قصة الأرض
بقلم المناضل الأستاذ: إبراهيم محمود صالح قدم - أبو حيوت
الأرض هي الإنتماء وهي الهوية وهي الحياة وهي الوطن وهي السكن وهي التأريخ
واخيرا هي العزة والكرامة والشرف، ولأنها تعني كل هذا، فمهرها غالي ولأنها كذلك لم يبخل الشعب الإرتري وقدما دون حدود. والحرية التي ضحى من اجلها وارتريا التي تغنى بها وهتف لها لم تكن تعني اكثر من حقله ومزرعته ومرعاه، ولكن المصيبة أن الحاكم واعوانه لا يفهمون هذا بل ربما تخيلوا أن تضحيات الشعب هي من اجل وصولهم الى كراسي الحكم وبس.
وعندما كان الفلاح او الراعي في عد ابرهيم يقول وطني كان يعني هذا وكذلك المواطن في كركون ومسيام وفي عد اكد ودقي ات اتبا وفي عونا وبسديرا وفي عايلت وقمهوت وفي امبيريمي وحرقيقو وفي ام حجر واغردات وفي هزمو و وكي دبا وفي وازنتت وحديش.
لا فرق في هذا بين ارض الرستي او الطلمي والديسا وماسمى بالدومنيالي من المستعمر حتى يسهل انتزاعه والذي هو في الحقيقة ملك القرية اوالقبيلة. فماذا بقى للشعب من الوطن بعد مصادرة النظام للأرض؟
قبل الدخول في الموضوع اود أن اشير الى أن من حق اي حكومة وطنية أن تبني وتعمر، ومن اجل العمار والبناء يمكنها الإستفادة من الأرض لأغراض استراتيجية مثل بناء السدود والطرق والمستشفيات والمدارس والمطارات ولن يتم هذا الا بعد دفع التعويضات المناسبة لأصحاب الأرض وليس كما يفعل النظام الجائر في ارتريا.
بعد هذه المقدمة دعونا نعود الى ماعرضه تلفزيون النظام عن زيارة الحاكم لمنطقة قاش تحات في نهاية العام الماضي ومروره على سد قرست و سد فانكو ومشاريع زراعية للخضرومصنع لتعليب الطماطم. مالفت نظري هو خلو كل تلك المناطق من البشر والحيوان و القرى، والكل يعلم بأن هذه المنطقة كانت من اكثر المناطق كثافة وتنوعا بالسكان.
كان القاش عموما وهذه المنطقة بالذات هي الخير والبركه، حيث وفرة الماء والكلأ مما جعلها ملاذ وملجأ يجد فيه الكادحون انفسهم عبر عرقهم وجهدهم في فلاحة الأرض او الرعي او بالعمل في المشاريع الزراعية الكبيرة مثل مشروع علي قدر او في المنطقة بين قلوج وام حجر، وفي السواقي، من الكبري الى الحدود السودانية. في تلك الأيام كان الناس يرددون مقولة ”اذا لم تشبع فأذهب الى القاش“ فماذا يقولون اليوم ياترى؟ واين يلجئون؟ بعد أن استولى النظام الجائر على ارضهم وبل على ارواحهم.
ماذا حل بفانكو وامبرا، وبسوسالي وعد قالا، وعيوتش و عد جنة، عد عنسبا وهنتريت، فندل، وقرست ؟؟؟
وماذا حل بسكانها؟ هل اجبروا على اللجوء الى دول الجوار؟
هل ضرب المنطقة زلزال ليدفن سكانها ولم نسمع به؟
هل تم اسكانهم في قرى حديثة فيها كل مايحتاجه الإنسان من مرافق، عيادات، مدارس، مياه وكهرباء؟
هل تم تعويضهم بالمال والأرض مقابل اراضيهم المغتصبة؟
اسئلة يجب أن يجيب عليها حاكم ارتريا، لأنه المسؤل الأول والأخير.
والشيئ المؤكد هو، ليس هناك قرى حديثة ولا تعويض ولا يحزنون لأن هذا مجرد حلم جميل من عندي، نابع من ممارسات الحكومات الوطنية التي تضطر في بعض الأحيان لنزع الملكية من اصحاب الأرض للأغراض الي ذكرتها، و ليس لبيعها لمن يدفعون بالعملة الصعبة.
واليكم امثلة واقعية من ايام الحكم الفيدرالي :
هذه حكاية المرحوم الأمين ادريس عندما كان مدير عام مديرية بركة والقاش. جاء الى اغردات كولنيل قبري قال حاملا رسالة من رئيس السلطة التنفيذية لحكومة ارتريا السيد اسفها ولدي مكئيل يطلب فيها منح حامل الرسالة ”قاشا مريت“ ومعناه منحه قطعة ارض واسعة. وهذا نظام كان معمول به في اثيوبيا لنزع ملكية الأراضي من اصحابها الأرومو وتحويلهم الى مجرد اقنان، منذ ايام منيليك حتى سقوط هيلي سلاسي. الوطني الغيور على ارضه واخوته، السيد الأمين ادريس رفض قبول الرسالة ورد على صاحب الرسالة لا توجد ارض تمنح كقاشا مريت عندنا، قال هذا دون الخوف على روحه او مكانته . عاد قبري قال الى اسمرا وعندها خططت اثيوبيا لتقسيم مديرية بركة والقاش الى قسمين و يعني بالعربي فصلوا له مديرية على مقاسه وتم تعينه مديرا للقاش ليرتكب هو وابن عمه تخلي نكئيل مجزرة عد ابرهيم المشهورة في 1967.
وهذه من حكاوي سكان المناطق التي دخلت ضمن مخططات مدينة اسمرا من حين الى اخر ابان الحكم الفيدرالي حتي نتمكن من المقارنة مع مايحدث اليوم
قودايف: عندما تقرر توسعت مطار اسمرا على حساب ارض قودايف، احتج اصحاب الأرض وتجمعوا في مزارعهم حاملين الفؤوس والعصي، مع اصحاب الارض واقنعتهم باخذ التعويض ”امسيا“ بالتقرنية.
قجرت: عندما جاء الدور على قجرت لتدخل ضمن خارطة مدينة اسمرا قام السيد حرقوت اباي بالتحاور مع اصحاب الأرض واقنعهم بتقسيم الأرض بينهم كقطع سكنية وبعد ذلك، ليبني من يستطيع ويبيع من لم يستطيع وحرقوت الذي فعل هذا، هو من رجالات هيلي سلاسي المقربين.
سد ”ديقا“ ماي نفحي: عندما قررت بلدية اسمرا بناء سد اقيم فيها سد ماي نفحي الذي يذود مدينة اسمرا بمياه الشرب، دفعت الحكومة التعويض المناسب ل ابا ردأ مقابل ارضهم.
ماي شهوت وبيت مخأ تم توزيعها على اسيادها كقطع سكنية.
هذه امثلة من الماضي وارتريا مستعمرة، فماذا حدث بعد الإستقلال؟ هذا ما سوف نتطرق اليه في المقال القادم انشاء الله.
ع الماشي
متى ياترى تدخل مصطلحات مثل المهمشون و تقاسم السلطة والثروة الى قاموسنا السياسي، بدلا من أن تكون تابو يهاب الكل الخوض فيه؟
سألني احد الإخوان لماذا لا اقول الرئيس بدلا من الحاكم، فقلت له لن اقول ذلك، لأن الرئيس هو من يختاره الشعب الإرتري. وحتى يختار الشعب من يحكمه لا فرق عندي بين الحاكم الإيطالي ولا الحاكم العام الإنجليزي ولا ممثل هيلي سلاسي ”الإندراسيه“ وتعني (كمثلي) و ممثل الدرج وبعد الإستقلال الحاكم اسياس.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.