المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي التحديات وآفاق المستقبل
بقلم الأستاذ: نجاش عثمان نقلا من مجموعة: حوار لوعي مشترك - واتس آب
الأخوات الفضليات
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
بداية أتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ صلاح الدين محمود "أبو ناصر" ولأعضاء إدارة مجموعة "حوار لوعي مشترك" لإتاحة الفرصة لي في هذه النافذة الحوارية الهامة "حوار لوعي مشترك" لتقديم هذه الورقة الخاصة بالمجلس الوطني الإرتري تحت عنوان "المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، التحديات وآفاق المستقبل"، وذلك لتنويركم حول مسيرة المجلس الوطني وبأهم التحديات التي واجهته ولا زالت تواجهه، للتفاكر وتبادل الآراء حول محتواها مع الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات أعضاء المجموعة، وصولاً إلى رؤية وقراءة مشتركة لأوضاعنا كمعارضة وطنية نسعى من أجل التغيير الديمقراطي في إرتريا.
وأود الإشارة هنا بأن مضمون هذه الورقة قد يكون معروفًا لدى معظم أعضاء المجموعة، إلا أنني أوردته من باب التذكير للملمين به، وإحاطة بقية الأعضاء الذين لم يواكبوا مسيرة المجلس بالمعلومات الواردة في الورقة. وهي تعبر عن قراءتي الشخصية لأوضاع المجلس ماضيًا وحاضرًا بحكم موقعي على رأس السلطة التنفيذية في المجلس.
ولا يسعني هنا إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للأستاذ محمد أحمد سفر، الملم بتفاصيل مسيرة المجلس الوطني لكونه من قياداته الهامة منذ قيامه في عام 2011 وحتى هذه اللحظة، وذلك لمساعدته لي في إعداد هذه الورقة. وسوف يتعاون معي مشكورًا في الرد على التساؤلات وتوضيح ما يلزم توضيحه.
الإخوة والأخوات،
نجحت إرتريا في انتزاع استقلالهاعن الاحتلال الإثيوبي البغيض بعد أطول حرب عرفتها القارة الإفريقية مسطرة بذلك في سجل التاريخ أروع الأمثلة على التضحية والفداء وحب الوطن، وحصلت على اعتراف وإجماع دولى مشهود قلما حصلت عليه دولة نالت استقلالها في التاريخ الحديث مثلما حصلت عليها إرتريا. ولكن المؤسف والمخزى ليس فشل النظام الديكتاتورى في الاستفادة من هذه الأجواء الدولية في إدارة وبناء الدولة الوطنية الوليدة فحسب، بل إصراره على تدميرها بمنهجية واضحة طوال ثلاثة عقود عجاف خلت، حتى وصل الأمر الى حد بات يهدد السيادة الوطنية لإرتريا.
ومع تحقيق الاستقلال الناجز ونشوة الانتصار الكبير التي عمت ربوع البلاد، كان الشعب الإرتري يحدوه أمل كبير في أن تقوم قيادة الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، التي شاءت الأقدار أن يتوج النضال الوطني الطويل لشعبنا تحت قيادتها، بمبادرة سياسية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية مع بقية الفصائل الوطنية التى ناضلت ضد المستعمر، وكذلك أن تسعى حثيثا لإعادة اللاجئين الإرتريين إلى ديارهم، ومن ثم التفرغ لتهيئة المناخ أمام شعبنا للقيام بمهمة إعادة بناء ما دمرته الحروب الاستعمارية التي فرضت على بلادها، والشروع في إقامة اللبنة الأولى في صرح النظام الديمقراطي. لكن ذلك أصبح حلمًا أجهضته مع الأيام الزمرة المسيطرة على قيادة الجبهة الشعبية، وذهبت تطلعات شعبنا أدراج الرياح، ولم يتبق إلا الحسرة والألم لما وصل إليه حال الوطن اليوم. ولقد فرض هذا الواقع المأساوي الذي تعيشه إرتريا على الغيورين من أبناء شعبنا مواصلة النضال من أجل تصحيح المسار وصولا إلى التغيير الديمقراطى وإقامة نظام تسوده الديمقراطية والعدالة والمساواة.
أما وقد سقط القناع عن وجه النظام وانكشفت سوءاته أمام غالبية الشعب الإرتري التي كانت تعيش نشوة الانتصار وانطلت على جزء كبير منهم وعودات النظام الزائفة لبعض السنين، حيث أيقنت استحالة أن يغير النظام سلوكه ويعود إلى جادة الصواب ما لم يجبر على ذلك، فما كان هناك أمام القوى الوطنية من خيار أمامهم إلا مواصلة النضال والمقاومة حتى إسقاط الديكتاتورية وإحلال البديل الديمقراطى محله.
ولقد تتعددت الإتجاهات وتنوعت المشارب والرايات، وتكاثرت التنظيمات والاحزاب التى تناهض النظام وتطالب باسقاطه، بعضها موجود منذ فترة النضال، وبعضها تم تاسيسها في فترات ما بعد التحرير، ومع ازدياد قمع النظام تزايدت التنظيمات وتنامت معها الدعوات للتنسيق والعمل المشترك، فكانت هنا وهناك نداءات ومحاولات، وعقدت عدة ورش وسمنارات ومؤتمرات لجمع كافة القوى السياسية تحت مظلة واحدة، حتى كان المؤتمر الذي عقد في 1998 الذي شهد ميلاد تجمع القوى الوطنية الإرترية، ثم تواصلت الجهود وتم في 2007م توسعة التجمع وأطلق عليه اسم "التحالف الديمقراطي الإرتري" الذي ضم ثلاثة عشر حزبا سياسيا يمثلون أبرز أحزاب المعارضة السياسية وينتمون الى مدارس فكرية وسياسية مختلفة.
وقد وضع التحالف الديمقراطي خطة لقيام جبهة عريضة، تستوعب كل أحزاب المعارضة بغض النظر عن حجمها ورؤيتها السياسية، إضافة الى منظمات المجتمع المدني، والتي تنشط في مختلف أنحاء العالم؛ فعقد ملتقى الحوار الوطني في 2010 وتم تكوين مفوضية وطنية كلفت بالتحضير والإعداد لمؤتمر وطني عام يؤسس لمظلة جامعة. واكتمل التحضير الذي استغرق عامًا كاملًا وعقد المؤتمر الجامع في نوفمبر 2011م في مدينة "هواسا" الإثيوبية حضره أكثر من 600 شخص يمثلون قوى سياسية، ومنظمات مجتمع مدني، وشخصيات وطنية اعتبارية، والرعيل الأول، والشباب والمرأة وممثلين للجاليات الإرترية من كل قارات العالم. وبعد مداولات استمرت اسبوعًا كاملا، خرج الجميع باتفاق على تأسيس كيان جديد تحت مسمى (المجلس الوطنى للتغيير الديمقراطى) لحشد طاقات المعارضة الوطنية في بوتقة واحدة وتفعيل دورها السياسي، والعمل من أجل إحداث التغيير الديمقراطي في إرتريا. وقد ناقش المؤتمر مسودة الدستور للمرحلة الانتقالية، كما صادق على عدة وثائق: (الميثاق السياسي، والنظام الاساسي، وخارطة الطريق)، واختار قيادة تشريعية مكونة من 127 عضوا) انبثق عنها مكتبًا تنفيذيًّا يتكون من 21 عضوا، تناط إليه مهمة قيادة عمل المجلس على كافة الأصعدة في المرحلة ما بين اجتماعي المجلس الوطني.
وقد اتبع في إعداد الوثائق، ولا سيما الميثاق السياسي، منهجًا يلامس بقدر الإمكان واقعنا الإرتري، من حيث التنوع والتعدد، ويعالج كذلك إشكالاتنا المختلفة ويحقق لنا:-
• الوحدة من خلال منهجية التلاقي على الحد الأدنى في البرامج والمشروعات المختلفة.
• تغيير النظام الديكتاتوري وإقامة حكم راشد.
• وضع رؤية لمواجهة استحقاقات التغيير وتحديات البناء في المرحلة الإنتقالية.
وكما تم التركيز على الميثاق السياسي في أن تكون إرتريا الغد دولة ديمقراطية حديثة تقوم على التعدد والتنوع السياسي والحزبي، وتلتزم به القوى التي كدليل عمل لمرحلة النضال من أجل التغيير الديمقراطي والمرحلة الإنتقالية، ويحكم العلاقة بين أعضائه ويكون قابلا للتطوير، ومواكبًا لحركة النضال وقادرًا على سد الحاجات، وهو جزء من عملية مستمرة ضمن سعينا لمشروع وطني إرتري يكون بديلا للنظام وتقوية المعارضة التي تناضل من أجل التغيير.
ولا شك بأن "المجلس الوطني الإرتري" يعتبر أول تكتل إرترى من حيث العدد والتنوع والتعدد، يجمع بينه هدف مشترك هو التغيير الديمقراطي وإقامة دولة العدل والقانون التي تصون وحدة المجتمع وتعبر عنها.
الأهداف العامة للمجلس الوطني كما نص عليها ميثاقه:-
1. تغيير النظام الديكتاتوري وإزالة الظلم الذي مارسه النظام بكافة أنواعه وأشكاله.
2. بناء دولة إرترية ديمقراطية وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار والعدالة الإجتماعية.
3. تحقيق الديمقراطية في ممارسة السلطة وإقرار الحريات العامة والخاصة والتداول السلمي للسلطة.
4. المحافظة على الوحدة الوطنية الإرترية التي كرستها عقود من النضال الوطني البطولي.
5. السعي لبناء الثقة بين مكونات الشعب الارتري، ونشر ثقافة التعايش السلمي، وتأصيل قيم الديمقراطية والحريات.
6. ترسيخ قيم الديانات وكل الموروثات الثقافية البناءة لتستمد منها الدولة فكر التعايش بين مختلف الأديان والثقافات.
اما بخصوص الوسائل النضالية فقد جاء في الميثاق السياسي ما يلي:-
1. العمل على تصعيد المقاومة ضد نظام الجبهة الشعبية بكل الوسائل النضالية.
2. تعرية نظام (الجبهة الشعبية) الديكتاتوري الشمولي في المحافل الإقليمية والدولية.
3. اعتماد نهج الحوار في حل الخلافات والمنازعات البينية داخل المجلس الوطني.
4. مد جسور العلاقات الودية مع الدول المجاورة ودول العالم لدعم قضية نضال شعبنا العادلة والمشروعة، والسعي من أجل المساهمة في إرساء السلام الإقليمي والدولي.
انطلاقة المجلس:
يعتبر المجلس الوطني أفضل صيغة وصلت إليه المعارضة الإرترية حتى الآن، وقد وجد قبولا واسعا لدى الرأى العام الإرترى واستبشر به الجميع خيرًا حيث حقق في الدورة الأولى من انطلاقته بعض النجاحات على المستويات السياسية والتنظيمية والإدارية، واعتبر ذلك مقبولًا، إذا ما تم وضع ذلك في سياقه التاريخى وظرفه الطبيعي.
وهناك الكثير مما يمكن سرده من إيجابيات تأسيس مظلة المجلس الوطنى الإرترى للتغيير الديمقراطي والتي تبرز أهميتها تدريجيًّا عبر مسيرته النضالية، ونشير هنا الى أبرزها:-
• توحيد الرؤى والاستراتيجيات لدى القوى الوطنية المنضوية في هذه المظلة.
• رص الصفوف، وتوليف القلوب، وتضافرالجهود الوطنية لمواجهة العدو المشترك.
• تصعيد النضال بالفعل الجماعى التراكمي.
• تعزيز العمل المشترك لتحقيق المصلحة الوطنية العليا.
• وحدة المشروع السياسي والحفاظ على استقلالية القرار الوطني الإرتري.
• كسب احترام الاصدقاء وتحفيزهم على التعاون.
• انتفاء المصالح الضيقة وتغليب المصلحة العامة.
• إرساء الثقافة الديمقراطية وبناء الثقة بين معظم قوى المعارضة الوطنية.
التحديات التى حالت دون انطلاقته الفاعلة:-
وقد شكل ميلاد المجلس الوطنى الارترى للتغيير الديمقراطى إطارًا جامعا لمختلف القوى المشاركة في النضال من أجل التغيير الديمقراطى في إرتريا، وكان من الممكن أن يحقق أفضل الإنجازات على الارض لو وجد الدعم السياسي والمالي، بيد أن ما واجهته من تحديات وعقبات جعلت مسيرته تتعثر، خاصة من الدورة الثانية وبشكل أعمق بعد الإجتماع الطارئ الذى عقد بمدينة دبرزيت في عام 2014، لتصل بعد ذلك إلى مرحلة الجمود وتعطل العمل، مما خلق حالة عامة من اليأس وفقدان الأمل لدى قطاعات واسعة من مناصري المجلس الوطني.
ويمكن ذكر أبرز التحديات في النقاط الآتية:-
• الخلافات التي ظهرت بين القوى السياسية المشكلة للمجلس الوطني.
• المكايدات السياسية والتنافس الحاد، ومحاولات الإقصاء والتهميش.
• عدم الإلتزام بما يتفق عليه، فضلًا عن عدم الانضباط بالنظم واللوائح المنظمة للأعمال.
• حداثة تجربة العمل في العمل الائتلافي.
• عدم توفر أي دعم من أية جهة أو دولة، وحتى الدعم الذي كان المجلس يتلقاه من إثيوبيا قد توقف تمامًا في عام 2014م.
• المحاصصة التى لم تراع الإختلاف في التجارب والإمكانات والقدرات.
• إقامة مشاريع أخرى حدت من انطلاقته، كمؤتمر الشباب الذي عقد في دبرزيت في تغييب شبه تام لقيادة المجلس الوطني، ومحاولة إقامة مظلة جامعة للقوى السياسية خارج إطار المجلس الوطنى ...الخ.
• الإ نشقاقات التى تطرأ أحيانأ في تنظيم عضو في المجلس وتداعياته على المجلس.
• الدور السلبي الذي كان يلعبه أحيانًا الراعي الإثيوبي من خلال إظهار تعاطفه مع القوى السياسية التي كان لها الدور الأكبر في تعطيل عمل المجلس الوطني.
الحلول والمعالجات:
ولبحث ودراسة هذه التحديات والمعوقات سعت القوى السياسية لتقييم دورها في مسيرة المجلس الوطني، وأخذت على عاتقها مسؤولية حلحلة خلافاتها وإعادة المجلس إلى جادة الفعل والعمل، وعليه كانت البداية في تقييم نفسها والإقرار بأنها:-
• المسؤول الأول في تعطله وتوقفه عن العمل.
• الاتفاق بأن المجلس قائم ولكنه بحاجة الى التفعيل.
• تشخيص أسباب الخلاف وتحديد أجندة الحوار.
• ضرورة خلق أرضية مناسبة للحوار، وتقريب وجهات النظر لردم هوة الخلافات.
وتم بعده الانخراط في الحوارات التي أخذت مسارات عدة، وعقدت لقاءات وسمنارات، استغرقت فترة لا تقل عن عام كامل، أدت في نهاية إلى اتفاق ثمانية عشر تنظيمًا من أصل 23 تنظيما على الآتي:-
• التاكيد على أهمية الحفاظ على المجلس الوطني باعتباره المظلة الجامعة، والوسيلة النضالية لكل القوى الوطنية، السياسية والاجتماعية، وأنه يمثل المشروع الوطني الجامع.
• ضرورة إعادة مؤسسات المجلس وتفعيلها بالتفاهم على ملء الشواغر فيه.
• التفاهم على وثائق المؤتمر الثانى ومواصفات القيادة القادمة.
• معالجة الإشكالات الناجمة عن احتكاك الأجهزة التنظيمية والإدارية.
• وضع خطط عاجلة لتكملة أعمال التحضير وعقد المؤتمر الوطني الثاني بالاعتماد على الذات.
• مواصلة الحوار مع من تخلفوا من تنظيمات المجلس، وكذا مع القوى الوطنية الأخرى من خارج المجلس الوطني، وذلك للوصول الى تفاهمات مشتركة بدون أن يتسبب ذلك في إعاقة أو تأخير عملية الوصول للمؤتمر الوطني الثاني.
• التوافق على معايير ماهية التنظيم والحزب.
اتخاذ قرار انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للمجلس الوطني:
وتأسيسًا على هذه التفاهمات الداعية لإنجاح المؤتمرالوطني الثاني رفعت التنظيمات السياسية مقترحاتها إلى رئاسة المجلس الوطني على شكل توصيات، لتتخذ هي بعد ذلك ما تراه مناسبا من قرارات في تفعيل المجلس وعقد المؤتمر الثانى.
وقد اجتمعت رئاسة المجلس الوطنى لاحقا واتخذت عددا من القرارات الهامة لتفعيل المؤسسات والمواصلة في اعمال التحضير لعقد المؤتمر الثانى باعتباره واجب المرحلة. ومن أبرز تلك القرارات تكوين لجنة مشتركة من التنفيذية والتحضيرية أنيط بها استكمال عملية التحضير، وعقد المؤتمر الثانى في أسرع وقت ممكن. وقد باشرت اللجنة المشتركة أعمالها بتاريخ 13 أغسطس 2018م وانخرطت في اجتماعات مكثفة ومتواصلة لانجاز الأهداف المطلوبة على سبيل المثال لا الحصر:-
• إجازة الخطط والموجهات اللازمة لعقد المؤتمر.
• إصدار التصريحات الصحفية الضرورية.
• مراجعة مسودات وثائق المؤتمر الثاني وتنقيحها ومطابقتها.
• وضع برنامج العمل الدبلوماسي والسياسي من اجل استعادة المجلس دوره وإنجاح مؤتمره الثاني.
• تحديد الميزانية (عبر الدعم الذاتى) ووضع موجهات لكيفية جمعها.
• اختيار المكان المناسب لعقد المؤتمر الثاني وتحديد زمنه.
وبعد أن اكتملت الإجراءات الإدارية والمالية على النحو أعلاه، انكبت اللجنة المشتركة على الإنتهاء من الأعمال التى تتعلق بالجوانب التنظيمية والسياسية، منجزة مهامها في حدود ما سمحت به ظروفها، وبالتالى أوصلت الجميع إلى مكان عقد المؤتمر الثانى كما قرر له، وذلك في ابريل 2019م. بالرغم من الأزمة السياسية التي مر بها المجلس الوطني وظروف الشعب الإرتري في الوطن والشتات، وما طرأ أخيرا من تحولات في المنطقة. ما يؤكد حرص مكونات المجلس الوطني وتفانيهم في تجاوز الازمة التى لازمته زهاء الخمس سنوات بدون كلل أو ملل.
المؤتمر الوطني الثاني ومخرجاته:
عقد المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي مؤتمره الثاني بنجاح خلال الفترة من 16 إلى 21 أبريل 2019، تحت شعار "المؤتمر الوطني الثاني: لصيانة سيادة واستقلال بلادنا، ولتعزيز وحدة شعبنا والحفاظ على قرارنا الوطني المستقل، حاضرًا ومستقبلا "، متخطيا كل الصعاب والمعوقات التي واجهته، ومتجاوزًا الأزمة التي لازمت مسيرته، بسبب صراعات غير مبررة بين مكوناته، وظروف موضوعية أخرى، ليتمكن من عقد مؤتمره الثاني في مدينة ستوكهولم في السويد، بجهود إرترية خالصة، وبمشاركة عدد كبير من أعضاء المجلس الوطني، وممثلين للجماهير الإرترية من جميع أنحاء العالم. وفي هذا السياق أود أن أعبر عن تقديري البالغ للقوى السياسية المكونة للمجلس وقيادة المجلس الوطني وأعضائه الذين تحدوا الصعاب وتجاوزوا العوائق الداخلية والخارجية. كما أشيد بالدعم الجماهيري غير المحدود الذي كان له الأثر البالغ في انعقاد المؤتمر ونجاحه.
الإخوة والأخوات،
لا جدال بأن المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي مر بمرحلة بيات شتوي منذ إنشائه استمر لسنوات كادت أن تقوض المهام والآمال التي علقت عليه من قبل قطاعات واسعة من الشعب الإرتري. فإن نجاح المؤتمر الثاني للمجلس يعد بمثابة ميلاد جديد له ولتلك المهام والآمال. ويقتضي ذلك تفعيل مؤسسات المجلس على كافة الأصعدة الجماهيرية والدبلوماسية والإعلامية...إلخ، بأسرع ما يمكن. وانطلاقًا من هذا الفهم ولتنفيذ الأهداف الواضحة التي تضمنها ميثاق المجلس وغيرها من الأهداف، يتطلب في البداية وضع برنامج إسعافي عاجل على كافة المستويات كما هو موضح أدناه:-
1. بذل أقصى الجهود من أجل إعادة بناء مؤسسات المجلس الوطني التي انهارت بسبب الأزمة التي مر بها المجلس الوطني منذ تأسيسه إلى حين انعقاد مؤتمره الثاني.
2. السعي بشكل حثيث لخلق حالة وئام داخل مكونات المجلس الوطني، وبين المجلس وبين القوى الوطنية المعارضة الموجودة خارجه.
3. الاستفادة من الطاقات التي يزخر بها المجلس الوطني، وخاصة من قيادات القوى السياسية المنضوية في المجلس.
4. الابتعاد كلية عن المكايدات السياسية في نشاطنا وتعاملنا اليومي، والذي طبع عملنا المعارض خلال العقدين الماضيين.
5. التأكيد دائمًا على أننا استمرار للعمل الذي قام بها من سبقتنا من القيادات، سلبًا وإيجابًا. والتمسك بشدة بالمجلس الوطني كمظلة وطنية جامعة، مع السعي الدائم لضم القوى الوطنية الموجودة خارجه.
6. إعادة التأكيد على أن وجود المجلس الوطني ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو وسيلة نضالية لمقارعة النظام الديكتاتوري وإسقاطه وإحلاله بنظام ديمقراطي بديل. وفي هذا السياق علينا بذل كل ما نستطيع لمد الجسور مع شعبنا في الداخل لبلوغ الغاية المذكورة.
7. الالتزام بالعمل المؤسساتي على كافة المستويات.
وقد وضعنا برنامجًا طموحًا في كافة المجالات كما هو موضح أدناه:
على الصعيد الجماهيري:
1. تشكيل وفد عال المستوى من أعضاء المكتب التنفيذي والقيادة المركزية لعقد سمنارات موسعة للجماهير الإرترية حول العالم لشرح برنامج وأهداف المجلس.
2. توصيل وثائق المجلس الوطني الإرتري إلى الجماهير الإرترية، وبذل جهود كبيرة لتأطير الجماهير، والوصول إلى المواقع التي لم يكن للمجلس أي نشاط فيه.
3. إقامة إدارة فاعلة لتسيير عمل مكتب الشؤون التنظيمية والجماهير.
4. تشكيل إدارات لتسيير النشاط النسوي والشبابي.
5. تشكيل فروع للمجلس بقيادة أعضاء المجلس أو من يتم اختيارهم على أن يكون الفرع على مستوى الدولة. بينما الخلايا على مستوى المدن. ومن مهام قيادات الفروع التعبئة وتأطير العضوية.
6. حث الفروع على جمع الاشتراكات والتبرعات للمجلس من العضوية والمتعاطفين.
7. تشكيل لجان للتعبئة والتنوير في كل بلد تقوم بدورها مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال الزيارات للخلايا حسب الضرورة
على الصعيد الدبلوماسي:
1. تكوين إدارة لمكتب العلاقات الخارجية والشؤون الإنسانية من ذوي الكفاءات العلمية واللغوية والخبرة، تقوم بوضع خطة للعمل الدبلوماسي، بناءً على الميثاق السياسي للمجلس الوطني وقرارات هيئاته المختلفة.
2. حشد القدرات والكفاءات في المجال الدبلوماسي. وتعيين ممثلين في الدول والمنظمات في حدود المتاح.
3. الاهتمام بالتأهيل والتدريب لترقية الأداء.
4. التواصل الدوري مع وزارات الخارجية في الدول الفاعلة من خلال الزيارات المباشرة أو من خلال رفع المذكرات.
على الصعيد الإعلامي:
1. حشد الكوادر الإعلامية التابعة للتنظيمات السياسية والمدنية المنضوية في المجلس والمستقلين. بغية تكثيف العمل الإعلامي للتعريف بالمجلس وأهدافه وسياساته.
2. إنشاء وسائط إعلامية ممثلة في:
■ إقامة موقع الكتروني باسم المجلس الوطني.
■ بث إذاعي وتلفزيوني.
■ فتح حساب على وسائل التواصل الاجتماعي باسم المجلس الوطني.
■ إصدار نشرة دورية.
■ تكوين إدارة مستقلة لكل وسيط على أن يظل التعاون والتنسيق قائما بين الإدارات من خلال هيئة التنسيق العليا التي تتشكل من رؤساء الإدارات.
■ ايجاد متعاونين مع مكتب الاعلام في الاقاليم وخاصة في السودان وإثيوبيا من عضوية المجلس او غيرهم.
■ الاستعداد منذ الآن على إقامة مهرجانات سنوية.
■ التواجد في معظم النشاطات السياسية الإرترية ونشاطات الدول المجاورة.
■ السعي بشكل جاد من أجل إيجاد علاقة مع وسائل الاعلام الإرترية والأجنبية.
تكوين الأقسام التالية:
• للكتاب والمحللين.
• جهاز للرصد والمتابعة والترجمة وجمع المعلومات.
• القيام بتدريب وتطوير الكوادر الإعلامية مؤهلة لوضع البرامج والدورات الإذاعية، والإعداد الفني (الإخراج، والمونتاج والتصميم)، والتوثيق.
• إعداد دراسة جدوى لإنشاء قناة فضائية للمجلس الوطني.
على صعيد الوفاق والحوار والتنسيق:
1. السعي من أجل تهيئة الأجواء لإقامة حوار مع كافة الأطراف الموجودة خارج المجلس، وذلك من أجل إقناعها للانضمام إلى المجلس أو التوصل معها إلى العمل المشترك.
2. القيام بمبادرات متواصلة من أجل تحقيق التنسيق والتقارب داخل معسكر قوى المعارضة من خلال توحيد رؤاها السياسية.
3. تكوين لجنة خاصة، تساعد مكتب الوفاق والحوار والتنسيق في المكتب التنفيذي في أداء مهامه في سياق الحوار والتنسيق مع الأطراف الإرترية المختلفة.
4. تشجيع القوى السياسية المنضوية في المجلس الوطني التي لديها برامج سياسية واحدة أو متقاربة، من أجل اتخاذ خطوات وحدوية عملية.
5. السعي من أجل إقامة جسر تواصل مع الحراك الشعبي الإرتري الذي ينتظم العالم.
تعزيز الإمكانيات المالية للمجلس الوطني:
1. إقامة صندوق لدعم المجلس الوطني في تسيير نشاطاته.
2. السعي للحصول على مصدر دخل ثابت والعمل على جلب الدعم المالي واللوجستي لإنجاح النضال الجاري من أجل تحقيق الحرية والعدالة والديمقراطية لشعبنا.
3. وضع برامج للحصول على الدعم غير المشروط لتمويل أنشطة المجلس الوطني.
على صعيد العمل الإداري:
1. تأسيس قاعدة بيانات تكون ذاكرة المكتب التنفيذي.
2. وضع نظام ادارى حديث يتناسب وظروفنا ووضعنا الحالي.
3. خلق تواصل فعال بين أعضاء المكتب التنفيذي.
4. استلام الممتلكات وحفظها وصيانتها وحفظ الوثائق والأختام وتصنيفها، مع التوثيق الرقمي.
هذه كانت أهم ما تضمنته خطة العمل التنفيذي، وهذه كانت طموحاتنا كقيادة جديدة للمجلس الوطني. وليس من المبالغة في شيء بأننا حققنا جزءًا منها، وإن كان يسيرًا ... إلا أن الجزء الأكبر من برنامج العمل لم يتحقق بعد وذلك لأسباب عديدة، بعضها ذاتي والبعض الآخر موضوعي. ويمكن الإشارة إليها في النقاط التالية لعلنا نعمقها من خلال الحوار ونتوصل إلى معالجات موضوعية لها:-
أولاً: عدم تواجد كافة أعضاء المكتب التنفيذي في موقع واحد، مما يجعل التواصل ومتابعة القضايا أولا بأول وعلى وجه السرعة أمرًا غاية في الصعوبة.
ثانياً: ضعف الإمكانيات المالية التي أصبحت تحول دون القيام بالتحركات المطلوبة لتنفيذ البرنامج الموضوع، فضلًا عن استحالة تفريغ أي قيادي أو كادر لعمل المجلس الوطني.
ثالثاً: ضعف مكونات المجلس الوطني، سياسية ومدنية، أصبح ينعكس على أداء المكتب التنفيذي.
رابعاً: إعطاء القوى السياسية الأولوية لنشاطاتها التنظيمية، على ضعف أدائها أصلا.
خامساً: الحراك الجماهيري الكبير في الآونة الأخيرة، والذي أصبح جاذبًا لقطاعات كبيرة من جماهير شعبنا، وفي المحصلة بات خصمًا على نشاط المجلس وكافة القوى السياسية المنظمة.
سادساً: حضور الأزمة التي مر بها المجلس الوطني خلال السنوات الماضية في كل النشاطات التي نقوم بها، الأمر الذي أصبح حائلا دون وجود حماس من قبل الجماهير كما كان في فترة قيام المجلس الوطني أو خلال السنوات القليلة التي تلت تلك الفترة.
ولنا عودة لطرح تصور لتفعيل دور المجلس الوطني في قادم الأيام...
مع أطيب التحيات