حديث الكورونا
بقلم الأستاذ: ياسين حسب الله - كاتب إرتري - لندن، المملكة المتحدة
يا كورونا ارجوك ماتجين و الفينا مكفينا يا كرونا ارجوك لا تحرجنا نحن لا إمكانيات لنا لاستقبالك
ولا شئ لدينا يليق بمقامك أنت محتاج إلى مستشفيات وإسعافات وأطباء وممرضات والكثير من الكمامات وباقي الاحتياجات، نحن لم نعمل حسابك لأننا كنا مشغولين بغيرك بمن هم أهم منك كنا مشغولين يا كورونا بالمخطوفين بلا أثر والمفقودين بلا خبر والمقتولين بلا ذنب والمسجونين بلا جناية والمحرومين من البداية إلى النهاية والذين تاهوا في الصحاري والذين غرقوا في البحار الذين خطفتهم العصابات والذين ماتوا في المعسكرات من المجاعات وباقي الآفات والذين قتلتهم الحراسات والذين قتلتهم العصابات يا كورونا: أنا لا اريد ان اثقل عليك كثيرا ولكن الحديث عن متاعبنا بلا نهاية.
نحن الذين أردنا الحرية و ناضلنا وقاتلنا وهاجرنا ودفعنا الأرواح وما بخلنا وانتصرنا،ثم اختلفنا وضيعنا الطريق واختلط علينا العدو والصديق وتحول جيش التحرير إلى جلاد وسجين، ومعها ضاع تعب السنين. نحن أبناء البلاد التي تحرم ابنائها التعليم، وتقتل شبابها وتسجن شيوخها وأنت يا كورونا ماذا لديك من مزيد؟
يا كرونا لا تضيع وقتك الثمين ولا وقتنا لانك لن تفرض وضعا جديدا في وضعنا ولن تزيد أي ألم في آلامنا إلا إذا كنت تريد أن تتعلم في أساليب التعذيب والتنكيل والكذب والتدليس والكثير مما لا يعرفه ابليس ففي هذه التقنية لم يسبقنا اليها احد، ولا احدا تتلبسه الهلوسة مثلنا ويغني بلا فطور ويرقص بلا فتور.
اسأل عنا الصحاري والبراري والوديان، اسأل عنا كل الوجود وعساكر الحدود و أصحاب الأخدود وأصحاب الخطف والبطش نحن اشهر منك حضورا في المحافل.
يا كورونا لا تخسر سمعتك وانت الفارس المشهود وقد غزوت بقوتك الدول العظمى من الشرق إلى الغرب ولم تخشى ما لديهم من ترسانات وركبت الطائرات ودخلت بالمطارات وأعدوا لك الميزانيات وبنوا لك المستشفيات وأكرموك بما يليق بمقامك و استقبلوك تحت أقواس النصر.
لم تفيد الرادات في تقفي اثرك ولا الاسلحة استطاعت دحرك فما الذي يجبرك تمرمط انفك في أمة قد أنهكها التعب والهرب ومات فيها كل شيء إلا الجسد وحتى الجسد صار مبتورًا لم يكن كل الجسد بل صار نصف جسد وفيه تشهد كل العلامات انه مات والمفترض انه مات ولكنه ويا للعجب به بقايا روح مازالت تنتحب!!!