نبذة مختصرة عن عبدالقادر صغيري حتى لا نلوث اسم الشهيد عبدالقادر كبيري
بقلم الأستاذ: عمر نهاري (ابو حسين) - لندن، المملكة المتحدة
ولد صغيري أيام الشؤم والهرب واللجوء لأهل مصوع في بداية الأربعينات إبان الحرب العالمية الثانية
لذلك يطلقون على كل من ولد في تلك الحقبة "ود أيام هرب" بلهجة التغرايت المحلية.
نشأ صغيري في كنف والده ولما دخل طور العشرين في بداية الستينات وساءت الأوضاع بانتهاء الحقبة الفدرالية ودخول جيوش الامبرطور هيلي سلاسي لأرض الوطن وانتشار الفوضة وخروج البطل الشهيد حامد إدريس عواتي معلناً الكفاح المسلح ضد المستعمر الاثيوبي تحمّس صغيري ضمن ابناء جيله وتطلّع للالتحاق بركب الثوار.
وأدرك والده أن الأمور صارت من سيئ إلى أسوأ في إرتريا وخشية عليه قرر تهريب ابنه للخارج. غادر (صغيري) الى السعودية عن طريق البحر لكن المشاغب مشاغب وكعادته تأطر ضمن المعارضة السياسية بعد لقائه مع الزعيم سبي بانضوائه تحت راية النضال.
وبعد أن تم تجنيده وإرساله لسوريا في دورة تدريبية وتخصص في التمريض (تمرجي) على قول اخواننا المصريين، وعند دخوله الى ساحة القتال وانخراطه إلى الكفاح المسلح كان التوزيع يتم حسب انتماء العنصر لمكان ميلاده، بما عرف بالمناطق، فذهب معظم رفاقه لمناطقهم وخاصةً أبناء البحر الأحمر الى المنطقة الرابعة ماعدا عبد القادر صغيري راح مكرهاً للمنطقة الثالثة، المنطقة التي كانت بقيادة المناضل عبد الكريم سني فالو مع الاختلاف في اللغة والمنطقة وحتى الطقس.
فكان ممتعضا لهذا التقسيم الغير عادل بالنسبة له الذي فرّقهُ عن صديق صباه الأمين محمد سعيد والذي هو نقطة ضعف صغيري عبر الازمنة وكلما تمرّد وأعلن العصيان ضد إسياس يرسلون له صديقه ليعيده الى بيت الطاعة وهو الضامن لسلامته، هو غريب الأطوار ومزاجه متغلب.
معرفتي بصغيري تعود لأكثر من ثلاثة عقود، أول لقاء حدث بيننا كان في عام ١٩٨٥ في مدينة ميونخ بمناسبة حفل أقامه والغرض منه كان للتعارف، وبذكائه استفاد من هذا التجمع بخلق جمعية ارترية ألمانية ودخل في صراع مع ابناء الساهو المتواجدين في ألمانيا عندما أصدر كتابه الثورة الارترية في الميزان ذكر ضمن ما ذكر ان أبناء الساهو حملوا السلاح والتحقوا بالثورة للانتقام والثأر للنزاع القائم بينهم وبين المسيحين في مناطقهم وهنا اشتعل الفتيل وتحداهم قائلاً إنه على استعداد للإتيان بالمناضل عبد الكريم قائد المنطقة الثالثة من كسلا بالسودان لتأكيد ذلك وكان القائد عبد الكريم على قيد الحياة رحمة الله عليه.
وفجأة صار صغيري مندوب التنظيم الموحد بعد رحيل القائد عثمان سبي وبحكم انه يجيد الألمانية والإنجليزية الى جانب اللغة العربية حاول أن يستأثر بدور الشهيد طه محمد نور لوجوده قريبا من لكسمبورج، والبرلمان الاوروبي في ستراسبورغ.
تمكن صغيري من جمع القادة الجدد مع أعضاء البرلمان الاوروبي وتصدر الموقف ولمع نجمه وأعجبت به القيادة الجديدة للتنظيم الموحد، وتطلع صغيري لما هو ابعد من ذلك بالوصول الى رأس الهرم لكن وجود حيتان أكبر منه حال دون ذلك وحاول مصاهرتهم ولم يفلح وأخفق. لكنه يمتاز بدهاء ومُكر إذ قفز من القارب قبل ان يغرق.
هنا حوّل نشاطه الى المنظمات الانسانية ودخل في لعبة دول صراع البلغان وتحرّك مع الافغان وصار يتحدث ل إم بي سي MBC وهات يا تبرعات... يا كونتينرات... يا مستودعات وإحلوّى الشغل... تحرّك نحو الجالية الارترية في أوروبا باجتماعات في هولندا بريطانيا ألمانيا السويد وكوّن لجان واخترق بهم المجال السوداني للدخول الى المعسكرات والتحق بحكومة الإنقاذ في السودان وانشغل والتهى وأصدر جريدته فكان له صدى في المحيط الخارجي والداخل، وبدأ يعرّي النظام ويترجم كتيب إسّياس (نحنان علامانا) نحن وأهدافنا وبدأ ينشر مذكرات قدامى المقاتلين، وفِي نفس الوقت عيناه تترقب الدعوة الكريمة ويحلم بالفرصة المواتية لزيارة اسمرة وانتهز الخلاف المشتعل بين ويّاني والشعبية ودخل متغلفا بمظاهر الوطنية والوقوف مع النظام ضد الغزو الخارجي، ومرة اخرى لم يجد المكان الذي حلم للوصول اليه فتمرد ودخل في مرحلة العصيان وبدأ يقلب المواجع ويكشف المستور ولما كانت الطّلقة ثالثة كان يستوجب محلل يبيح العلاقة فجاء العريس تحت الطلب أي السيد الصديق وعقد عليه وحلّله وتطهّر من عصيانه المصطنع وآب من جديد ليعود لحضن ابو السوس بالمال والبنون يا ابو الفنون.