لماذا حرض الخليج إريتريا ضد السودان؟
بقلم الأستاذ: وائل علي - كاتب سوداني المصدر: مدونات الجزيرة
كان الله في عون الشعب الإرتري الذي يدفع ثمن تهور قيادته وانخراطها في مشاريع عدائية لدول جوارها، آخرها قصة مركز تدريب
ساوا الذي تم تحويله لقاعدة عسكرية يتم فيها تدريب عناصر الحركات المسلحة السودانية للهجوم على السودان، وهذا دفع الحكومة السودانية المتضررة من التصرف الإرتري إلى إغلاق معابرها الحدودية في كسلا مع إرتريا، ما يهدد بالتسبب في أزمة في إرتريا التي كانت تعتمد مناطق عدة منها على السلع المهربة من مدينة كسلا السودانية.
لقد قام الإرتريون بواحدة من أروع قصص التحرر في التاريخ المعاصر عندما ناضلوا ضد الاحتلال الإثيوبي، ورغم أن الإثيوبيين يفوقون الإرتريين أضعافا مضاعفة لكن بعزم أبطال الثورة الإرترية تحطمت القوة الإثيوبية وهوى نظام منجستو هايلي مريام وتحررت ارتريا، رغم الدعم الإسرائيلي الرهيب الذي قدم له لقمع الثورة الإرترية. لكن تمت سرقة الثورة من قبل القيادة الحالية وتم إنشاء نظام ديكتاتوري قمعي يشبه إلى حد كبير النظام الكوري الشمالي، ما دفع الشباب الإرتري إلى الهروب من البلاد نحو الخارج ومحاولة الوصول إلى أوروبا وأميركا وبقية العالم الحر.
رغم أن إرتريا تحتوي على ثروات طبيعية هائلة وأراضي خصبة، لكن طبيعة النظام الإرتري العدوانية وجهت الطاقات الإرترية نحو العسكرة والتجنيد بدلا من التنمية بحجة وجود مناطق محتلة من قبل إثيوبيا، ما جعل إرتريا إحدى أسوء الدول في العالم على مستوى كل شيء.
أفورقي يعاني من أزمة كبرى لقد استنفد نظامه كل الشعارات وانتهت الشرعية الثورية التي يحكم بها منذ زمن بعيد وهو عاجز عن التحول نحو الشرعية الدستورية فلا وجود لدستور ولا برلمان
النظام الإرتري هو حكم أقلوي تسيطر به أبناء منطقة معينة وطائفة معينة على بقية أبناء الشعب الإرتري بمختلف أديانهم وطوائفهم وتسخرهم لصالحها، ولذلك فإنه شبيه إلى حد كبير بنظام الأسد مع الفارق أن نظام الأسد (رغم خلافنا معه) كان يعمل على تنمية شعبه وإن كان على مدى قليل نسبيا ويهدد الجيران عبر دعم المليشيات، بينما النظام الإرتري لا يدعم المليشيات فقط من خلف ستار بل هو في حالة حرب مستمرة مع كل الجوار سواء كان اليمن أو جيبوتي أو أثيوبيا والسودان.
لم يكن الأمر مقتصرا على تهديد الجوار فقط وشن الحروب عليه، بل إن نظام أسمرة تورط في دعم المنظمات الإرهابية وخصوصا الصومالية منها التي كانت تقاتل القوات الإثيوبية والإفريقية والحكومة الصومالية الشرعية، وهي التي تسببت في قتل مئات الأبرياء بالسيارات الملغمة في مقديشو ومختلف دول القرن الإفريقي.
هناك قرارات واضحة من مجلس الأمن تثبت التورط الإرتري في دعم الإرهاب أهمها القرار 1907 الذي أشار بوضوح إلى ضلوع النظام في دعم الاضطرابات والقرصنة في الصومال، ما جعل 13 من 15 عضوا في مجلس الأمن تصوت ضد ارتريا، ما يشير إلى ما يشبه الإجماع الدولي ضد نظام أفورقي.
لم يتورط نظام أفورقي في دعم الإرهاب ضد جيرانه فقط، بل إنه تورط أيضا في دعم الإرهاب الحوثي، حيث تشير تقارير دولية تتمتع بالمصداقية إلى أن النظام الإرتري قام باستضافة عدد من القواعد الإسرائيلية والإيرانية التي تهدد الأمن القومي العربي وأمن البحر الأحمر، وكانت هذه القواعد الرئة التي يتنفس بها الحوثيون لضرب استقرار اليمن، فكيف يثق بعض القادة العرب في مثل هذا النظام ويغفرون له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
تحدث أفورقي قبل أيام على فضائيته مستنكرا الوجود التركي (المزعوم) في سواكن، معتبرا أنه تهديد للأمن الإقليمي، في محاولة لمغازلة المخاوف غير المفهومة لبعض الدول العربية التي تنظر بقلق للمشروع الذي يحمله رجب طيب أردوغان وتراه مهددا لها ولأمنها القومي وتحديدا مصر والسعودية والإمارات.
من حق هذه الدول أن تقلق من الوجود العسكري التركي (المزعوم) في سواكن وكان ينبغي عليها أن تعبر عن قلقها للحكومة السودانية مباشرة، والتي كانت مستعدة لشرح الموقف لهذه الدول، ولكن من المؤلم أن تمنح الإذن لأفورقي للقيام بدور تخريبي في شرق السودان في تجاهل لدور الجنود السودانيين في عاصفة الحزم.
أفورقي يعاني من أزمة كبرى، لقد استنفد نظامه كل الشعارات وانتهت الشرعية الثورية التي يحكم بها منذ زمن بعيد وهو عاجز عن التحول نحو الشرعية الدستورية، فلا وجود لدستور ولا برلمان ولا أي مؤسسة في ارتريا حتى اليوم سوى مؤسسة الرئاسة، والشعب الإرتري يعاني من العقوبات الاقتصادية القاسية التي كانت بسبب رعونة نظامه، ولكي يعالج أفورقي هذه الأزمة فإنه يرغب في أن يتم تأهيله كوكيل محارب للنفوذ التركي المتزايد في القرن الإفريقي.
على الدول العربية عدم التورط في دعم هذا النظام القاتل الذي يتدمر ذاتيا بإعطائه قضية يحارب من أجلها ومنحه ذريعة لاستهداف السودان. وعلى الجهات التي تملك تأثيرا على أفورقي إقناعه بالتخلي عن مخططاته التخريبية، ورعاية حوار بين إرتريا والسودان.