من مسيرة جيش التحرير الوطني لجبهة التحرير الإرترية - الحلقة الثانية والثالثة والثلاثون
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد عبدالفتاح أبو سعدة
تتالت الأحداث بسرعة وقررت قيادة الجبهة عقد المجلس الثوري وتم تكليف كل من (إبراهيم توتيل وتسفا ماريام وملاكي تخلي)
بالذهاب إلى منطقة كركون وتهداي من أجل شرح الموقف والدعوة إلى انعقاد المجلس.
ونستطيع أن نقول المثل العامي (إيجيتي لتكحليها قمت عميتيها) مثل سوري وللأسف حينها لم يكن القياديون يحترمون بعضهم البعض كونهم جميعا في هزيمة مذلة كنت كثيرا متخوفا من هذا الجو المتوتر والمكهرب من أن يحدث شيئ ما يزيد البغضاء بين القياديين وبالتالي فإنه سوف ينعكس على من تبقى من جيش جبهة التحرير فيقتلون بعضهم البعض وهذا ما كان تسعى إليه الشعبيتين الإرترية والتجراوية فضلا عن الإثيوبيين وقد شاركني الكثيرون في تخوفي هذا من أعضاء المجلس الثوري وكان توقعي في مكانه...؟
قابلت أحمد ناصر وعبدالله ادريس سوية وقلت لهما يا أخوتي أنتما مناضلان وطنيان وقد ناضلتم من أجل حرية بلدكم ونيل الشهادة كون الإنسان في النضال لا يمكن أن يضمن روحه...
وكان قد التقى عبدالله إدريس وإخوانه بأحمد ناصر وإخوانه قال أحمد ناصر لعبدالله إدريس محمد سوف تعقد اجتماعات المجلس الثوري في منطقة شبه محايدة وهذا يريح النفس ويصبح كل المقاتلين يحملون سلاحاً وهذا يمنح بعض التهدئة والأمان للكثير من أعضاء المجلس ويجب أن يكون تسفاي تخلة وهو مسؤول الأمن...
استمع عبدالله إدريس لكلام أحمد ناصر وصمت والصمت عبارة عن الموافقة هذا بعرفي أنا لكنه أي عبدالله إدريس أثار نقطة سوف أبدي رأي حولها. ومن هو والنقطة التي أثارها عبدالله إدريس من هو المسؤول عن ذبح (ثوار جبهة التحرير الإرترية الوطنية)...؟ المسؤول هو كل من كان يسمي نفسه قياديا....؟!! لكن برأي عبدالله إدريس كان المسؤول الأول هو أحمد ناصر وانبرى عبدالله إدريس مكلما المجتمعين وأحمد ناصر حول التسليم والدخول إلى السودان رد أحمد ناصر بقوة على عبدالله قائلا أنا يا عبدالله لم آتي بجيش التحرير إلى السودان من هو يا عبدالله الذي سلم أنا أم أنت...؟
أنا لم أكن أقود الجيش عندما خرجت من الميدان تركت جيش التحرير منتشرا في كل أنحاء إرتريا وأنت تعلم وكل القيادة تعلم أني لم أخرج لأتفسح لقد خرجت لأعرض قضية شعبنا الإرتري...؟
يتابع أحمد ناصر ألم تكن أنت مسؤول المكتب العسكري ورئيسه...؟ والآن دعنا من توجيه اللوم لبعضنا البعض ولو في الوقت الحاضر على الأقل... إننا بصدد إعادة بناء الجيش،إننا في اختبار تاريخي نخرج من هذه الهزيمة أم لا نخرج...؟. وماهو المطلوب الآن.
وبعد أخذ ورد اتفق أحمد ناصر وعبدالله إدريس على انعقاد المجلس الثوري وفعلا انعقد المجلس بكامل أعضائه وأنا بدوري قلت للأخ أحمد وعبدالله أنتم تضيعون الوقت سدى ،المجلس هذا لم ينفع في السابق عندما كان هناك جيش أما الآن فلا جيش ولا من يحزنون وأنا أرى يا أخوتي أن عقد المجلس وعدم عقده شيئا واحدا، لكن للأسف الديمقراطية المزيفة هي التي سادت وعقد المجلس بكافة أعضائه وكان هو الاجتماع السادس له ، وبدأ الكلام والنقاش وكان نقاشا بدون معنى لكنه أظهر اتجاهان:-
الأول: قاده عبدالله إدريس ومكتبه العسكري والاتجاه الثاني قاده إبراهيم توتيل رئيس المكتب السياسي ملاكي تخلي رئيس مكتب الأمن، كان عبدالله إدريس يقول: لقد فشلنا في عملنا والقيادة فشلت أيضا ويجب اسقاط اللجنة التنفيذية بكامل أعضائها وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة وكان هذا الحل أما الطرف الثاني أي توتيل ومجموعته فيقولون بالرغم من فشل القيادة إلا أنها يجب أن تستمر وهنا كان رد عبدالله إدريس على توتيل وتخلي التالي.
إنني أقترح أن يكون حسين خليفة رئيسا للجبهة... رفض الطرف الثاني أي طرف رئيس المكتب السياسي توتيل ورئيس المكتب الأمني ملاكي ورأي الطرف الثاني تبناه معظم القياديين لكن الطرف الأول كان يرى في التغيير هو مصلحة جبهة التحرير واشتد حوار (الطرشان) وتفاقمت الأزمة واشتد الصراع... يا أخوتي لقد (سخنت) كثيرا ودعوني أخرج من هذه السخانة قليلا وأريدكم أن تعلمو بالآتي قبل متابعتي للحدث:
عندما أصبح أعضاء المجلس الثوري جاهزون لعقد السينمار حدث تطور مهم وهو قدوم مندوب عن وزارة الدفاع السودانية وهو اللواء (إبراهيم الجعيلي) وقد رافقه أحد أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الذي أطاح وأسقط جعفر النميري ونظامه، جاء بطائرة هيلوكبتر من الخرطوم ونزل في الوحدة السودانية العسكرية في مدينة كسلا وقد طلب اللواء (الجعيلي) من الضباط السودانيين المعنيين أن يتصلوا بأحمد ناصر بصفته رئيس جبهة تحرير إرتريا وبالفعل حضر أحمد ناصر ورافقه كل من حسين خليفة والدكتور هبتي تسفاماريام قال لهم اللواء الجعيلي: إنه مكلف من القيادة السودانية باللقاء معهم وإبلاغهم أن القيادة قد ارتكبت خطأ استراتيجيا بتجريدكم من السلاح، إن الحكومة السودانية قررت إعادة كافة الأسلحة إليكم كاملة ونحن جاهزون لتسليمها إليكم وهنا لا أخفي سرا عنكم وهو أن القيادة السورية والعراقية منفردتين قد اتصلوا بإخوانهم السودانيين وتشاوروا معهم بهذا الموضوع وعلينا أن أقول وسابقا قلت مؤكدا إن السودان كان ومازال العمق الأساسي والاستراتيجي للثورة الوطنية الإرترية.
أعود لأقول متابعا وصلت إلى كسلا ومنها إلى ذهبت إلى منطقة (راساي) بعد أن إلتقيت بالأخ صالح أياي الذي قال لي: يا أحمد الوضع خطير جدا وأخشى من انفراط ما تبقى من جيش التحرير وعليك أن تعمل بكل جهد لمحاولة إقناع أخوتنا المناضلين بلملمة صفوفهم من جديد إنني أخشى الضياع... في (راساي) اجتمعت بالثوار وسمعت منهم كلاما قاسيا حيث كانوا يصفون معظم أعضاء القيادة بأنهم متآمرون وهم الذين باعوا الجبهة وهم خونة، كنت أشعر بأن هناك عاصفة سوف تهب على من تبقى من الجنود الثوار والقياديين.
فتشت عن أصدقائي القياديين لكني لم أجد أحد منهم أبدا وربما هم تواروا عني...؟ عندها عدت أدراجي إلى دمشق والألم ومرارته تأكلني وقمت بإطلاع المعنيين بالأمر وكان الأسف والألم ظاهرا على وجوههم من أن يصل الأمر إلى هذا الوضع المؤلم... بعد أيام اتصل بي الأخ صالح أياي وقال لي يا أحمد يجب أن تحضر إلى السودان فورا الأوضاع تتفاقم نحو الأسوأ ووجودك ضروري جدا.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة