التواطؤ والخيانة الخونة الكوماندوس - الحلقة الثانية

بقلم الأستاذ: متكل أبيت نالاي - كاتب وناشط سياسي ارتري

نشأت الاستعمار الإيطالي: من الجزء الأخير من القرن التاسع عشر انعقد مؤتمر برلين في عام 1884

حيث عقداتفاق بين بريطانيا وفرنسا وألمانية وإيطاليا وإسبانيا والبرتقال وبلجيكا على اقتسام القارة الأفريقية فاستعمرت بريطانيا كل من نيجر ونيجيريا وزنجبار وجنوب أفريقي والسودان ومصر وكينيا وأوغندا ورودسيا وفي الوقت الذي حصلت فرنسا على استعمار تشاد، وجابون ومدغشقر، الجزائر، تونس، جيبوتي ومراكش وحصل ملك بلجيكا على الكونغو كملك خاص وحصلت البرتقال على أنجولا وموزنبيق وغزت ألمانية توجو والكاميرون، وكانت ايطاليا منقسمة إلى عدة دويلات وكان الجزء الشمالي للبلاد خاضعا تحت نير الحكم النمساوي، وبعد كفاح طويل وثلاثة حروب من أجل الاستقلال استطاع الإيطاليون توحيد البلاد والتحرر من السيطرة الأجنبية وتكونت بذلك في سنة 1861 المملكة الإيطالية الموحدة، ولكن بدون روما وفينيسيا اللتين انضمتا فيما بعد إلى هذه المملكة.

وخلال سنتين فقط، من نيل ايطاليا لاستقلالها انقلبت الآية حيث بدأت تفكر في المستعمرات حتى يكون لها مناطق نفوذ في القارة السمراء تماما كفرنسا وبريطانيا هذه الدولة التي كافحت من أجل الحرية والمساواة.

بدأت مستكشفوها يجوبون البحر المتوسط والبحر الأحمر ويرسلوا تقاريرهم إلى بلدهم ليستعبدوا شعوب هذه المنطقة. وكتب بالفعل ”كريستوفور و نيجري“ في 30 أغسطس 1863 ما يلي في مجلة ”لوبنيوني دي تورينو“ لا توجد دولة أكثر من ايطاليا ينبغي عليها أن تهتم بموضوع الشرق الأوسط والبحر الأحمر.

أذا وقعت مثلا مصر تحت الحكم الإنجليزي ومعها قناة السويس، وإذا وقعت تونس تحت فرنسا، وإذا ما دخلت النمسا في دالمازيا عن طريق ألبانيا فسنجد أنفسنا في نصف البحر الأبيض المتوسط بدون أن نحصل حتى على الهواء اللازم للتنفس ”أن ايطاليا كدولة بحرية إذا أرادت ألا تبقى منعزلة في البحر الأبيض المتوسط ينبغي عليها أن تحصل على موقع تقع في أماكن غير بعيدة عن الساحل الايطالي وفي هذه المواقع يجب إنشاء اثنين أو ثلاثة مواني لاستعمالها من قبل الأسطول الايطالي وذلك لإتمام التنسيق الاستراتيجي“.

وتحدث نفس الكاتب عن العوامل السكنية على النحو التالي: أن عدد سكاننا يتزايد باستمرار حيث نتج عن ذلك اتساع الهجرة إلى البلدان الأجنبية ولوضع حد لتثبيت آلاف من الايطاليين حول العالم ـ تزدهر بأعمالهم بلدان أخرى ـ فانه ينبغي تنظيم هذه الهجرة وتوجيهها نحو ارض تكون تابعة لنا. وقال وزير خارجية إيطاليا (ماتسني) في عام 1885 مقولته المشهورة حيث قال: (أن مفاتيح البحر الأبيض المتوسط هي في الحقيقة في البحر الأحمر، فمن تكون له السيادة في هذا البحر الأحمر يتحكم في البحر المتوسط) بحكم البحر الأحمر طريقاً بحرية استراتيجة تهم العالم كله ويجذب التنافس الخارجي والصراعات المختلفة ومنذ افتتاح قناة السويس  1869 اكتسب قضية البحر الأحمر أهمية عالمية سعت الدول الاستعمارية بريطانية وفرنسا وايطاليا إلى احتلال المنطقة والتأثير على مصائرها هكذا ساعدت هذه الدول على خلق صراعات جديدة في المنطقة. أضافت إليها عناصر عرقية وإقليمية غير متجانسة ففصلتها عن موطنها الأصلي وأبناء جلدتها وحشرتها في جغرافية صنعها الاستعمار.

وعلى كل حال ومن خلال الاتفاقيات المبرمة بين الدول الأوروبية الكبرى المستعمرة وإيطاليا منهم تم توزيع مناطق نفوذ وقررت إيطاليا أن تتقاطع بين فرنسا في جيبوتي وبريطانيه في السودان وعليه سعت أن ترسخ أقدامها في إرتريا عبر المناطق التي تقطنها قبائل عفر أي ضواحي عصب وبحيل وتلاعب خادعوا بها السلطان إبراهيم سلطان قبائل عفر، في عصب وضواحيها. حينما جاء إليه المبشر سابتو الذي أقنعه بحسن نيته ليشتري منه قطعة أرض وذلك لحساب شركة روباتينو للملاحة Rubattino Navigation البحرية الإيطالية لتكون محطة تموين لسفنها على خليج عصب.

وفي إبريل عام 1881 وصلت بعثة إيطالية مسلحة قوامها خمسون رجلاُ على ميناء عصب ثم توغلت، تدرجياُ إلى العمق أرض الدناكل وفي (بيلول) بمنطقة دنكاليا أبيدت البعثة عن أخرها. وفي 1882/6/5 أعلنت شركة رباتينو الإيطالية عن تنازلها عن ممتلكاتها في عصب للحكومة الإيطالية، وصدر في نفس الوقت مرسوم إيطالي يقضي بتحويل عصب إلى مستعمرة إيطالية ورحبت بريطانية بهذا الاستيطان الاستعماري الإيطالي لإرتريا لأنها كانت تخشى من انتشار النفوذ الفرنسي الذي استولى على جيبوتي في البحر الأحمر. وفي رواية أخرى كتبها السيد محمد عثمان حمد بتاريخ 2005/1/29 لموقع النهضة تحت فقرة تصحيح التاريخ هذا نصها.

جذب الموقع الجغرافي الذي يقطنه ”العفرعلى الساحل البحر الأحمر الأهمية الإستراتيجية، الكثير من القوى الاستعمارية حتى تمكنت ”إيطاليامن التغلغل في المنطقة عن طريق شركة ”روباتينو“ عندما استطاع السيد/ جيوسبيي سابيتو الذي كان يبدو ظاهرياً مبشرا عادياً للمسيحية، التوقيع على اتفاق عند استئجار لقطعة أرض من الممثلين عن سلطان (رحيتا) لتكون تلك المساحة الصغيرة على الساحل، مقرا شركة المذكورة واستخدامها كموقع لتمويل الأسطول التجاري المتجه إلى الهند.

ومن المعروف إنه لم تكن ضمن الشروط والحالات التي حددت الاتفاق على البيع والشراء. وفوق ذلك لم تكن عصب“ ضمن نفوذ ”إبراهيم سلطان“ المجهول الهوية بل كانت ضمن السلطان ”برهان محمد إبراهيم“ الملقب ب ”عسا دردر“ ولكن ما يثير التساؤل والاستغراب هو إصرار الكثير من السياسيين في المنطقة على اعتقادهم الخاطئ الذي يقول: باع إبراهيم سلطان ”عصب“ وأن هذه الطريقة من التكرار للتاريخ المشوه يبدو كما لو أن هناك إساءة مقصودة، غير مبررة توجه نحو العفر“ وربما الهدف منها النيل من العفروإلحاق العار بهم أو تحميلهم المسؤولية التاريخية عن تغلغل المستعمر من خلال تلك المنطقة ”وخاصة عندما تذكر تلك المعلومات دون التنويه عن المقاومة المسلحة التي خاضها / العفر“ مع أن ذلك التاريخ، معروف ومسجل. لأنه عندما بدأت الهجمة الاستعمارية على المنطقة كان ”للعفر“ سلطنات فعلية تحكم المنطقة، وهو العامل الذي مكن بعضا منهم خوض المقاومة المسلحة بقيادة سلطان / جريفو / بيرو، ياسين حيسما لأكثر من 6 سنوات، حتى استشهد، بالقرب من عصبمدافعاً عن أرض العفر“ حتى لا تقع فريسة سهلة للاحتلال الأجنبي البغيض دون المقاومة التي تليق بالأمة والتي ترفض دائماً السيطرة عليها من قبل الأخريين.

يذكر التاريخ أيضاً بأنه بعد تلك المقاومة، هزم رجال القبائل أمام الجيش الإيطالي الذي كان مدججا بالأسلحة الحديثة في ذلك الوقت، بينما حارب العفر بالرماح والسيوف والخناجر والبنادق التقليدية محلية الصنع ومع ذلك لم تتوقف المقاومة ولم يذعن العفر لسياسة المحتل في أوقات مختلفة وكان من بين العفر الذين تركوا الإرث العميق من البطولات والفداء تلك هي قيم راسخة في وجدان العفر وهي عميقة إلى الحد الذي يدعو الأحفاد اليوم إلى الافتخار بذلك التاريخ المشرف والسير في نفس الدرب رفضاً السيطرة عليهم من قبل الآخرين.

إذن فالسؤال المهم هو إذا كان / إبراهيم سلطان ”باع“ عصب كما يقال فلماذا شنت إيطاليا الغزو بتلك التكاليف الباهظة ومادامت قد حصلت على الأرض عن طريق البيع والشراء فلماذا خاض / العفر المقاومة المسلحة التي استمرت لأكثر من 6 سنوات؟

وعلى كل حال في يناير 1885 أصدرت الحكومة الإيطالية أوامرها لقواتها العسكرية باحتلال مصوع وبالفعل بعد أن أنذرت الحامية المصرية الضعيفة والمتواجدة في المدينة، وصلت السفن البحرية الإيطالية ميناء مصوع يوم 1885/2/5 فاحتلت المدينة بعلم ومباركة بريطانية في وقت قصير من شراء الأرض ثم زحفت على داخل الأراضي الإرترية ومدت نفوذها في جميع الاتجاهات وانتهى ما سمته الاحتلال السلمي وأعلن الملك أمبرتو الأول ملك إيطاليا في عام 1890 إرتريا مستعمرة إيطاليا في شرق أفريقية. والملك أمبرتو الأول ولد في 14مارس 1844 في مدينة تورينو الإيطالية، عاصمة مملكة سيردينيا احدي ممالك إيطاليا حمل لقب (الطيب) التحق بالجيش الإيطالي عام 1858 ليحصل على رتبة كابتن ثم وصل إلى رتبة قائد فرقة. وتولى عرش إيطاليا في التاسع من يناير عام 1878 خلفا لوالده الملك فيتوريو الثاني. وفي الحادي والعشرين من أبريل عام 1868 تزوج من ابنة عمه مارجريتا أميرة سافوي.

ومات في التاسع والعشرين من يوليو عام 1900م (نقلاً من جريدة الجزيرة السعودية الصادرة 4 صفر 1426 الموافق 14مارس 2005 العدد 11855) وقد تميز الحكم الاستعماري الإيطالي في إرتريا بالعنصرية الفاشية حيث استولى الإيطاليون على الأراضي الزراعية الخصبة وبنو المدن الحديثة وشبكة من الطرق العصرية وأقاموا صناعات حديثة وطوروا ميناء مصوع على البحر الأحمر والذي ارتبط بخط / تلفريك / لنقل البضائع من الميناء والى العاصمة أسمرا، كما أنشأوا خطا للسكك الحديدية يربط الميناء بأسمرة ويمتد حتى مدينة كرن في الوسط وأغوردات في الغرب وذلك لجعل إرتريا (قاعدة) للإمبراطورية الإيطالية في شرق أفريقيا وقد حرص الإيطاليون على حرمان أبناء إرتريا من الاستفادة من خيرات بلادهم فمنعوهم من حق التعليم إلا في أضيق الحدود بل وطبقوا سياسة الفصل العنصري في العاصمة أسمرا التي بنوها على أحدث الطراز المعمارية لتكون مدينة إيطالية في قلب أفريقيا، ولم يسمحوا للسكان من أبناء إرتريا الإقامة في الأحياء الإيطالية الرقية.

فكان هناك أحياء تسما قزاباندا طليان وقزاباندا حبشا، أما في بقية المدن والأرياف فأن السيد الإيطالي كان الملك والحاكم الآمر وكان الفلاح الإرتري يعمل أجير لدى المزارع الإيطالي. ومن أجل تنفيذ مخططات التوسع الاستعماري في أفريقيا فان إيطاليا ألحقت الفلاحين والعمال الإرتريين بالقوة في الجيوش الإيطالية التي اتجهت لفتح ليبيا في الشمال وإثيوبيا والصومال في الجنوب وقد قتل الآلاف من الإرتريين في حروب التوسع الإيطالية في أفريقيا. وكان للساسة الايطاليين، وخاصة رئيس الوزراء كريسبي “Crispi الذي شغل المنصب بين عامي 1887 و1896، أعلن عن نيته بتوسيع نفوذ الإمبراطورية الاستعمارية الإيطالية في شرق أفريقيا سماها Africa Orientale Italiana أي (شرق أفريقيا الإيطالي) تضم ارتريا وإثيوبيا والصومال. وقد أيد الفكرة بشدة كل من الكنيسة الكاثوليكية وأصحاب المصالح الاقتصادية في إيطاليا. وكان الإيطاليون قد تمكنوا من التسلل إلى الحبشة وأقاموا قواعدهم فيها بدعوى حماية المسيحيين من الثورة المهدية التي اشتعلت في السودان خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر.

ثم استغلت إيطاليا الخلاف الذي نشب بسبب المعاهدة التي عقدت في الثاني من مايو1889 بين الحكومة الإيطالية والملك منيليك الثاني ملك إثيوبيا عرفت بمعاهدة (أوشالي) استهدفت منها إيطاليا تأكيد نفوذها في إثيوبيا.

وقد صادق منيليك على هذه المعاهدة في نابلي عن طريق ممثله الرأس مكنن والد هيلاسلاسى إمبراطور إثيوبيا، وقد تضمنت تلك المعاهدة اعتراف منيليك الثاني بسيادة ملك إيطاليا على الأراضي الإرترية وعدم وجود أي أحقية لإثيوبيا عليها وجاء في النص (إن جلالة ملك إثيوبيا يقبل أن يعهد إلى حكومة جلالة ملك إيطاليا في مفاوضات الدول والحكومات الأجنبية في كل شأن من الشؤون التي يريد أن يخاطبها فيه) واعتبرت إيطاليا هذه المعاهدة بمثابة قبول من الإمبراطور بالحماية علي بلاده في حين أن الرجل كان يتصور إنها معاهدة صداقة وتعاون وقالت إيطاليا بأن إثيوبيا يجب أن يكون كل اتصالاتها الخارجية عبر إيطاليا، ورفض منيلك هذا التفسير لمادة 17 من المعاهدة والغي المعاهدة برمتها وكان هذا سبباُ مباشرا في نشوب الحرب بينهما، وعندما تقدمت إيطاليا في الأراضي الإثيوبية حقق الإمبراطور منيليك الثاني النصر عليها في معركتي إمبالاجي عدوى، (تجراي) في 1مارس (آذار) 1896، وقد هزمت فيها إيطاليا شر هزيمة. وبذلك كبح منيليك جماح الطموح الايطالي ويفشل هذه المرة سياسة ”التوسع السلمي.“

وكانت إيطاليا دولة بربرية ومحبة للحرب وتنتشر فيها و في أوروبا المبادئ القومية التي تدعو إلى استعمار الشعوب الملونة. وانتصار منيليك عليهم كانت نصر لكل الملونين والمنطقة، وعار على الأوروبيين وهيبتهم وعظمتهم .إنها مقاومة من شعوب غنية بالقيم الروحية حيث تكافح من أجل حريتها وكيانها. أما منيليك بعدها تمكن بكل سهولة من توحيد إثيوبيا، وبدأت نهضة جديدة للأمة الإثيوبية، فلم تكن لإثيوبيا قبل عام 1887 عاصمة أو مقر دائم للحكومة، وإذا كانت عواصمها تتغير تبعاُ لتغير الملوك والرؤساء، وكان اختيار المدينة التي تكون عاصمة يعتمد على الملك الذي يعد قاهراُ في حربه على الملوك الآخرين.

ولقد وقع اختيار الإمبراطور منيليك الثاني الذي حكم من عام (1889-1913) كإمبراطور لإثيوبيا على أديس أبابا لتكون عاصمة لبلاده ومنطلقاُ لإعادة توحيد إثيوبيا المنقسمة والمجزأة. ولد منيليك في عام 17أغسطس عام 1844 في أنكوبر (شوا) من الإمبراطور هيلي ملكوت ملك نقاش شوا وحاكم قبائل المنز الأمهرية وكان اسمه سهلي ماريام حكم والده مملكة شوا الإثيوبية من عام 1847 إلى 1855، وفي عام1855 مات الملك هيلي ملكوت بعد هزيمة في احدي المعارك أمام الإمبراطور تيدروس وخلف منليك والده على العرش مملكة شيوا ولكن الإمبراطور المنتصر تيدروس أطاح به وسجنه في منطقة أمبا مقدلا وتربا منيليك هناك يراقب حكم تيدروس لفترة دامت عشرة سنوات، أما تيدروس نصب أتوبي صباح حاكما على مملكة شيوا الإثيوبية.

وأخيراُ تمكن منليك من الهرب واستعاد عرش والده بمساعدة أفراد عائلته وأصدقائه في عام 1865 وتوفي تيدروس في عام 1868 واستمر حاكما لمملكة شيوا لمدة 24 عام من عام 1865إلى 1889 وعندما مات الإمبراطور يوهانس الذي حكم شمال إثيوبيا من عام 1872 إلى 12 مارس عام 1889 إثري اصطدامه بالثورة المهدية في السودان انتهت المعركة بهزيمته وموته في منطقة المتما.

تولى بعد ذلك عرشه منيليك الثاني ونصب نفسه إمبراطورا للحبشة عموم إثيوبيا من 1889إلى 1913. ونجح في فرض سيطرته على العديد من أقاليم الحبشة التي كانت لها إداراتها المحلية المستقلة عن الحبشة.(نقلاً من جريدة الجزيرة السعودية الصادرة بتاريخ السبت2صفر 1426 الموافق 12 مارس 2005 العدد 11853) وترجع أسلاف منيليك إلى حكم منيليك الأول ولذي يدعون إنه من سلالة الملك سليمان وكان حكمه من عام 1270ـ 1855 وبعد وفاة منيليك الثاني خلفه حفيده (ليج إياسو) ولكن منيليك الثاني كان قد زوج ابنته (أرجاش) من الرأس محمد علي أمير منطقة (ولو)، وهو من قبائل الأروميا فكان (ليج إياسو) حفيد منيليك الثاني إمبراطور على إثيوبيا في السابعة عشر من عمره.

ولكن الملك ليج إياسو أراده أن يضع حد لكراهية الدينية بتنظيم العلاقات في المجتمع الإثيوبي المتعدد الثقافات. وقام بحد من نفوذ الكنيسة التي كانت القوة الرئيسية المسيطرة على مختلف مناحي الحياة حتى أصبحت الهوية السياسية في البلاد. كما أظهر تعاطفاً مع مسلمين فخفض عدد كبير من رجالات الدولة الذي عملوا في عهد منيليك وقلل من النفوذ المسيحي في دولته، وعين عدد من النبلاء المسلمين في الدولة. وينظر إليه اليوم كملك وحيد الذي بدأ يعمل بطريقة بناءا في العدالة الاجتماعية. إلا أن الكنيسة شعرت بالخوف من الإسلام،فأصدرت على الفور قراراً بحرمانه من العرش وتم عزله في 27 سبتمبر 1916 ففر إلى بلاد الدناكل وبقى هناك حتى قبض عليه عام 1921 حيث ذبحه الإمبراطور هيلي سيلاسي، في عام 1934.

كان قد أعلن المطران تنصيب (زاوديتو) ابنة منيليك الثاني إمبراطورة لعرش إثيوبيا، وعين (رأس تفاري) وصياُ ووريثاُ وماتت الملكة زوديتو في 1 إبريل 1930، و في 3 إبريل من عام 1930، اعتلا تفري مكونن العرش باسم هيلي سيلاسي (أي قوة الثالوث المقدس) بما معناه أن الله.. ثلاثة الأب والابن ولروح القدس وهذا التثليث هي ما ترمز به اسمه، وكانوا القساوسة يرو أن إثيوبيا لا يحصل فيها ملك إلا إذا له صبغة دينية أو أثر عظيم من الدين خوفاُ من القبائل المسيحية المناصرة لكي لا تبتعد عنها.

ولد هيلي سيلاسي في إيجارسا جورو في إثيوبيا وكانولده رأس مكونن حاكم إقليم هرر ومنذ توليه عرش إثيوبيا حرص هيلي سيلاسي على تبني سياسات التحديث التي وضع بذورها الإمبراطور السابق منيليك الثانيقبل رحيله الذي ساعد في انضمام إثيوبيا إلي عصبة الأمم التي تأسست بعدالحرب العالمية الأولى عام 1923 كما أصدر قانون بإنهاء الرق وتجارة العبيدفي العام نفسه، وأصدر هيلي سيلاسي أول دستور لإثيوبيا عام 1931.

نواصل... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click