متى تتحرك الاغلبية الصامتة؟

بقلم المناضل الأستاذ: إبراهيم محمود صالح قدم - أبو حيوت

مظاهرة استوكهولم ضد مهرجان التسول كما سماه اخواننا فى قارة اوستراليا

عادت بى الى ايام الدراسة فى الخمسينيات وبداية الستينيات حيث كانت المظاهرات الطلابية السنوية امر عادى وكان هذا دليلا على وعى شعبنا المبكر بما ستسير عليه الامور بعد الزواج القصرى مع اثيوبيا، ويمكن أن نقول أن هذه كانت الفترة الوحيدة التى شهدت فيها اريتريا المظاهرات. واليوم نشهد محاولات خجولة من المهاجرين هنا وهناك وان كان الخوف من كاميرات النظام وعيونه هو المسيطر على الغالبية.

نحن فى السويد حاولنا أن نقلد تجربة اوستراليا، فقمنا بمظاهرة متواضعة من حيث الحضور والتنظيم. ولكن مظاهرة ناجحة لمن راى رد فعل أعوان النظام. ويمكننا القول، لولا وجود رجال الأمن السويديين لكان لهم معنا تصرفٌ آخر من وحي النظام. من يرى تصرف أولئك النفر وهم حاملوا جنسية دولة ديمقراطية، يعتبر فيها احترام حقوق الإنسان وحريةالرائ وحق التظاهر من الأساسيات - يمكنه أن يسأل ماذا يفعلون هنا مادام يموتون الى هذه الدرجة فى حب النظام وراسه ؟ ولماذا لا يرجعون الى الجنة التى يدافعون عنها ؟ ولكن الحق على الخوف الذى يعيشونه والنابع من خوفهم على المصالح الشخصية الضيقه، مثل شراء منزل اوقطعة ارض يحجب عنهم رؤية المأساة التى يعيشهاالشعب الإرترى. و نسوا أن الدنيا ما دوامه وأن الامور لن تستمر هكذا الى الأبد ولن يدوم اسياس ونظامه وعندها تتم المراجعة لكل التجاوزات فتعود الأرض الى اصحابها وما عليهم الآ أن يبلوا اوراق الملكية ويشربوها اما فرعونهم يمكنه العيش بدولارات حيثما يريد فهل عملوا حسابهم لهذا اليوم ؟؟؟

بالعودة إلى المظاهرة أقول: كانت المظاهرة كما أسلفت ناجحة كبداية ومن منظور أعوان الحكومة. أما الجانب السلبي فيها، فهو العدد القليل الذي شارك فيها، من الآلاف الذين يعارضون النظام من منازلهم. وهذه السلبية، أردنا أم لم نرد، هي دعم للنظام، بل هى مشاركة في جرائمه. لأن كل دولار يدفعونه يمد فى عمر النظام، ولكن جريمة الأمهات والأباء الذين يحتضنونا ابنائهم ويشاركون فى جريمة ضياع ابناء الأخرين اكبر فمتى يفهمون ؟

نعم إن مظاهرة ستوكهولم 2007 أعادتني إلى سنوات الدراسة في أسمرا عندما قمنا بمظاهرة بعد أجبار هيلي سلاسي وخدمه من امثال اسفها ولدى مكئيل والقس ديميطروس، أعضاء البرلمان الإرتري على توقيع وثيقة ضم إرتريا إلى إثيوبيا فى نوفمبر 1962 عبر التهديد والوعيد.شارك فى المظاهرة طلاب المدارس الثانوية والأعدادية "الوسطى" وعندما وصلت الى وسط المدينة انضم اليها البؤساء "منظفوا الأحذية" وقد دخلت اعداد منهم سجن ماركاتو مع الطلاب. فى اليوم التالى حضر إلى مدرستنا، مدير البوليس فى تلك الأيام، الجنرال تدلا عقبيت و تحدث كثيرًا عن الشباب "قادة المستقبل" وعن رجال الأمن "حماة المجتمع" ومن أن رجال الأمن لن يسمحوا بمثل هذا العمل وقال فى معرض حديثه من " أن من قاموا بتوجيهكم وتحريضكم للقيام بالمظاهرة كانوا يتفرجون عليكم من على أبواب الحانات (البارات)". وكلامه هذا صحيحا فى شطره الثانى اما شطره الخاص بمن حرضونا اذا كان هناك من حرض، فمن المؤكد لن يكون من رواد البارات. اما شطره الثانى كان واقع لاحظه المشاركون فى المظاهرة، حيث راينا الكثيرون يتزاحمون مع عاملات المحلات في الابواب للتفرج علينا. ولأن الشيئ بالشيئ يذكر، ماحدث فى ستوكهولم قريبا من هذا حيث كانت الكثيرون جالسون في الكافتيريات على مرمى حجر من موقع المظاهرة يمارسون هوايتهم المفضلة "الكلام فى السياسة" و تحليل ما نقلته قناة الجزيرة عن الصومال ودارفور وربما ما قاله اسياس فى مقابلته مع تلفزيونه (Tv Ere). الا تقولون معى ما أشبة الليلة بالبارحة.

ولأن الذكريات هى كل ماعندنا اعادنى واقعنا المر فى معسكر المعارضة إلى أيام البدايات في قاهرة الستينات، عندما كان هناك ابطال حقيقيين اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيد ابراهيم عمار والشهيد ابراهيم ادريس بليناى والشهيد عثمان موسى سلمان والشهيد حامد محمد ادم (همرشولد) والشهيد محمد احمد عبده والشيخ ادريس سعدالله وعثمان ابراهيم. فى تلك الأيام عندما كانت جبهة التحرير الإرترية في عنفوانها، كانت أبيات أبو القاسم الشابي لازمة حاضرة معنا في كل اجتماعاتنا للتحريض ورفع معنوياتنا النضالية وللتأكيد من أن النصر حليفنا مهما طال الزمن والمشوار ومن أن شعلة عواتى فى ادال لن تنطفيئ مهما كانت الصعاب والتحديات.

اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد من أن يستجيب القدر

ولابد من الليل أن ينجلى ولابد من القيد أن ينكسر

نعم الليل قد انجلى وكذلك القيد قد انكسر، ولكن للأسف الشديد استبدلناه بليل دامس وقيد اقوى من صناعة محلية اضاع كل أحلام الإرتريين في رؤية وطن ترفرف في أرجائه رايات الحرية والسلام والمساواة والديمقراطية ويخلو من السجون والمعتقلات، لتتحول الأحلام والحياة إلى كابوس ولتمتلئ السجون والمعتقلات بالأحرار وليحرم مئات الآلاف من اللاجئين من العودة إلى بلادهم.

ولهذا وجب علينا أن نجعل من أبيات الشاعر الشابي شعارنا في هذه الأيام ليفيق من في عيونهم غشاوة ونتذكر كذلك اغنية محمد باعيسى "ردؤ ردؤ اباى هلا ديب عدنا يومتى سكاب بدا ونضال مطى هروسو لتهرجتا". وهى دعوة للنضال كان لها الأثر فى التحاق الكثيرين بركب الثورة.

في الختام لا بد من التذكير بأن نجمي المظاهرة كانا دانيالا الإيطالية وتخلي الإرتري اللذين كان مثل النحلة، لا يعرفون الراحة يهتفون ويشرحون ويحاولون الوصول إلى عقول من كانوا يحجون إلى حفل "الزار" ظنًّا منهم أنهم يحملون عقولهم معهم... لكن معظمهم كان للأسف أجساد بلا عقول أو عقول بلا فعل إلا من رحم ربي. ولا أملك إلا أن أقول تخليص الشعب من الكابوس امانة فى اعناقنا فمتى نصحى وننتفض.

هل هناك من يجد الإجابة عللى سؤال، لماذا نحن بعد 46 عاما من النضال والتضحيات الجسام فى محلك سر ولم يتغير حالنا ؟؟؟ الا وجود اريتريا فى خارطة العالم بعلم مشوه وقيادة معادية لشعبها ومعارضة مشتته تحلم بالسلطان وشعبا رافعا يده الى السماء راجيا الخلاص. والأدهى والأمر أن ننتظر الفرج من امريكا عبر كرزاى او شلبى ارترى والذين يحلمون بهذا الدور كثر فاحذروهم.

وفى الختام ارجو أن يأتى سبتمبر القادم و شعبنا موحد وفاعل والمعارضة قد وجدت البوسلة المفقودة واسياس وزمرته قد رحلوا الى غير رجعة.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click