طال الانتظار يا ابي المعتقل قسرا الأستاذ/ عبدالعزيز عثمان نبراي
بقلم الأستاذ: احمد عبدالعزيز نبراي - ابن المغيب
لم يبقى لي منك سوى ذكرى مؤلمة تمر أطيافها بصمت مهيب.. تلقي تحية غامضة وتولي مسرعة
تاركة خلف كل بوابة ونافذة وجدار وكتب مدرستي وقهوة أمي صورة لها.
وانا في ذلك العمر الصغير و في ذلك اليوم كنت فرح ومسرور ومبتهج بمناسبة سماية اخي الصغير عثمان ونمت على هذا الاجواء البهيج و على الحلم الجميل وعندما استيقظت كلعادة قبل شروق لم اسمع صوتك ولم اجدك وكنت اردد وكأني احاورك.. أبي... ستعود، اليس كذلك..؟؟ أبي ستعود.. ستعود.. أليس كذلك... لم أكن ادرك.. تمر الأيام.. والشهور.. والسنوات.. ولازال والدي هو هاجسـي... يالله.
بأن الشوق بلغ فيني ما بلغ... لرؤيتك واحتضانك.. والجلوس بجانبك... يهتز جنبات قلبي لانها لم ولن تعطيني فرصة لاتحسسها، ولكن انت عايش في وجداني بطعم الذكرى وكأنه حلم جميل اتخيل الملامح واستعين بصورتك حتى تزل ساكن في زهني للابد.
يسرح خيالي بعييييدا.. يسرح حيث تتلاشى امامي القوانين والأعراف والحقائق.. رسمت حلمي بل احلامي بريشتي المعوجة.. فتمتلئ روحي أملا وسعادة.. وينبض قلبي بعمق وشجون.
ولا زالت الصورة لم تكتمل، احلامي التي ارآها وتتردد عليا كل ليلة بكل قساوة تحمل ألم.. حزن.. جراح.. هموم.. فراق حتى بلغت سن الرشد. ارى الحزن في عيون أمي وأخوتي.
وكم من مشهد في الواقع يحيي على أمي الكثير من ذكريات الماضي. تختبئ الدموع في عينيها تارة تنهمر مثل النهر الفياض وتارة أخرى تتحجر، وعند العتمة وبعد غروب الشمس ارى أمي تقف. خلف النافذة الصغيرة التي تُطل على الشارع المجاور.. كأنها تبحث عن شيء لا تجده.. لا تدري ما هو.. أو أين تجده، ومدينة كرن ساكنة سكون انتظار الحكم على شيء عظيم صمت هدوء سكينة ظلام دامس.
بابا حبيبي، لقد بحثت عنك أمي التي تحملت كل متاعب الحياة من اجلنا بحثت عنك في كل مكان وفي كل المعتقلات في المرتفعات وفي المنخفضات ولم تجدك، طــــــــــرقـــــــت أبـــــــــواب كل المسؤل وسألت اين زوجي؟ ولم تجد الجواب، عيونها تزرف الدموع من شدة الخزلان وخيبة الامل ثم تعود الينا مكسورة الخاطر.
مرت ثلاث وعشرون عام على غيابك ولازلت متفائل بعودتك الينا مرة اخرى.. على الرغم طال بي الوقت وانا لم احضنك واتذكرك دون ضوضاء الدنيا وضجيج الهموم.. بابا حبيبي، انا مشتاق لحديثك لصوتك لحنانك ونصائحك نعم ابي اشتقت اليككثيرا صورتك لم تفارق خيالي، الله يجازي من فرقنا ونحن بامس الحاجه اليك، طال انتظار الفرج وحتى العدالة استعصت.
أبي الحاضر الغائب، عبثت بي رياح الشوق اليك اخط رسالتي التي قدلا تصل اليك اعرف انها لن تصلك. ولكن ماذا افعل بابا حبيبي، اعوجت ديراتي واسودت صفحات حياتي.. وجفَّت منابع امالي.. وكسا الغبار أمنياتي.. تكسرالوعد و العهد.. وغابت شمس النقاء والصفاء في بحور الواقع المرير.. ولم يبقَ لي سوى الذكرى!!!
إلى أبي يا من يهواه قلبي وعقلي وكل جوارحي أسعد الله أوقاتك بالخير والصحة والعافية وفك الله اسرك وفرج كربتك مع كل زملائك المعتقلين.