو قناعاتي الخاصة. لذا وجب التنبيه.
إرتريا الأرض والسكان:
كانت إرتريا تتكون من مجموعة ممالك وسلطنات صغيرة مستقلة عن بعضها الا انها كانت تعيش في حالة من التعاون والتنسيق فيما بينها لمواجهة الغزوات الأوروبية القادمة إليها عبر البحر الأحمر والغزاة الاثيوبيين القادمين إليها بالطرق البرية من الجنوب الشرقي والجنوب الغربي.
ونتيجة لهذه الغزوات المتكررة على تلك الممالك تمكن الإيطاليون من الاستيلاء على أجزاء من تلك الممالك حتى كان عام ١٨٩٠ حيث أصدر الملك (امبرتو) الأول ملك إيطاليا مرسوما ملكيا بتأسيس (مستعمرة إرتريا) بحدودها الحالية.
شهدت إرتريا في تلك الحقبة تطورا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا كبلد موحد لأول مرة في تاريخه يخضع لإدارة واحدة وهي الإدارة الإيطالية، وكان لتلك الفترة الأثر الأكبر في التكوين المزاجي الجمعي والوجداني النفسي والفكري للشعب الارتري ووضع أسس اللبنات الاقتصادية والاجتماعية، كما شكلت تلك الفترة الملامح الأساسية للمجتمع الارتري حيث لعبت دورا هاما في صياغة حاضره وطموحات مستقبله وآماله العريضة.
• بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية طرد الحلفاء إيطاليا من إرتريا واشرفت على إدارتها بريطانيا باسم الحلفاء وذلك بالعام ١٩٤١م.
• في العام ١٩٥٠ طالبت الحركة الوطنية الارترية بقيادة الزعيم الوطني الكبير الشهيد/ إبراهيم سلطان وعبدالقادر كبيري ورفقاهم من قادة الحركة الوطنية بالاستقلال. وطالبت بريطانيا بتقسيم إرتريا بين إثيوبيا والسودان، بينما تبنت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع الاتحاد الفيدرالي بين إرتريا وإثيوبيا دون موافقة شعبها ونجحت في تمرير مشروعها بربط إرتريا باثيوبيا من خلال الأمم المتحدة التي وضعت دستورا ديمقراطيا تشكلت بموجبه حكومة ارترية ونص على أن لإرتريا لغتين وطنيتين هما العربية والتجيرنينة تتم بهما المعاملات الرسمية في إرتريا وذلك مقابل منح إثيوبيا قاعدة عسكرية لأمريكا في (كانيو ستيشن) في مدينة اسمرا.
• في ديسمبر من عام ١٩٥٣م طبق الاتحاد الفيدرالي بين إرتريا وإثيوبيا فعليا واستمر إلى نوفمبر ١٩٦٣م.
• في العام ١٩٦١م فجرت جبهة التحرير الإرترية الثورة الوطنية المسلحة في الفاتح من سبتمبر بقيادة البطل الشهيد حامد ادريس عواتي من أجل الحرية والاستقلال التام لارتريا من دنس الاستعمار الإثيوبي.
• عام ١٩٦٢م ألغت إثيوبيا الاتحاد الفيدرالي من جانب واحد وأعلنت ضم إرتريا إليها كجزء من امبراطوريتها.
• عام ١٩٦٤م في ١٥ من مارس تمكنت قوات الثورة الارترية من تدمير كتيبة جيدة التدريب والتسليح (معركة تقروبا).
• عام ١٩٧٤م ضربت المجاعة إثيوبيا. فتمردت عليها الفرقة العسكرية الثانية المرابطة في إرتريا نتيجة لهزيمة ساحقة بفعل الضربات القوية من الثوار، وتبع تمردها الجيش الإثيوبي بالكامل وبهذا سقط نظام الإمبراطور هيلي سلاسي وخلفه المجلس العسكري المؤقت (الدرق) برئاسة الجنرال أمان عندوم الارتري الأصل والذي أعلن برنامجا سلميا لحل القضية الارترية ولكن زملائه المتعصبين قتلوه.
• عام ١٩٧٧م حررت فصائل الثورة الارترية المقاتلة معظم المدن الارترية من الاحتلال واسرت اعدادا كبيرة من الجيش الإثيوبي، ولكن تدخل الاتحاد السوفيتي وأصدقائه من دول شرق أروبا وكوبا وبعض الأنظمة العربية لإنقاذ نظام منغستوا من الهزيمة النهائية لعب دورا خطيرا في بقاء الاستعمار الإثيوبي لأطول فترة.
• عام ١٩٨٨م انهارت معنويات الجنود الاثيوبيين الذين ارغموا على الحرب فاستسلمت إعداد كبيرة منهم إلى مقاتلي الثورة الارترية وبهذا تحررت كل المدن الارترية ما عدا كرن واسمرا وعصب ومندفرا.
• عام ١٩٩١م وفي الرابع والعشرون من مايو تم تحرير كامل التراب الارتري.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة