رحيل المناضل الشهيد علي سيد عبدالله
بقلم الأستاذ: محمود شامي - كاتب وناشط سياسي
الفقيد علي سيد عبدالله رحمه الله كان مناضلا وسياسيا ارتريا وابن اقليم دنكاليا وهو من مؤسسي
الجيهة الشعبية لتحرير ارتريا في سبعينيات القرن المنصرم والتي تحولت بعد الاستقلال وفي العام 1994 الي الجبهة الشعبية للعدالة والديمقراطية.
• ولد الفقيد المناضل علي سيد عبدالله في عام 1949في قرية بردولي بآقليم دنكاليا والواقعة في شمال الاقليم.
• درس المرحوم تعليمه الابتدائي في مدرسة حرقيقو في مدينة مصوع الميناء الرئيسي بالبلاد، وأكمل تعليمه الثانوي في اسمرا ابان الاستعمار الاثيوبي لارتريا، وحاصل على البكلاريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة انتداب، والفقيد كان متزوجا واب لاربعة ابناء هم : عبدالله واحمد وريم وعلوية.
• ولد اهتمامه بالنضال وبالسياسة في مدرسة حرقيقو، حيث كانت حرقيقو ومدرستها مسيسة ويغرس معلموها افكارا ثورية في طلابها وبسكان مصوع عموما، كانت للسيد نشاطات نضالية في اسمرا حيث قاد مع زملائه حراكا طلابيا ونشاطات سرية لصالح جبهة التحرير الارترية التي انطلقت شرارتها الاولى في 1961/9/1 وهي الفترة التي انتقل فيها الي اسمرا ليكمل بها تعليمه الاعدادي والثانوي، السيد رسم لنفسه خطا نضاليا وسياسيا واحدا وهو الخط الوطني ولم يحد عنه قيد انملة، وعندما تأسست الجبهة الشعبية في السبعينات حينها بدأ الزعيم علي سيد يأخذ دورا نضاليا وسياسيا كبيرا ورائدا، فمنذ التحاقه بالجبهة فرض نفسه وشخصيته متسلحا بالعلم وبالعمل وهذا ما أهله ليعتلي الي القمة ويحجز مكانه في الصف الامامي كواحد من الارقام المهمة والمعولة عليها، وكأبرز القادة الميدانيين للجبهة.
• بدأ السيد نضاله عام 1967 في صفوف حبهة التحرير. وشارك في أول عملية فدائية قامت بها خلية فدائية ارترية خارج الوطن وكان السيد عضوا بها، ونفذ ورفيقيه اول عملية إختطاف طائرة إثيوبية اقلعت من مطار عدن واجبروها على الهبوط في مطار كراتشي بباكستان عام 1969 وهي العملية التي دعمت إعلاميا النضال الإرتري، وتم إطلاق سراحه ورفيقيه قبل اتمام مدة عفوبة سجنهم، نتيجة لتعاطف باكستان مع الثورة الارترية.
اسد نادو وبطل نقفة هي اسماء اطلقت في مرحلة الثورة على الزعيم علي سيد، حيث قاد معارك مفصلية في تاريخ الثورة وانتصر فيها واهم تلك المعارك معركة نادو 1986 التي قادتها اثيوبيا على الثوار وكانت اكبر واقوى معركة للقضاء عليهم وكانت محاولة منها لكسر دفاغات نقفة العصية، وعلى الرغم من عدم تكافؤ موازين القوى بين اثيوبيا التي كانت تمتلك ترسانة اسلجة سوفيتية مدعمة بخبرات روسية وبحلفاء من انغولا وكوبا، وبينما كان الثوار بأسلحة وبعتاد حربي دون المستوى ودعمهم الرئيسي كان الايمان باهداف وبعدالة قضيتهم، ففي البداية مالت الكفة لصالح اثيوبيا وظن الجميع انها النهاية وان السقوط حتمي للثورة، فالمؤشرات كانت تقود الي ذلك، الا ان الكلمة الاخيرة كانت لرفقاء السيد وكان انتصارهم بها بداية النهاية لخصومهم، ودفعا معنويا للثوار، ففي البداية ايضا اختلفت القيادة في التعاطي مع الحدث في نادو وطالبت جل القيادة بالانسحاب الي جبال نقفة، لكن السيد ومن معه اصروا على مواجهة الخصم وعدم الانسحاب، واقنع الرفاق بفكرته، واعدت خطة مواجهة الخصم باحكام، والسيد كان قائد تلك الملحمة الخالدة.
وآخر ملحمة قادها السيد كانت ملحمة فنقل ومعركة سقوط مصوع في العام 1990 وبعد عام من تلك المعركة استطاع الثوار تحرير كامل التراب الارتري في 1991، وبعد التحرير اصبح السيد وزيرا للداخلية والامن في اول حكومة للبلاد وفي عام 1997 شغل منصب وزير الصناعة والتجارة محتفظا بالحقيبة الامنية التي لم تفارقه نهائيا، ولأجل ذلك عدلت وزرارة الداخلية والامن لتصبح وزراة للداخلية والجماعات المحلية، وبعد الحرب الاثيوارترية 2001/1998 صار السيد وزيرا للخارجية محتفظا بالحقيبة الامنية ايضا.
والسيد كان قائدا ميدانيا بإقتدار في الثورة وكان ايضا قائدا دبلوماسيا محنكا في الدولة الارترية، قاد وترأس السيد وهو وزيرا للداخلية وفد ارتري يضم وزيرا للخارحية في فبراير 1996 الي دول الخليج وايران ما يعني انه لم يكن رجلا او وزيرا عاديا. ومن تتبع مسيرة السيد ومن عرفه عن قرب يدرك جيدا ان السيد لم يكن مجرد موظف في حكومة ارتريا، كما جرت العادة في معظم الدول والحكومات الافريقية، التي تعود فيها الكلمة الاولى والأخيرة لرجل واحد، كان الفقيد علي سيد يعتبر بحق شخصية قيادية مؤثرة وفاعلة وكان شريكا فعليا في بلده في السلطة وفي اتخاذ القرارات.
استطاع ان يرسم ويخطط لبلده علاقات سياسية جيدة اقليميا ودوليا وعلاقة فوق الجيدة مع مصر ودول الخليج وحسن علاقة بلده بالجار جيبوتي وابعدها عن تحالف صنعاء (اثيوبيا - سودان - يمن)، واستطاع بسياسته كسر ذلك الجصار والتحالف، واستعادت بلده سريعا العلاقة باليمن وبالسودان ايضا، واستطاع السيد في فترة توليه للخارجية تحسين علاقة بلده بدول حليفة لاميركا كقطر ومصر واخرى معادية كإيران وروسيا.
انتهت مسيرة العطاء والبطولات والتضحيات وانتهت مسيرة السيد في يوم اسود مظلم 2005/7/28 ونقل للعالم صبيحة الاحد الاسود نبأ وفاة شخصية نضالية وسياسية ودبلوماسية ارترية عفرية لا يمكن تكرارها.
حذي تشييع جثمان السيد وتأبينه حضورا جماهيريا كبيرا، والتفاتة رسمية واضحة حيث دخلت البلاد حدادا رسميا شبه مفتوح، ولاول مرة نكس العلم الارتري لثلاث ايام، وفي سابقة اولى من نوعها وربما الاخيرة اعلن عن عام حداد في البلاد وجمد فيه منصب وزارة الخارجية الذي كان يشغله الراحل مدة عام، ونصب بديله في اغسطس 2006 اي بعد عام على وفاة علي سيد عبدالله.
كانت وفاة علي سيد عبدالله غامضة ومفاجئة للجميع، وكانت صحته جيدة وليلتها كان في سهرة وداع مع سفير دولة قطر بأسمرا ولم يكن يعاني من متاعب صحية.
وللامانة سأنقل لكم كل ما ورد وقيل حول وفاته:
تقول السيناريو الاول: ان رئيس النظام اسياس افورقي ضالع في اغتيال علي سيد عبدالله.
وتقول السيناريو الثاني: ان هناك معارضة داخلية داخل النظام نفسه وتيار داخلي يضمر العداء للفقيد وافورقي وهم من قاموا بذلك.
والسيناريو الثالث: تتهم المعارضة الارترية في الخارج وتقول بأنها هي من خططت لذلك واستطاعت الوصول اليه بطريقة ما واغتالته.
وتشير السيناريو الرابع: الي ان وفاة السيد كانت طبيعية وما حصل كان قضاء وقدر وليس بفعل فاعل.
من المؤكد حدوث احد هذه السيناريوهات او اخرى حتى، وانا شخصيا ارى ان وفاته كانت عملية مدبرة وبفعل فاعل وهذه قناعتي الشخصية، ولست بالضرورة جقيقة مؤكدة.
وفي الاخير نقلت الصحف والنشريات الاقليمية والدولية الصديقة والمعادية على السواء خبر وفاته على صدر صفحاتها الاولى مشيدة بمآثر الفقيد وبمسبرته النضالية الطويلة والناجحة، وبأنه كان رجل سياسة ودبلوماسية مميز وفريد.
عهدا والف الف عهدا لن ننساك ايها البطل المغوار ويا من رفعت رأس كل من ينتمي اليك وتنتمي اليهم.
سنختم وفاءنا له بهذه الابيات الرائعة للشاعر الاستاذ ادريس طاهر.
Agri Rabeh Gineh Cabe Aydaadi
Nagrita Kaa Fidol Cabek Siinih
à Qali Akak Gexekke Gaahitteh
A Madu Sinni Garbo Haanitteh
صدقت يا ادريس. خلد الفقيد تاريخا حافلا بالبطولات ستحتفي به الاجيال، وترك رحيله جرحا غائرا في الاعماق.
رحم الله عليا رحمة واسعة وادخله فسيح جناته.