أيام لاتنسى من ذكريات المناضل محمد علي إدريس ابو رجيلا - الحلقة الرابعة عشر
إعداد: جبهة التحرير الإرترية
مؤتمر ادوبحا مابين الخطاء والصواب وسرية أديس: كان الطريق الى مؤتمر أدوبحا غاية في الصعوبة والتعقيد إذ كانت هناك
إتجاهات سلطوية سواء عند البعض من قادة المناطق أو البعض من قادة الوحدة الثلاثية الذين أطلقوا العنان لهكذا أحلام بقولهم ليلتحق بنا من تخلف عن الوحدة وشنت في بعض الأحيان حملة شعواء على المنطقتين الأولى والثانية وتركز الهجوم على المنطقة الثانية وقائدها و التي كانت تخوض في ذلك الوقت معركة كبيرة في حلحل وبدلاً من إسعاف المنطقة أخذ البعض يطلق العنان لكلمات لا تليق بأن يقولها مناضلين في حق إخوانهم في النضال والكفاح من أجل الحرية والاستقلال ولسوء طالع الثورة فقد أستشهد في تلك المعركة متأثراً بجراحه قائد المنطقة المناضل عمر حامد إزاز وكان قائداً كبيراً من قادة جيش التحرير الإرتري وكان فقده في تلك المرحلة العصيبة من تاريخ الثورة خسارة لا تعوض ظلت مؤثرة على مسار عملنا لفترة طويلة من الوقت كما أستشهد معه كوكبة من الضباط والمناضلين الأبطال على كل حال وبعد شد وجذب إستقر الأمر على عقد مؤتمر أدوبحا بفضل صمود وإصرار مناضلي شعبنا في جيش التحرير الإرتري وقادته الأبطال في مختلف المناطق وفي خضم المناقشات الحادة جاء ني المناضل عبد الله إدريس محمد وقال لي يا عم محمد علي لا أنت تأتي للقيادة ولا أحد من آباء الثورة فكيف سيكون الأمر وسط هذه القيادة التي ليس بينها أيا من الكبار إن الأمر سيكون بالغ الخطورة وستترتب عليه مشاكل كثيرة على كل حال إتخذ المؤتمر أعظم قرار تاريخي ألا وهو خلط وحدات جيش التحرير الإرتري وقيادتها من مركز واحد وفق إستراتيجية قتالية تأخذ الوضع العام للحرب بعين الإعتبار إلا أنه إرتكب أخطاء بحرمانه لعضوية عاملة في المؤتمر من حق الترشح للقيادة وهذا الخطأ حدث نتيجة لحرمان قادة المناطق العسكرية ونوابهم من الترشح وأحتج بعض قادة المناطق وكان على رأس المحتجين الأخوين محمد علي عمرو قائد المنطقة الرابعة ومحمد عمر آدم قائد المنطقة الثانية بعد إستشهاد عمر إزاز وكسر هذا الجدال عندما نهض محمود ديناي وقدم إستقالته من القيادة ووافق على عدم الترشح وأذكر أن الأخ عبد الله ديغول نهض وقال أنا أستغرب ديناي يستقيل و محمد عمر آدم يقول الكلام ده أنا أستغرب وضحك الجميع وصارت مداخلة ديغول مقولة يرددها عثمان أبو شنب ويقول بصوته المميز ديغول قال أنا أستغرب وأمام إصرار المؤتمرين تنازل باقي قادة المناطق ولم يكن الأمر عادلاً بكل المقاييس وعلى كل حال أصبح أمراً واقعاً ترك أثره في نفوس قادة المناطق ونوابهم وخاصة الأخ عمرو وشكلت القيادة التي عرفت بإسم القيادة العامة بالميدان من 38 عضواً 18 من الوحدة الثلاثية وعشرة لكل من المنطقتين الأولى والثانية وشكلت القيادة بقيادة محمد أحمد عبدو وإرتكبت القيادة العامة الخطاء الثاني بتجاوز قرار المؤتمر الذي أكد على عدم تعرض القيادة العامة للمجلس الأعلى وعدم تعرض المجلس الأعلى للقيادة العامة إلا أن هذا القرار قد خرق سواء من قبل المجلس الأعلى تحت تأثير المماحكات بين أقطابه التي صرح فيها البعض وبطريقة هدفها إيصال ما يقوله للطرف الآخر بأن القيادة العامة تابعة لهم وكانت القيادة العامة تشمل جميع أبناء إرتريا ولم تترك منطقة إلا ومثلتها ومع ذلك إستمر إدعاء أن القيادة العامة تابعة لنا وإنطلت هذه الدعاية على البعض من المجلس الأعلى وبهذا إبتعدوا نفسياً وعملياً عن التعاطي مع القيادة العامة وخاصة الأخ سبي والذي كان أول من قدم دعما لتلك القيادة في أيامها الأولى وقد أسهم سلبياً في هذا الأمر الأخ محمد على عمرو وكان في قمة الحنق بسبب ما جرى على قادة المناطق وعليه شخصياً وحرمانه من حق يرى أنه واحد من المؤهلين له وعندما جاء الى بورسودان صمم على مواجهة القيادة العامة وأثار التناقضات وسطها فرفض بعض أعضائها موضوع دمج جيش التحرير ومركزته مما دفع القيادة لاعتقالهم وهنا عمق عمرو شكوك سبي ودفعه لخيارات عملية وقوى خرج رمضان محمد نور على زملائه في القيادة العامة تلك الحركة والتي بدأت على المكشوف من العراق سنة 1970م.
لم يحدد المؤتمر صلاحيات القيادة العامة بالخارج وقد تعرضت وفودها للمضايقات والمطاردات وهذه قصة معروفة لأبناء شعبنا دشنت لأساليب وقحة في إدارة الإختلاف الإرتري الذي وصل لحد الإستقواء بالآخرين لإستبعاد الخصوم بل حرمان أبناء الوطن من حقوقهم الأساسية وهذا ما منع في الوقت الراهن من تشكيل مؤسسات دولة معبرة في مظهرها ومخبرها عن أبناء إرتريا بكل أبعادها مؤسسات يشعر معها الجميع بالأمان والاطمئنان.
على كل حال حدث إنشطار آخر وخرج أسياس ثم خرجت مجموعة عوبل المكونة من:-
• آدم صالح،
• أحمد آدم عمر،
• محمد أحمد إدريس،
• عثمان حسن عجيب،
وهكذا تمرد على القيادة العامة بهذا الشكل أو ذاك 13 من أعضائها كانوا يخرجون ثم يفتشون عن مبررات الانقسام وكل هذه الكتل بالإضافة للبعثة الخارجية شكلت معاً لاحقاً قوات التحرير الشعبية.
قبيل هذه الفترة حدث ماعرف لاحقاً بسرية أديس وهذه الظاهرة والتسمية كانت بسبب إلقاء القبض على شبكة من الجواسيس التي تسرب أفرادها وسط أبناء شعبنا المنضمين للثورة والقادمين من المرتفعات الارترية وهذه الشبكة ترافق كشفها مع موجة التسميم الشهيرة التي إجتاحت وحداتنا المقاتلة أثناء شرب المياه أو تناول وجبات الطعام وسممت مصادر المياه في المناطق النائية وأدت لإستشهاد العديد من المناضلين كما نفقت أعداد كبيرة من الماشية في ظل هذه الظروف التي لفها جو من التوجس والخوف كشف بالصدفة بعض المنفذين لتلك الأعمال وعند التحري معهم أكدوا على وجود كثيرين من الشركاء في هذه المهمة مما إستدعي سحب كل الذين إلتحقوا في تلك المرحلة وخاصة من مناطق الأحداث ومع هذا السحب سرت شائعات كثيرة أطلقها العدو وبعض المستفيدين من حدوث إنشقاق لم يكن لها أساس من الصحة وإستفادت من التجاوز الكبير والقتل الذي حدث بحق المناضلين والداي وكداني أثناء محاولة إعتقالهم كما حدث مع المحامي الأستاذ على برحتو وهذا التعميم الكبير أدى لموجة من التسليمات للعدو وخاصة في أوساط المقاتلين من أبناء الهضبة الإرترية ونشرت إستخبارات العدو تلك الشائعات على لسان الذين سلموا للعدو في الجرائد التي كانت تصدر في البلاد ووزعت على نطاق واسع بهدف ضرب الثورة التي أخذت توسع من ساحة وجودها وتغلغلها أوساط الشعب وإمتدادها في كافة أرجاء البلاد وللأسف عزز تلك الدعاوي بعض أصحاب الغرض وما علمته عن تلك الحادثة أن الأجهزة الأمنية للثورة حققت مع عدد 25 جندياً في تلك الأحداث (التسميم) وكشف التحري والقرائن التي قبضت مع البعض عن مشاركة خمسة عشر فقط وإتخذت خطوة بحقهم أما البقية فقد أطلق سراحهم وحتى إذا إعتبر البعض أن هذا تجاوز فأمام ما جرى بعدها يعتبر هذا الأمر كيفما ضخم أمراً يسيراً أمام ماجرى وما يجرى في بلادنا اليوم تعد تلك القيادة أكثر القيادات الارترية نظافة ً وأعتقد أن أبناء شعبنا لايمكن أن تنطلي عليهم الأكاذيب التي كشفتها الحقائق والممارسات الفعلية لمن صدر تلك الأكاذيب وحتى تلك الأكاذيب فضحها من سلم للعدو نفسه إذ قال البعض أنهم لم يحتملوا واقع الثورة وظروفها الصعبة ولهذا غادروا وأكدوا أنهم تركوا العديد من أبناء كبسا في صفوف النضال قادة ومقاتلين وهذه وغيرها وتصاعد قوة الثورة أسقطت تلك الأكاذيب التي حاول البعض أن يضفي عليها أبعاداً طائفية وأن يستغل بعض أخطاء الثورة وثبت الواقع حقيقة الثورة وشمولها وصحة شعارها الذي أطلقه المناضلون من الرعيل الأول ومؤتمرات الثورة الوطنية الارترية ألا وهو لابديل للإستقلال التام لإرتريا والذي أصبح أمراً لافكاك منه كما هو اليوم وكما لم تكن الثورة دينية تخص المسلمين الذي وقع عليهم الإضطهاد الأكبر من العدو المستعمر بهدف تسهيل مهمته الاستعمارية بإتباع سياسة فرق تسد ورغم ذلك لم تكن لمسلمي إرتريا مطالب دينية أو جزئية أو أية مطالب دون الوطنية الارترية رغم القهر والاضطهاد الكبير ولكنهم نظروا لمطالبهم في الإطار العام كما لم تكن الثورة تعبر عن مطالب أبناء المنخفضات الارترية الذين تعرضوا لأبشع ألوان التنكيل بحجة أنهم قادوا تمرداً ضد الدولة المركزية في أديس ولكن حقيقة الثورة كانت فوق ذلك أيضا.
كما لم تكن ثورة تعني بفكر معين بقدر ما كانت بجانب كل الشعب وبجانب الأكثرية الكبيرة من شعب إرتريا صاحبة المصلحة في إنتصار الثورة وقضية إرتريا العادلة وبقي مؤسسي النضال على عهدهم الأول أستشهد منهم من أستشهد وبقى من بقى ولم يغيروا إعلان الثورة وهدفها في تحرير إرتريا و بناء دولة إرتريا الديمقراطية التي سيشارك في إدارتها وبنائها جميع أبنائها المناضلين وعموم الشعب المناضل وأي إنحراف عن هذه الأهداف هو خيانة لكل تلك الدماء الطاهرة الذكية التي سالت من أجل الحرية خيانة للشعب الإرتري العظيم وضرب لتعايشه وتماسكه.
وكنا نحاول أن تكون الثورة وقيادتها وكوادرها إنعكاساً لتلك القنا عات بقدر الإمكان وكنا قد أقسمنا بالله على ذلك، إنتهت تلك المرحلة الخطرة من عمر الثورة بالانقسام الشهير وميلاد قوات التحرير الشعبية كما سادت تلك المرحلة مجاعة طاحنة وظروف معيشية بالغة الصعوبة وكان عام 1970م هو العام الذي إنقسمت فيه قوى الثورة وكان بداية الانحدار للمواجهات بين أبنائها والتي لم تطوى صفحتها بعد.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة