ما الذي يجري في إرتريا هذه الأيام؟
بقلم المناضل الأستاذ: حامد سلمان عمر
من المعروف أن نظام أسياس أفورقي لم يهادن ولم يتسامح طوال تأريخه تجاه أي صوت معارض لممارساته،
فكل السياسيين في إرتريا يعملون موظفين لدى إسياس أفورقي، ما يرضي أسياس أفورقي حصريا هو الصحيح، مزاج أسياس أفورقي كان ولا يزال هو قانون الدولة ودستورها وبرلمانها منذ اعلان استقلالها، إلى درجة أن أي شخص يشكك في سياسات أفورقي أو يلتزم الصمت عن التأييد المطلق والتصفيق العلني كان يختطف ويرمى في غياهب السجون، عشرات الآلاف من الضحايا تم خطفهم وإخفاء مصيرهم بهذه الطريقة ولم يُعثَر على أثر لهم حتى الآن.
هناك أحداث أخذت تتنامى بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة تحمل دلالات قوية على أن هناك ارتخاء من نوع ما في القبضة البوليسية لنظام أسياس أفورقي، ومعظم هذه الدلالات بدأت تطفوا فوق السطح مع بداية تقارب نظام أفورقي مع إثيوبيا والإشارات السلبية الخطيرة التي أرسلها أسياس أفورقي اثناء زيارته لإثيوبيا، لا سيما ما يتعلق منها بالمساومة بسيادة وإستقلال إرتريا.
وأولى الدلائل على ارتخاء القبضة البوليسية لنظام أفورقي ظهرت في معاملة موظفي الجوازات في مطار أسمرا وموظفي هيئة الإستثمار ومسؤولي الوزارات المعنية إزاء تعاملهم مع وفد رجال الأعمال والمستثمرين الإثيوبيين الذين أتو بصحبة رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هيليمريام دسالينج. لقد كان التعامل باردا وفي معظم الحالات جافا ومتمردا على التعليمات الشفهية التي اصدرتها سلطة أفورقي بتقديم كل التسهيلات اللازمة للوفد الإثيوبي.
كما أن ارتخاء القبضة الأمنية لأفوقي تبدت بشكل أكثر وضوحا في رفض بعض قيادات الجيش مرافقة أسياس أفورقي أثناء زيارته إلى إثيوبيا، حيث اعتذر البعض متعللا بالمرض فيما رفض بعضهم مرافقة الرئيس إلى إثيوبيا دون إبداء الأسباب.
ثم جاء صدور كتاب " إرتريا وطني" للمؤلف والوزير السابق برهاني أبرهي الذي يسلط أضواء كاشفة على جرائم نظام أفورقي ويوجه تهم مباشرة إلى إسياس أفورقي بالتآمر على الشعب الإرتري وارتكاب جرائم فظيعة كما يكشف الكثير من الأسرار المتعلقة بإستغلال موارد الدولة الإرترية من المعادن والذهب لصالح إسياس أفورقي وعصابة المنتفعين الذين يحومون حوله لتلبية رغباته الشخصية دون أي اعتبار للقانون ولحقوق الشعب الإرتري. المفارقة هنا أن مؤلف الكتاب موجود داخل إرتريا ولم يتم التعرض له من قبل أجهزة النظام كما جرت العادة تجاه أي همس معارض دعك عن تأليف كتاب كامل متمرد على النظام.
وأخيرا التسجيل الصوتي الذي أصدره نفس الوزير (برهاني أبرهي) بمناسبة عيد الثورة الإرترية 1 سبتمبر 2018م، يتحدث فيه بجرأة ووضوح ضد سياسات أسياس أفورقي ويطالبه بالتنحي عن السلطة ويقترح عليه تأمين خروج آمن له في حالة تخليه عن السلطة، انتشر التسجيل على نطاق واسع داخل إرتريا وفي الخارج أيضا والوزير ما زال موجودا داخل إرتريا ولم يتم اختطافه واعتقاله حتى الآن. وهو أمر لا سابقة له منذ استقلال إرتريا، فمن ينتقد أفورقي لا يبيت في منزله ليلة واحدة حيث تتم المبادرة بحسمه دون تردد.
أضف إلى ذلك موضوع السماح بذكر اسم الشهيد حامد إدريس عواتي والإعتراف بمكانته التأريخية، والإفراج عن كتاب يؤرخ لحياته، مع العلم بأن أسياس أفورقي لديه فوبيا وكراهية عميقة لقادة الثورة الإرترية وعلى رأسهم قائد الثورة ومفجر شرارتها الأولى الشهيد حامد إدريس عواتي، فما الذي تغير هذه السنة حتى يتم السماح بتناول سيرة الشهيد عواتي في وسائل إعلام النظام الإرتري ؟
بعض الأصدقاء الذين تحدثت إليهم من داخل إرتريا أكدوا أن الوزير موجود فعلا داخل إرتريا، ولكنه ليس موجودا في بيته ورجحوا أن يكون قد تلقى إشارة خضراء لنشر التسجيل الصوتي الأخير من بعض الجهات داخل الحكومة ومن قيادات في الجيش، ومن المحتمل أن يكون هذا التحرك طُعما يرمونه لأفورقي في محاولة لدفعه إلى اعتقال الوزير على أن تكون الجهة المعنية على استعداد للتدخل لمنع اعتقاله ويتطور الأمر إلى اشعال انتفاضة شعبية منظمة ومسنودة تتيح المجال لتدخل الجيش لتهدئة الوضع ويتم وضع شرط تنازل أفورقي عن السلطة على رأس مطالب الإنتفاضة الشعبية.
لكن من يراقب الطريقة التي يتصرف بها أفورقي هذه الأيام في لقاءاته مع رؤساء الحكومات والوفود الأجنبية الزائرة للبلاد يلاحظ حالة الإطمئنان والإسترخاء التي تبدوا عليها تصرفات أفورقي " عكس حالة التشنج الدائم التي كان عليها في مراحل سابقة" وهو ما يوحي بأن الأمور تحت سيطرته.
الأسئلة حول ما يحدث في إرتريا هذه الأيام معقدة ومحاولة الإجابة عليها أشبه بفك طلاسم مكتوبة بيد عرّاف ماهر.
ما الذي يمنع أفورقي من اعتقال الوزير الذي أعلن التمرد عليه بشكل علني ؟
كيف تجرأت بعض قيادات الجيش على رفض طلب أفورقي بالمرافقة إلى إثيوبيا، وهل يعقل أن يرفض ضابط عسكري طلب أفورقي ولا يتم اعتقاله ولا مساءلته ويترك لممارسة عمله دون أي مشاكل ؟
هل تصرف موظفي الجوازات وموظفي هيئة الإستثمار ومسؤولي الوزارات المعنية تجاه الوفود الإثيوبية الزائرة بتلك الغلظة والجلافة بدافع فردي عفوي كتعبير عن مخزون الكراهية الذي تراكم عبر السنين ضد كل ما هو إثيوبي ؟
أم كان توجيها سياسيا من تيار جديد ينشأ داخل النظام وعملا موجها من جهة ما داخل الحكومة ؟ علما بأن أي موظف في نظام أفورقي يعرف المصير المظلم الذي سيواجهه إذا أظهر أي نوع من التعنت أو التلكؤ في تنفيذ أوامر الحكومة.
الأنظمة القمعية تدرك تماما بأن القمع السياسي المطلق يمكن أن يحافظ على بقاء النظام لفترة محدودة ولكن ليس إلى الأبد، حيث يستمر القمع السياسي والقتل والتنكيل حتى يصل المجتمع الضحية إلى مرحلة تتساوى فيها الموت مع الحياة، ويصل الإنسان الذي يعيش تحت سلطة النظام القمعي إلى قناعة داخلية بأن حياته تحولت إلى موت حقيقي يتجرع مرارته كل يوم بسبب ممارسات أجهزة النظام القمعي وأن الموت لن يكون أسوء من الحياة، ومن تلك اللحظة يكون مستعدا لمواجهة السلوك القمعي للنظام بسلوك المتمرد الرافض والمستعد للموت والإعتقال، وهذه هي اللحظة الفاصلة التي تنقلب فيها الموازين، فأي حدث صغير يمكن أن يتحول إلى كارثة تهدد بقاء النظام إذا استمر في نفس سياساته القمعية القديمة، بعض الأنظمة القمعية تغمس رأسها في الرمال وتحاول الإستمرار على نفس منوال القمع والتنكيل المطلق حتى تخرج الأمور عن سيطرتها وتواجه الإنهيار الكامل، لكن بعض الأنظمة تفكر في الوقت المناسب وتلجأ إلى أسلوب المناورة والمهادنة، حيث تقوم بتنفيذ خطط التنفيس المتدرج لحالة الإحتقان السائدة لمنع انفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة، فتقوم ببعض الإجراءات التي تبدوا إصلاحية في ظاهرها ولكنها في الأساس جزء مهم من عملية ترميم النظام والإبقاء عليه ومنعه من الإنهيار، فمثلا إطلاق سراح بعض السجناء والسماح بخروج بعض الأصوات المعارضة وإرسال رسائل مبطنة بأن هناك تغيير قادم وبأن الأخطاء التي حدثت في الماضي سيتم معالجتها مع محاسبة المتسببين فيها، وأن الرئيس لم يكن يعلم بحدوث كل تلك التجاوزات التي حدثت في الماضي، وأن المستقبل سيكون أفضل وأن القانون سيكون فوق الجميع.
وهذه الإجراءات التضليلية يكون لها تأثير لا يقل عن تأثير العقاقير المخدرة، فالمجتمع الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الإنفجار والثورة لتحطيم النظام تتسرب إليه حالة من التفاؤل، وتنقلب حالة الإستعداد للموت إلى حالة التفاؤل بالحياة، وينشغل المجتمع بأخبار الإصلاحات الجديدة منتظرا طلوع الفجر مع كل يوم جديد، وتسود حالة الإسترخاء العام، فمن كان يخطط للثورة على النظام يقوم بإلغاء خطته ويقف في صفوف انتظار الوعود الحكومية، ومن كان يفكر في حمل السلاح ومقارعة النظام يقوم بتأجيل خطواته انتظارا لما ستسفر عنه "الإجراءات والوعود الإصلاحية"، وحتى لو حاول الإستمرار في حمل السلاح والتمرد على النظام فإنه يجد صعوبة في تقبل وتأييد مغامرته في مجتمع ينظر انبثاق المياه الباردة من جوف صخرة صماء، وخلال هذه المدة يتمكن النظام من تغيير جلده ويضمن الإستمرار والبقاء، ويتموضع مرة أخرى ويكون عصيا على التغيير، حتى يحين وقت الدورة الثانية من محاولات التغيير التي تأخذ عقودا من الزمن إن لم تأخذ قرونا.
ويستمر النظام في طحن مناوئيه ولكن بوتيرة أبطأ وأقل ضجيجا، وحالة التنفيس السياسي تسمح للمعارض بأن يصرخ بأعلى صوته ويكيل الشتائم للنظام ولا أحد يعترض سبيله ما لم يشكل تهديدا حقيقيا على النظام، حينها فقط تتحرك أجهزة النظام لإسكاته إلى الأبد ووضعه خلف القضبان بتهم ملفقة في الغالب، على رأسها التآمر مع قوى أجنبية، السودان ومصر هما أقرب مثالين لهذه الحالة التي تسمح فيها الحكومة للمعارضين بالصراخ في الشوارع بقدر ما يستطيعون بشرط البقاء بعيدا عن صندوق الدولة الأسود.
ولفهم حقيقة ما يجري في إرتريا في الوقت الراهن علينا التفكير في أن النظام الإرتري تمكن أخيرا من فك العزلة الإقليمية التي ظلت معلقة على رقبته فترة طويلة، حيث أعاد علاقاته الدبلوماسية والسياسية مع الدول الإقليمية الوازنة وعلى رأسها إثيوبيا، كما أنه تمكن من تأمين حلفاء ومانحون أغنياء "وليس أغبياء" يوفرون له الدعم المالي والعسكري بسخاء لم يكن يفكر به ولا في الأحلام (الإمارات والسعودية) وأرسل ما يكفي من رسائل الغزل السياسي إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب وهو ما سيوفر له الحماية من تأثيرات ضغوط المجتمع الدولي المتعلقة بسجله الأسود في مجال انتهاك حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية، وعلى ضوء هذه المتغيرات المستجدة يمكن القول أن نظام أفورقي تمكن من انتشال نفسه من حافة الهاوية وأحاط نفسه بشبكة أمان مناسبة وابتعد قليلا عن الأرضية السياسية الزلقة التي ظل يترنح فوقها خلال السنين الماضية عندما كان وحيدا منبوذا لا يهتم أحد ببقائه ولا بزواله.
بهذه الخطوات الدراماتيكية تمكن نظام أفورقي من إزالة خطر انهيار نظامه بعوامل خارجية، حيث انتفى خطر الحرب مع إثيوبيا الذي كان يمثل أكبر تهديد خارجي لنظامه، وتضاءلت معه مخاطر إسقاط نظامه عبر العمل العسكري المسلح من جانب قوى المعارضة الإرترية.
ولكن لا يمكن لأي نظام قمعي أن يشعر بالأمان مهما تحسنت الظروف الإقليمية والدولية المحيطة به، وهو ما ينطبق على نظام أسياس أفورقي في الوقت الراهن، فالخطر الحقيقي على نظامه بدأ مع اليوم الأول لإعلانه تطبيع علاقاته مع إثيوبيا، لأن عودة العلاقات مع إثيوبيا لم ترتق إلى مستوى طموحات الشعب الإرتري، فالثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الإرتري من أجل الإستقلال وضعه أفورقي بكل بساطة فوق الطاولة أمام الرئيس أبي أحمد للمساومة عليه مقابل بقاء نظامه واستمراره، وحتى مثلث بادمي الحدودي الذي فداه الشعب الإرتري بعشرات الآلاف من أبناءه الشهداء ضاع ذكره في زحمة الأحضان والولائم والإبتسامات السياسية الصفراء، وتحولت السواحل والموانئ الإرترية إلى غرف للإيجار تضخ الأموال في خزينة أفورقي وعصابته من المرتزقة، وتحول الصياديون المدنيون الإرتريون وقواربهم في مياه البحر الأحمر إلى أهداف تدريبية للطيارين في سلاح الجو الإماراتي بتواطؤٍ وتصريح من نظام أفورقي، لأن توسيع القواعد العسكرية الأجنبية يقتضي تحويل حياة السكان الأصليين إلى جحيم وتهجيرهم عنوة وإجبارهم على اللجوء خارج البلاد وهو المصير الذي يواجهه اليوم عفر البحر الأحمر في إقليم دنكاليا وسيواجهه بقية سكان السواحل الإرترية، والحبل على الجرار إذا استمر نظام أفورقي في سدة الحكم.
إن توافر الدعم والسند الخارجي الإقليمي والدولي لنظام أفورقي يمكن أن يزيح عن كاهله مخاطر الإنهيار بعوامل خارجية، ولكن لا توجد قوة على الأرض تستطيع حماية النظام من طوفان الثورة والتمرد الداخلي، وهو الأمر الذي فطن له النظام مبكرا وبدأ بالعمل على التخفيف من آثاره من خلال التلميحات والتصريحات المبهمة وغير الملزمة بإمكانية تطبيق الدستور والإلتزام بتحديد فترة زمنية للخدمة الوطنية، والإشارات الرمزية على احتمالات السماح بحرية التعبير وغيرها من الوعود الجوفاء التي هي في الواقع عبارة عن عقاقير ومسكنات سياسية ولا يمكن أن ترى النور في ظل وجود أفورقي وعصابته على رأس السلطة في إرتريا، فهؤلاء مكانهم الطبيعي ليس قيادة الإصلاح السياسي وإنما مكانهم الطبيعي هو الجلوس مقيدي الأيدي والأرجل أمام قاضيهم الطبيعي لمحاكمتهم على جرائم القتل والتنكيل والإستغلال والخيانة والتآمر على سيادة واستقلال البلاد، وكل الجرائم الظاهرة والخفية التي ارتكبوها ضد المواطنين الأبرياء من أبناء الشعب الإرتري خلال وجودهم على رأس السلطة في البلاد.
الخلاصة:
سيحاول نظام أسياس أفورقي تكثيف رسائل التخدير السياسي لتسكين غضب الشارع الإرتري لأنه يعلم تماما بأن الوقت المناسب للثورة على نظامه وتحطيم أجهزته القمعية قد اكتملت أركانا ونضجت عواملا، فالغضب الإرتري وصل إلى مداه النهائي لما يشاهده من متاجرة النظام بأمنه واستقلاله ومحاولاته الخبيثة للمراهنة بمستقبل الأجيال الإرترية من أجل بقاء واستمرار نظامه.
سيحاول النظام الإرتري الإيحاء بأن تحالفاته مع القوى الإقليمية تشكل له طوق النجاة من الإنهيار، وحتى لا تختلط علينا المفاهيم فإن النظام الإرتري اليوم هو أضعف ما يكون داخليا، ولا يمكنه أن يصمد أمام أي تحرك داخلي، وبما أن الدول تفكر في مصالحها فإن القوى الإقليمية المتحالفة حديثا مع النظام بما في ذلك إثيوبيا لا يمكن أن تجازف بعلاقتها المستقبلية مع الشعب الإرتري وبالتالي فإنها لن تتدخل لإنقاذ النظام إذا تحركت قوات الجيش الإرتري مسنودة بثورة جماهيرية عارمة لخلع النظام، وهو ما ننتظر حدوثه في أي لحظة في الوقت الراهن.
ويتوجب على جميع الإرتريين المعارضين للنظام في الخارج القيام بحملات إعلامية شديدة ومكثفة من خلال إرسال التسجيلات الصوتية إلى الداخل عبر وسائل التواصل الإجتماعي لحث وتشجيع الجيش الإرتري وجماهير شعبنا في الداخل على التحرك والإستعداد لإقتلاع النظام وإزالة كابوسه الذي جثم على صدرنا طويلا، وعدم الإنخداع بمحاولات الإلتفاف والمهادنة بالوعود الخرافية الكاذبة.
إذا فشلنا في التحرك ضد النظام في الوقت المناسب خلال الشهور الباقية من هذا العام 2018م، فسيكون من الصعب علينا التحرك ضده بعد مضي فترة طويلة لأن الغضب الشعبي سيتحول إلى يأس واسترخاء وهزيمة معنوية، وسيؤدي ذلك إلى القبول بالجلوس في خانة المتفرج بينما يباع الوطن بالجملة والمفرق لكل من هب ودب.