الدكتور المناضل الشهيد يحى جابر عمر... نصف قرن على الرحيل - الحلقة الأولى

بقلم الأستاذ: أحمد داير - كاتب وناشط سياسي إرتري

تمر نهاية هذا الشهر ٣١ يوليو الذكرى الخمسون لاستشهاد الشهيد البطل الدكتور يحى جابر عمر

يحي جابر عمر 2

ومع أن هذا اليوم كان قد أختير يوما للأحتفال بذكرى شهداء الحركة الطلابية الأرترية ألا أن ظروف الجائحة التى يمر بها العالم تلقى ظلالا من الشك حول أمكانية أحتفال موسع به فى مهجر من المهاجر.. ومع ذلك فالأمل معقود بأن يقوم الأخوة الأعلاميون بالتوقف عند هذه الذكرى والقيام بما تستحقه هذه الذكرى التى تصادف عيد الأضحى المبارك.

قبل الحديث عن الشهيد وصفات الصلابة والجرأة والشجاعة التى كان يتميز بها لابد من الأشارة ألى مصدر هذه الصفات؛ أى الوالد بلاتا جابر عمر يحى رحمه الله.

• فى العام ١٩٦٣م كانت تجربة الأعتقال الأولى لبلاتا جابر بعد أخبارية من أحد المندسين عن أن لديه سلاح وأنه يمد الجبهة به.. تم تفتيش المنزل وكان لديه بندقية صيد ومسدس مرخصين، لكن وجد عنده خمس رصاصات أضافية خاصة بسلاح لا يملكه... أستطاع أقناعهم بعد فترة بأن هذه الرصاصات من بقايا الحرب العالمية الثانية.

• المرة الثانية كانت فى العام ١٩٦٩ وكانت الجبهة قد أختطفت موظفين أجانب فى شركة سيا وكلفته الشركة بالأتصال بالجبهة ومحاولة الأفراج عنهم، وتواصل مع بعض المناضلين الذين لهم علاقة ومعرفة بالبلدة كالمناضل محمد نور درماس... بعد الأفراج عن المختطفين أستدعته قوات الأحتلال واتهمته بالعلاقة مع الجبهة واحتجز لفترة فى تسنى ثم أسمرا وتم نفيه بعدها ألى عدى قيح فى ما يمكن تسميته أقامة أجبارية.

المرة الثالثة والأخيرة كانت الأصعب والأشهر وسببها صورته مع أبنه الشهيد الدكتور يحى... كان فى مثل هذه الأيام المباركة حاجا وصادف ذلك فى فبراير ١٩٧٠ وقام بالتنسيق مع ابنه على اللقاء هناك باعتبار أن برنامجه كان القدوم من روما ألى الميدان.

أثناء وجوده فى أسمرا فى يناير متهيئا للسفر ألى جدة لحق به على أكبر أبنائه الموجودين فى على قدر ليخبره باستشهاد شقيقه جعفر جابر يرحمه الله. كان رده قويا ومتماسكا وهو أن أثيوببا المدعومة من قوى عالمية لا يكفيها جعفر وبقية الشباب فقط وأنما علينا نحن أيضا أن نحمل السلاح.

ألتقى بيحى بعد أن أدى فريضة الحج والتقطا صورة تذكارية وعاد ألى على قدر وواصل يحى طريقه ألى الميدان. بعد استشهاد يحى بحث جنود الأحتلال فى حقيبته ووجدوا الصورة.

تم أعتقال بلاتا وتقول رواية أنهم سألوه عن مكان أبنه يحى فأجابهم بأنه لا يدرى (ولم يكن يعلم باستشهاده) فاشهروا الصورة فى وجهه وقضى حوالى الشهرين معتقلا فى تسنى وهو اعتقال هذه المرة مع تعذيب وخاصة ضرب فى القدمين وكان أبنه على الذى كان يزوره يوميا محضرا له الوجبات يلاحظ أنه لم يكن يقو على الوقوف أحيانا.

قضى حوالى ستة أشهر فى المعتقل فى أسمرا ثم منفيا ألى عدى قيح فى أقامة أجبارية لمدة عام ثم أقامة أجبارية فى أسمرا فى فندق لمدة أشهر قبل الأفراج عنه.

يضاف ألى ذلك موقفه المعروف فى مواجهة حاكم أرتريا أسراتى كاسا فى العام ١٩٦٩ الذى جمع بعض الأهالى وطالبهم بأعادة أبنائهم من الجبهة وكان رده (أنتم لديكم سلاح وهم لديهم سلاح وبالتالى عليكم أنتم أعادتهم).

قبل سنوات وفى خلاف مع الراحل عمر جابر عمر تعرض أحد الأخوة ألى والده بلاتا جابر ومجايليه فكان رده عليه كما أذكر... أن هؤلاء قامات لا تطالهم فدعك عنهم.

ثلاثة شهداء:-

• جعفر جابر عمر،
• يحى جابر عمر،
• فهمى جابر عمر،

ومجموعة من الأبناء المناضلين.. دون من اجل الحرية والكرامة.. فمن له ذلك... رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

فى أغسطس أو سبتمبر ١٩٧٠ فوجئت يوما بملصق (بوستر) على حائط الديوان للشهيد يحى جابر عمر وباللغتين الأيطالية والعربية كما أذكر فيه موجز عن سيرته من ميلاده فى على قدر... ألى أستشهاده فى الأراضى المحررة.

وجود الملصق فى مكانه هذا فرض على كل المناضلين الذين كانوا يمرون بالمنزل ألى الحديث عنه والتحسر البالغ لفقده وذهاب البعض ألى الشعور بالتفريط وعدم تأمين سلامته... لم أعلم ألا هذا ألأسبوع أن رفيقه المناضل جمع أحمد على بخيت الذى كان فى روما التى وصلها فى ديسمبر ١٩٦٨ وكان الشهيد فى استقباله حينها؛ هو من قام بعمل هذا الملصق وربما بمساعدة آخرين بعد أن تلقى رسالة من كسلا من العم فرج جمع يرحمه الله حيا أو ميتا يبلغه فيها باستشهاد دكتور يحى.

كانت صدمة المناضل جمع بالغة بعد أن كان فى وداع الشهيد قبل أشهر خاصة بعد قضاء السنة الأخيرة قريبا منه وتأثره به وهو يشهد كثيرا من مواقفه الوطنية والأنسانية التى أستطاع أن يكسب بها الكثيرين فى أيطاليا.

لم يكن المناضل جمع هو من تأثر بفقده فى ايطاليا بل أن أحد البروفوسرات فى الجامعة أقام تأبينا له فى واحدة من القاعات المميزة وتجدر الأشارة هنا ألى أن الشهيد كان من ضمن نشاطه وأنجازاته أن قام بالمساهمة مع زملائه الأطباء فى المشاركة للتخفيف عن المتضررين من فيضانات فى الجنوب (صقلية) فى ستينات القرن الماضى.

أبعد من ذلك فقد كان وقع خبر استشهاده صادما لخصومه...السكرتير الأول للسفارة الأثيوبية يوهنس دمعت عيناه وهو يردد أننا رغم أختلافنا معه ألا أننا نقدر أنه كان يأتى الينا يناقشنا ويتحدانا وبفقده فقدت أثيوبيا شابا كان يمكن أن يلعب دورا فيها.

نواصل... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click