الصورة والعمل الانساني
بقلم الأستاذ: جعفر إبراهيم وسكة - ناشط سياسي وحقوقي إرتري
الصورة التي يتم التقاطها للمحتاج بغرض إبراء الذمة ينبغي أن تراعي فيها آدمية الإنسان إن كان لابد من نشرها علي السوشل ميديا.
أول مرة شاركت في عمل انساني كان في العام 2013 في مبادرة بركة رمضان التي طرحت فكرتها الاستاذة فايزة حسين والاستاذ حسن محمد..
ولأنني كنت منفذا للمبادرة بمعية الصديق فوزي شهابي الذي فقدت التواصل معه منذ أكثر من ثلاثة أعوام عرضت فكرة عدم تصوير الحالة والإكتفاء بتصوير المواد التي تمنح له مراعاة لكرامة المحتاج الذي لايرفض الصورة مقابل عشرة جنيهات سودانية تكاد تكفيه لوجبة واحدة أو وجبتيين هو لايبالي بالصورة التي يأخذها منه المصور دون أن يأخذ منه إذن وينشرها دون إذنه أيضا.. رفضي كان ينبع من احساس داخلي لطالب كان يدرس الحقوق..
بعد أسبوعين أو ثلاثة تغيرت هذه القناعة وتقبلت فكرة التصوير أثناء تنفيذنا لفرحة طفل في يوم عيد الجزء الثاني من المبادرة.. كان هذا التحول نابع من كلام سمعته هنا وهناك ونقاش دار بيني وبين صديقي عبد الهادي محمود مؤسس منظمة شباب من أجل الانسانية عن أهمية التوثيق في العمل الانساني علي كل قمنا بإستئجار كاميرا من إحدي الاستديوهات في كسلا لمدة يومين بغرض التوثيق للحملة وتحركنا نحو معسكر الشجراب ومن هناك إلي معسكر أم قرقور..
أثناء توزيعنا للملابس إلتقط أحد الصديقين عمادجابر أم فوزي الشهابي لست متأكدا التقط أحدهم صورة واضحة المعالم لمحتاج وصورة أخري تظهر المنفذين التقطتها أنا وبخطأ غير مقصود حمل فوزي شهابي تلك الصورة التي تظهر معالم للمحتاجين..
حين نظرت للصورة تأسفت واتصلت بشهابي طالبا منه حذف الصورة لكن الفيس لم تكن له هذه الخاصية أنذاك والناس كانوا قد تفاعلوا مع البوست الذي نشر في قروب إرتريا فور أكشن وقد كان أشهر قروب إرتري في ذلك الوقت يليه قروب نناضل معا من أجل إرتريا..
بعد أيام أقرأ تعليقات كانت عبارة عن حرب نفسية موجهة من قبل الجبهة الشعبية نحو شخصي الضعيف كلف بها المدعوة سلطان نور جاسوس الجبهة الشعبية في الخرطوم قبل أن يذهب إلي كندا لاجئا كانت الحرب تركز علي تلك الصورة الخطيئة الوحيدة التي نشرت بحسن نية وعلي محاباة جعفر ابراهيم وسكة لمعسكر أم قرقور دون المعسكرات الأخري بإعتباره أحد سكان هذا المعسكر متوهما أن المواد الغذائية التي تم توزيعها عن طريق اللجان الشعبية للمعسكر قد وزعها جعفر لأقاربه.. أدركت لحظتها أن هنالك خطأ لايمكن غفرانه أبدا في حياتي وهو قبول مبدأ التصوير في العمل الانساني..
هذه الفكرة لاتروق لكل الناس لكنها ترضي ضميري كإنسان منذ ذلك الوقت بدأت أنفذ مشاريع موسمية في الشهر الفضيل معظمها كانت للشاعرة الإرترية فاطمه موسي وآخرين كنت أكتفي فيها بتصوير المواد وتوزيعها ليلا حتي لايشعرو الناس بحوجة المحتاج مع أن الفقر ليس عيبا.. لكني أضطررت مرة أخري للتوثيق وتسجيل فيديو يحمل كلمة شكر حين قمت بتنفيذ مشروع اقتصادي لأحد الاساتذة الذي ابتلاه الله بمرض.. يشهد الله أنني كم تألمت لحظتها علي كل فعلت ذلك معتقدا أن هذا سيشجع أبناء المعسكر في خدمة الآخرين..
مع الأيام أصبحت واقعيا ولكن بحذر شديد بدأت أوثق الفواتير والايصالات المالية وصور غير واضحة المعالم في المبادرات التي كنت جزء منها إلي أن إنكسرت مرة أخري في آخر مبادرة أحسب أنها الأخيرة في العمل الميداني ابتعدت مسافة 150متر حاملا كاميرا كنت قد اشتريتها قبل عام للتوثيق مع المناضلين لكن ذلك لم يحدث فالكاميرا الأخري التي طلبتها من صديق كان قد اتصل بي ملحا علي أن أشتري وسيلة أتنقل بها من مكان لآخر وأنه سيساعدني في شراء الوسيلة وعلي أن أقبل ذلك.. رفضت الفكرة ومع الحاحه علي وافقت علي أن يهديني ثمن الوسيلة..
لكن في اليوم الثاني اتصلت به لأخبره أنني سأكون ممنونا لو قام بشراء تلك الكاميرا بدل ارسال المبلغ بغرض شراء الوسيلة كان هذا بعد أن حكيت مكالمة طويلة مع صديقي القاص الارتري حسين الزعيم لكن الكاميرا لم تأتي والمشروع لم يري النجاح وماكان متاحا بالأمس لم يعد متاحا اليوم.. مسكت الكاميرا لألتقط الصورة لسوء حظي وجدت أحداهن تعطيني ظهرها مسحت الصورة وانصرفت مقهورا مسكينة تلك الأنثي خافت أن أنشر صورتها في الفيسبوك من يخبرها أنني يستحيل علي أن أفعل ذلك.