محور خليجي أميركي وراء التقارب الإريتري الإثيوبي
بقلم الأستاذ: محمد حسن القوجاني - كاتب و محلل سياسي المصدر: قناة العالم
سجل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي سابقة تاريخية بوصوله العاصمة الإثيوبية أديس أبابا
في زيارة هي الأولى من نوعها منذ حرب عام 1998بين بلاده وإثيوبيا.
وحظي الرئيس الإريتيري باستقبال كبير من الفرق الشعبية والموسيقية، في المطار وعلى طول الطريق المؤدي إلى القصر الوطني.
خسارة كبيرة..
ورحبت وسائل إعلام المحور الإماراتي - السعودي بهذه الزيارة وإعتبرتها "خسارة كبيرة لقطر" أو" صدمة لتنظيم الحمدين من التقارب الإثيوبي الإريتري" وقالت ان "التقارب الإثيوبي - الإريتري صفعة لمخطط قطر التخريبي"!
افتتاح السفارة:
ويتوقع أن يفتتح الرئيس الإريتري سفارة بلاده لدى أديس أبابا، بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية لنحو عقدين من الزمن إثر اندلاع حرب بينهما (1998-2000).
ونعلم أن إريتريا استقلت عن إثيوبيا عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، لكن "صراعا حدوديا" كما يقال، حول بلدة بادمي اندلع مجددا بينهما عام 1998 حيث انقطعت العلاقات الدبلوماسية منذ ذلك الحين.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2000، شهدت أرض الجزائر توقيع اتفاقية سلام بين أديس أبابا وأسمرا أنهت الحرب الحدودية لكنها لم تسفر عن تطبيع العلاقات.
ما سر التقارب الإريتري الإثيوبي ؟
لكن السؤال الرئيسي هنا ماذا جرى على ارض الواقع و ما الذي دفع كلا من إريتريا و إثيوبيا الي نبذ الخلافات "فجأة"، بعد انقطاع العلاقات نحو عقدين من الزمن؟ و كيف تمكنتا من نسيان الماضي المليئ بالخلافات بهذه السهولة ؟
دور أميركي إماراتي:
بعد تداول انباء وتحليلات حول تدخل بعض البلدان في التقارب الإريتري الإثيوبي، أجبر المتحدث الرسمي للخارجية الإثيوبية ميلس ألم أن يؤكد أن "اتفاقية أسمرة الموقعة مؤخرا مع إريتريا تمت برغبة ذاتية من كلا البلدين دون وساطة من أَي طرف ثالث والسلام جاء برغبة ذاتية من كلا البلدين ومن قيادتيهما".
ويأتي تصريح الخارجية الإثيوبية كرد غير مباشر على أنباء تواترت عن وجود دور أميركي إماراتي في الوساطة للتقارب بين البلدين الأفريقيتين.
فقد قال سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان مستشار رئيس الإمارات إن لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد "جهودا مباركة للإصلاح بين إثيوبيا وإريتريا"، مضيفا أن "الخلاف الذي دام عشرين سنة انتهى بنبضة حب وتفاهم وتواصل بادر بها" محمد بن زايد.
وفي السياق ذاته، غرد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش أنه بـ"التواصل السياسي مع إريتريا وإثيوبيا أصبحت الإمارات شريكا مقدرا في القرن الأفريقي".
تسليم السودان جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر الى تركيا:
بعد أن وافق الرئيس السوداني عمر البشير على تسليم تركيا إدارة جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر، لفترة زمنية لم يحددها، دخل صراع الكبار في أفريقيا مرحلة جديدة.
فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السنة الماضية قال خلال زيارته الخرطوم "طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم والرئيس البشير قال نعم".
ويعتبر ميناء سواكن الأقدم في السودان ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية وسبق للدولة العثمانية استخدام جزيرة سواكن مركزا لبحريتها في البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885.
وبسبب العلاقات الخاصة بين قطر وتركيا، من المعلوم ان الدوحة (مدينة لتركيا بسبب حضور أنقرة العسكري في الدوحة الذي منع من انقلاب ضد شيخ تميم من قبل السعودية والإمارات)تدعم التقارب التركي السوداني و أن روسيا ايضا تدعم تركيا وبدأت علاقات قوية بين بوتين و أردوغان و الزيارات المتعددة من قبل السودانيين لموسكو لا سيما الرئيس السوداني تشير ان هناك علاقات وطيدة بين روسيا و الخرطوم.
المحور التركي الروسي:
هذه العلاقات التي اشرنا اليها موضوع قلق للولايات المتحدة التي ترى موسكو عدوها التقليدي ولاتزال تحاول إضعافها و لا ترغب في تقارب روسي - تركي (أميركا تعارض صفقة صواريخ إس 400 بين أنقرة و موسكو) كما لا يرغب الأميركان في توسع نفوذ هاتين الدولتين في أفريقيا وبالتالي واشنطن دخلت على الخط عن طريق أدواتها الخليجية (السعودية والامارات).
وفي خطوة أولى و تحت ضوء أميركي، اقامت مصر علاقات قريبة مع أريتريا و قالت حكومة الرئيس السيسي بان القاهرة تريد علاقات عسكرية مع أسمرة من ناحية، و من ناحية أخري مهد الأمارات الطريق امام السلام الإريتري الإثيوبي و نبذ الخلافات بينهما ليشكلان مع مصر و منظومة أتباع أمريكا في الخليج الفارسي محورا جديدا امام نفوذ المحور الروسي - التركي في أفريقيا.
وبرأينا في الأشهر والسنوات المقبلة سوف نشاهد مزيدا من الاصطفاف في أفريقيا والصراع للنفوذ من قبل اللاعبين الكبار.. والأيام بيننا.