لا جديد سوى اعادة انتاج القديم وبطريقة سيئة ايضا
بقلم المناضل الأستاذ: أحمد صالح القيسي - قيادي سابق بجبهة الشعبية لتحرير إرتريا
من طبائع الامور وحكم هذه الدنيا التى نعيشها ان الجديد لايوجد ولا يصبح عامل تغيير
نحو الافضل الا اذا كان يقف خلفه عقل او عقول مبدعة... تدرس، وتقيم.. وتستنبط.. لتضع البدئل او البدائل، لطوى صفحة، وفتح صفحة جديدة اكثر بياضا، ترسي معالم صناعة المستقبل.
هذه المعلومة المدرسية البسيطة، قد تنفع كمدخل متواضع لتسليط الضؤ على الواقع السياسي الارتري بصورة عامة. نظاما ومعارضة ونخب وجماهير.
واقع الحال نحن امام واقع ومشهد سياسي: غاية في التعقيد... وعميق في الالتباس... وخطير في النتائج... منذ التحرير للبلاد والناس، والكل يجتهد ويصنع حلمه لشكل المستقبل افرادا... وجماعات... وكتل... وطوائف... ونخب.
وهي ظاهرة صحية لا خلاف عليها، كون الجامع للكل... هو البحث عن عقد اجتماعي .. يكون قاسما مشتركا للعيش المشترك بحرية... وحقوق متساوية كا مبداء... وعدالة لا تمييز بين هذا وذاك.
المهم كان المسار معبدا لاي خطوة نحو هذا الهدف، ويعود السبب الرئيسي ان الجميع وبقناعة شبة مطلقة مهما بلغ حجم التحفظات
التى يحملونها في داخلهم ينظرون الى حجم الثمن الذي دفعه الشعب على مدى ثلاثون عاما.. والكلفة البشرية، والدمار المادي والنفسي.
هناك هواة واسعة وعميقة بين احلام البشر وتطلعاتهم، وبين الواقع وحقائقه، وميكانيزم ردم هذه الهوة كي تصبح هذه الاحلام والتطلعات حقيقة بصورة تصاعدية عبر مراحل، وتطويع الواقع وتغييره بما يخدم الهدف الاساسي... بحاجة لمشروع سياسي واجتماعي واقتصادي... متكامل مستلهم من الواقع وحقائقه... ومن التجارب الذاتية للحركة الوطنية... في صعودها وهبوطها،
ومن واقع العصر والظروف المتغيرة، تاكيدا لحقيقة ماثلة امامنا، وهى حين بداء الكفاح المسلح كان عالما قائما بذاته وحقائقه، وحين ختم الكفاح المسلح برحيل الاستعمار كان هناك عالما اخر قائما بحقائقه وظروفه. وما بين كلا العالمين... النشاءة... والختام.
جرت مياه كتيرة تحت الجسر كما يقال. وبمعنى اخر ان المعطيات الجديدة في اليوم التالي من الاستقلال تختلف كليا عن المعطيات
لما قبل الاستقلال... وهنا يكمن حقيقة الاخفاق الكبير للنظام. مهما حاول النظام من اعادة انتاج الماضي وانجازاته ابان حرب التحرير وهى مكمن شرعيته.
ومن سؤ الطالع ان الامور جرت خلاف المتوقع، بل يمكن القول: ان المحصلة لهذه النهاية كانت ماساؤية بكل المعايير. فالنظام.. او اولائك الذين ألت اليهم السلطة وصناعة القرار، بفعل الامر الواقع... كقوة عسكرية... وسياسية، تمكنت في لحظة فارقة من التاريخ، ان تنجز مهمة الاستقلال... لم تكن بكل اسف... قادرة للمواصلة وفق المعطيات السياسية الجديدة لبلوغ الهدف الاسمى لمفهوم الاستقلال الوطني واستحقاقاته، وللانصاف وللتاريخ كانت هناك محاولات واجتهادات من داخل النظام... للتصحيح.. في حده الادنى على اقل تقدير.. نحو بناء الدولة بشكل مؤسسي عبر دستور.. وانتخابات... وقانون تاسيس احزاب وتجمعات مدنية.
وكانت خطوة مثل هذه كافية لنزع شرعية... البندقية او نحن الذين حققنا الانتصار... وغيرها من المبررات السخيفة، والتى تقود في نهاية المطاف... وكان الشعب الارتري كان متفرجا، بينما وقع كل العبء على الجبهة الشعبية وحدها.
وفي قناعتي الراسخة ان كلام مثل هذا هو اساءة للجبهة الشعبية الحقيقية، وليست المصطنعة التى تم انشائها في مؤتمر... نقفة... وهذا موضوع اخر.
اذا ودون استرسال ممل للتاريخ والبصمة القاتلة التى اصابت الشعب الارتري من هذا النظام. فان المحصلة النهائية لا امل يرتجى مهما هبت العواصف السياسية في المنطقة والاقليم او جملة المتغيرات التى حدثت في اثيوبيا... والبحر الاحمر ومحيطة، ان ينتظر ان ياتي هذا النظام بجديد يوحي بعملية مراجعة وتصحيح.
ان مطالبة البعض بعلان دستور... والافراج عن السجناء.. وغيرها من المطالب هى مسائل تثير السخرية في واقع الامر، وذلك لسبب بسيط وبديهي.
ان النظام يضع حبال مشنقته مع كل اجراء من هذا القبيل، لان لدى الناس عقول لتساءل.. لماذا تم هذا ؟؟؟ ولاي سبب تاخر ذاك ؟؟؟ وهكذا تدريجيا تلتف حبال المشنقة. ما نراه... وما نسمعه.. دليل قاطع... لا جديد.. سوى تاكل النظام من الداخل او التوريث كما نسمع وهذه اخر شطحات هذه المهزلة.
ولكن بالمقابل لا يمكن ان يتحمل النظام وحده، ماالت اليه الاحوال... فالكل له نصيب في تحمل جزء من المسؤلية.
هناك المعارضة وجماهيرها و هناك النخب وتنوعها و هناك الشعب الارتري ودوره، بين ماضي حمل الكثير من الملاحم، وحاضر اصبح البؤوس واللامبالاة والاحباط عناوينه الكبيرة.
ربما من السهل ان اجتهد من جانبي لتقديم تصور تحليلي، ولكنى على قناعة سوف يبقى ناقصا مهما بلغ حماس وعمق الاجتهاد، فاوجدت من المنطقي والمفيد للجميع ان نساهم في تشخيص وتفكيك... واعادة تركيب.. بمنهج علمي رصين وبروح من المسؤولية... وتسمية الامور بمسمياتها الحقيقية دون مواربة.
لقد وضعت النظام والحالة التى بلغها كمدخل.. واضيف لا جديد يمكن ان يضاف سوى انه يتاكل بصورة دراماتيكية، وهذا لا يعنى ان مشكلة نهايته قد اصبحت واردة، ولذا علينا ان ننام بهدؤ فقد حكمت الاقدار... وما اقسى حكم القدر. ان تاتي نهايته من داخله، وهذا وهم.. يجب ان لا نقع فيه... ان ما يجري هو صراع بين مراكز القوة في السلطة، وهذا موضوعه شئ اخر.
لان كل قوة تحمل اجندتها.. والخلاصة قد تكون التخلص من لعنة لتستبدل ب لعنات اخرى. ولذا مايجري داخل النظام لايمكن المراهنة علية.
هناك وضع خطير... بداء يبرز بصورة تدريجية بعد مجئ الدكتور أبي احمد رئيسا للوزراء في اثيوبيا، وانحسار دور التجراي في صناعة القرار.
السلام الذي قفز من القضية المزمنة في الخلاف... وهي المسالة الحدودية... الى التطابق في الرؤى حول مستقبل البلدين... بل تعدت المسالة لتشمل دول القرن الافريقي ماعدى السودان... والذي بدوره يتم ترويضه حاليا ليلحق بالركب، هناك اطراف اقليمية ذات وزن ضالعة تماما، في تنفيذ هذا المخطط وعلى راسها قوة كبرى هي الولايات المتحدة... وانشط ادواتها اسرائيل كل التحركات وجوهر المخطط يقوم على قاعدة... طوي ملف كل خلافات الماضي... وما حملته من حروب وماسئ... وتضحيات شعوب... وتطلعات واحلام اجيال... ووضعها في ارشيف التاريخ دون ادنى اعتبار حتى من الناحية الاخلاقية احيانا تقع في حيرة... حين تتابع سيولة ما يحدث... امام تاريخ معقد... يحتاج على اقل تقدير قليل من الضمير... فما يعلنه ابي احمد... هنا وهناك... ليست ابتهالات راهب.. اكتشف ان الخطئية هي من صنعت هذا التاريخ... فجاء يبشر بالنجاة عبر التركيز... على انه يجب الخروج من العوز... والفقر... وصناعة الجنة.. ولكن كيف ؟؟؟ على طريقة معدة هو الركن الاساسي فيها.
• جنة ابى احمد... ان يكون وزيرا للخارجية الارترية ومتحدثا بااسم حكومتها... لماذا ؟؟؟ وهو رئيس اكبر دولة في القرن. مفارقات... اليس المطلوب هو تسويق المشروع المعد من المخرج بل اضيف الى ذلك مباركات الرئيس الارتري.
• جنة ابي احمد... تكوين قوة بحرية مشتركة مع ارترياء. لماذا ؟؟؟؟ لعل هذه الجنة الموعودة تملك كل انواع الجيوش الا القوة البحرية. لان المخرج يحتاج لذلك.
• جنة ابي احمد... ادارة موانئ ارتريا... بمشاركة اماراتية.
• جنة ابي احمد... شق طريق اوتوستراد من اديس الى عصب.
• جنة ابي احمد... طريق سكة حديد بمواصفات عصرية من مصوع الى اديس.
• جنة ابي احمد... فتح الحدود على مصراعية بين البلدين، واعادة املاك الارتريين التى استولت عليها الحكومة السابقة.
• جنة ابى احمد... تمكين الارتريين لمزاولة اى نشاط في اثيوبيا، شانهم ان الاثيوبين.
• مشاريع تنموية عملاقة... تجعل التاريخ القديم حالة من البؤوس، يستحق اللعنة.
وحسب ما سمعت انهم بصدد اصدار مرسوم يسمح للمواطن الارتري حمل الجنسية الاثيوبية. وكذالك وبالمقابل يمنح الاثيوبي الجنسية الارترية. (هذا الموضوع سمعته قريبا ولم يتاكد ولكنه اتي لاريب).
اين نحن مما يجري ؟؟؟ حتى الان يبدوا لى اننا نعيد انتاج ماضينا العتيد ومفاهيمنا التى لا ينقصها سوى التقديس ووعينا المتشبت بحكايات الماضي وبطولات ولى زمانها.
وحقائق جديدة تصنع على الارض، غير مبالية بتفاهاتنا لنطرح عبر هذه الدعوة... اسهاماتنا الجادة... لعلها تضئ القليل من الضوء في هذا النفق المظلم الذى نحن فيه.
ودحنكم.