إبرام "العقد الاجتماعي" يضمن الحقوق المشروعة للجميع
بقلم الأستاذ: صالح عبدالله عجيل - كاتب وناشط سياسي إرتري
من أهم بنوده: تفاهمات تحظى بإجماع ورضى كافة الأطراف صاحبة المصلحة الحقيقية في الوطن.
المبادرة التي أعلنها السيد/ رئيس المكتب التنفيذي لرابطة أبناء المنخفضات الإرترية في المهرجان الثقافي الثالث للرابطة في لندن خلال الفترة من 2-3 أبريل 2017م بشأن إبرام ”العقد الاجتماعي“ الذي يضمن حقوق الجميع بالتركيز على العمل النوعي تستحق التفاعل والإشادة وضرورة التفاهم الفوري بين كافة القوى الوطنية المناضلة من أجل التغيير الحقيقي في إرتريا.
ولمزيد من التأثير على عملية التغيير الجارية، وبث روح الاطمئنان والرضى الجماعي ”مسبقاً“ على العائد المفيد والمستحق للجميع الذي نناضل من أجله، فان هذه المبادرة تستحق منا ومن كافة الأحرار الاهتمام والتنوير والإشادة والتفعيل قدر المستطاع، خاصة من القوى السياسية والمدنية التي تمثل المكونات الاجتماعية المهمشة حالياً والتي تسعى لاسترداد حقوقها المشروعة ضمن الوطن الواحد العادل، وحتماً سيتحقق النصر بإذن الله تعالى مادام العزيمة الرافضة للظلم والطغيان متوافرة.
العقد الاجتماعي المرغوب تفعيله هو أحد أوراق المؤتمر التأسيسي للرابطة والمنشور ضمن الأوراق الأخرى في واجهة الموقع ”منخفضات كوم“ لتعم الفائدة. والمضمون العام للعقد الاجتماعي معمول به منذ قرون لدى كافة المجتمعات المدنية المتحضرة. ويمكن تعريفه “كمفهوم قديم متجدد” للتحفيز المشجع لصيانة العدالة وحماية المكتسبات الوطنية من العبث والتلاعب، ويتم ذلك باتفاق مسبق بين القوى السياسية والمدنية الجادة والحريصة على مصلحة شعبها ووطنها وسلامته واستقراره الدائم. كما يمكن تعريفه أيضاً بالميثاق أو الاتفاق أو التفاهم الذي تقره القوى الملتزمة بتنفيذ واحترام الاتفاقيات فيما بينها، لتعزيز الثقة وحماية الأهداف والمكتسبات، ولبيان أساس الحقوق والواجبات التي تنظم شئون الدولة، وللتوفيق بين الإرادة العامة والإرادات الفردية أو الجزئية المنضوية تحتها، كما انه وسيلة لإزالة التناقض بين ميول الانسان التي تنزع دوما لتغليب الذات والإرادة الجماعية؛ لتشكل بنود العقد المتفق عليها الأساس لصياغة ”الدستور الوطني العادل“ لضمان الحقوق وسلامة سير شئون الدولة، والمشاركة الفعالة للأحزاب السياسية والمدنية حسب التفاهم المسبق، مما يعزز العمل الجاد المرضي والمثمر للجميع، كما أنه يؤسس لمحاربة الفساد والمحسوبيات الناتج عن غياب العدالة.
وهذا مايضمن الإستقرار والنمو الاقتصادي للبلد والتطور للشعب. كما أنّه يزيد الثقة بين المكونات لحل القضايا الخلافية المزمنة التي يعاني منها الشعب لأنه يحدد بشفافية مطلقة علاقة الدولة والسلطة، بمعنى أنّ الدولة والسلطة هي نتاج اتفاق المكونات لتشكيل الدولة التي ستدير حياتهم وتقدم لهم الخدمات وتفض المنازعات بينهم وتحميهم من الأخطار الخارجية والداخلية.
ان العقد الإجتماعي ظهر قديما ولكنه اتخذ الآن مساراً مختلفاً عما كان عليه، إذ يجري تطويره باستمرار وإعادة دراسته وبلورته وصياغته من المراكز العلمية المتقدمة والمهتمة بالعلاقات الدولية وإدارة شؤون الدول ليكون مناسباً للتنفيذ حسب خصوصية ومتغيرات الشعوب، وهو معمول به لدى كافة الشعوب المتحضرة التي تحترم خيارات شعبها وسلامته.
ونظراً لفعاليته الكبرى لحماية الحقوق الخاصة والعامة ينبغي تفعيله والعمل به في جميع قضايانا السياسية والإجتماعية في إرتريا.. وذلك حتى يتسنى لنا كقوى تغيير حقيقية تنظيم مسارات عملنا لاسترداد الحقوق وكبح جماح الظلم وإنهاء سياسات “الهيمنة القومية” التي أذلت الشعب الإرتري وسرقت مكتسبات كفاحه وتضحياته وثرواته.
إن اعادة الحق المسلوب مجددا ً من سارقيه وحمايته بالقوة والوحدة والحكمة والدستور ليس عملاً سهلاً ولكنه ليس مستحيلاً. وهو مسؤولية عامة ولا يتحملها سوى المناضلين الأحرار، حيث تحمل هذه الفئة دائماً الكثير من المعاني السامية والدلالات الكبيرة التي لا يمكن تصورها، فالدفاع عن الوطن المغتصب وحماية الحقوق فخر واعتزاز فضلاً عن كونه مسؤولية تاريخية وأمانة يحملها المواطن المخلص أينما كان وفي أي زمان وُجد.
الخلاصة:
يمرُّ وطنُنا الحبيبُ وشعبه الأبي اليوم بإحدى أخطرِ مراحلِ تاريخِه الحديث وأشدِّها تعقيدًا ومأساويةً: فالشعب يعاني من تفاقُمِ المشاكل التي تُنهِك حاضرَه وتهدِّدُ مستقبلَه، وتُنذرُ بتدمير مصيرِه ومصيرِ أبنائه، ما لم يضاعف الأحرار عملهم لإنهاءِ سياسة ”الهيمنة القومية والاستبدادِ والفسادِ“ السائدة وإحلالِ العدلِ والمساواة محلها. كل ذلك يتطلب من قوى التغيير الحقيقي تطوير مقاومتهم بمزيد من التنسيق والعمل المشترك للضغط على العصابة الحاكمة بتبني وإبرام ”العقد الاجتماعي“ المعلن في فعاليات المهرجان الثقافي الثالث للرابطة مع الإضافات والتعديلات الضرورية اللازمة عبر الحوار ليمثل حقوق ومصالح كافة مكونات التعدد، وهي مسؤولية جماعية.
في نهاية هذا المقال الذي خصصته لدعم إبرام ”العقد الإجتماعي“ لأهميته القصوى، أحيي مجدداً انتفاضة أخريا المباركة وصاحب الرفض الحازم للقرارات الباطلة الأب القائد رئيس مجلس إدارة مدرسة الضياء الإسلامية الشيخ الرمز الأستاذ/ موسى محمد نور ورفاقه الأبرار من الأساتذة والآباء (حفظهم الله جميعاً وفك أسرهم وأعادهم سالمين غانمين إلى أهلهم الكرام). وأقول لأهالي أخريا الصامدين لستم وحيدون في إنتفاضتكم المباركة ورفضكم للظلم. بل أنتم الحصن الحامي والدرع الواقي، بكم نعتز ونفتخر. وكلنا للوطن... أخريا. وكلنا يقين بحتمية الانتصار وعودة الحقوق لاصحابها، والعزة والكرامة لشعبنا الأبي في ربوع وطنه الحبيب تحت راية العدالة والحرية والمساواة.
وأهلاً ومرحباً بالمبادرات المسؤولة، وشكراً من الأعماق للذين يدعمون ويتجاوبون مع فكرة “العقد الإجتماعي” الذي يضمن استقرار المواطن والوطن.
راجياً العلي القدير أن يجعل العام الجديد 2018م عام التوافق للشعب الارتري العظيم.. والإنتصارات الباهرة لنضالاته. وكل عام وانتم بألف خير.