جامعة اسمرة... التي فَرَّتْ من قسوره - الجزء الثالث
بقلم المهندس: موسي عَوِلْ خير - كاتب إرتري
نضالات الحركة الطلابية الارترية:
بدأت مقاومة الشعب الارتري للمستعمر في النصف الاول من أربعينيات القرن الماضي بتأسيس الجمعيات الوطنية
إلى أن تطورت إلى الأحزاب السياسية في نصفه الثاني، ولكن بدخول البلاد الفترة الفدرالية في بداية عقد الخمسينات خبا بريق النشاط السياسي المحموم الذي شهده النصف الثاني من الاربعينات، ثم في بدايات النصف الثاني من عقد الخمسينات وبالتوسع في التعليم بشكل عام وظهور التعليم الثانوي بشكل خاص، بدأ فصل جديد من كفاح الأمة الارترية تصدره الطلاب هذه المرة بمشاركة كافة فئات المجتمع الارتري من عمال ومثقفين وأدباء وفنانين سيأتي ذكرهم جميعاً ولو بشكل مقتضب، علماً أن كل هذا الحراك الوطني كانت تغذيه عمليات التغول الامبراطوري على المؤسسات الفدرالية للشعب الارتري والتي كان يتم تنفيذها بوقاحة منقطعة النظير وبتآمر خالي من أي دبلوماسية من قبل القوى والمؤسسات الدولية، وإليكم بعض الأمثلة لهذه الاستفزازات التي كانت بمثابة صب الزيت على النار:-
1. بداية اليوم الدراسي برفع العلم الاثيوبي على سواري المدارس والذي كان يستفز الطلاب كثيراً.
2. فرض اللغة الأمهرية وإلغاء اللغتين الدستوريتين العربية والتقرينية، وإلغاء التدريس بهما وإبدالهما بالأمهرية، وكان ذلك للمرة الأولى في مدرسة هيلاسلاسي الثانوية في العام 1957م، كما ذكرنا في الجزء السابق.
3. زيادة رواتب المعلمين الاثيوبيين بنسبة 30% من الراتب الشهري بمسمى (بدل مشقة) لا يشمل أصدقاءهم الارتريين.
4. خطاب السيد/ بتودد أندرقاشو ممثل الامبراطور في أول ظهور علني له حين قال للارتريين: بما أن مستقبلكم الآن أصبح مرتبطاً بالإمبراطورية الأثيوبية، لذا أصبح لزاماً عليكم تعلم لغة الثقافة الأثيوبية اللغة الأمهرية.
5. تهديد وزير الخارجية الاثيوبي السيد/ أخليلو هبت ولد Aklilu Habte-Woled والذي تم تعيينه رئيساً للوزراء في ابريل 1961م بعد مقتل رئيس الوزراء أببي أرقاي Abebe Aragai في الانقلاب الفاشل الذي قاده منقستو نواي في 1960م - التهديد المباشر الذي وجهه لمهندس الدستور الفدرالي السيد/ ماتينزو بأن عليه أن لا يحلم بتنازل اثيوبيا عن رغبتها في اعتماد اللغة الامهرية لغة رسمية في ارتريا (وفق ما ذكره الدكتور/ ادريس موشى في إحدى ندواته التاريخية).
6. الخطاب الرسمي الذي أرسله الامبراطور إلى الأمم المتحدة يخطرهم فيه بأنه وفور الاستيلاء الكامل على إرتريا سيتم استبدال كل اللغات الارترية باللغة الامهرية وذلك بناءً على التعهد الذي قدمه رئيس حزب (أندنت) السيد/ تدلا بايرو بالتنازل عن اللغة التقرينية لصالح الأمهرية، ولم تحرك الأمم ساكناً إزاء هذه الوقاحة (أيضاً الدكتور/ ادريس موشى في الندوة المذكورة أعلاه).
7. وآخرها إلغاء الاتحاد الفدرالي بشكل نهائي في 1962م.
ووفقاً للتواجد الجغرافي للطلاب نستطيع تقسيم نشاطهم المقاوم للاستعمار إلى خمسة مناطق على النحو التالي:-
1. داخل أرض الوطن خصوصاً الحراك الذي كان يقوده طلاب المرحلة الثانوية في أسمرا بالإضافة لطلاب مدينة كرن الذين سبقوهم لكنهم بشكل عفوي، أما جامعة أسمرا والتي اعتبرها قصة - كفاح متفردة خصوصاً في بدايات تأسيسها - تارةً تنتصر وتارةً تنكسر حيث تعيش هذه الأيام أقصى درجات انكسارها - فلم أجد شيئاً يذكر مما كتب عنها بالعربية تحديداً، لذا سوف أقوم بتخصيص حلقات خاصة بها.
2. طلاب جامعة أديس أبابا.
3. إقليم الشرق الأوسط وقد كان له قدم السبق في تأسيس أول اتحاد للطلاب الارتريين في العام 1952م وهو اتحاد الطلاب الارتريين في القاهرة (وسوف لن أتناول الشرق الاوسط بالتفصيل بالرغم من أنه يمثل العمود الفقري للحركة الطلابية الارترية والاكثر تنظيماً وذلك بسبب وجود جهود مقدرة لتوثيق نضالاته ممن كانوا فاعلين فيه، أبرزها الحلقات التي قدمها المرحوم الأستاذ/ عمر جابر بعنوان: الحركة الطلابية الارترية.. المسيرة والمسار، بالإضافة إلى كتاب بعنوان: الاتحاد العام لطلبة ارتريا وتجاربه مع قيادة جبهة التحرير الارترية، تأليف الاستاذ/ أحمدين إبراهيم، وقد كان رئيساً له، بالإضافة إلى جهود أخرى).
4. إقليم أوروبا وقد كان منهم شهيد الحركة الطلابية الدكتور/ يحي جابر.
5. إقليم امريكا الشمالية ومنهم المستشار السياسي للرئيس الارتري السيد/ يماني قرآب والمناضل/ هيلي منقريوس وآخرن.
أشكال وصور المقاومة الطلابية داخل أرض الوطن:-
في بادئ الأمر بدأ الطلاب في مقاومة الاستعمار بشكل فردي وغير منظم وكان أفضل شكل من أشكال التنظيم يتمثل في مجموعات الأصدقاء (الشلة)، ومن بين أشكال المقاومة الفردية يقول الاستاذ/ عمر جابر: كانوا يتحركون بين الناس في الاسواق وينتعلون أحذية جزء علوي وآخر سفلي بألوان العلم الاثيوبي، أو أن يدخل في جيبه العلم الارتري ليخرجه أمام العملاء قائلاً: "لن أبيعك يا علمي الجميل" أو يفاجئ العميل بسؤال عن نص مادة من مواد الدستور الارتري.
ويقول السيد/ عندي برهان كحساي في مقابلة - والذي قامت الجبهة الشعبية بتصفيته في 2003م يقول: عندما ذهبنا إلى المدرسة الثانوية في العام 1959م كان الكل يكره اللغة الأمهرية وكانت لمجموعتنا طريقتها الخاصة في الاحتجاج على التدريس بالامهرية وذلك بأكل الحمص المجفف أثناء الدراسة داخل الفصل والذي يصدر صوتاً مزعجاً لدرجة أن أطلق علينا لقب (سوق الحمص) كما أن المعلمين القادمين من أثيوبيا كانوا يرتدون الزي العسكري داخل المدرسة (لإخافة الطلاب الارتريين) إلا أن الطلاب كانوا يقومون بإظهار العداء بشكل صريح، ثم يردف قائلاً: "كنا نستمع للسيد/ ولدآب ولدماريام عندما كان يبث من اذاعة ركن ارتريا من القاهرة وكان ولدآب مناضلاً مشهوراً، فعندما كنت في الصف السادس دخل علينا معلم اثيوبي يرتدي بدلة وربطة عنق - علما أن المعلمين كانوا يرتدون الكاكي - ولأنه لم يكن معلماً عادياً بل كان ضابط مخابرات مسئول من عملية غسيل دماغ الطلاب الارتريين، فكتب على السبورة اسم هيلاسلاسي من ناحية وولدآب ولدماريام من ناحية ثم وجه لنا سؤالاً: من الأفضل هيلاسلاسي أم ولدآب ؟ فقام أحد الطلاب فأجاب ولدآب فأحدث شجاراً مع المعلم داخل الفصل.
هذا الشكل من أشكال المقاومة حتى لو لم يكن منظماً لكنه كان وعياً وطنياً يتدفق في عروق التلاميذ.
بدأ الحراك الطلابي في ارتريا يتكاثف ويأخذ أشكالاً أكثر تنظيماً وفاعلية، ففي العام 1957م عندما فرضت عليهم الدراسة باللغة الأمهرية، خرج طلاب مدرسة هيلاسلاسي الثانوية في تظاهرة بقيادة الطالب/ تكو يحدقو Tuku Yehadego وعندما قام الطالب (تكو) بنطح نقيباً في الشرطة برأسه، تم اعتقاله هو و 300 طالب آخر من المتظاهرين وسجنهم لمدة شهر الأمر الذي تسبب في اضطربات طلابية أخري في 22 مايو، وكان من بين طلاب هذه المدرسة الذين قدموا اسهامات وتضحيات جليلة في مسيرة النضال الطالب/ أحمد ناصر رئيس المكتب التنفيذي لجبهة التحرير الارترية منذ المؤتمر الثاني في 1975م وحتى خروجها من أرض المعركة.
الطالب اللاعب المناضل تكو يحدقو في سطور:
يقول الباحث رئسوم كداني: ولد تكو يحدقو في عام 1942م، إلتحق بمدرسة هيلاسلاسي الثانوية، حيث كان شخصية بارزة في تظاهرات عام 1957م بل كان من اهم قياداتها، وقد تم اعتقاله بعد أن نطح نقيباً في الشرطة، وبما أنه كان نجماً لامعاً في كرة القدم، انضم لنادي عدوليس Adulis Footbal وفي ديسمبر 1959م عندما ذهب فريق عدوليس للعب في مدينة بورتسودان التقي تكو بحركة تحرير إريتريا ليتم تجنيده للعمل داخل مدينة أسمرا وفي أوساط الطلاب الأمر الذي مكنه من المساعدة في تكوين الخلايا السرية (الخلايا السباعية) داخل العاصمة أسمرا ويعتقد بأن تكو يحدقو هو من قام بتجنيد رئيس الشرطة الإريترية الجنرال تدلا عقبيت الذي كان شديداً في ارهاب واستجواب أعضاء حركة تحرير ارتريا في أواخر الخمسينيات، وعندما تم القبض على توكو بينما كان يخطط لتنظيم تظاهرة ضد ضم إرتريا في أواخر عام 1962، قام الجنرال تدلا عقبيت باطلاق سراحه، وبعد خروجه من السجن هرب إلى السودان وبدأ النضال عضواً في حركة تحرير ارتريا، ثم في العام 1965م انضم لجبهة التحرير الارترية، وبعد أن قامت جبهة التحرير الارترية بتصفية عضوي القيادة الثورية البارزين (كداني كفوا - ولداي قدي) في أواخر عام 1969م، ترك تكو جبهة التحرير ليواصل نضاله ضمن صفوف قوات التحرير الشعبية، ويقول الباحث: أن تكو يحدقو لم ينضم لمجموعة عالا كرهاً للقيادة العامة لأن عضو القيادة العامة السابق (أسياس أفورقي) كان عضواً فيها وآثر العمل مع عثمان صالح سبي، وبعد أن ترك العمل مع جبهة التحرير، وفي مطلع العام 1970م أرسل خطاباً لبعض الطلاب الارتريين في المهجر يخبرهم فيه بالوضع السياسي المضطرب داخل جبهة التحرير الارترية والمؤامرة التي تسببت في اغتيال عضوي القيادة الثورية، ويعتقد الباحث بأن خطابه هذا هو من تسبب في انشقاق الاتحاد العام للطلاب الارتريين في اجتماع ميونخ في صيف عام 1970م، حيث أن المجموعة الاولى والتي تضم دكتور فطوم قبرسلاسي والذي كان يترأس الاجتماع بالاضافة الى أرقاي هبتو وهبتي تسفاماريام طالبت بإدانة القيادة العامة في اغتيال عضوي القيادة الثورية بينما المجموعة الثانية والتي كان من بينها حروي تدلا بايرو عارضت قرار الادانة، ويعتقد البعض بأن لتصفية دكتور فطوم قبرسلاسي في عام 1971م بواسطة المناضل أبرهالي كفلي وبتوجيه من القيادة العامة علاقة بما جرى في اجتماع ميونخ.
يعود الباحث رئسوم كداني ليقول: بأنه وعندما كان تكو يحدقو يعمل لصالح قوات التحرير الشبعية بين عدن والسودان، قام باعداد ورقة بعنوان: "كيف بدأ النضال الارتري ومتى" والتي أوضح فيها بأن نضال الشعب الارتري لم يبدأ في 1961م لكنه بدأ في أربعينات وخمسينات القرن، وكان ينوي المشاركة بها في الاجتماع المزمع انعقاده في 15 يونيو 1971م إلا أنه تم اغتياله قبل انعقاد الاجتماع بفترة قصيرة، وكالعادة فإن تهمة القيادة العامة في تصفية المناوئين كانت جاهزة في رواية الجبهة الشعبية، إلا أنه من المؤكد بأن تكو يحدقو اختفي في ظروف غامضة عندما كان في طريقه الى الساحل ومعه مؤونة قوات التحرير الشعبية بعد أن قام بتحميلها من ميناء بورتسودان ومعه المناضل قرماي محاري، إلا أن الرواية التي قدمها قرماي محاري يقول فيها بأنه وزميله إفترقا بعد أن ضلا السبيل بالقرب من أم هميمت ولا علم له بالمصير الذي لقيه المناضل تكو يحدقو، ويقول تكئي بيني: ان الرواية التي قدمها قرماي محاري هي غطاء للجريمة كالتي تم تقديمها في المصير الغامض الذي لقيه إبرهام تولدي، ويقول ولدنكئيل هيلي: عندما قام قرماي محاري باقناع تكو يحدقو بزيارة الميدان، لم يتوقع تكو أنه سيكون الضحية التالية لقيادة الجبهة الشعبية بعد أبرهام تولدي، علماً أن المناضل تكو يحدقو كان ينوي استكمال كتابة الورقة التي ذكرناها آنفاً.
أبرهالي كفلي أصبح فيما بعد من القيادات الميدانية للجبهة الشعبية لتحرير ارتريا، وقد عمل بعد التحرير مفوض الاتصال ببعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا، القيادة الشرقية برتبة لواء.
قرماي محاري أصبح فيما بعد من القيادات الميدانية للجبهة الشعبية لتحرير ارتريا ومديراً لإدارة السجون بعد التحرير برتبة لواء.
هذه صور من نضالات الحركة الطلابية الارترية في الداخل والخارج، أخطؤوا أم أصابوا فهي تضحيات تستحق أن تكتب بماء الذهب وتحفظ في سفر التاريخ.
يمكن تقسيم الحراك الطلابي في أسمرا من الناحية التنظيمية إلى فترتين:-
1. حراك شبه منظم خلال الفترة من 1958م وحتى أواخر العام 1965م وهي فترة التكوين حيث كان الحراك شبه عفوي.
2. حراك منظم خلال الفترة القصيرة من أواخر عام 1965م وحتى العام 1967م، ثم بحلول العام 1968م دخلت الحركة الطلابية في الداخل في حالة من الانهيار، وبالرغم من وجود أسباب ذاتية وموضوعية لهذا الانهيار - سوف نتحدث عنها لاحقاً - إلا أنها تعد حالةً شاذة مقارنة بالفعل الثوري للحركة الطلابية العالمية والتي كانت في أوج عنفوانها في تلك الفترة.
بالرغم من الاستياء العام بين المواطنين في تلك الفترة نتيجة الاحداث السياسية التي شهدها عقد الستينات، إلا أن الطلاب باعتبارهم الطليعة كانوا في الموعد، لم تتوقف النضالات الطلابية مهما كان الظرف، فقد استمر النشاط الفردي والشللي حيث كانوا يقومون برسم وكتابة الشعارات الوطنية على الجدران بالاضافة الى ارسال الرسائل البريدية إلى المسئولين الارتريين يتهمونهم فيها بالخيانة، ومن القصص المضحكة والمعبرة في نفس الوقت يحكى أنه وفي عام 1959م قام الطالب ولدسوس عمار بارسال رسالة بريدية لمدير التعليم في ارتريا السيد/ أسفها كحساي يدعوه فيها للوقوف الى جانب استقلال ارتريا وإلا سيتم تصفيته بواسطة منظمة ارترية تعمل لأجل استقلال ارتريا، علماً أنه في ذلك الوقت لا توجد أي مجموعة ارترية تقوم بتصفية الخصوم، إلا أنها صورة من صور المقاومة الطلابية التي كانت منتشرة بكثرة لبث الرعب في نفوس الخصوم السياسيين المناوئين لاستقلال ارتريا.
ومن سخرية القدر أن تتزامن الزيادة العددية لطلاب الثانويات مع إتطلاق الكفاح المسلح، يقول المناضل/ ولد يسوس عمار: في سبتمبر 1961م استقبلت المدرستان الثانويتان الرئيسيتان في أسمرة - مدرسة هيلاسلاسي ومدرسة الامير مكنن - الدفعة الأكبر من طلاب الصف التاسع أكثر من أي وقت مضى، حيث ضاعفت مدرسة لؤول مكنن وحدها إجمالي عدد طلابها إلى حوالي (350) طالب وذلك من خلال اضافة ستة فصول جديدة في الصف التاسع، كان من بين هؤلاء الطلاب الجدد النواة الاولى التي قادت الحراك الطلابي فيما بعد، حيث ساعدت هذه القوة العددية الجديدة لطلاب المدارس الثانوية على زيادة وتيرة الأنشطة الطلابية التلقائية.
لم يكن إعلان الكفاح المسلح في تلك الفترة معروفاً للكثير من الارتريين داخل مدينة أسمرا، فقد سمع معظم الآباء والأقارب بذلك عندما قامت الشرطة باحتجاز أبنائهم الطلاب أو ضربهم أثناء قيامهم بالتظاهر أو كتابة شعارات على الجدران لدعم الكفاح المسلح من أجل الاستقلال، حيث كانوا يحققون مع الطلاب ويسألونهم عن علاقتهم بمفجر الثورة حامد ادريس عواتي والكثير من الطلاب عرفوا عن حامد عواتي من خلال استجواب الشرطة، واعتبارًا من أوائل عام 1962، أصبحت مدرسة لؤول مكنن الثانوية مصدر هذه المنشورات المعادية للاستعمار الاثيوبي التي يتم توزيعها في المدينة، فعندما قام مفوض الشرطة الارترية بزيارة المدرسة من أجل حث الطلاب على التفرغ لدراستهم والابتعاد عن أعمال الشغب وجد شعاراً مكتوباً على بوابة المدرسة يقول: "يحي حامد عواتي" فذهل مما رأى وحذرهم من معاقبة المتورطين في مثل هذه الأعمال، علماً أن حركة تحرير ارتريا قامت بتجنيده فيما بعد بواسطة الطالب تكو يحدقو كما ذكرنا في الجزء السابق.
في سبتمبر 1960م قام حوالي (400) طالب بتنظيم تظاهرة مفتوحة في العاصمة أسمرا احتجاجاً على انزال العلم الارتري واضفاء الطابع المؤسسي على اللغة الامهرية كلغة رسمية للبلاد فانتهى الامر بمعظهم في السجون وقد نقل بعضهم إلى السجون الاثوبية لقضاء فترة سجنهم، الا أن الحدثان المهمان كانا تظاهرات مايو 1962 ومارس 1965. وسوف نقوم بتسليط الضوء عليها في الجزء القادم بمشيئة الله، وأهميتها لا تنبع فقط من الدرجة المتقدمة نسبيًا للوعي السياسي لدى طلاب المدارس الثانوية في تلك الفترة المبكرة ولكن أيضًا للتأثير المباشر وغير المباشر لتلك المظاهرات على عامة الناس.
إلى اللقاء... في الجزء القادم