مرحلة التأسيس جبهة التحرير الارترية وبناء التنظيم - الحلقة الأولى
بقلم الأستاذ: محمد إدريس حمداي
الفاتح من سبتمبر عام 1961 ونقطة الانطلاق من أدال: كان عام 1961م عام استقلال والحرية ونقطة الانطلاق في تاريخ أفريقيا،
حيث نالت العديد من الدول الأفريقية استقلالها في هذا العام وبعده. وكان الشعار الذي عم أنحاء أفريقيا وبدون استثناء "على الاستعمار أن يرفع عصاه ويرحل" كما شهدت أفريقيا في الستينيات من القرن العشرين العديد من حركات التحرر الوطني، أبرزها ثورة ارض المليون شهيد.. ثورة الجزائر التي جذبت أنظار الرأي العالمي، وتزامن هذا مع بروز زعماء خالدون... جمال عبد الناصر، كوامي نكر وما، احمد سيكوتوري وغيرهم في المسرح السياسي لمواجهة الاستعمار ومقارعته. هؤلاء الزعماء مع غيرهم شكلوا دول عدم الانحياز بناء على قرارات مؤتمر باندونج عام 1955م بإندونيسيا، كما دعوا إلى إقامة منظمة إقليمية تكون صمام الأمان لوحدة القارة الأفريقية والعمل في سبيل تحرير الأجزاء الباقية، وظهرت أيضاً حركات التحرر الوطني في أسيا وأمريكا اللاتينية لمناهضة الاستعمار، وكانت الحرب الباردة على أشدها في تلك الفترة بين المعسكرين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الاشتراكي، وكان كل واحد منهكا يبحث عن التحالفات وإيجاد مناطق النفوذ.
فأعلن المعسكر الاشتراكي تأييده لحركات التحرر وتقديم الدعم المادي لها، بينما ركز المعسكر الرأس مالي على الدول المستقلة وتقديم المعونات المشروطة لها، هذا على المستوى الإقليمي والدولي كانت له انعكاسات على الساحة الإرترية مما أدى إلى التفاعل للعوامل الذاتية والموضوعية، في ظل هذا المناخ والتطورات ولدت جبهة التحرير الإرترية دون إعداد مسبق ودون دراسة الاحتمالات المستقبلية، تداعى نفر من الطلبة التقوا حول الزعيم الراحل إدريس محمد آدم الذي ترأس التنظيم لمدة خمسة عشر سنة منذ التأسيس ، وكان ميلاد جبهة التحرير الإرترية هو الرد الحاسم على السؤال الوحيد الذي كان مطروحاً في الساحة الإرترية وهو ما العمل؟ وذلك بعدما أجهدت إثيوبية محتويات النظام الفيدرالي واستولت على كل مفاصل وصلاحيات الحكم الذاتي، والوصول إلى القناعة بأن أسلوب ومنهج حركة تحرير إرتريا غير مجدي لمقاومة الاستعمار الإثيوبي.
وكان أول اجتماع تاريخي عقد في منزل المواطن الإرتري وهو السيد/ صالح حمد والد المناضل الشهيد محمد صالح حمد بحي المنيرة القاهرة ثم توالت الاجتماعات بحديقة الأسماك على النيل الذي يعبر وسط القاهرة المعز وحضر الاجتماع التأسيس التالية أسمائهم:-
1. إدريس محمد آدم — رئيس البرلمان الإرتري السابق فيعهد النظام الفيدرالي ولاجئ سياسي في مصر.
2. إدريس عثمان قلا يدوس — طالب
3. سعيد حسين محمد
4. محمد صالح حمد
5. عثمان إبراهيم بشير
6. آدم محمد على اكتى
7. إبراهيم إدريس احمد (بليناي)
8. سليمان محمد احمد
9. محمد سعيد عمر أنطاطا
10- سيد احمد محمد هاشم
11- طه محمد نور — طالب
وفي هذا الاجتماع التاريخي وردت عدة اقتراحات وبعد مناقشتها تم إقرار المواضيع التالية:-
1. اتفق المجتمعون على تأسيس التنظيم وأطلق عليه جبهة التحرير الإرترية.
2. الأهداف: الهدف الأساسي من إقامة هذا التنظيم تحرير إرتريا وإقامة دولة ديمقراطية.
3. الوسيلة: لبلوغ الأهداف لا بد من إتباع الكفاح المسلح وهو الأسلوب المناسب بعد أن، أثبتت التجارب فشل كلالوسائل السلمية التي سلكها الشعب الإرتري من تقديم المذكرات وبرقيات الاحتجاج ومظاهرات سلمية.
هذه المواضيع تضمنتها اللائحة بالإضافة إلى قضايا تنظيمية صرفة وفي ختام الاجتماع يوم 1960/7/10م تشكلت قيادة (اللجنة المركزية) من تسعة أعضاء لتسير أنشطة التنظيم وهم:-
1. إدريس محمد آدم — رئيس التنظيم
2. إدريسعثمان قلا يدوس — سكرتير عام
3. سعيد حسين محمد — سكرتير لشؤون التنظيمية
4. محمد صالح حمد — سكرتير الشؤون المالية
5. عثمان إبراهيم بشير — سكرتير الإعلام
6. آدم محمد على اكتى — عضو القيادة
7. إبراهيم إدريس احمد (بليناي)
8. سليمان محمد احمد
9. محمد سعيد عمر أنطاطا
لم يشارك في القيادة المناضل سيد احمد محمد هاشم حيث أكمل دراسته وكان في طريقه إلى إرتريا وتم توظيفه هناك وتحت غطاء الوظيفة ساهم في تأسيس التشكيلات السرية للجبهة. وأما المناضل/ طه محمد نور انتقل إلى إيطاليا للدراسة وكان يمهد مجالات العمل السياسي للجبهة.
كان هذا الاجتماع نقطة البداية لتأسيس تنظيم يتبنى الكفاح المسلح والشروع في تنظيمه وتوسيع قواعده من خلال إقامة خلابة سرية، ومجموعة للخلابة أقامت فروع في داخل إرتريا وخارجها. وبالرغم من وجود الزعيمين الشيخ إبراهيم سلطان والسيد ولد أب ولد ماريام في القاهرة كلاجئين سياسيين، لم يتم دعوتهما إلى الاجتماع التأسيسي حيث كانا على اتصال بحركة تحرير إرتريا ومن ثم أعضاء قياديين فيها حتى عام 1965م.
هؤلاء الإخوة أسسوا جبهة التحرير الإرترية في القاهرة وصار بعضهم أعضاء في القيادة ( اللجنة المركزية ) وبالرغم من هذه الحقيقة يحاول البعض إدراج بعض الأسماء أو إسقاط بعضها. ولم تدوم هذه القيادة أكثر من سنتين تقريباً 1960/7/15 أواخر 1962م حيث حل محلها المجلس الأعلى في بداية عام 1963م بدون إجراءات تنظيمية ولا عقد مؤتمر تنظيمي الذي يمكن له إعطاء الشرعية للقيادة التي تقود التنظيم بصورة إيجابية ومقبولة لدى أعضاء التنظيم.
حقاً أنه كان عجزاً واضح في اللجنة المركزية، ولكن ما كان هناك مانع من عقد المؤتمر بدلا من أن يُنصب أفراد أنفسهم في القيادة (إدريس محمد آدم – إدريس قلا يدوس – عثمان صالح سبي) وهذه من الأخطاء التي حدثت في بداية تكوين التنظيم. وأما أسباب عجز اللجنة المركزية كانت على النحوي التالي:-
1. عثمان إبراهيم بشير - وسليمان محمد احمد جمدا نفسيهما بعد اجتماعات التأسيس.
2. سيد احمد محمد هاشم سافر إلى إرتريا وطه محمد نور إلى إيطاليا وهما حضرا التأسيس وليس من أعضاء القيادة.
3. سعيد حسين محمد بعد إعلان الكفاح المسلح سافر إلى إرتريا وكان يقود العمليات الفدائية.
4. إبراهيم إدريس (بليناي) سافر إلى السودان بعد إعلانالكفاح المسلح لكي ينظم وسائل الاتصال بالثورة.
5. إدريس قلا يدوس تم اعتقاله بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.
6. محمد سعيد أنطاطا – أنصرف للدراسة وتحول من القاهرة إلى مدرسة بورسعيد.
ومع ذلك في خلال فترة وجيزة تمكن التنظيم من إقامة فروع في القاهرة وفي المدن السودانية، في المملكة العربية السعودية، وفي إرتريا، وكانت الاجتماعات التنويرية التي كان يعقدها السيد/ إدريس محمد آدم في السعودية والسودان كان لها أثر كبير في تعبئة الجماهير.
ومن الأمور الهامة التي يجب أن يعرفها الجميع أن تجربة حركة تحرير إرتريا ساعدت على تكوين الخلايا السرية في الجبهة وحقيقة هي كانت الأساس ولدرجة أن التشكيلة كما هي بعضويتها تلتزم في أيطار عضوية جبهة التحرير الإرترية. ويلاحظ أن الفرق في التشكيلات، كان عضو الحركة يجد التثقيف ويطلع على النشرات التثقيفية بالاستمرار، بينما كان يفتقده عضو جبهة التحرير الإرترية، وهذا النقص الفاضح لازم في مسيرة الجبهة ويعتبر من عوامل انهيارها.
وكانت تتكون التشكيلة من خمسة إلى عشرة عضو ومن مجموع التشكيلات في المدينة يتكون الفرع ولسرية العمل التشكيلات لا تعرف بعضها البعض، والفرع يتكون من رؤساء التشكيلات، ورئيس التشكيلة لا يعرف إلا أعضاء تشكيلته وأعضاء الفرع فقط، وحتى أعضاء القيادة - اللجنة المركزية أو المجلس الأعلى - لا يعقدون اجتماعات مفتوحة إلا إذا توفرت الضمانات السرية والأمنية. كانت اللجنة المركزية منشغلة في إقامة التشكيلات وفقا للائحة ولم تضع الترتيبات المطلوبة لإعلان الكفاح المسلح حتى فوجئت بانطلاق الثورة.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.