أغاني ودلالات!! إغنيات الفنان الراحل/ أبرهام أفورقي نموذج - الجزء الاول
بقلم الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
إن الأغنية الوطنية الإرترية لعبت دورا مهما ومتميزاً في مختلف جوانب الحياة الإرترية، حيث عبرت بصدق
عن نبض المجتمع وعن آماله وأفراحه، وكان لها الدور التاريخي في التصدي والمواجهة والتحريض ودفع الجماهير إلي النضال والثورة والكفاح ولقد جسدت الأغنية الوطنية الإرترية صور الكفاح التي مر بها الإنسان الإرتري والذي إرتبط بأرضه إرتباطا وثيقا، وأرخت للأحداث السياسية التي مر بها الشعب الإرتري بكل تفصيل ودقة، إنطلاقا من أن الأغنية الوطنية أصدق مترجم وأفصح معبر عن أحاسيس الأمة وغضبها من أجل حريتها، ومادام توجت الأمم والشعوب إنتصاراتها بالأناشيد الوطنية، هذه الأناشيد والأغاني التى كانت ومازالت سلاحا من أسلحة المعارك الوطنية ضد أعداء الوطن.
كثيرون هم الذين تغنوا لإرتري الوطن والأرض والإنسان، ولكن إن الذين إستطاعوا أن يرسموا بكلمات إغنياتهم لوحة زاهية للوطن وللحب وللتسامح والإحترام هم قلائل في إعتقادى، ولذلك وعبر هذه النافذة إخترت أن العب دور المحقق في الأغاني الوطنية الإرترية عبر تسليط الضوء على بعض الاغانى التى تستحق الوقوف عندها طويلاً والاستماع إليها مراراً وتكراراً لإستنباط منها العبر والدروس لأنها بحق تمثل ميثاق وطنى جدير بالتأمل والاهتمام ودستور دائم للتعايش السلمي وإحترام الأخر في وطن يدار بدون دستور لمدة ربع قرن من الزمان.
الفنان الشاب/ أبرهام أفورقى الذى رحل عن دنيانا دون سابق إنذار ترك لنا تراث غنائي غنى وحافلا بالمعانى والقيم الوطنية التى تقاوم الزمن كالإهرامات لقوة بنائه اللغوى وأصالة معانيها وروعة ألحانها، أغاني جديرة بالإستماع لأنها تؤجج في نفسك الروح الوطنية في زمن العواصف وتجعلك تقاوم التكلس والانحراف، أغاني إستمع لها دوماً وأردت أن أكتب عنها حتى أسهم في تجديد رونقها وجمالها لدي القارئ الكريم.
وهو الذي تغنى بصوت حنجرته المألوفة والمحببة لدينا لتفرد صوته ببحة نادرة قائلاً في إحدى إغنياته... "كندى قزى حليفوا" كم زمن مضى وترك في قلبي الأشواق والحسرة والأمل، رحلة العشق للوطن والعبارات المنمقة الجميلة في الاغنية يستهلها الفنان الراحل/ أبراهام أفورقي بأحلامه وأمنياته لمدينة أسمرا بالتطور والنماء والإزدهار لتكون هذه المدينة العريقة قبلة لكل الإحلام التى حلم بها الإنسان الإرتري، وذلك عبر التجديد في مرافقها وتشجيرها وإعادة الحياة لجذور أشجار النخيل العتيقة التى تزين شوارعها، هكذ يستهل الأغنية ثم يتوغل الى أعماق النفس العاشقة ليحكى قصة الطفولة والشباب وأيام الصبا وإطلالته الأُولى مع رفاقه لشوارع أسمرا وهمسات الحب الأولى التى سمعتها أشجار النخيل وسجلتها في ذاكرتها الباسقة للتاريخ.
يعرج بنا في حكاية أغنيته لرحلة الذكريات بعد مرور الزمن ليسأل بعد العودة للوطن عن رفاق الصبا الذين تفرقت بهم السبل منهم المعلم والمهندس والفنان والمناضل الجسور، كل هؤلاء نقشت أسمائهم في ذاكرته وجاء ليسأل عنهم وخاصة ذاك الشاب المتميز والذكى الذى كان يجلس في المقعد الأمامى في الفصل الدراسى، سأل عنه رفاق الصبا وقيل له لم يعود منذ أن إلتحق بالثورة وإتضح له حينها بأن إسم صديق طفولته خلد ضمن قائمة الشهداء الذين فدوا هذا الوطن الغالى بأرواحهم وألبسونا ثوب الحرية الوقار ولم يعود مع رفاقه.
تـابـعـونـا... في الجزء القادم