علي كرن: الأسطورة - الجزء الاول

بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى سابق، لندن

اليوم أود العودة إلى الماضي الجميل، حيث زودني أحد الزملاء بصورة لشخصية كوميدية من مدينة كرن الشهباء

علي كرن

وهو المرحوم "علي كرن"، وهو رجل يحمل اسم مدينة في غاية الجمال والمحبة. هذه الشخصية المحبوبة كانت تحظى باحترام واعجاب أبناء المدينة لأسلوبه الفكاهي وتواضعه وروحه المرحة مع الكبار والصغار حيث كان بشوش الوجه ومحب للنقاش وكان يعمل في بيع حب الفول حيث كان الجميع يعمل على تشجيعه وكان معتمدا على نفسه عفيفا لا يمد يده بالسؤال، وكان أيضا يقوم بالترجمة من اللغة الإيطالية وكان الخواجات على تواصل معه باعتباره شخصية محبوبة في السوق.

في ستينات القرن الماضي المناضل الشهيد رمضان قبري شاعر موهوب بلغة التقرايت ومغني وصاحب نكتة حاضرة كان يتمتع بشعبية كبيرة. أسس رمضان فرقة كوميدية أطلق عليها اسم "ولاد كرن" ومن أبرز نجومها على كرن وإدريس نور الذي كان يعمل خياطا. هذه الفرقة قامت بجولات في بعض المدن الارترية ونالت اعجاب الكثيرين حينها وكان علي كرن نجمها البارز.

عندما لجأ الفقيد علي كرن إلى السودان استقر في مدينة كسلا حيث استقبل استقبال الأبطال. ولأنه كان محبا للعمل فتح محلا لبيع الحطب الذي تستخدمه النساء في الدخان "عشي سحنو" وكان محله جاذبا للزبائن ولم تفارقه روح المرح حيث كان دوما خير جليس.

وهنا أود أن أذكر الموقف المشرف لأبناء مدينة كرن الذين يعملون في المملكة العربية السعودية ولم يدخروا جهدا في تقديم يد العون للفقيد علي كرن وهو أب لابن وبنت، وهذا إن دل فإنما يدل على الأصالة والنبل. وهذا ليس غريبا على أبناء هذه المدينة الذين التحقوا بالثورة وعملوا في مواقع مختلفة وأبلوا بلاء حسنا، وكان في فترات اجازاتهم في مدينة كسلا يلتقون في مقهي النجيلة وفي مختلف المناسبات وكان يطلق عليهم اسم "كرن بويس".

في هذا السياق أود أن اتطرق إلى الحالة الاجتماعية لمدينة كرن، هذه المدينة النموذجية للوحدة بين مختلف المكونات الوطنية بحيث لا تشعر بأنك غريب بل جزء أصيل من هذا المكون.

على سبيل المثال عندما يتزوج أحد أبناء المدينة يقوم المرحوم العم بخيتاي والعم المرحوم محمد حراج بدعوة أبناء المدينة لتناول طعام الغداء بمناسبة زواج ابن فلان ويحضر الجميع بدون استثناء ولا يسألون الكثير من الأسئلة بل يقدمون هداياهم بعد الغداء أو يتبرعون بمبلغ مالي للعريس ما يتيسر لهم. والشيء الجميل أن أبناء المدينة هم الذين ينصبون الخيمة وتقطيع اللحوم لإعداد وجبة الغداء وأشياء أخرى، وكان البعض يتبرع بإعداد الطعام بدون أجر كالعم المرحوم محمد شنقب والمرحوم العم عمر باصري والمرحوم العم عثمان يزيد وآخرين كانوا يتعاونون بشكل منقطع النظير. وأيضا في حالات الوفاة كان يقومون بكل الواجب.

ابتداء من التواجد في المقابر ومكان العزاء ويتضامن الكل مع أسرة الفقيد. وللأسف اليوم نسمع السؤال عن القبيلة والمدينة وهي ظاهرة جديدة لم تكن معروفة من قبل ففي الماضي كان يسأل عن أهل المرء أو من الحي الذي يسكن فيه وانتهي الأمر. ومن ناحية أخرى كان الفقراء والدراويش يحظون بالاهتمام والرعاية على سبيل المثال:-

• درويش ،
• فرجت ،
• عثمان ألم ،
• ود جميل أبره درس ،
• زازه ،
• حوي ،
• أم دي قالا ،
منتاي ومنتو ،

وكان يقدم لهم المساعدات وهؤلاء كانوا معلما من معالم المدينة وكانوا تجار المدينة بدورهم يقدمون يد العون للأسر الفقيرة في تعاون مشهود.

وكما أذكر أن أبناء المدينة العاملين في السعودية كانوا يقدمون العون للمرحوم عبي عبدالله الفنان والكوميدي والشاعر بالتقرايت وهو من رموز المدينة وكان شخصية مرحة وفريدة في آن واحد، وهو أحد أبناء المدينة الذين كانت لهم ابداعات في جميع المجالات.

أول عمل سياسي كبير شهدته المدينة كان هو تأسيس حزب الرابطة الإسلامية وكذلك كان أول أضراب في البلاد بدأ فيها سنة 1958 وعم جميع المدن الارترية.

أما في مجال الفن فمدينة كرن مدينة تعشق الفن حيث برز فيها الفنانون:-

• باعيسى ،
• بامطهر ،
• أبو بكر أشكح ،
• جابر محمود ،
• عبدالواحد على صالح ،

وفرق محلية مثل فرقة عد حباب للنساء وعد عقب للنساء واستقبلت المدينة الفنانين ود أمير والأمين عبداللطيف، ومحمد وردي الذي غنى أغنية "ولت كرن"، وفنانين آخرين. وكان من أبرز نجوم الفن التشكيلي فيها الأستاذ المرحوم احمد بلال.

وأنا شخصيا اعتز بالانتماء إلى هذه المدينة، فعندما يتعرض أحد أبناء المدينة للاعتقال من قبل السلطات بتهم سياسة تقوم كل الشخصيات في المدينة بالسؤال عن سبب اعتقال ابن المدينة وأذكر من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر المرحوم العم محمد شنقب والمرحوم العم عبده شيخ علي، والمرحوم العم محمد علي باناي والمرحوم العم ناظر محمد سعيد.

وندعو لكل من وردت أسماءهم وهم في ذمة الله بالرحمة والمغفرة وأن يتغمدهم العلي القدير بواسع رحمته.

التعليقات  

أحمد أسناي
#أحمد أسناي2020-07-05 04:09

لقد استمتعت بقراءة ذكريات مدينتي ومسقط راس التي لم اشعر فيها باي فوارق بين المكونات حيث كان الكبير جدي أو عمي أو خالي والصغير أخي لا فرق بالمعتقد والعرق والجهة والقبيلة أنت ابن كرن ومن الحي الفلاني أو القرية العلانية.

رحم الله السيد (علي كرن) وكل من ورد ذكرهم من الوجهاء والفقراء والمشاهير من أهل كرن الأبية اللهم ردنا إلى كرن وارزقنا نظرة لتلك الديار التي ولدنا وترعرعنا فيها وعشنا فيها بكل حب ووئام.

شكرا المناضل (علي محمد صالح شوم علي) ابن كرن البار الذي سلط الضوء ولو بشكل مبسط عن تلك المدينة التي يحتاج تاريخها إلى مجلدات ومجلدات ولكن اليسر خير من لا شيء.
رد
Top
X

Right Click

No Right Click