أثيوبيا وأرتريا هل هو سلام مستدام أم مجرد زوبعة في فنجان؟
بقلم الأستاذة: أمل هباني المصدر: صحيفة التغيير
مقدمة: هل انتهت القطيعة بين أثيوبيا واريتريا وتوصلتا إلى (سلام مستدام) بعد أن بلغت حربهما التي اشتعلت بسبب نزاع
على ترسيم الحدود عام 1998 سن الرشد ؟ أم أن الأمر كله (زوبعة في فنجان) سرعان ماتعود الاوضاع إلى ماكانت عليه بسبب السرعة والإنفعال العاطفي الذي أثاره خطاب الرئيس الإثيوبي الجديد أحمد أبيي الذي لم يكمل أربعة أشهر لكنه يقفز بسرعة الزانة في سياساته الإصلاحية الداخلية والخارجية و أبرزها سعيه للسلم مع الجارة اريتريا ؟
الوضع لا يزال هشا:
الصحفي والناشط الاريتري المعارض جمال همد في إفادة للتغيير لا يبدو متفائلا أذ يقول: السرعة التي تجري بها الأحداث لا تتناسب وحجم المشكلات التي أفرزتها الحرب. والتأييد الجماهيري الذي يتم بالحشد بالطرقات لا يعطي مؤشرا حقيقيا. ومضى قائلا: الوضع لا يزال هشا في أثيوبيا ازدياد الفساد المالي والاداري وتغول قومية التقراي على مفاصل الأمن والاقتصاد والاستيلاء على أراضي إقليمي الأورومو والأمهرا دون وجه حق. والصراع الأثني القديم أدى لأنفجار الأوضاع في البلاد. كل ذلك وضع الإئتلاف (يتكون من الأمهرا، الأورومو، الإقليم الجنوبي، والتقراي الذين يحكم إقليمهم بواسطة الجبهة الشعبية لتحرير التقراي) أمام أحد أمرين العنف أو الإستجابة لمطالب الجماهير وكان الإختيار الأخير والموفق الذي أتى بأبي أحمد رئيسا لأثيوبيا ضمن مراجعة الوضع داخل التحالف الحاكم. والجماهير التواقة للتغيير تلقفت ذلك وتجاوبت مع التغييرات التي أعلن عنها رئيس الوزراء الأثيوبي المدعوم جماهيريا من قوميتي الأمهرا التي ينتمي إليها والأرومو وهما يشكلان معا حوالي 65% مع دعم الإقليم الجنوبي والأقليات الأخرى.
الصحفي الخبير في قضايا القرن الإفريقي عبدالمنعم أبو إدريس يبدو رأيه أكثر إيجابية إذ يقول في إفادته أن العلاقات الإثيوبية الإريترية تمضي نحو سلام مستدام بل أنها قد تتجه لخلق حلف سياسي إقتصادي لعدة أسباب داخلية مرتبطة بظروف البلدين و حسب رأيه أن الدولتين تعانيان من حالة رهق وعدم استقرار بسبب تلك القطيعة واستضافة كل دولة لمعارضة الأخرى مما خلق حالة عدم إستقرار في البلدين. كما أن المواطن الإثيوبي المقيم على الحدود أثرت عليه حالة اللا حرب واللا سلم هذه. والخدمة المدنية التي تبلغ مدتها عاما واحدا مددت مع حالة الطواريء في اريتريا واصبحت قد تستغرق 15 عاما بسبب سوء العلاقات مع إثيوبيا واحتمال إندلاع الحرب مجددا في أي وقت،وهذه واحدة من أهم أسباب هجرة الإريترين إلى الخارج.
الذهنية الستالينية:
لا يثق الصحفي جمال همد في إلتزام الرئيس الأريتري الدائم بالسلام؛إذ يسترسل في الشرح قائلا: إذا حللنا الوضع في اريتريا فهو ليس صالحا لا أظن أن حالة الحكم الفردي وغياب الحريات والذهنية الستالينية للرئيس أسياس أفورقي لها القدرة على الانفتاح للخارج. ومن يسلب السلام من شعبه لا يعطيه لجاره.
كما يحذر من استفزاز التقراي لأن استمرار الإصلاحات ومنع الإنفجار يرتبط بذلك، فإقليمهم الواقع شمال أثيوبيا يمثل بوابة السلام وكذلك الحرب موضحا: الجبهة الشعبية لتحرير التقراي باعتبارها الأقوى هي التي شكلت التحالفالذي حكم أثيوبيا ودعمت حق القوميات في أن تناضل من أجل حقوقها. وبعد إسقاط مانقستو هايلي مريم الرئيس الأثيوبي الأسبق طبقت الحكم اللامركزي واسع الصلاحيات في الأقاليم والولايات على أساس إثني واصبح هناك إقليم فيه إثنية واحدة هي من تحكم؛ ايضا اتاحت قليل من الحريات لكنها كانت الأفضل في منطقة القرن الإفريقي. وهي التي وضعت القاطرة على القضيب ورسمت الخط العام لتسير الأحداث لماهي عليه الآن. لكن الحزب الحاكم في الجبهة الشعبية لتحرير التقراي توقف في فترة ما، نتيجة للفساد الإداري والمالي داخل مؤسسة الإئتلاف والحزب الحكم في إقليم التقراي.
تشغيل الموانيء الأريترية:
العامل الإقتصادي أيضا يتجه لجعله سلاما مستداما يقول أبوأدريس تدعيما لرأيه؛ إذ أن اريتريا ستستعيد تشغيل موانيئها وسيكون هناك عائدات مادية من الأسطول التجاري الإثيوبي الذي سيكون مركز تحركه مينائي مصوع وعصب.
كما ستنعكس حركة تجارة الترانزيت من مدخل الحدود الإريترية على حياة المواطنين و ستكون هناك خدمات تجارية وضخ أموال. كما أن أثيوبيا تحتاج للموانيء الاريترية لأنها الأقرب لها في افريقيا خاصة مع النمو الإقتصادي وحركة التنمية الصاعدة بسرعة في البلاد. فضلا عن أنها وعدت بتصدير الكهرباء لجارتها اريتريا بأسعار زهيدة لحل مشكلتها المستعصية.
الأمارات.. الصين.. تركيا:
يقول عبدالمنعم أن هناك أيضا عوامل خارجية مساعدة تمثلت في أن العالم له مصلحة كبيرة في إستقرار القرن الإفريقي؛ لأن 50% من قوات حفظ السلام في العالم موجودة في تلك المنطقة، وهي أكبر منطقة قواعد عسكرية لتركيا، اليابان، الإمارات لذلك أصبح هناك حلف يعمل على إستقرار المنطقة، بجانب أن هناك دول لها استثمارات ضخمة في أثيوبيا مثل الأمارات،الصين وتركيا وكلها تدفع في إتجاه السلام المستدام.
مدى تأثير شخصية أبي أحمد على هذه المصالحة ؟ يرى الصحفي السوداني عبد المنعم أبو أدريس أن أبي أحمد هو الذي صنع هذه المبادرة والإختراق. فقد بدأ خطا إصلاحيا مع اول خطاب له تحدث عن الإستقرار، والإنفتاح على الآخر وحرية التعبير وإطلاق سراح المعتقلين وأعلن أنه ليس هناك أي مصلحة في القطيعة بين الدولتين. وفعلا أنجز جل وعوده التي جاء بها.
اريتريا… استدامة السلام:
ويثق عبد المنعم في حرص اريتريا على السلام المستدام بينهما لأنه سيعيدها إلى المجتمع الدولي بعد قطيعة طويلة وستعود عضو فاعل في الإتحاد الأفريقي. كما أن اثيوبيا تقدمت بطلب لمجلس الأمن لرفع العقوبات المفروضة على اريتريا منذ العام 2009.
غير أن الصحفي الاريتري جمال همد لم تغادره الشكوك وقال أنه علينا التريث: (بعيدا عن الكلام الذي قاله أسياس أفورقي مرتجلا في مأدبة العشاء الرسمية او في الاستقبالات - يقصد خطابه في اثيوبيا - لننتظر ال 90 يوما القادمة ونرى ماذا سيحدث).