كرن تودع المناضل سليمان موسى حاج أحد ابنائها البررة
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسي ارترى سابق، لندن
بسم الله الرحمن الرحيم
في الخامس عشر من شهر يوليو ٢٠٢١م نقل الناعي خبر انتقال الاخ والصديق ورفيق الدرب
المناضل سليمان موسى حاج الى الرفيق الاعلى بعد علة لم تمهله طويلا.
القائد ابو ياسين اب لسبعة من الابناء ٣ ذكور و٤ اناث، عرف بين اقرانه بدماسة الخلق وحسن المعشر، محبوب بين اقرانه، درس في كرن مراحل دراسته الاولية ثم معهد المعلمين في أسمرا، وبعد التخرج عمل لفترة في مهنة التدريس ليتفرغ بعدها لادارة اعمال والده العم موسى حاج والذي كان من مشاهير مدينة كرن وكانت تجارته عامرة تمثلت في العقارات وبستان بالاضافة الى الثروة الحيوانية والزراعة المطرية.
تحمل الراحل المقيم المسؤلية مبكرا في ادارة العمل التجاري لوالده، وقد التزم بالعمل الوطني باكرا حيث التحق بحركة تحرير ارتريا في فترة مبكرة ثم جبهة التحرير الارترية في مارس ١٩٦٧م، وقد نشط ضمن خلايا التنظيم السرية الى ان جاءه ذات يوم أحد الضباط الارترين من الشرطة والذي كان عضوا في خلايا الجبهة وابلغه بصدور قرار اعتقاله هو وعلي محمد صالح، ولهذا يتوجب عليك مغادرة كرن اليوم، على الفور اتصل الراحل المقيم باسرتي وابلغهم بالامر، حيث كنت في مهمة عمل تنظيمة في أسمرا، غادر الاخ سليمان كرن ومعه المرحوم ابراهيم هيابو، وفي اليوم الثاني لحقت بهم في منطقة (باب جنقرين) وقد رافقني في رحلتي اليهما كمرشد الاخ سعد حاج.
واصلنا سويا رحلتنا سيرا على الاقدام الى ان وصلنا منطقة (طحرا) وجدنا فيها قائد المنطقة الثانية القائد الشهيد عمر حامد ازاز رحمه الله وكان استقبالا حارا حيث اكرم وفادتنا.
كانت رغبتنا ان نلتحق بجيش التحرير في الميدان ولكن القائد عمر ازاز قال لنا انتم تتبعون للقيادة الثورية في كسلا وهم من يقرر اين تتوجهون ولهذا سوف نرسلكم الى هناك، وبالفعل توجهنا الى السودان مع طوف من جيش التحرير الارتري رافقنا الى الحدود وكانت وجهتنا مدينة بورتسودان، تم استقبالنا في بورتسودان من قبل فرع التنظيم هناك ومنها توجهنا الى كسلا.
كان الاحتفاء بنا كبيرا من قبل القيادة الثورية وقد تزامن قدومنا مع وصول اعداد كبيرة من اللاجئين الارترين الى منطقة ود الحليو وهى الموجات الاولى من اللجؤ في ذلك العام ١٩٦٧م جراء الحرائق والابادة التي كانت تنفذها قوات الاحتلال الاثيوبي، وقد تم ارسالنا لاستقبال اللاجئين وترتيب اوضاعهم، بعد عودتنا من ود الحليو تم توجيه الاخ سليمان ضمن طاقم مكتب الخرطوم الذي كان على رأسه الشهيد سيد احمد محمد هاشم عضو المجلس الاعلى اما انا فقد تم توجيهي للقضارف ممثلا للقيادة الثورية.
وقد تم اختيار الاخ سليمان عضوا في اللجنة المركزية لفروع السودان، وبعد مؤتمر ادوبحا العسكري وانتخاب القيادة العامة تمت دعوة كل الكوادر العاملة في المدن السودانية للميدان لاخذ دورة تدريبية، بعد اكمالنا التدريب العسكري تم توجيهنا انا والاخ سليمان في الميدان ضمن وحدات الفدائين الوحدة الفدائية رقم ٣٥ وكان محور نشاطها حوالى مدينة كرن.
بعد المؤتمر الوطني الاول تم توجيه الاخ سليمان في مكتب الاقتصاد ثم ممثل التنظيم في ليبيا، وفي المؤتمر الوطني الثاني الذي عقد في مايو ١٩٧٥م تم انتخابه عضوا في المجلس الثوري، عضوا في ادارة مكتب المالية والاقتصاد قسم الامداد وفي المؤتمر الثالث للجبهة بعد دخولنا الاراضي السودانية تمت اعادة انتخابه عضو بالمجلس الثوري وكلف بمهمة المراجع العام للتنظيم فكان مقتدرا في تصريف شئون المراجع دقيقا في عمله.
في فترة الصراعات الداخلية التي كانت تعاني منها الجبهة قبل دخولها الاراضي السودانية اعتقل المناضل سليمان بتهمة الانتماء للاسلامين وبقى في الحبس الى قبيل دخول الجبهة حيث اطلق سراحه.
واصل ابو ياسين نضاله الى يوم التحرير حيث دخل ارتريا ضمن قيادة التنظيم الموحد، ثم تفرغ للعمل الخاص لادارة اعمال الاسرة ولكن بقى الهم الوطني العام يلاحقه فكان يشارك في الاجتماعات التي تعقدها السلطة بالجماهير مطالبا باطلاق سراع المعتقلين ونتيحة لذلك تعرض للاعتقال من قبل السلطات لمدة شهر وكان اعتقالا تحذيريا واطلق سراحه.
في سبتمبر ٢٠٠١م تقدمنا انا والاخ سليمان بقائمة تضم.١٧٣ اسما من المعتقلين معلمي المعاهد والمشايخ وبعض المناضلين للسيدة فوزية هاشم وزيرة العدل نوضح فيها تاريخ اعتقالهم منذ العام ١٩٩٤م وبعضهم من العام ١٩٩٥م، طالبنا فيها اطلاق سراحهم او تقديمهم لمحاكمات، وبدلا من الرد علي ما تقدمنا به تم اعتقالنا في العام ٢٠٠٢م ومعنا الاخ الدكتور محمد شوماى والذي تم اطلاق سراحة بعد ان ان امضى عامين ونصف في السجن، اما انا فقد قضيت ثلاثة سنوات والاخ سليمان اربع سنوات، لم نقدم خلال فترة الاعتقال لاى محكمة.
هذا يسير من سيرة المناضل الكبير والصديق العزيز سليمان موسى حاج (ابو ياسين) رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجعل كل ما قدم في ميزان حسناته والهم اهله وكل معارفه ورفاق دربه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.