اذا عرف السبب... بطل العجب
بقلم الأستاذ: عمر ليلش - لاهاى
لاشك ان اى حدث او اى تغيير مفاجئ فى سلوك فرد اوجماعة يزيد من اهتمامنا لمعرفة سبب ذلك التغيير المفاجئ وخاصة اذا كان
أمر التغيير له علاقة بالتحول في المبدأ والرأي والموقف بصورة متناقضة ومنافية للحالة الأولى جملة وتفصيلا، اى بمعنى آخر ان يتحول المرء من اقصى اليمين الى اقصى اليسار فى مسائل وطنية لاتقبل المساومة والتنازل والتساهل في اتخاذ القرار او فى ابداء الرأى، وبالذات عندما يأتى التحول فى وقت تواجه فيه المسيرة الوطنية اصعب الظروف واخطر التحديات.
ولذا كنت أتساءل كغيري من بنى وطنى المشغوليين بهموم الوطن، عن اسباب التغيير المفاجئ فى سلوك بعض اصحاب الأقلام الخادمة للاستبداد، كما انه وحتى وقت ليس ببعيد كنت اعتقد كغيري من المهتمين بقضايا الوطن ان الهراءات والأكاذيب التى يكتبها اصحاب الأقلام التى تخدم الأستبداد، كانت نابعة من قناعاتهم الشخصية ويكتبونها بمحض إرادتهم، وظلت هذه الفكرة والقناعة تلازمنى حتى اكتشفت الحقيقة التي مفادها إن ما يكتبه اولئك من اخبار مزيفة ومهاترات ليس لها اى صلة بمهنة الصحافة والإعلام، ان ما يكتبونه من ترهات ما هو إلا بسبب الضغوط والابتزاز الذي يتعرضون له من قبل نظام هقدف، حيث يحدد لهم جهاز استخبارات الطغمة الحاكمة نوع الموضوع والطريقة والألفاظ البذيئه والعبارات المشمئزة واللغة الركيكة التى يجب ان يكتب بها، و تحدد لهم أيضا الشخصيات الوطنية التى يجب ان يتناولها الموضوع، ولذا فما على مغلوبى الأمر هؤلاء، إلاّ التوقيع على ما يكتب، ولزوم الصمت حين الأشارة الى اسمائهم فى مقالات كتبت تحت توقيعهم وهم لا يدرون عنها فى الأساس اى شئ وذلك وفقا لأتفاقية المساومة المبرمة بينهم وبين حكومة هقدف الإرترية. وصدق المثل القائل: إذا عرف السبب بطل العجب.
و في حديثي هنا عبر هذه الأسطر سأتناول نوع واسباب العقد المبرم بين حكومة هقدف الإرترية كطرف اول، وأحد رموز اقلام خدمة الأستبداد وهو المدعوعبد القادر حمدان كطرف ثانى فى هذا العقد، كما سيأتى الدور فيما بعد للتحدث عن صاحب ”العيون الساهرة“ من ملبورن باٍستراليا وطفل هقدف المدلل فى السويد. وسيكون الحديث عنهما ايضا مطابقا لحديثنا هنا عن المدعو عبد القادر حمدان.
ولكن وقبل ان اتطرق الى خفايا تلك الأتفاقيات المبرمة دعونا نعرج اولاً ولو بشكل سريع على السيرة الذاتية للمدعو حمدان لأننا من خلالها سنكتشف ان كل ما يكتب الآن ويحمل توقيعه، ما هو الاَّ ثمن الفاتورة التى يدفعها جراء سلوكه ونهجهه المشين والمنحرف فى الحياة منذ نعومة اظافره وحتى يومنا هذا.
المولد والمنشأ:
ولد عبد القادر حمدان فى ”حوارى محفوظ“ فى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ودرس المرحلة الابتدائية هناك. وعند انتقاله إلى الصف الأول الأعدادى اضطر والده المكافح، ارساله الى مدينة مصوع برفقة عبد الرحمن على، لأن سلوك التسول والسرقة والشذوذ الجنسى بدأ مبكراً فى الظهور والسيطرة على شخصية ذلك الطفل الذى لم تجد براءة الأطفال طريقها اليه، مما وضع الأسرة فى موقع حرج لاتحسد علية.
ولذا كان لابد من اتخاذ قرار نفيه من قبل الوالد، لأن وجوده بينهم قد كسر كبيريائهم، حيث اصبح ذلك الطفل الضال مصدر المتعة الجنسية لزائرى قهوة عرب 6 و سكان حوارى دار محفوظ. والمؤسف حقاً انه فى الوقت الذى كان ينبغي أن يكون برفقة اقرانه فى المدرسة لتلقى العلم والمعرفة وتعلم اصول التربية الحسنة التى سترفع من مقامه فيما بعد، كان ابننا عبدالقادر مهتما بممارسة سلوك التسول والتشرد وقضاء الأوقات فى المقاهى و شوارع الحوارى.
تخيل ايها القارئ ان يتسيب طفلٍ في المرحلة الابتدائية عن مدرسته لا لشيء إلا لأنه أدمن التسول في المقاهي في سن مبكرة !!! فأى مستقبل باهر اذن سننتظر من طفل كهذا؟ ...وتصور أيضا أن يلقى القبض على طالب فى المرحلة الإبتدائية متلبسا بارتكاب جريمة سرقة وبجنحة مخلة بالشرف والآداب!!! فأي صلاح وفلاح وصلاح سينتظر إذن من وراء هكذا طفل ؟
و عندما زاد سلوك الطفل سوءً، زادت إرادة الأب في تطبيق قرار النفى. وبالفعل قد نفى الوالد ”حمدان“ طفله ”عبدالقادر“ جراء سلوكه المنحرف ووصل الى مدينة مصوع على متن باخرة كما سبق وان ذكرت برفقة عبد الرحمن على. واعتقد ان كلمة ”مخلفات البواخر“ التى قالها المناضل محمد على لباب، معلقا في إحدى مداخلاته في تلفزيون المستقلة في لندن، كان يعنى بها قرار نفى حمدان الى مصوع عبر الباخرة وليس كما حاول ان يحرّفها بعض مروجى بضاعة الفتن الى ان المعني بذالك التعليق هم ابناء سمهر. حاشى لله لأبناء سمهراللذين سجلت بطولاتهم التاريخية بأحرف من نور فى ان تمثلهم حثالة من حثالة المجتمع الإرترى كالمدعو عبدالقادر حمدان. وان سمهر وابطالها قد سبق لهم وان تبرؤا من سلوك التسول والنفاق والدجل الذى يمارسه عبدالقادر حمدان.
التحاق عبدالقادر حمدان بالثورة:
التحق عبدالقادر حمدان بجبهة التحرير الإرترية - فى منطقة ”قدم“ التابعة اداريا الى المنطقة الرابعة آنذاك والتى كانت تحت قيادة المناضل محمد علي عمرو احد رموز وقادة الحكومة الهقدفية الإرترية الحالية، وباشر حمدان عمله هناك كممرض ولم يستمر كثيرا في أداء تلك الخدمة الإنسانية حتى قبض عليه متلبسا فى ممارسة جريمة شذوذ جنسى، ادت الى احراج مسئوول المنطقة السيد عمرو، الذى لم يتمكن ولاعتبارات عائلية حساسة ودقيقة فى تنفيذ قرار حكم الأعدام على عبد القادر حمدان، علما بأن من جبهة التحرير الإرترية كانت قد اقرت فى تلك الفترة، تطبيق عقوبة الأعدام على كل شخص يضبط متلبساً بارتكاب اى جنحة او جريمة مخلة بالشرف.
وعندما صعب الأمر على المناضل عمرو فى اتخاذ الأجراءات التى كان يلزم تنفيذها كقائد، اكتفى فقط بنفيه، حيث لم يطق للقائد آنذاك رؤية ذلك الشاذ ”حمدان“. وهكذا واجه حمدان عقوبة النفى للمرة الثانية وفى بلدين مختلفين ولكن لأسباب مشتركة وهى ارتكاب جنحة مخلة بالشرف. و شاء القدر ان يكون فى صالحه، حيث رفضت المنطقة الرابعة المشاركة في مؤتمر ادوبحا وأعلن على إثرها المناضل الشهيد الراحل عثمان صالح سبى، تأسيس قوات التحرير الشعبية.
فأعلن حمدان انضمامه الى التنظيم الوليد حديثا وهو قوات التحرير الشعبية واستعمل دهائه وذكائه الذى تعلمه اثناء ممارسة نهج التسول، واقنع الشهيد سبى فى ارساله الى بعثة خارجية لشراء ادوية ومعدات طبية. ولم يتردد الشهيد سبى لحظة واحدة فوافق على طلب حمدان الداهية وسلمه مبلغ قدره 20000 (عشرون الف دولار) وكان ذلك فى عام 1973، وهكذا اختفى حمدان من الميدان فجأة مصدرا على نفسه قرار الأبعاد، وبالرغم من انه و بطريقة مخالفة للسابقتين، الاّ انه كان لأسباب متشابهة ومتطابقة للتى كانت فى جدة، حيث أن العامل المشترك بينهما هنا جريمة السرقة. وهاهو حمدان ينفى للمرة الثالثة على التوالى من مكان اقامته.
حمدان فى المانيا:
ظهر حمدان فى المانيا بعد هروب واختفاء دام اكثر من ثلاث اعوام وبالتحديد فى عام 1977 ابان مرحلة تحرير المدن التاريخية. بالله عليكم ا نظروا دهاء هذا الرجل... قد اختار توقيتا مناسبا ومثالياً للظهور الى العلن، وهو تحرير المدن الكبرى، وكان توقيتاً موفقا، لأنه كان على يقين ان نشوة الفرح ستجعل الشعب الإرترى برمته آنذاك يكون متسامحا فى كل شئ و يقول عفى الله عما سلف ولذا لا محال ان خيانته ستغفر وان توبته ستقبل اذا طلب ذلك.
اما الدهاء الأخطر من ذلك، فإن الداهية حمدان تقمص شخصية داعية إسلامي ورع والتحق بالمنظمات الأسلامية الأوربية التى مقرها المانيا وبدأ يردد شعارات ان احوال المسلمين فى ارتريا في خطر وانه إذا لم تقدم المساعدات للمسلمين فى ارتريا فى اسرع وقت فإن الإسلام فى ارتريا سينقرض. وبدأ يجمع التبرعات المالية والعينية بأسم مسلمى ارتريا، وحتى يثبت حسن النية قاده دهائه الى السفر الى كوسوفو احد اقاليم جمهورية يوغسلافيا الأتحادية السابقة لأعطاء محاضرات دينية بها، وتحول الرجل فجأة من زائر الحانات والبارات الى اكبر داعية اسلامية بمنطقة القرن الإفريقى.
حمدان بعد تحرير التراب الوطنى:
تحرر التراب الوطنى من المستعمر الإثيوبى البغيض واصبحنا نحلم بمستقبل افضل وان نعبر عن حلمنا ونستعد لشد الرحال الى الوطن للمساهمة فى اعادة البناء والتعميرايمانا بأنه لايجوز تأجيل الأصلاح والمساهمة الوطنية بدعوى خلافاتنا مع سياسات الجبهة الشعبية القمعية، وفى تلك اللحظة ونحن فى صراع شديد بين فرحة التحرير والخوف من غدر الشعبية، فاجأنا حمدان بالتحدث بإسم المعارضة الأرترية وتاسيس جريدة اطلق عليها صوت ارتريا، كان يوجه من خلالها اشد كلمات النقد وافظع مفردات السب و اللعن والشتائم و ارزل الصفات على حكومة هقدف ورجالاتها وكان ذلك حتى عام 1999 أما بعد ذلك العام المشئوم، تبدلت احوال حمدان و تغيرت عنده لغة الكلام وحلت محلها اسمى آيات الشكر والتقدير والمدح والعرفان لحكومة هقدف، وبدأ في ذم أهل المعارضة ووصفهم بنفس تلك الأوصاف التى كان يصف بها افراد حكومة هقدف، بل اشد منها، وتحول فجأة من سيف مسلول على هقدف إلى ابنها المضلل فى المانيا، والسبب فى ذلك سنقرأه فيما بعد معاً.
حمدان فى السودان:
وصل حمدان فى عام 1996 الى السودان وبالتحديد الى مدينة الخرطوم وإجتمع برؤوساء تنظيمات المعارضة واقام ندوة سياسية ذكر فيها كل معايب النظام ووصف النظام بأنه نظام طائفى، يعمل فقط من اجل مراعاة مصالح المسيحين على حساب المسلمين وان سياسته واضحة وهى قمع واضطهاد المسلمين واقصاءهم وان أهداف هذه الحكومة هى اقامة دولة اكسوم الكبرى فى المنطقة، واختتم ندوته قائلأ اذن لابد من محاربة ومعارضة هذا النظام بكل ما نملك. هذا ما قاله فى عام 1996.
اما اليوم فالنظام عنده... نظام مثالى يضرب به المثل فى المنطقة والسبب فى ذلك سنقرأه فى الجزء التانى من هذا الحديث والذى سنتحدث فيه عن المواضيع التالية:
• حمدان و اسباب فشل علاقته الزوجية الثلاثة.
• حمدان ومصادر معلوماته فى استراليا.
• اسباب تحول كتابات حمدان من معارض الى مؤيد.
• اذا عرف السبب بطل العجب.
• كيف ينبغى لقوى المعارضة ان تتعامل مع حمدان بعد معرفة محنته ؟