المناضل الفقيد علي عثمان رفة

بقلم الأستاذ: محمود شامي - كاتب وناشط سياسي

المناضل الفقيد علي عثمان رفة رحمه الله شخصية نضالية اريترية مهمة وابن اقليم دنكاليا،

علي عثمان رفة

ولد في عام 1947 في ضاحية من ضواحي العاصمة اسمرا، والفقيد الراحل كان متزوجا واب لعشرة أبناء.

تلقي المناضل الراحل تعليمه الابتدائي والاعدادي في مدينتي اسمرا ومصوع ثم انتقل الي الصومال رفقة اخيه عبدالرحمن عثمان الذي اشتهر بعبدالرحمن العفري وكان عبدالرحمن قبتان يعمل على مراكب ملاحية.

توجه المناضل الفقيد الي الصومال في ستينيات القرن الماضي وكان ذلك بطلب من والده الذي كان يعمل قاضيا شرعيا في الصومال وكان ايضا والد الفقيد قبل سفره الي الصومال قاضيا في مدينة سجنيتي بالقرب من اسمرا.

والقاضي عثمان فترة اقامته في الصومال تزوج هناك بسيدة صومالية وانجب منها ابنة واحدة وهي السيدة أنيسة عثمان، وتقيم السيدة انيسة في الولايات المتحدة اليوم،

وللفقيد الراحل كذلك اخوة غير اشقاء وهما المرحومة امنة عثمان والمرحوم الراحل عبدالرحمن العفري والأخير كان كذلك مناضلا هو الآخر ووهب نفسه وماله لخدمه امته، رحمهم الله جميعا.

من الصومال بدأت رحلة نضال المرحوم وفيها التحق في الكفاح المسلح في صفوف جبهة التحرير الارترية وانتقل منها الي الجمهورية اليمنية الشبعية الديمقراطية وعاصمتها عدن وهناك برزت ادواره السياسية في ستينيات القرن العشرين ومع بدايات الثورة الارترية التي كانت قد انتلقت شرارتها الاولى في سبتمبر عام 1961.

التحق الفقيد بالثورة في عمر مبكر في الثامنة عشر من عمره وانضم برفاق دربه واصدقائه المناضلين ونذكر منهم الشهيد علي محمد ابراهبم والمناصل الفقيد الراحل علي محمد اسحاق والمناصل الفقيد والراحل ادريس اسماعيل والقائمة طويلة واعتذر عن ذكر جميع الاسماء والارقام المهمة في هذه السطور المتواصعة.

وبعدها انتقل الفقيد المناضل الي الميدان مباشرة في العام 1970 وتبوأ هناك مناصب قيادية مهمة منها:-

1. نائب مكتب القضاء العسكري،

2. نائب مكتب الدائرة السياسية لجيش الجنوب جبهة التحرير الارترية في الوحدة الادارية رقم 12.

بالاضافة الي ذلك كان الفقيد عضوا قياديا في الحركة السرية التي كانت تعمل سريا مع العناصر الفدائية التي كانت تنشط في المناطق الخاضعة للنظام الاثيوبي وقامت هذه الحركة بادوار التوعية والارشاد والتوجيه للعناصر المتطوعة، وكان الفقيد ورفاقه يتسللون ليلا في كل من ماطق عدي وبرعصولي الوحدة الادارية 12 ليعقدوا لقاءات مع المواطنين في اماكن داخل الخط الاحمر وهي مناطق تواجد العدو.

ودخل المناضل الراحل عدة معارك ومنها اشرس معركة خاضها جيش جبهة التحرير وهي معركة فراعفيرو ومعارك اخرى خلدها التاريخ وشهدت على علو كعب هذه النخبة والجيل الذي تفانى في الدفاع عن الوطن بالغالي وبالنفيس، وكان الفقيد يحمل اثار تلك الحروب والمعارك في اماكن كثيرة من جسده.

في نهاية السبعينيات بدأت الخلافات الداخلية بين الثوار ونشأ وقتها ما سمي بالفالول او الطابور الخامس الذي كان يعمل لصالح الجبهة الشعبية من جهة، ومن جهة بدأ التمرد وظهرت فصائل تعمل لصالح نظام الدرك، وبذلك بدأت معاناة جبهة التحرير لتخسر بعض المعارك هنا وهناك وانسحبت بذلك من الميدان واتجهت الي السودان بشكل سريع ودراماتيكي، ومن بقي منهم في وسط دنكاليا اتجه الي اليمن بكامل عتادهم وعدتهم جيشا ومواطنين.

نزحت الجبهة الي السودان والي اليمن لترتيب الوضع واعادة التوازن والعودة في ظروف اخرى سانحة، اتجه المناضل رفقة القيادة عبدالله ادريس ورفاق ذربه الي السودان وبعدها حول الي اليمن الي جانب الزفاق علي محمد اسحاق واحمد محمد احو عضوا اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير ليصبح فيه الراحل علي عثمان رئيسا لمكتب ج ت إ وهو مكتب الحديدة المشرف على مخيم اللاجيين والجرحي، والمشرف ايضا على منطقة (كتابا) وهي منطقة عسكرية للجبهة داخل اليمن وكان يحظر دخولها أو كانت مغلقة حتى في وجه اليمنيين باعتبارها منطقة عسكرية مغلقة، منها واصلت الجبهة الكفاح المسلح الذي لم يتوقف يوما واحدا الي استقلال ارتريا في العام 1991.

وبعد الاستقلال انفردت الجبهة الشعبية بالسلطة وادارت ظهرها لبقية الفصائل الارترية التي شاركتها النضال وربما هذه الفصائل هي من بدأت النضال والكفاح وانهكت قوى العدو واخيرا جاءت الجبهة الشعبية لتكمل الحلقة او سلاسل الانتصارات على نظام الدرك الذي بدأه رفقاء الفقيد الراحل علي عثمان، ولم تكتفي الجبهة الشعبية بذلك بل استبدت واذاقت الشعب الارتري اصناف والوان العذاب.. ليبدا الفقيد مرحلة نضالية اخرى وهي مرحلة المقاومة ضد الظلم والتسلط ومرحلة ازاحة الطقمة الحاكمة في اسمرا وحمل الفقيد راية النضال في صفوف جبهة التحرير جناح عبدالله ادريس الذي كان يشغل فيه الراحل عضوا في اللجنة التنفيذية للحركة وبعد الاوضاع الاخيرة في اليمن انتقل الفقيد الي جيبوتي وواصل منها نضاله الي ان وافته المنية بتاريخ 2017/9/25.

ساهم الفقيد علي عثمان ورفاقه في جبهة التحرير الارترية في تدهور الاقتصاد الاثيوبي واستنزاف موارده ما أدي بالنظام الاثيوبي الي طلب الاستعانة من الدول المانحة والاقتراض من البنوك الدولية لسد العجز في ميزانيته المنهارة، وكانت حرب التحرير سببا مباشرا في ما حدث في اثيوبيا من كوارث وأزمات في فترة الكفاح المسلح، وربما مجاعة اثيوبيا 1985 التي اعتبر العالم بأسره ان الجفاف كان سببها في اعتقادي لم يكن ذلك سببها الحقيقي وان كان احد اسبابها وانما كانت تلك الحرب سببها الرئيسي وميزانيتها الباهظة كانت سببا في حرمان الشعب الاثيوبي من الاستفادة من مواردهم ودخلهم القومي، ودفع الشعب الاثيوبي بذلك فوانير تلك الحرب في ميادين الحرب بارتريا وفي الداخل الاثيوبي القت تلك الحرب ايضا بظلالها وادت الي معاناة وازمات اقتصادية ومجاعة.

كان الفقيد الراحل علي عثمان رحمه الله شخصية توافقية على الصعيدين السياسي والاجتماعي وشخصية مقدرة يحترمها الجميع سواء كان ذلك في فترة الكفاح المسلح و بعدها في فترة المقاومة ضد الطقمة المستبدة في اسمرا، واكدت على ذلك كل الشخصيات السياسية والمدنية الوطنية والاقليمية.

وابدت مختلف اطياف الشعب والشخصيات الوطنية والفومية اسفها الشديد على فقدانه وارسلت كل التنظيمات الارترية المعارضة للنظام والتنظيمات العفرية تعازيهم الحارة لعائلة الفقيد، وكذا شخصيات يمنية سياسية ومدنية اجروا مكالمات هاتفية معزيين اسرة الفقيد، واحيت كذلك مجتمعات مدنية وساسية في عواصم عربية واوروبية واميركا وكندا صالات عزاء وتابين ﻻئق ومشرف للفقيد الراحل علي عثمان رحمه الله واسكنه الفردوس الاعلى.

كان الفقيد علي عثمان رفة رحمه الله على درجة كبيرة من الثقافة العامة والوعي الثوري، وتمتع الفقيد بالتحليل الجيد والموزون والحس الامني اللذين ولدا لدى الفقيد رؤى صحيحة ونتائج صائبة لكل الامور، وكان رحمه الله كثير الاطلاع ووفي دائم لقراءة الكتب والصحف المحلية والاقليمية، اليومية منها والاسبوعية.

كان ألفقيد رحمه الله يتقن ويتحدث باللغات التالية:-

العربية والانجلزية والعفرية والتجرينية والتجري والصومالية وكان ذلك عاملا مهما سهل للفقيد مخاطبة جل شرئح واطياف امته وسهل له كذلك شرح وتوضيح عدالة قضية وطنه ارتريا لمحيطه العربي والافريقي وللعالم اجمع.

مكتب الجبهة كما كان يحلو للعامة تسميته او مكتب جبهة التحرير الارترية في الجمهورية العربية اليمنية منذ تدشينه في نهاية السبعينات في مدينة الحديدة وفي شارع النخيل بجانب القصر الجمهوري كان مشرفا على مخيم اللاجئين الاريتريين ومدرسته الحافلة بالانجازات المشرقة والمشرفة وانتجت وساهمت هذه المدرسة في تنوير شربحة معتبرة من المجتمع الارتري وعلى وجه الخصوص من ابناء دنكاليا وعلى مدى اكثر من ثلاث عقود انتجت هذه المؤسسة 25 دفعة ووصل عدد خريجيها ثلامائة وثمانون شخصا، وساهم جلهم في حمل لواء النور وتوعية مجتمعهم واشتغلوا في مجال التدريس لا سيما غالبية الدفعات الاولى في كل من دولة ارتريا بعد الاستقلال وفي الجمهورية الفدرالية الاثيوبية (الاقليم العفري) وفي جمهورية جيبوتي والبعض منهم واصل دربهم ومسيرتهم العلمية ليدخلوا ويقتحموا كل التخصصات العلمية والادبية ليصبحوا اطباء وقضاة واداريين ومهندسين وصحفيين وادباء وشعراء والخ ودرسوا في جامعات الكويت واليمن والسودان والعراق وسوريا وليبيا ومصر وفرنسا والولايات المتحدة وماليزيا وغيرهم من مدن العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا والفضل في كل ما انجزته وانتجته مدرسة الشهيد قمحد ادريس او مدرسة اللاجئين يعود فيه الفضل بعد الله للفقيد ورفاقه المناضلين وللاباء المربين في المدرسة الذين امنوا بقدراتهم الذاتية واصروا على مساعدة اهالي المخيم وابنائه ومساعدة الفقيد ورفاقه في الارتقاء بمدرسة المخيم ومشروعهم الانساني الطموح، وعرفوا كيفية الاستفادة من الحماية والتغطية السياسية التي وفرها لهم الراحل ورفاق دربه وفي مقدمتهم الراحل المرحوم علي محمد اسحاق واستطاعت هذه القيادة بحنكتها السياسية اقناع المؤسسات الدولبة لتقديم العون المادي والعيني للمخيم ومدرسته.

وما دمنا في معرص الوفاء علينا ان لا تنسى كذلك رفقاء درب الفقيدان الراحلان علي محمد اسحاق وعلي عثمان رفة واصدقائهم في التنظيم الموحد ومكتب صنعاء والحديدة، ودورهم الريادي في الرقي بالمخيم ومدرسته، وهم المناضل القائد احمد محمد احو والمرحوم الراحل ديني اسماعيل والمناضل الراحل عبدالرحمن داوود والمناضل موسى دردر واخرون، ودون ان ننسى قيادات حبهة التحرير فردا فردا، وفي مقدمتهم المرحوم الراحل الفقيد عبدالله ادريس، رئيس جبهة التحرير الارترية وكذا قيادات التنظيم الموحد وفي المقدمة ياتي الزعيم الراحل الفقيد عثمان صالح سبي رئيس التنظيم، رحم الله وكل من غادر من ذلك الرعيل رعيل الاخلاص هذه البسيطة،، واطال الله في اعمار من بقيم منهم على قيد الحياة.

رحم الله الفقيد علي عثمان رفة والي جنان الخلد

Top
X

Right Click

No Right Click