الزعيم الوطني الشيخ ابراهيم سلطان علي
إعداد الأستاذ: عامر صالح حقوس - ابو محمد
الزعيم الوطني الشيخ إبراهيم سلطان علي، من رموزنا الوطنية الشامخة...
توفي في الفاتح من سبتمبر من عام 1987 في نفس اليوم ونفس الشهر الذي انطلقت فيه الثورة الإرترية بقيادة الشهيد البطل حامد إدريس عواتي.
قد افنى حياته مناضلا، مكافحا، مدافعا ومحاميا عن حرية وحقوق الشعب الإرتري العادلة حتى آخر رمق من حياته... لم يتغير ولم يبدل مبادءه... عاش يناضل من اجل استقلال ارتريا ومات قبل استقلال ارتريا ببضعة سنين.
أجمل وصف لشيخ إبراهيم سلطان كان من سماحة المفتى الشيخ إبراهيم... حيث يقول سماحة المفتي في فقرات من وصفه للأستاذ إبراهيم سلطان:
"وكان في طليعة مؤسسي الرابطة الإسلامية... ودافع أمام هيئة الأمم دفاعا مجيدا عن إستقلال أرتريا... وهو إستقلالي أصيل، وصاحب شجاعة وجرأة، وصراحة متناهية".
تاريخ الشيخ سلطان هو جزء لا يتجزء من تاريخ الشعب الإرتري... الكتابة والحديث عنه واجب وطني حتى نعرّف وندرّس تاريخه للأجيال القادمة وندرّسه في مدارسنا. اجمالا من هو الشيخ ابراهيم سلطان في سطور:-
• الشيخ ابراهيم سلطان علي من مواليد مدينة كرن في عام 1909م.
• عند وصول سن الدراسة حفظ القرآن على يد الشيخ خليفة وردده مرتين، ومنها دخل الى المدرسة الايطالية "آرت ميستري سالفا راجي" ودرس حتى الفصل الرابع، (الحد الأقصى الكان مسموح به من المستعمر او المحتل الإيطالي) اما اللغة العربية فقد تعلمها على يد الشيخ عثمان حسب الله الذي تلقى تعليمه في جامعة الازهر بجمهورية مصر ودخل في الخدمة الحكومية في عام 1922م.
• في عام 1943م إستقال من الوظيفة الحكومية واشتغل بالأعمال الحرة ثم انتقل بعد ذلك إلى العمل السياسي.
• من المؤسسين "جمعية حب الوطن" في يوم 5 مايو 1941.
• تم تأسيس الرابطة الإسلامية الإرترية، وأعلن ذلك رسميا يوم الأربعاء 9 محرم 1366 هجرية الموافق 3 ديسمبر 1946 وفي هذا اللقاء تم أختيار السيد محمد أبوبكر الميرغني رئيسا للرابطة الإسلامية والشيخ إبراهيم سلطان علي سكرتيرا لها.
• الشيخ إبراهيم سلطان، كان من الشخصيات الرئيسية الذين اسسوا "الكتلة الإستقلالية" في يوليو 1949.
• حضر الجمعية العامة للأمم المتحدة الثالثة في يوم 1949/4/3.
• حضر ايضا الدورة 5 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1950.
• في يناير 1951، اشترك في تأسيس الجبهة الديمقراطية الإرترية (EDF) وأصبح أمينها العام.
• في عام 1952 انتخب نائبا في البرلمان الإرتري، وكان زعيم المعارضة فيه. الشيخ ابراهيم سلطان كان عضوا في أول برلمان إرتري عندما فاز على الانتخابات في 1952/5/15 ممثلا لقبيلة "رقبات" والذي كان رئيسها التقليدي من 1948-1950.
• غادر الزعيمان إبراهيم سلطان وإدريس محمد آدم أرتريا في27 شعبان 1378هـ الموافق 7 مارس 1959 برا عبر الحدود، ووصلوا إلى الخرطوم، ومنها إلى القاهرة بعد حصولهما على تأشيرة الدخول.
• حضر الشيخ إبراهيم المؤتمر الأول لجبهة التحرير الإرترية عام 1971، والمؤتمر الثاني عام 1975.
• في يوم 01 سبتمبر عام 1987، اليوم الذي يحتفل فيه الشعب الإرتري بمناسبة اعلان الكفاح المسلح... توفي في نفس اليوم... في الساعة الرابعة مساءا... في القاهرة.
• دفن الشيخ ابراهيم في السودان (كسلا) يوم 5 سبتمبر 1987، حضر موكب الجنازة حوالي 5000 من الإرتريين والسودانيين... ودفن في الختمية بجوار جبل تاكا.
عند كتابة سيرة ذاتية عن "رموزنا الوطنية" هذا يعني رمزية وتعبير عن كل إرتري مناضل، مخلص ووطني قدم لوطنه بكل ما يستطيع (وهذا الرمز واحد من هؤلاء) البعض منهم معلوم والبعض مجهولون. هنا لا ننسى جميع المناضلين الأحرار من ناضلوا واستشهدوا لمدة 30 عاما... ابتداء من الرعيل الأول الى آخر جندي ناضل ودخل اسمرا. كذلك لا ننسى كل من شارك بماله ووقته من اجل تحرير ارتريا.
تحرير الوطن وبناء الوطن يتطلب تعاون، تضافر وتناغم الشعب والسير نحو الهدف المنشود بكل ثبات وتضحيات. ايضا لا ننسى الأباء المؤسسين من رموزنا الوطنية من الرابطة الإسلامية والكتلة الإستقلالية وحركة تحرير ارتريا وكل من دعى وناضل من اجل استقلال ارتريا. علينا ان نميّز بين الرمز القبلي، التنظيمي، الطائفي، الإقليمي الخ... الذي ينادي، يمثل ويناضل من اجل أو بإسم فئة معينة وبين الرمز الوطني، الذي هدفه ونضاله كان من اجل الوطن (من اجل الجميع وليس الجزء ويعمل دائما من اجل وحدة، حرية واستقلال ارتريا). للأسف بعض الأشخاص يقومون تقزيم وجعل من الرموز الوطنية رموز قبلية أو قومية.
"الرمز الوطني" لا يعني انه شخص منزه ومعصوم من الأخطاء... ولكن له ايجابيات وسلبيات، نجاحات واخفاقات مثله مثل أي شخص... فهو ليس شخص معصوم، لأن "أي شخص يعمل من الممكن أن يخطأ" ولكن في العموم كان له اهداف واضحة ومبادء لن يحيد عنها بل تمسك بها حتى النهاية، وكان يعبر عن تطلعات وآمال الشعب في مواقفه واهدافه وكان مستعد ان يدفع حياته ثمنا لمبادءه وكان يجمع الشعب ويقودهم نحو الهدف الوطني المنشود متجاوزا العصبيات القبلية والإقليمية الضيّقة.
على سبيل المثال حزب الرابطة الإسلامية بدء قويا ومتماسكا ولكن بعد فترة خرج أو انفصل منه حزبين آخرين..
لماذا؟
ماذا كانت الأسباب؟
من يتحمل مسؤولية هذه الإنشقاقات؟
كذلك تقييم الناس "للرمز" يمكن ان يختلف على حسب امكانياتهم، معلوماتهم وقناعتهم... ولكن هذا لا يمنع ان يكون لنا رموز وطنية متفق عليها من اغلبية الشعب مثل الشيخ ابراهيم سلطان، الشيخ عبدالقادر كبيري، الرأس تسما اسبروم، المفتي ابراهيم المختار والشهيد البطل حامد عواتي على سبيل المثال لا الحصر.
من المفارقات وسخرية القدر... أولئك الذين قضوا حياتهم يكافحون ويناضلون من أجل حرية واستقلال إريتريا.. لم يتمكنوا الحصول على مكان دفن لائق في بلدهم ودفنوا خارج اوطانهم. نعم، حدث ذلك للشيح إبراهيم سلطان، الشيخ إدريس محمد آدم، الأستاذ عثمان صالح سبي، المناضل محمد علي إدريس أبو رجيلا وكثير من ابطالنا من الرعيل الأول وغيرهم من المناضلين المخلصين والشرفاء.
شيء لا يصدّق ولا يقبله العقل... اليوم إرتريا تحت نظام قمعي، غير شرعي وغير دستوري يتحكم فيه طاغية مستبد ومختل عقليا. اناشد ان نتحرك قبل فوات الإوان لخلع هذا الكابوس الدخيل من بلادنا... ولا بديل للمقاومة بجميع الوسائل للتخلص من نظام هذا السرطان الخبيث من وطننا.
هنا حاولت ان اجمع كل ما استطعت ان احصل عليه لسرد وكتابه عن الشيخ ابراهيم سلطان علي لكي اعطي ولو فكرة بسيطة عن تاريخ ونضالات هذا المناضل العملاق. وهذا الجهد البسيط والمتواضع ليس الا دعوة لأبحاث ودراسات بحثية وممنهجة لكتابة تاريخ شعبنا المغوار الذي ناضل لأكثر من نصف قرن بدون كلل وملل واستطاع تحرير ارضه ولكن للأسف اختطف نضالات شعبنا نظام قمعي يقوده معتوه مجرم تفنن في تعذيب شعبنا. ولكني على يقين، شعبنا الأبي العظيم سوف يتغلب على هذا الفترة "الصعبة" وسوف تكون من فعل الماضي قريبا ان شاء الله.
كالعادة اتقدم بالنداء والمناشدة لكل من له قدرة وامكانيات ان يبحث ولا يتردد ان يكتب لنا عن تاريخ شعبنا عن تاريخنا السياسي ورموزنا الوطنية لأن المكتبة الإرترية شحيحة لا تحتوى عن اي معلومات موثّقة.
اذا لم نكتب تاريخنا الوطني وتاريخ رموزنا الوطنية... سوف يكتبه الآخرون كما يشاؤون وبعد ذلك سوف يكون من الصعب تصحيح المفاهيم وخاصة للشباب الذين تشبعوا ودرسوا من مدرسة الإفك والبهتان مدرسة افورقي التضليلية الحاقدة.
في شهر سبتمبر... تتجدد آمالنا... تتفتح الزهور... نجدد فيها عزمنا لمواصلة نضالنا من اجل تحرير شعبنا وبناء وطننا. المجد والخلود لجميع شهداءنا الأبرار الذين ناضلوا من اجل احقاق الحق، الحرية، العدالة، المساواة والديمقراطية.
هذه الأبيات من "الرثاء" للزعيم الوطني الشيخ إبراهيم سلطان توصف بجلاء دور ومواقف الشيخ ابراهيم سلطان... ومنها (من ديوان: "وتعانقت الورود" تقديم للزعيم الراحل (ص. 74–76 بقلم الأستاذ: عبدالقادر حقوس محمد):
ففى كـل القلـوب لـه مكـــان
يؤجـج مـا بهـا الوجـدُ الدفيــن
لعمـرك إنه حــامـى المبــادى
وحـافـظ عهــدهــا البـرُ الأميــن
وكــان لنــا المنــارُ منـار هــدىِ
وركــنُ فــى قضيتنـا ركيـــن
وعــزم لا تـزعـزهُ الـزرايــا
ورأىُ حيـن تختـلــط الظنـــون
وينظر فى المشاكل حين تبـدو
فيكشـف ريبهــا الحــق المبيــن
ويبقـى الحــق عزمـا لا يُحــابى
وانْ غضـب الغـريب أو القـريـن
وموقفــه عــرفنـــاه زمـــانــا
يقــوم علـى دعـائمــه اليقيـــن