قصة مؤلمة محزنة يرويها من عايشها
ترجمة: وكالة زاجل الأرترية للأنباء - زينا
قصة مؤلمة يرويها من عايشها: لم َيْنجُ من أسرتنا غير أنا وأخي إدريس،
نعم أمي بقرت بطنها بالسكين وهي حامل وضحايا الأسرة ستة.. وضحايا المذبحة كانوا 29 شهيدًا، دفنوا في قبر واحد.
فهل برئت جراحاتك يا أيها الشعب الصامد، يا أحمد هل تغير حالك، اين تقيم أنت الآن يا أحمد، هل تشاهد المواطنين الأرتريين وهم يحتمون بالنظام الإثيوبي ”الأباي“ من نظام أسياس أفورقي، كم من المواطنين يموتون كل يوم بعد الاستقلال يا أحمد، تغيرت الأنظمة والمأساة عميقة الجزور، مغروسة في كل بقعة من ربوع الوطن، غرستها اليد غير المباركة، يد أسياس أفورقي، و يد الطغمة الآثمة، بطانة السوء.
قال أحمد وهو الضيف الذي استضافته فضائية النظام في عام 1995م كنت طفلا صغيراً، أرعى البقر، وقت الضحى، كنت أريد لها أن تشبع، من العشب الأخضر، كنت أريدها أن تحلب ونشبع من لبنها.
لم نشرب لبنها، ولم نسعد بخيرها، جاءني أبي يسعى، يخبرني بوجود العدو ”الإثيوبي“ في المنطقة.
العدو بادرنا بالهبوط نحونا من قمة الجبل، من تلال.
الشيخ موسى رجل كبير السن من رعاة الغنم، كان مقيد اليدين خلفا، شاهدته معهم.
والدي دعاني، وأنا شاهدت العدو يحيط بنا.
طلبوا من الوالد التوجه إليهم والسلاح ”الكلاش“ مصوب إليه، جاهز لإطلا النار.
الوالد وعدهم بالحضور، وهو متردد على اتخاذ القرار بين خوفين: الذهاب إليهم يخوف، والهروب منهم يخوف.
قلت له: أريد أن أهرب يا والدي.
فأذن لي بالهروب وارتكاب المخاطرة، ودعا الله لي بالسلامة.
والدتي كانت حاملا ً.
أختي فاطمة كانت حاملاً.
طعنوا الوالدة بالسكين، وهي في شهر ولادتها بمولودها الذي في بطنها.
جدي كان طاعنا في السن.
حليمة عمرها أربع سنوات.
لم يبق من الأسرة إلا أنا وأخي إدريس، قتلت الأسرة كلها.
بقيت الجنائز في الموقع ثمانية أيام، منعنا من دفنها، لأن العدو أقام في المكان وأشرف على تعفن الجثث وقد كان يأكل منها الثعالب، كان العدو قد ألقى فوق القتلى أوراق الشجر.
القتلى من أسرتنا ستة، وكانت هناك ضحايا آخرون، بلغ عددهم تسعة وعشرين ضحية، دفنوا في مقبرة جماعية.
فاطمة مسمر التي شهدت المأساة قالت لنا: إن حليمة تركتها غير مقتولة، كانت الصغرى في الأسرة، أتذكر أنها حمراء وكانت شامة في صفحة وجهها.
كنت أتوقع أن شخصاً يخاف الله ربما أخذها وأبعدها من موقع الموت، ولا زلت أنتظر ظهورها، كلما أرى حتى اليوم من تشبهها أتأسف وأتألم، لم أعرف عن مصيرها، هل أكلها الثعالب أو الذئاب، هل قتلها الجيش الإثيوبي عندما عاد ليدفن الجثث، الله أعلم ليس لنا معلومة عنها، لكنها مفقودة. (وقد مضى من عمر الحدث خمسة وأربعون عاما).
أتذكر هذا الحدث الأليم كأني أشاهده، وأتذكر معالم أشخاصه، كأنه قد وقع بالأمس القريب، أنسى كل شيء لكني لا أنسى تلك المأساة، إنها مكتوبة في قلبي.