أستشهاد أحد أنبل شهداء الثورة الأرترية الشهيد عبدالقادر رمضان
بقلم الأستاذ: أحمد داير - كاتب وناشط سياسي إرتري
حين تعرفت على الشهيد فى نهاية ستينات القرن الماضى كنت ألاحظ العلاقة القوية
التى كانت تربط الشهيدين... وقبل سنوات ألتقيت المناضل صالح حيوتى حين قدم للحج فأخبرنى بأنه حين ألتحق بمدرسة كرن الوسطى وجد الشهيدين قد سبقاه أليها... وبالتالى فأن الشهيد هو من مواليد النصف الأول من الأربعينات على الأرجح ومن الواضح أنه ألتحق بالثورة مبكرا.
رغم أن الشهيد لم يكن يشرفنا بالأقامة فى منزلنا ألا أنه كان الوحيد الذى أحرص على وداعه حين يغادر ومرافقته ألى موقع ميدان الجمهورية الحالى... وكانت وصيته الوحيدة والثابتة أذا كان قد أقترب موعد خروجه ألى الميدان هو أحتفاظى له بمقالات الصحفى عبدالله رجب الذى كان يكتب حينها فى مجلة الأذاعة والتلفزيون بعناوين تستعصى على قراءة المقالات مثال (نحو سيكولوجية).
كنت أهتم بالمجلة لأحتوائها على خارطة البرامج الأسبوعية للأذاعة والأخبار الفنية وباب طريف وظريف أسمه (فلقة دماغ) وكان عبدالقادر بسخريته وظرفه المعروف يقلب الأسم بالتقرايت حين يرانى أتصفح المجلة ويقول (وين يا دمغة فلاق).
ولأنه لم يكن مع مايو وكنت اذهب ألى ما يكان يسمى (كتيبة مايو) للعب الشطرنج... فقد كان أيضا يقلب الأسم بالتقرايت ويقول (وين ياتكايب مايو)... دائم الضحك والسخرية دون أن يغضب أحدا.
من الطرائف التى تدل على بعض صفاته ما ذكره الراحل الكبير كبريتاى حين كنا يوما فى المنزل نتحدث عن عبدالقادر فتذكر شيئا وأخذ يردد (عبد القادر ده عنيد جدا).
حكى كبريتاى موقفا وهم فى القطار بين كسلا وبورتسودان... الشهيد والمناضل صالح أياى وهو معهما... واضح أن الفترة كانت فترة خلافات عميقة وغالبا حين كان عبدالقادر فى حركة الأصلاح وكان أياى فى مكتب بورتسودان ويحضر أجتماعات القيادة الثورية.
المهم أن النقاش أحتدم كما يحكى كبريتاى (وهو أصلا منحاز ألى صالح) ولم يقتنع عبدالقادر... ويضيف كبريتاى أن صالح حاول بالتقرايت... ولم يقتنع عبدالقادر... وأخيرا قلب بل البلين فلم يقتنع... يرحمهم الله جميعا.
من المواقف الرائعة ماحكاه لى الراحل رمضان قبرى... أثناء تكليف رمضان بتكوين الفرقة الفنية والتى كانت تسمى (التعبئة العامة والتحريض السياسى) مر عليه عبدالقادر فشكى له رمضان من المشكلة التى كانت تواجه وهى عدم ألتحاق العنصر النسائى بالفرقة... ذهب عبدالقادر ألى العيادةوأحضر شقيقته المناضلة مريم رمضان... سجلت مريم وشاع الخبر فى كسلا فبدأ التسجيل وعادت مريم ألى موقعها النضالى.
فى مطلع 1977 فبراير على الأرجح قدم الشهيد ألى دمشق وكان وقتها عضوا فى هيئة أركان جيش التحرير ومسئولا عن دنكاليا كما أذكر ميكن هناك مجال للقاء خاص معه.. أحضر ألى فندق علاء الدين فأجد مجموعة من الشباب تتحلق حوله من ضمنهم الأخ محمد نور موسى الذى كان يتذكر معه فترة الأصلاح كما يبدو والأخ يعقوب عبدالله وآخرين وكانت فترة أقامته قصيرة... خططت للقائه فى مكتب العلاقات الخارجية فى المهاجرين... وحين جلسنا لدقائق فقط خرج المناضل صالح أياى ليذكره بأن موعد اللقاء فى القيادة القومية قد أقترب... وكان ذلك اللقاء الأخير.
يلاحظ أن أستشهاده كان فى عام التحرير الأول... وكانت مدينة تسنى قد تحررت فى مايو من ذلك العام... وتحررت أغردات بعد أستشهاده بأشهر.. وبلدات كثيرة فى موقعه فى دنكاليا والريف كله كان قد تحرر.
بعد أشهر من أستشهاده تزوج المناضل وقتها... الشهيد محمود حسب ثم أطلق على أبنه أسم (بيلول) وهو أسم المنطقة التى أستشهد فيها الشهيد عبدالقادر رمضان يرحمه الله.