رحلة التحرر من العبودية
بقلم الأستاذ: سمير محمد - كاتب وناشط سياسي إرتري
الإنسان بطبيعة حاله يولد حرا لكن الظروف المحيطه به قد تجعله في بعض المراحل يلقى نفسه عبدا لشهوات ونزوات
السلطة الديكتاتورية.
لا يكاد يمضي يوما الا ويفر اريتري والسبب هنا ان ينجو من التجنيد الاجباري الغير منتهي الأجل وعليه اما يسجن لينتهي به الأمر في سجون تحت الأرض أو إذا كان محظوظا وتهاون النظام في موضوع السجن يتم سجنه في حاويات شحن والتي تكون فوق الارض !
وليس كل من لم يسجن ويتم القبض عليه يكون قد نجى فعلا هنالك من الجيش من يكون مراقبا للحدود واطلاق النار على كل من يحاول الفرار. على حسب ماذكر احد الجنود الفارين من الحدود انه تم إصدار أوامر لنا من قبل الحكومة لإطلاق الرصاص على كل من يتم كشفه لمحاولة الهروب.
وفي المقابل هنالك العديد ممن يعرضون أنفسهم لخطر الرصاص في الحدود او زجهم في سجون تحت الأرض أو حاويات شحن ووضعهم تحت التعذيب فيقومون بالهروب من معسكرات الجيش الى داخل البلد مثلا العاصمة أسمرا، ولكن ذلك ايضآ يعرضهم للخطر حيث أنهم يضطرون الاختباء لكي لا يتم كشفهم وانتهاء أمرهم حيث أن هناك دوريات تقوم بالبحث والتحري عن كل من يهرب من المعسكرات او تهرب من تلبية الخدمة الإلزامية.
ولكن في حالة القبض على هؤلاء الفارين أو المتهربين فإنهم لايكونوا قد عرضوا أنفسم للسجن والتعذيب فقط بل عرضوا أهلهم أيضا للسجن و المسائلات القانونية حيث أن الحكومة الاريترية تعتبر أن كل من يتستر على الفارين من معسكرات الجيش او لم يلبوا الخدمة الإلزامية عند الطلب معرض للعقوبة بالسجن حيث أنها تعتبر الخدمة الإلزامية أمر ضروري لحماية البلد ونهضته حتى ولو كان على حساب انتهاك حقوق أبنائه واستعبادهم.
إذا كانت محاولة تجاوز حدود البلد محفوفة بكل تلك المخاطر فكيف سيكون عند مواصلة الطريق ؟ إذا كانت تلك المخاطر السابق ذكرها تكون من أبناء بلدك مثل اطلاق النار من حرس الحدود هم اريتريين مثلك فكيف سيكون الوضع عند الوقوع في أيدي عصابات وقاطعين طرق لايعرفون الرحمة؟ هنالك العديد من القصص التي يتناقلها الناس عن خطف الإريتريين من قبل عصابات وتجار بشر لينتهي المطاف بهذا الاريتري الفار من الاستعباد في الخدمة الإلزامية ليكون عبدا مرة أخرى ولكن هذه المرة في أيدي ناس غرباء.
حيث أنه على حسب ما وصفت الأمم المتحدة عن ما يواجه الإريتريين عند الفرار من البلد "تزايد خطف الأفراد والاتجار بهم في سيناء بأنه أحد أكثر الأزمات الإنسانية في العالم التي لا تحظى بالتغطية". حيث يتم بيعهم الى عصابات اخرى وتعذيبهم وتطلب هذه العصابات من أسر الضحايا فدية مالية للافراج عنهم.
لم تنتهي معاناة هذا الاريتري بعد في رحلته لطلب الحرية من العبودية وانتهاك حقوقه هناك بعد ما ينتظره من مخاطر حتى ولو وصل لاجئ في أحد الدول المجاورة على سبيل المثال دولة السودان. حيث أنه بدل تسليم الاريتري الى معسكر اللاجئين في السودان من قبل بعض رجال الأمن المتعاونين مع عصابات. يتم تسليمهم الى عصابات الاتجار بالبشر حيث ان هذه العصابات تقوم بقتل وبيع أعضائهم الداخلية ! نعم هذه حقيقة وقد تم ايجاد العديد من الجثث لمواطنين اريتريين فيها آثار تعذيب وخالية من الأعضاء الداخلية ! ومعظم هؤلاء أعمارهم تحت 20 عام.
وقم تم طرح هذه الحوادث والمواضيع من قبل محطة BBC وجريدة اليوم السابع والبلاد ووكالات الأنباء الكبرى. وطبعا النظام الاريتري لايهمه كل ذلك وكأنه يقول ويحذر بأن هذا مصير من يفكر بالتحرر من الخدمة الإلزامية. لهذا السبب يرضى العديد من الإريتريين أن يكونوا عبيدا في بلدهم. ولكن هناك من يأبى للخضوع لهذا الشي ويختار المغامرة.
وإذا كتب للأريتري النجاة من السجن وتعدى حدود البلد والصحراء بأمان فلا يكون قد نجى فعلا. منهم من غرق في البحر ومات أعتقد أنهم عرفوا انهم عرضة للغرق والموت تحت الماء ولكنهم فضلوا الموت تحت الماء ولا في سجون تحت الأرض ! ولا ننسى تلك الحادثة المؤلمة حادثة غرق المركب يوم 3 أكتوبر 2013 قرب شواطئ لامبيدوزا الإيطالية والتي أودت بحياة 366 شخصا على الأقل وكان منهم الكثير من الإريتريين.
لعل أهم ما يدور في عقل أي قارئ لهذه المقالة ما مصير كل اريتيري والجواب ان كل ماقد يتعرض له هذا الاريتري من مصير محفوف بالمخاطر تكاد على الواقع اشد واعتئ وفي الاخير قد لا يصل الى هدفه ابدا، وللعلم ان ثلث عدد اللاجئين الذين يصلون الى أوروبا هم اريتريين.
فعلا هذا كله يثبت بأن لو لم يكن مايواجهه الاريتري في ظل هذا النظام المنتهك لحقوقه لما غامر بالهجرة وعرض نفسه لتلك المخاطر التي قد لايصدقها اي شخص ويظن انها من نسج الخيال.