أين ذهب قادة تيغراي بعد هزيمة التنظيم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي - الجزء الثالث

بقلم الأستاذ: ياسين حسب الله - كاتب إرتري - لندن، المملكة المتحدة

ثوريين ام انتهازيين؟

سبعة وعشرين عامًا هي الفترة التي قضوها في الحكم جبهة الوياني وهي عمر جيل ونيف

دابراظيون قبرميكائل

أما ماذا كانت إنجازاتهم سنتركه للمؤرخين المختصين ليحكموا عليهم، ولكن الأمور عندنا بالنهايات ونتائجها وانا هنا احاول قدر استطاعتي البسيطة أن أقف على اخفاقاتهم التي أدت إلى زوال حكمهم وكيف انهم نجحوا في أمر واحد سلبي عليه إجماع الأغلبية من الشعب الإثيوبي ودول الجوار ذات التأثير الا وهو معاداة الجميع لهم، وكيف أنهم دخلوا حربا كارثية والهزيمة فيها مؤكدة بالمعطيات البسيطة التي بدت واضحة المعالم قبل دخولها وحتى الجيش الذي كان تحت أمرتهم اتضح جهلهم التام بإمكانياته.

• وبالعودة إلى السؤال هل كانوا ثوريين فعلًا أم مجرد انتهازيين ركبوا موجة الثورة التي كانت سائدة في ذاك الحين؟

• أو كانوا نسخة محاكاة للثورة الارترية نظرًا لاحتكاكهم اللصيق جغرافيا وثقافيا أم كانوا أداة استغلها الارتريين من البداية لإضعاف الدولة الأثيوبية؟

• وكيف لنا أن نعرف ذلك؟

• وماهي المقاييس هنا؟

الثورة في التعريف الأقرب إلى فهمنا تعني التمرد على النظام القائم على الظلم والاستبداد واستبداله بآخر يحقق العدل والتقدم، وجبهة الوياني عقيدتهم بنيت على أرضية اقل مايقال عنها مهلهلة مشروعهم ظل يتمرجح بين تعصبهم القومي كأقلية مظلومة تريد العدل والمساواة لمجموعتها وبين أحلام الممكن نحو الاستقلال لاقليمها ثم رفع السقف بتوحيد الجهود مع غيرهم من المظاليم ليشمل باقي الشعوب وإرساء دعائم العدل والمساواة للجميع وما أسوأ الأقوال إذا لم تصاحبها الأفعال!

وهذه الازدواجية مصحوبة بأساطير وأمجاد الماضي وانهم مركز الثقل الحضاري والمجد المندثر وأن إثيوبيا لهم وليس أنهم لاثيوبيا افقد مشروعهم الهيمنة والخطاب الجامع لترى فيهم باقي الشعوب الاثيوبية المنقذ. ورويدًا انحصر مشروعهم الى انتهازيين للسلطة وتغير ما كان للأمهرة ان يكون للتيغراي أي أنهم سقطوا في براثن ما كانوا ضده من التفرد بالسلطة والثروة والاستبداد والعنصرية مما اكسبهم بجدارة تكالب باقي الشعوب في التخلص من حكمهم ورفض كل ما يمكن ان يأتي منهم الى ان انتهى دورهم تحت وطئت العصيان الشعبي والحركات المسلحة التي ساعدوا في تأجيج نعراتها القومية بتقسيماتهم المسمية ذورا الفيدراليات الى أن عزلوا أنفسهم مع ضيق الأفق في إقليمهم الذي جاؤ منه ليعاودوا الكرة بنفس الادوات دون الاخذ بالمتغيرات على الواقع خلال العقود الثلاثة التي مرت على الدنيا.

وجاء خطابهم متحجرا لاستدعاء الامجاد من الماضي والمظالم وان تاريخ إثيوبيا ملكهم والحكم والسلطة اغتصبت منهم وتكالبت عليهم الأعداء من الشعوب الاخرى وبالاخص الامهرة ومن وراءهم من الداخل والخارج وأنهم أعدوا ما لا قبل لاثيوبيا من مواجهته وانهم اعدوا المقابر لمن تسول نفسه بالاعتداء عليهم لأنهم توقعوا العدوان عليهم واعدوا له في السنين الطوال، ليس هذا فحسب بل كانت لهم الجرأة ان يقوموا بخطوة سميت استباقية فيها ما يشين من الغدر والاعتراف بكل وقاحة بما اقترفته أيديهم قبل أن يختفوا من المشهد السياسي تاركين شعب التجراى ان يواجه منفردًا ارثهم الثقيل بلا قريب ولا صديق.

بالنسبة الارتريين كانت نصب أعينهم تحرير ارتريا بحدودها الاستعمارية الواضحة. أما لجبهة تيغراي فالامر كان به لبس نظرًا لاختلاف واقعهم من جهة وتذبذب مشروعهم الذي ورث مفهوم مختلف تمامًا ولم يعملوا للتخلص منه إطلاقا بمعنى آخر مشروعهم لم يكن استيعابي بل انتقائي أي قومي مناطقي يعنى كقومية في اقليم تيغراي بمعني اخر مشروعهم عانى من البداية بالضبابية وعدم وضوح المبتغى وهذا أضعف موقفهم أمام باقي الشعوب الأثيوبية التي لم ترى لهم من البداية مشروع يتسع للدولة الأثيوبية سوى حلب البقرة الاثيوبية ما امكن ذلك والانسحاب الى إقليمهم اذا تعذر ذلك كخطة بديلة، في حالة فقدانهم للحكم كما اتضح لاحقًا.

اذا من الطبيعي مع وجود مشروع كهذا يعمل على التفتيت والاستبداد بشكل واضح لا يمكن ان يقيم دولة موحدة ناهيك عن دولة متحضرة وديمقراطية كما تدعي.

و استغفال الناس وخداعهم له أمد محدد سرعان ما ينكشف و تنقلب نتائجه.

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click