تشظي المعارضة الإريترية
بقلم الأستاذ: سمير محمد - كاتب وناشط سياسي إرتري
إن ما تمر به أحزاب المعارضة الإرترية بمختلف توجهاتها السياسية والفكرية من شتات وضياع الوحدة بين أفرادها
من أزمة هي أكبر العقبات التي تواجهه نحو إنقاذ البلد وتحقيق الهدف بتغيير النظام الديكتاتوري. وكل تلك الخلافات ماهي إلى بسبب القوميات والديانات وغيرها من الامور التي شكلت عائقا نحو المضي قدما لتحقيق أهم أهداف الشعب الأريتري وهو إسقاط النظام الديكتاتوري الذي حرم الشعب من العيش في بلده بسبب انتهاكاته الصارخة والعلنية ضد حقوق الإنسان والتي لم يجد لها الكثير من المواطنين من نجاة سوى شد الرحال والهروب لبلاد أخرى خشية لمواجهة بطش الطغاة.
إن ما يسعون من أجله بعض المضيعين من المعارضين ليس سوى لتفكيك وحدة الشعب الإريتري وتمزيقه حيث أنه لا وجود لخطط وأجندة ثابتة صوب التغيير وكأن الكل منهم يريد تحقيق مراده وعدم وضع مراد الشعب بالكامل بمحمل الجد، والرغبة في التسلق نحو تحقيق مطالبهم على أكتاف الباقي منهم وكأن الباقي منهم تكملة عدد وليسوا ذو قيمة.
هذه التصرفات والمبادئ من أكبر ما يعزز و يقوي نظام الطغاة وثباته على عرش السلطة. إن أكثر ما يحزن في هذا الجانب هو سعي أولئك المطبلين في تكاتفهم نحو الانزلاق في مسار الشتات وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعا.
أكبر ما يهدد المجتمع الارتري وبالذات المعارضين منهم هو إفتقارهم لروحية الإتحاد فيما بينهم وتركيزهم على أمور لا جدوى منها. إن خطر التمزق بين أفراد المجتمع وأحزاب المعارضة بالذات ما هو إلا نتيجة الاختلافات الثقافية، الدينية والقوميات والكثير من تلك الأمور التي أشعلت فتيل الأزمة بين مختلف الأطراف بسبب مروجي الفتن التي أثقلت كاهل الشعب وكانت سبب أساسيا في تثبيط عزيمته وعدم كسب ثقة الجادين من المناضلين منهم وباتت الثقة مفقودة لديهم.
لا بد من وجود هوية وأهداف مشتركة لأن ما ألت إليه تلك الإختلافات من طريق لا تدل على مؤشرات يرجى منها تحقيق أمال الشعب، فلما مواصلة المشوار في طريق ليس منه إلا ضياع الهدف ودمار بين أفراد المجتمع؟ و ليس لها أي قيمة ولا تمت لتحقيق الغاية والهدف بصلة وبالتالي ذهاب أمال الشعب أدراج الرياح.
صدق أحدهم عندما قال "إذا أردت معرفة أن الإريتريين المعارضين قادرين على تحقيق الهدف أم لا، ألتفت إلى من حولك ستعلم حينها". كلام جدا معبر ويصف حالة فقدان الوزن وضياع الغاية والهدف لدى الشعب الأريتري. ليس هنالك أدنى شك بأن مايسود المجتمع خطير للغاية ولا يبشر بتحقيق طموح كافة الشعب.
وبالتالي يتضح وينكشف من خلال تلك الاختلافات تعري أوجه لأناس ليس لهم من المساهمة نحو تحقيق الهدف المنشود بشيء. كان من المفترض تعدد القوميات والتنوع الثقافي وغيرها في صالح الشعب لا لتمزيقهم وكونها أساس محل الخلافات التي لم يسلم منها أي مجلس.
إن كل تلك أسباب الخلافات الكارثية باتت عائقا وبالا ليس من السهل تجاوزه و لابد من معالجته ولملمة تشتت الشعب الأريتري لتوحيد الجهود المبذولة منهم والتركيز على أهم النقاط الأساسية لتحقيق الهدف والتوافق فيما بينهم بغض النظر عن انتماءاتهم الفرعية وتوجهاتهم الفكرية والسياسية.
ما تؤول إليه تصرفات بعض المضيعين لجهودهم من المعارضين ماهي الا خارطة تبين بأن ما يسعون لتحقيقه ما هو إلا استغلال أتباعهم نحو تحقيق رغبتهم تحت راية المعارضة والتي لا يغفلها أيا كان بأن سياستهم لن تقود البلد سوى للتناحر بين أفراد الشعب ووضع الشعب في حالة لا يحمد عقباها في حال وصولهم لغاياتهم بالرغم من أنه لا يمكن لمثل هؤلاء الوصول لغاياتهم وإن المكسب الوحيد لسعيهم وراء تلك السياسة الباطلة ماهي إلا إضعاف وتأخير ثورة الشعب.
هذا التشكل الذي اتبعته مختلف أحزاب المعارضة وأدى إلى تآكلها يتوجب معالجته و إدراك مخاطره وإنقاذه في تكوينه الفكري والسياسي قبل التفكير في إنقاذ البلد. بكل تأكيد استمرار المعارضه وهي تظن أنها قادرة على إنقاذ البلد في ظل هذه الظروف وتناسي مأساتها فليس ذلك إلا مضيعة للوقت والجهد ولا ينفع إلا أصحاب المصالح والمطبلين للنظام الفاشي ولا تلوح في الأفق بوادر لتحقيق ذلك الحلم في ظل هذه الظروف التي تمر بها المعارضة وكل من يتبع خطاها.
هشاش المعارضه وقوام واستمرار نظام الطغاة لم يأتي من فراغ بل هي نتائج تمزق اللحمة بين أفراد المجتمع فتلك المنافسات من أصحاب الترويج والفتن أبطأت الثورة نحو مابنيت من أجله وكانت بالأحرى السبب الذي يتقوى به النظام الديكتاتوري والتي كانت من المفترض أن تتحد ويصل صداها لهدمه لا تقويته واستمرار نظامه لممارسة بطشه.
من المهم على المعارضة الاريترية بمختلف أحزابها أن تجعل أهدافها موحدة دون تمييز وتفرقة ووضع أولوياتها لململة ماوصل إليه أفرادهم من شتات وإحلال التوافق فيما بينهم متناسيين الماضي وما خلفه، وتركيز اجتماعاتهم ونقاشاتهم نحو تغيير نظام الاستبداد بإسقاطه وإحلال نظام مدني ديمقراطي مبني على مبادئ حقوق الإنسان.
ماوصل إليه الوضع الراهن لا يحتمل الخوض في اختلافات شخصية تخص مجموعة بعينها او قومية معينة بل يتعين على جميع أحزاب المعارضة صب كل اهتماماتهم في التفكير والعمل البناء على أساس دمج مختلف الأحزاب في إطار سياسي واحد وإزالة تلك القيود بغض النظر على اختلاف مبادئهم السياسية وغيرها من الأمور التي هي محل الاختلاف والإشكالية التي لم يستفاد منها إلا الفشل وبالتالي لتفادي مخاطر هدم الثورة وانهيارها وفي النهاية ضياع الهدف.