في انتظار التغییر

بقلم المناضل الأستاذ: إبراهيم محمود صالح قدم - أبو حيوت

اخذ زلزال البوعزیزي الذي لم یكن في الحسبان ، كل المراقبین ومراكز الدراسات والبحوث المتخصصة

في قضایا الشرق الأوسط على حین غرة ، ولكن المفاجئة الكبرى كانت للرؤساء الملوك ، رموز التسلط والاستبداد الذین حكموا أكثر من ثلاثة عقود وظنوا بأن لھم الحصانة من تمرد الشعب علیھم ولكن خاب ظنھم ، عندما كسرت الجماھیر حاجز الخوف الذي لجمھا لعقود لتكتشف ، وھن وضعف تلك النمور الورقیة التي استعبدتھا وداست علیھا. حاول الطغاة وأسیادھم تقدیم تنازلات ھنا وھناك حتى یكسبوا الوقت ولكن كل ھذا لم ینجح لأن الجماھیر كانت ترفع سقف مطالبھا مع كل خطوة تنازل لتتمكن في الأخیر من خلع جلادیھا.

شعار التغییر والتخلص من رموز الفساد ومحاكمتھم أصبح مطلبھم والدیمقراطیة وتداولي السلطة واحترام الإنسان ھدفھم.

مظاھرات میدان التحریر أعادتي لي ذكریات من ال 9 و 10 من یونیو 67 عندما أعلن عبد الناصر تنحیھﮫ عن السلطة، یومھا خرجت الجماھیر بشكل عفوي ، معلنة رفضھا للتنحي وخرجنا نحن الطلاب الوافدین مع الشعب المصري وتوجھنا من میدان التحریر إلى منشیة البكري حیث منزل الزعیم نردد نشید بلادي والیوم تجمع الناس في نفس المكان ولكن بشعار معاكس یطلب من مبارك التنحي ویقول لھﮫ أرحل كفایة بقى !!! و مصر من غیرك أحلى !!!

أما في إرتریا فأن النظام یحجب أخبار ثورات شعوب المنطقة والحراك الشبابي المطالب بالتغییر خوفا من وصول العدوى إلى إرتریا و أجھزة أمنھﮫ تشدد من قبضتھا وتراقب تحركات بل ھمسات الشعب وتمنع الإنترنت وغیرھا من وسائل التواصل ، وینسى من أننا نعیش عصر المعلومة التي تنتقل من دون تأشیرة أو استئذان.

معسكر المعارضة ما زال یراوح في مكانھﮫ ویمكن أن یقال "نسمع جعجعة ولا نرى طحین" ومن أنھﮫ مازال مشغولا بخلافاتھﮫ الداخلیة ، ھذا داخل وذاك خارج ، یتوالد مع كل صباح جدید ، ھذا التكاثر العددي ذكرني بمسرحیة "كأسك یا وطن" للفنان السوري درید لحام وحواره مع والده الشھید عن تكاثر الدول العربیة وضیاع حلمھم ، حلم الوحدة العربیة. إن فقدان الثقة بین مكونات التحالف یھدد بفشل تجربتنا في إرساء الدیمقراطیة وتداول السلطة وما حدث في المؤتمر الأخیر للتحالف یدل على أن البون واسع بین القول والممارسة.

لكن مع كل ھذا ، ھناك بصیص أمل مبشر یلوح في الأفق ، الأول الجھود المبذولة لعقد المؤتمر الجامع وأرجو أن نستفید من الأخطاء والسلبیات التي صاحبت التحضیر للملتقى حتى نخرج بنتائج مقبولة لا بمسكنات تؤجل الأزمات لتنفجر في زمن لاحق ، والثاني حراك الشباب في المھجر ، لتنظیم أنفسھم والنضال من أجل إسقاط عصابة الكوزا نوسترا والقیام بمظاھرات ھنا وھناك یمكن أن تتطور وتكبر مثل كرة الثلج وتصل بلدنا وترفع من معنویات شعبنا لیتحرك و یكسر حاجز الخوف لیتحول إلى قوة عاتیة ویزیل الطاغیة ، أما نحن جیل الأربعینیات علینا أن نعي ما قالھﮫ الرجل التونسي الذي تتكرر صورتھﮫ في الجزیرة والذي قال "انتم قمتم بما لم نقدر علیھﮫ نحن ، لأننا ھرمنا ونحن في انتظار ھذه اللحظة التاریخیة" ونحن كذلك ھرمنا وآن الأوان لتسلیم الرایة ، مادام أبنائنا وبناتنا على استعداد لحملھا والقیام بما لم نقدر نحن علیھﮫ وكما یقولون لكل عصر رجالھﮫ ونسائھﮫ.

ھناك نقاش یدور حول التنظیمات ذات الصفة القومیة ، ھناك من یرفضھا وھناك من یعتبرھا صناعة إثیوبیا وھذا لا یجوز في حقھا ولا تنسوا "أن أل یدو في النار لیس مثل أل یدو في آلمیھﮫ" والعیب أن یقال ھذا بالرغم من معرفة الكل الأسباب التي أدت إلى قیامھا: الظلم والتھمیش واغتصاب الأرض واستباحتھا وتھمیش اللغة والثقافة والاستبعاد من السلطة والحرمان من الثروة فھل ھناك أسباب اكبر من ھذا یاترى ؟؟ كلھ. حق تقریر المصیر حق مشروع لا یختلف علیھﮫ اثنان والوطن ملك الجمیع شریطة ضمان الحقوق لكل أبنائھﮫ وان لا یأكل القوي فیھﮫ الضعیف ، أما اعتبار الوطن شيء مقدس، تجبر العیش فیھﮫ منقوص الحقوق وغیرك یتمتع بكل الحقوق فلا وألف لا لمثل ھكذا وطن.

بینما المنطقة من حولنا تغلي وتطالب بالتغییر نحو الأفضل ، نعیش نحن في أجواء حرب تدق طبولھا والید فیھا على الزناد والسبب وجود من یخیفھم السلام ولا یقدرون العیش في ظلھﮫ ، لأن للسلام استحقاقاتھﮫ ، وأولھا محاربة الجوع والعطش والجھل والمرض واحترام حقوق الإنسان وحریتھﮫ والمحاسبة والمراقبة وووو الخ.

الشعب الإرتري یحلم بالسلام بعد أن حقق حلمھﮫ في إیجاد الوطن من العدم واقفل باب الحرب لأنھﮫ یعرف أن الحروب تدمر ولا تعمر ویرید العیش مع كل جیرانھﮫ في سلام واحترام متبادل ویركز على إعادة البناء والتعمیر. ومن ھنا أوجھﮫ النداء لإثیوبیا للتأني وعدم اتخاذ قرارات متسرعة ومتھورة ، أقول ھذا لقناعتي بأن إثیوبیا دولة مؤسسات ولیس كما عندنا دولة الرجل الواحد الذي یصعب علیھﮫ العیش في أجواء السلام والوئام ولكن مھما كان فأن إزالتھﮫ مسؤولیة الشعب الإرتري وواجبھﮫ ولا یقبل التدخل في شؤونھﮫ.

في الختام أرجو أن یأتي الیوم الذي تعود فیھﮫ البسمة لشفاه الأمھات ونقول لعواتي ولكل الشھداء إن دمائكم الغالیة لم ترح ھدر ، لأن شبابنا قد شمر عن ساعد الجد وتحرك وبدأ یردد كلمات الشاعر إبراھیم لیمان التي غناھا الفنان محمد باعیسى
ردؤ ردؤ اباي ھلا دیب عدنا ھروسو لتھرقتا.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click