المناضل الشهيد حسن محمد سعيد باشميل... الحياء والطهر الثورى - الحلقة الثانية
بقلم المناضل الأستاذ: أحمد داير - كاتب وناشط سياسي إرتري
لعل من بركات الشهيد باشميل أن الحديث عنه امتد إلى مجموعة من رفاقه كان قد أختار
هذا الطريق الصعب للسير معهم فيه مع توفر خيارات مريحة له.
كان للشهيد أحد الأقارب من الأسرة عم أو ابن عمومة معروف فى السعودية.. كما أذكر كان أحد أعضاء هيئة كبار العلماء أو جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر... الظاهر ان الوالدة يرحمها الله علمت بذلك ربما عن طريق قريش أقرب أصدقائه.. ولذلك كانت اذا علمت بوجوده فى المنزل معنا تتحدث عنه إلى من تتواجد معها لتخبرها بأنه فضل النضال مع الشباب رغم جذوره ورغم أوضاع أقاربه المريحة فى السعودية وكانت الوالدة تستخدم كلمة من اجمل الكلمات أو التعابير التى تستخدم بالتقراييت للمناضلين حينها وهى (ولاد) اى أنه فضل النضال (مسل ولاد).
كان الشهيد بعد أن قدم من الدورة قد عين فى العيادة الخاصة بالجبهة فى كسلا وبالرغم من اننى لم يحدث أن زرته هناك فقد علمت أن العيادة كانت فى حى الترعة مقابل منزل الشهيد عمر ازاز. وبما أن الساحة وقتها كانت تشهد حراكا ووجود كثير من التجمعات فقد انضم لحركة الإصلاح ويصفه بعض زملائه فى الحركة الموجودين حاليا بأنه كان يتميز بالنضج والوعى السياسى. ونسبة للحاجة إليه فى الداخل فقد طلب منه التوجه الى الميدان ليساهم مع المناضلين فى الجهاز الصحى فى إنشاء الكثير من العيادات. حسب ما أذكر فأن العيادة المركزية فى هواشييت حين زرتها فى عام التحرير الأول ١٩٧٧ كان يطلق عليها أسمه.
عودة إلى الدورة ولأحد رفاقه فى الدورة الطبية وهو الحاج حامد تماريام الذى أتذكره هذه الايام - متعه الله بالصحة والعافية - عندما أستمع لطرق الوقاية من الوباء فى هذه الايام العصيبة... كنت أستمع أحيانا لبعض المناضلين عن حرصه على النظافة والوقاية إلى حد بعيد... كنت قد استفسرت منه فى جدة قبل سنوات عن المناضل ابراهيم محمد نور الذى اكتشفت بعد سنوات من مشاهدتى الدورية له فى مستشفى كسلا أنه مندوب الجبهة فى المستشفى وكنت أحسبه ويحسبه كثير من العاملين فى المستشفى أنه ضمن طاقم العاملين فرد على الحاج بمفاجأة أخرى وهى أنه هو نفسه كان مكلفا بمتابعة المناضلين وجرحى حرب التحرير فى مستشفيى الخرطوم ومدنى. ربما لا نحتاج إلى أدلة إلى أنه كانت هناك حالات مشابهة فى القضارف وبورتسودان وطوكر والقربة وحلفا.
يلاحظ فى الدورة مناضل ساهم مساهمة كبيرة فى إنشاء الفرقة الفنية للجبهة.. هو الراحل رمضان قبرى يرحمه الله. من الطرائف أنه فى هذه الدورة أو غيرها طلب المدربون فى جلسة سمر مع المناضلين أن يقدموا أغنية وطنية فاحتارالشباب... بادر أحدهم بغناء أغنية (انا لبى بقوها) وردد معه الآخرون. يقال أنه من هذه اللحظات ولدت الفكرة وتم تكليف المناضل رمضان الخبير فى هذا المجال حين كان عضوا فى فرقة شهيرة فى اسمرا بتكوينها. وسميت الفرقة فى البداية (التعبئة العامة والتحريض السياسى).
كنت قد التقيت الراحل رمضان قبرى فى جدة فى التسعينات وحين سألته عما واجهه من صعوبات أثناء تكوين الفرقة... اجاب ان المشكلة كانت غياب العنصر النسائي الضرورى وتحفظ المناضلات... مر عليه الشهيد عبد القادر رمضان وحين علم منه بالمشكلة ذهب إلى العيادة وأحضر شقيقته مريم رمضان لتسجل فى الفرقة... شاع الخبر واكتملت الفرقة وعادت المناضلة مريم لتواصل مهامها الصحية خاصة أنها كانت قد تلقت دورة فى بغداد فى نفس المجال ضمن مجموعة من المناضلات منهن نسريت كرار، ستنا سعد، زهرة محمود انصرة، مريم ملكين وفاطمة صالح.
شارك المناضلون محمد ادم إدريس ارى (قصير) اول ممرض فى الثورة يرحمه الله... المناضل صالح قلبوب.. والمناضل عثمان سعيد الذى كان فى دنكاليا ثم اليمن والموجود حاليا بلندن حسب ما علمت.. شاركوا فى دورة فى بغداد فى نفس الفترة.. كاهتمام ملحوظ من الجبهة وقتها بجانب الخدمات الصحية التى أدرك العالم كله أهميتها فى هذه الأيام العصيبة.
لتدرك مدى الحماس وروح النضال والإيثار اذكر هنا ما كنت اسمعه من المناضلين نقلا عن المناضلات اللائي شاركن فى الدورة وهو انهن تعاهدن على عدم الزواج حتى التحرير... ولمن يعرف بعض هؤلاء المناضلات يلاحظ أنه لم تتزوج ايا منهن قبل العام ١٩٧٥ وهو العام الذى شهد كثيرا من الزيجات بعد احساس الجميع أن النصر قد حان أوانه بعد أن دقت الثورة أبواب اسمرا فى مطلع ذلك العام وسمع بها العالم أجمع.
قادنى سؤال آخر للمناضل رمضان قبرى عن واحدة من أشهر الأغنيات الوطنية فى تلك الفترة هى أغنية (ردو.. ردو... اباى هلا ديب عدنا) إلى معلومة صحية.. اجابنى بأنها للأخ ابراهيم ليمان الذى كان ممرضا فى مستشفى اروما وكان قد اقنع مدير المستشفى بعمل دورة لمجموعة من المناضلين.. ويقال انه كان يعطى دورة اسعافات أولية للمناضلين وأنه ساهم فى توفير بعض الاحتياجات الطبية... تحية له ...الاخ ابراهيم ليمان يعتقد أنه موجود حاليا فى الخرطوم.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة