عندما يتحول التملق الى الجبهة الشعبية الى التخلي عن الانتماء الثقافي والديني
بقلم الأستاذ: عبدالقادر حمدان - فرانكفورت المانيا المصدر: جريدة صوت ارتريا
عجيب هو أمر أعضاء الجبهة الشعبية من الذين يحملون اسماء (مثل داود عبد الله) عندما يتحدثون عن عادات وتقاليد المسلمين في
ارتريا ويصفونها بالتخلف والغوغائية، لأنها لم تناسب مزاج اسيادهم وولاة أمرهم من زعماء الطائفة المسيحية في ارتريا.
ومما يلفت النظر، ان الحكومة الارترية تحاول أن تدفع بهؤلاء الأغبياء للتعبير عن ما تريد ولكن بطريقة ذكية وتعصب ذكي بتقسيم أدوار عليهم ليتصدوا باسم التقدمية والتطور الاجتماعي نقد ومهاجمة عاداتهم وتقاليدهم من حيث يدرون أو لايدرون... وحتى لاتتحمل الحكومة أوزار ما يكتبون... تضع مقالاتهم وانتقاداتهم المتملقة لها في زاوية الرأى وتؤكد عدم مسؤلية الكلام بهذه المزحة الاعلامية (ما يرد في هذه الزاوية لا يمثل بالضرورة وجهة نظر الصحيفة) زهذه الزاوية في صحيفة الحكومة الرسمية ارتريا الحديثة تجدها هي الأخطر أو الواجهة الصدامية للجبهة الشعبية...
فربما أدارة التحرير في الصحيفة لا يعرفون ما تعنية هذه العبارات أومقاصدها... لأنهم بطبيعة الحال لا يؤمنون بمواثيق الشرف والقواعد والقوانين التي تنظم وسائل الاعلام في العالم... المهم أن يقولوا و يكتبوا ما يتماشى مع منهجهم الديكتاتورى وما يخدم مخططاتهم الطائفية... وعندما يريدون تنفيذ شيئ يتعارض مع الأعراف والتقاليد الاعلامية يلجئون الى هذه الوسيلة اليتيمة (ما يرد في هذه الزاوية لا يمثل بالضرورة وجهة نظر الصحيفة)
وكأن هؤلاء الذين يكتبون لهم حول أو قوة تنظيم الجبهة الشعبية عندما يهاجمون أكبر دولة عربية في الوطن العربي مصر ويصفون رئيسها وكتابها بالمرتزقة أو يتهمون الشعب المصري بالتسول والاعتنماد على صدقات أمريكا... أنه من واجبنا كارتريين أن نراقب مثل هذه الهفوات من كوادر الجبهة الشعبية... طالما أصبحت أخطائها تحسب على الجميع... ويدخل الجاليات الارترية في المهجر في مشاكل تسبب لهم الاحراجات والمضايقات من الدول التي تتهجم عليها كوادر الجبهة الشعبية مثل جمهورية مصر العربية... والسودان، واليمن، وجيبوتي... حيث يعتبر من وجهة نظر هذه الحكومات أن كل من يحمل جواز سفر اريتري أو جواز سفر أجنبي يشير على ارتريا في خانة الميلاد هو من اتباع حكومة اسياس أفورقي.
لهذا تطبق عليهم سياسة المعاملة بالمثل ويتعرضون للاهانات والمساءلات في مطارات وحدود تلك الدول... وهذه القضية يصعب معالجتها، لأنها لا تخص الارتريين وحدهم، بل هي مشكلة الوطن العربي مع مواطنيها... قلا يمكن اصدار جوازات سفر تحمل خانة للاشارة عليها من هو المعارض أو من هو التابع لتلك الحكومات... لهذا أن الحل الوحيد والموضوعي بالنسبة للارتريين في هذه الحالة هو ضرورة اتباع اسلوب المكاشفة بفضح أساليب كوادر الجبهة الشعبية بالرد على عنجهيتهم... وتوضيح مقاصدهم للارتريين والعالم.
لهذا نناقش في هذه الصفحة ما نشر في العدد (86) زاوية الرأى في صحيفة الجبهة الشعبية (ارتريا الحديثة) تحت عنوان: أحتفالات يوم الشهداء في كرن وتداعيات أعيان اللجنة المنظمة، بقلم محمد داود عبد الله) من وزارة التعليم في أسمرا... وهنا للأمانة الاعلامية سنرفق صورة تشير على (المنشيتة) والعدد ليتمكن قراء صوت ارتريا من طلب المقال من سفارات حكومة الجبهة الشعبيةعند الضرورة.
بادء ذي بدء انه من المحزن أن يعتقد وزير الاعلام الارتري ان ارتريا لم تنجب اذكياء سوى القائد الملهم اسياس أفورقي وأعوانه في حزب الصفوة كما يسمونه عندما يحاول استغفال الشعب الارتري بنشر التناقضات ومحاولة تركيب الجمل لتوفيق ما يمكن توفيقه... فان العبارات التي تتصدر مقال موظف الحكومة في وزارة التعليم محمد داود (مايرد في هذه الزاوية لا يمثل بالضرورة وجهة نظر الصحيفة) هذه المزحة يمكن تمريرها على كوادر الجبهة الشعبية الذين تربوا على (نعم) لكل ما يصدر من تنظيمهم، ولكن من الصعب أن يقنع هذا الكلام القاعدة العريضة من ابناء ارتريا لأنه يحمل التناقض في طياته، كيف يكتب موظفا حكوميا في جريدة حكومية ليعبر عن نظره الشخصية ؟
هنا ربما يعتقد رموز وزارة الاعلام الارترية الناطقة بالعربية ومن الذين يحملون اسماء اسلامية... بان تعبير موظفي الحكومة عن وجهة نزرهم الخاصة تكفل حرية التعبير ويمكن للارتريين أن يعبروا عن رأيه الخاص وفي نفس الوقت عن رأى الحكومة... هكذا قال رئيسهم في مصر عندما حاول أحد الصحفيين المصريين سؤاله عن اسباب الهجمة لوسائل الاعلام الارترية ضد مصر فكان اريتريا هي قطعة من جنة ديمقراطية في أرض الله الواسعة.
أولا من الناحية المهنية.. ان الصحف التي تصدرها هذه الحكومات لا يمكن أن تقع في مثل هذه الأخطاء والتناقضات لأن مهمة الصحف الرسمية والتي تصدرها وزارة الاعلام بأموال دافعي الضرائب مهمتها محدودة ومساحتها في طرح الأراء الحرة ضيقة... وهي عادة تكون بلا لون سياسي لأن محرريها هم من موظفي الحكومة وهؤلاء الموطفيين عليهم أن ينشروا ما تقدمه لهم وزارتهم ولم نقرأ في الصحف الحكومية غربية أو عربية مواضيع تخرج عن اطار التنمية والدفاع عن منهج وسياسات الحكومات المعنية... ولم نلاحظ من خلال متابعاتنا من تلك الصحف التي توزع مجانا بواسطة الملحقيات الاعلامية في الخارج بأنها تدخلت في شؤون المواطنيين أو نشرت ما يدعم الخلافات الطائفية والعرقية أو الدينية، كما تفعل صحف ومجلات الجبهة الشعبية... في اتهاماتها لأكثر من سبعين مؤسسة اسلامية أن تكون وراء الارهاب في العالم... أو ماتنشره صحافة الجبهة الشعبية بشكل متواصل عن خطر الأصولية الاسلامية في منطقة القرن الأفريقي... وكأن هذا الخطر أو الحروب في عالم اليوم مصدره هو الاسلام ومقال محمد داود عبدد الله الذي يتهجم على سكان مدينة كرن الصامدة وشعبها الصامد المشهود له بالتضحيات والكرم طوال فترة الكفاح المسلح في اريتريا... يندرج ضمن السلسلة الهجومية للاستراتيجية الاعلامية لحكومة الجبهة الشعبية.
يتحدث الكاتب عن تأريخ الشهداء الاريتريين وعن المآثر البطولية وعظمة التضحيات ونحن نؤيد الكاتب فيما تناوله من تأريخ لا غبار عليه... الا ان ما لا يمكن السكوت عليه هو انحراف الكاتب بهذه المعاني الجميلة وبهذا التأريخ العظيم الى منعطف خطير لآرضاء أولياء النعمة... فأراد أن يحكي قصة الشهداء مبتدئا من أسمرا ثم عدي يعقوب فقندع ومصوع بوصفه لهذه المدن بأنها كانت مفتاح النصر ويواصل قوله الاحتفالات فيها كان بحق رائعا.
انني لا أعرف الكاتب شخصيا ولكن كما يبدو من أسلوبه هو من الجيل الذي تربى وترعرع وتتلمذ على نظرية القائد الملهم (نحن وأهدافنا) والا لما وقع في هذه الخطأ الفادح بتقديم شهداء اسمرا وعدي يعقوب وقندع ومصوع على شهداء منسع وحلحل وعونا وريعوت ودقعا وأفعبت وعد شيخ ومسيام وقوحاين وعالا وعصب وتسنى وبارنتو وان النط من كل هذه المواقع الى اسمرا وعدي يعقوب مع حبنا وتقديرنا لسكانها يكشف الخلل الكبير الذي تعاني منه كوادر الجبهة الشعبية وان مثل هذا التصرف يردي الى المزيد من اضعاف الوجدة الداخلية للشعب الارتري ان تأريخ النضال والاستشهاد في ارتريا لم يبدأ من اسمرا أو عدي يعقوب بل بدأ بقيادة الشيخ حامد ادريس عواتى في الفاتح من سبتمبر عام 1961م في جبل أدال في المديرية الغربية واذا هناك تقدير وتكريم حقيقي كما يدعي به الكاتب محمد داود في مقاله المذكور للشهداء فلا بد أن يبدأ من هذا المكان بالترحم والدعاء على أرواح الشهداء بما يتماشى وما هو معروف عليه في التعاليم الاسلامية.
بدلا من التحدث عن التجليات والدفاع عن طقوس لا علاقة لها بالحدث بقدر ما تمجد وتخلد طقوس غريبة على تركيبة الشعب الارتري الاجتماعية والدينية ومن يعرف أهل كرن وتمسكهم بدينهم لا يعجب بما حدث من تداعيات ولا يقع اللوم على اللجنة المنظمة كما يدعي الكاتب بل اللوم يجل أن يوجه الى الجبهة الشعبية تريد فرض عادات وتقاليددخيلة وغريبة على المسلمين في اريتريا.. لكن مدينة كرن وسكانها الصامدين في أرضهم، لا يمكن مقارنتها بمصوع وقتندع تلك المدينتين الحزينتين والتي تحولت الى ملاجئ لسكان تجراى... بعد تهجير سكانها الأصلين في فترة الحرب وتعقيد الحكومة لشروط عودتهم بعد أن صودرت أملاكهم وبيوتهم من المواطنيين الجدد الذين حصلوا على شرعية البقاء والاحتفاظ بالغنائم بموجب قانون الدستور الارتري مادة رقم (3) حق الجنسية الارترية...
ان هؤلاء المواطنين لا يمكن مقارنتهم بسكان مدينة كرن... للرقص على سيمفونية الجبهة الشعبية والزحف وراء تابوت مغطى بعلم الجبهة الشعبية... فهم كما يذكر الكاتب حضروا للمناسبة بأعداد كبيرة وشاركوا من الصباح الباكر في الذهاب الى مقابر الشهداء ودعو لشهدائهم في عونا وحلحل ولكل شهداء الثورة... كقضية الذهاب خلف التابوت والرقص بهذه المناسبة والاحتفال بها بطريقة قد مناقضة بالنسبة للمسيحييم أو الشيوعيين في ارتريا ولكن ان دين أهل كرن يحرم ذلك زهو الاسلام الذي يدين به 90% من سكان المدينة... لهذا أكملوا ما عليهم من واجب تجاه شهداء الثورة وبالطريقة الصحيحة دون الدخول في معصية الخالق لارضاء حاكم ظالم كما فعل الكاتب محمد داود عبد الله.
وبهذه المناسبة نود أن ننقل لأهلنا الصامدين في الداخل وفي مقدمتهم سكان مدينة كرن تحياتنا القلبية وافتخارنا واعنزازنا بهم... ووقوفنا بكل ما نملك من قوة معهم والدفاع عن حقهم في الصمود في أرضهم.