ليست دعوة للالتزام بالحركة الفيدرالية إنما محاولة للبحث عن حل
بقلم الأستاذ: علي عافه إدريس - كاتب ومحلل سياسي ارتري
المحافظة على الوطن ككيان مستقل وعلى وحدته وتحقق العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية به تتأثر بشكل كبير بالأوضاع
داخل مسلمي أرتريا أكثر من تأثرها بمسيحيي أرتريا، فالكتلة المسيحية أكثر تماسكا أو على الأقل المشكلات والصراعات بينها أقل بكثير من الكتلة المسلمة، كما أن مشكلاتها نوعاً ما مشخصة ومحددة وبالتالي سهل التعامل معها خاصة مع وجود ميزة الولاء المطلق للقيادة والمرجعيات التي يتم اختيارها، بينما الصراعات في الكتلة المسلمة متعددة الأبعاد من قاع المجتمع لقمته وغير مشخصة الأمر الذي يُصعب عملية التعامل معها وإيجاد الحلول لها خاصة في ظل ضعف الولاء للقيادات والمرجعيات.
المجتمع المسلم الأرتري مجتمع واعي ومتفق على كل ثوابته وثوابت الوطن ولديه الاستعداد للدفاع عنها للرمق الأخير، وبنفس هذه الشدة هو مختلف في كل شيء يؤدي لتحقق هذه الثوابت وإرساءها فحاله كحال من ينفخ في قربة مثقوبة فهو ينقسم على مستوى الإقليم والقبيلة وحتى مستوى العشائر في القبيلة الواحدة وعلى مستوى الفخيذة في العشيرة الواحدة وهناك الكثير من عدم الثقة الذي تراكمت بين المكونات نتيجة الأخطاء خلال الفترات التاريخية الماضية لهذا الأمر يحتاج لجهود كبيرة.
وبما أن كل مشاكل المجتمعات وإرساء أسس العدالة بها تتمحور حول محوري الاقتصاد والسياسة أي (الثروة والسلطة) وعدالة توزيعهما وأن عدالة توزيع الثروة والوصول إليها بأسس صحيحة يتطلب العدالة في توزيع السلطة أولاً فعندما يكون الجميع مشاركا في السلطة سيكون وصوله لحقه في الثروة والتنمية أسهل من إذا كان خارجها، ونحن المؤثر في تعقيد مشكلاتنا هو الزج بكل تناقضاتنا عند ممارسة السياسة والسلطة تحديدا، لهذا سنجتهد في محاولة إيجاد طريقة تمكننا من إشراك جميع المسلمين في (الجزء الذي يليهم من السلطة) حتى يتحقق لنا الآتي:-
• التماسك الداخلي للمجموعة المسلمة حتى تلعب دورها الايجابي في توازن كفتي المجتمع الأرتري والكيان الأرتري.
• المحافظة والدفاع عن الثوابت الوطنية التي تعتبر حجر الأساس لبناء الدولة الأرترية، فحالة التبعثر التي تعيشها هذه المجموعة مضرة بها وبالوطن.
سلبيات المجتمع الأرتري المسلم ؟
• مجتمع عاطفي إذا وثق بك يمكن أن تستغله بتوجيه غيرته للدفاع عن صراعات ثانوية مفتعلة.
• مجتمع يستغرق كثيرا في آلامه السابقة ويستحضرها باستمرار بطريقة طقوسية مؤذيه له ولغيره.
• لا يوالي قياداته ومرجعياته فطبيعته أقرب لطبيعة المجتمع الرعوي الذي دائما يتوق للحرية بعيدا عن الآخرين.
• سريع الثقة في من يشتركون معه في القبيلة والإقليم لهذا بالامكان استغلاله من قبلهم بكل سهولة ويسر.
• الثقة بين مكوناته الاجتماعية تكاد تكون معدومة وفي أحسن الأحوال ضعفت لدرجة كبيرة وتسببت في تعطيل كل فاعليته وتأثيره.
الإقليمية، والقبلية، وسهولة الثقة في ابن الإقليم أو القبيلة والثقة الضعيفة بين المكونات كل هذه القضايا قضايا معطلة لأنها تظهر عند ممارسة العمل السياسي وتمنع من تحرك المجتمع أي خطوة للأمام، وهي قضايا ليست مستعصية إذا وجدت من يشخصها ويسعى لمعالجتها، فيمكن بمعالجات واعية التخفيف من آثارها لحد كبير عبر تقسيم السلطة وتفتيتها حتى يتسع المجال لمشاركة الجميع بوعي و دون إقصاء ووقتها فقط سيتمكن الجميع من التحرك مع بعضهم البعض لتحقيق الأهداف الكبيرة التي تجعل الدولة تستقر وتقف على أعمدة صلبة من التوافقات كما أن التحالفات الجزئية المضرة مع الكتلة الأخرى ستختفي وبالتالي سيحدث التوازن.
وحتى أوصل فكرتي بسهولة ويسر سأضرب مثال بإقليم قاش بركة وسينسحب على بقية الأقاليم والمناطق.
إقليم قاش بركة إقليم كبير في مساحته ومتنوع في تركيبته السكانية وفيه مجموعات كبيرة وأخرى صغيرة وإذا ترك فيه التمثيل في السلطة مفتوحاً سينتج حتى في أرقى وأعرق الديمقراطيات تمثيلا منحازا للكتل الكبيرة لهذا يجب أولا تقسيمه لوحدات صغيرة (محافظات.. بلديات... دوائر) تراعى فيها المكونات الصغيرة بتوافقات أهل المنطقة كما أن مكونات المجموعات الكبيرة هي الأخرى تحتاج لتوافقات بينية عبر الدوائر الانتخابية فاندلاع الصراع بين مكونات المجموعة الكبيرة هي الأخرى ستنعكس آثارها سلبا على الجميع، علما أن واقع التجربة يقول أنه بمجرد هدوء الصراع وحل المشكلات مع القبائل والمكونات الأخرى يندلع الصراع بين فروع القبيلة الواحدة لهذا يجب أن يأتي الحل كحزمة واحدة حتى يؤتي ثماره وينعم به الجميع.
هذا الأمر سيحقق لنا الآتي:-
• العدالة في توزيع الفرص حسب الكثافة السكانية عبر دوائر انتخابية تم تصميمها لتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية.
• تحويل الصراع من صراع مناطقي و قبلي لصراع مرشحين في دوائر انتخابية وهذا بدوره سيخرج لنا الأشخاص الأفضل بدلا من أشخاص تؤازرهم القبيلة على عماها لمنافسة القبيلة الأخرى وبالتالي سترتفع كفاءة الممثلين وحرصهم على المصلحة العامة.
• تمثيل الجميع وحصوله على حقوقه سيقفل الباب أمام التحالفات التكتيكية السابقة مع الطرف الآخر والتي كانت تسعى لتمثيل كل المجموعة المسلمة لدى الطرف الآخر وهي تحالفات قد تحقق انتصارات مؤقتة للمتحالف لكنها تحالفات مضرة به وكذلك بالآخرين وبالوطن الا اذا كانت في إطار أحزاب وضمن صراع الكتل الحزبية فالمضر هو تحالفات الكتل الاجتماعية.
هذا في ظل الدولة وهي دعوة لتبني الفكر الفيدرالي بوعي وليس عبر عمليتي النسخ واللصق حتى لا ينتج الكوارث على أن يتم التواثق عليه من الآن فمن شأن ذلك أن يعزز الثقة ويوجد الحلول لمشكلاتنا الحالية، فمن الواضح أن سيرنا مع بعضنا وتجميع قوانا أصبح صعب ويحتاج لحلول مبتكرة حتى نكسر كل العوائق فتغليفنا للصراع بالأطر التنظيمية لم يجدِ نفعاً وجعلنا نراوح في مكاننا سبعة وعشرون عاما حتى الآن.
ولكم مني كل الود والتقدير والاحترام