محمد مرانت الـشـّيـخ الـقـائد - الحلقة الخامسة
بقلم الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - كاتب ومؤرخ إرتري، المملكة المتّحدة
وسنة ثانية سجن وذكريات رفيقه فى السّجن المناضل المهندس (إدريس دافئ) أهلا بك عزيزى.
عزيزى القارئ إين ما كنت وهذه الحلقة الخامسة من تدويناتى فى القاضى والقائد (محمّد نصّور مرانت) وحوله. مرّ عام 1970 وعام النّكبات من مذبحة فى (عونا) وقرية (مقرططت) و(بسيقديرا) وحصار المصلّين فى صلاة العيد فى قلب المدينة وفى ميدان الكرة وهو عام الإنتقام الإثيوبى من (مدينة كرن) وضواحيها للثّأر لمذبح البرقدير جنرال (تشومّى إرقتو) فى قرية (بالوا) فى الطّريق المؤدّى من أسمرا إلى مدينة كرن كان كلّ الكبار والعارفين بالمسـار ومريدى الشّيخ القائد يخافون عليه دائما من جرأته ولكنّ للصّغار أصبح الشّيخ منارتهم وملهمهم فى أمور الدّين والدّنيا أحبّو المعهد لأجله وإعجابا به ويتمنّون أن لا يمسّه سـوء وكان المقرّبون جدّا من الشيخ يدعون له بالتوفيق والسؤدد.
وفى المدينة كان من يطلب من الشّيخ الصّمت أو الإمتناع لأنّه عانى ما فيه الكفاية وكأنّهم يريدون الشّـيخ أن يصمت أو أن يخنع ويخضع ويقبل بالموجود ولكن الشّيخ لم يخلق ليصمت على الضّيم.
أمّا المدينة نفسها عجّت بالمخبرين والمنتفعين وقوات مدجّجة بالسلاح من (الطّور سراويت ) وطعّمت المخابرات والأمن برجال من العمق الإثيوبى أشدّاء ذوى خبرة فى عداءهم لكلّ من يعادى (ملكهم جانهوى) وما (مكوريا) إلاّ مثال لرجل الأمن الأمحراوى المتسلّط والقادم من الأدغال الحبشية والمتحدّثين (بالأمحرنية) إمتلأت منهم (البارات) والمدينة وفاضت ونشأ جيل السبعينيات وهو يردّد نشيد الملك (نقوس نقّسوم) وإنتشرت فى الطّرقات والبارات أغانى (الأمحرا) تسمعها من مذياع يحمله (طوراى) = (جندى إثيوبى) أو فى المواخير و(الخمامير) والبارات وكلّ حوانيت الخمر المنتشرة فى الشّوارع الرّئيسية وفى الأزقّة وحتّى فنان الشعب (عبّى عبدالله) أصبح يلقى بعضا من نكاته الكرنية مطّعمة وملقّحة بالأمحرية.
إنتشرت أغانى المغنّين الإثيوبين (محمود أحمد) و(طلاهن قسّسى) و(منيليك) (هيروت بقّلى) تجد مجموعة من جنود (الطّور سراويت) الشّباب جالسون على حافة القنطرة (الكبرى) فى المدينة وعن يسارهم (محطّة أجب للبترول) ويستمعون إلى إذاعة راديو (أديس أببا) يطربون حتّى الثمالة لأغانى (طلاهن قسّسى) و(محمود أحمد) وهو يغنّى أغنيته المشهورة (تزّتا) والتى تعنى (ذكريات) كلّ منهم يمسح دموع الآخر وتذكّرهم بأيـّام كانو فيها أكثر آدمية يركضون ويلعبون يصرخون.
و بعض صبية المدينة يقفون حذرين على مسا فة منهم يردّدون معهم بصوت خافت وخجول (إندقنا فقر إندقنا إندقنا آيقنمنا إندقينا والّتى تعنى (عد يا حبّى ثانية). فى لحظلت إنسانية محضة بعيدة عن أجواء الحرب والصّراع إنّه الإنسان فى لحظات صفاءه ونقاءه فى الوقت الّذى يمارس (الطّور) كلّ أصناف الكره على الشعب والشباب فى المدينة والكره لا يولّد إلا الكره فالصبية يفارقونهم قبل أن يكملو الأغنية متمنّين لهم موتا وإختفاءا عاجلا من المدينة ويتركونهم ليموتو بشوقهم وغبنهم وغربتهم لأنّهم منعو الحياة الكريمة من أطفال أرادو أن يعيشو حياتهم كريمة شريفة يبادلون الحب والوئام مع كلّ من يحبّهم ويبادلهم تلك المشاعر الإنسانية النبيلة التى ذبحها الأمحرا تحت سمع وبصر العالم قربانا لعيون الملك (جانهوى).
والصّبية حتّى فى الفصول الدراسية يستمتعون بشعر الأمحرا وقصص الأمحرا مع الأستاذ (تسفـاىّ) ويأدّون الواجب المدرسى فيما يخص لغة (الملوك) ليس حبّا فيها ولكن لدواعى الإلتزام بالواجب المدرسى ولأن الطفولة من نواميسها لا تفرّق بين الألسنة والألوان ولكن يقع التناقض والإحتباس الفّكرى عندما يأتى (الأمحراوى) معلّم مادة العلوم (فانتاهن أبقاز) ليصلى معهم صلاة العيد تتضارب الأفكار وتزول سريعا (صورة) الأمحراوى القاتل المزيّن بالصليب فى صدره.
أحد الصّبية وهو مع هؤلاء شباب الأمحرا القتلة بحكم المهنة ينظر من فوق القنطرة (الكبرى) إلى الوجهة الأخرى من المدينة ينظر إلى المواخير والخمامير من فوق القنطرة فى حوالى (سوق الحطب القديم) وغسالة العم (با محفوظ) وطاحونة العم (أحمد) وكأنهما فى مدينة أخرى وليس فى كرن الجيش والغرباء وبائعات الهوى يملأن المنطقة.
إحداهنّ تصرخ والأخرى تطبطب عليها وتشكو لها (ظلم العسكر الأمحرا) قائلة:
(حادى أمحراى كرناف إنديو قنزبا وسيدس كى أخلو هريموّا خئا) نه (طوراى) من الجيش الإثيوبى لم يكفيه أخذ نقودها بل زادها ضربا) وتقول أيضا (حقّزوّا حقّى يلّن ديو أبزى عدّى) ألم يكن فى هذا البلد قانون أنقزوها سـاعدوها ولا أحد يتدخّل الكل ينظر إليهنّ ملفوفات بالـ (زوريا) متّجهات إلى قسم الشرطة لإيصال الشكوى.
ولكن رغم هذا وذاك دارت عجلة الثّورة ونسبة الإنحياز إلى الثّورة من أبناء المرتفعات زادت وتيرتها وتكّونت مجموعات من طالبى (العفو الملكى) يتجوّلون بأسلحتهم الّتى سرقوها من الثّورة فى الطّرقات ووسط المدينة خالقين رعبا وخوفا ويفخرون بتخلّفهم من ركب الثّورة وتسلّيمهم للعدوّ الإثيوبى والأحداث تملأ الطّرقات والمشهد الأمنى تعقّد بظهور (طابورا خامسـا) حضر هاربا من القرى ومن إمتدادات سيطرة الثّورة يحمل السّلاح ويكثر النّباح على شرفاء المدينة يحوم حول الأزقّة مكبّلا بالخوف ولا تحمله أرجله عمليات فدائية هنا وهناك وإستشهاد شرفاء تحت قنطرة السّكك الحديدية وفى مشاهد مؤلمة وجارحة و الرّعب سيّد الموقف ولكن لذوى الحاسة السّادسة إتّضح بأنّ سلطة الأحباش بالرّغم من تكشير الأنياب والقوّة الظّـاهرة بدأ العدّ العكسى إلى الهاوية وإلى الزّوال.
و فى منتصف عام 1973 جاءت سيّارة العسكر المرسيدس العالية على مقهى (عمر أمان) ليهبط منها نفر من العسكر والمدعو (ملقيتا) الّذى كان مسؤولا للأمن فى منطقة (عنسبا) ويعرفه الكثيرون ويشير (ملقيتا) هذا على أحد الجالسين فى المقهى وبجانبه طفله يحتسون الشاى ,أخذ العسكر الشّاب المشار إليه وصعدو به (سيّارة المرسيدس العالية تلك) وكأنهم يخطفون فى وضح النّهار وتابعه البعض ليعرفو أنّه أصبح نزيل زنزانة فى الكارشيلى) مركز المخابرات وأوكار التّحقيقات والتعذيب عرف لاحقا أنّ هذا الشّاب من قرية (وازنتت) وزميل الشيخ القائد (مرانت) ولكنّه لا ياتقيه كثيرا ولا يلحظهم أحد سويّا إبعادا للشبهة وهو شاب مناضل من ضمن حلقة الوصل والسّـاعى الّذى يوصل الرّسائل والمصروفات ويربط مناضلى الداخل بالثورة والثوار فى (مدينة كرن) عمل هذا الشّاب من قريته (وازنتت) وبالتنسيق مع محمّد مرانت الشيخ القائد دون أن يكشف أمره ولكن لدواعى العمل طلب منه الرّحول إلى وسط المدينة وصل الخبر إلى الشيخ القائد (مرانت) ولكن لم تهتزّ فيه شعرة لم يرتجف ولم يرتعش بل كان يؤدى رسـالته التعليمية وواجبه الوطنى وبحذر وإنتشر الخبر كالنّار فى الهشيم فى المدينة بأن ّ أحد عناصر الأمن الجبهجية فى منطقة (عنسبا) خان العهد وولّى ظهره للرّفاق و طلب العفو ممّن لا يعرف العفو والغفران (جانهوى) ودخل المدينة و بدأ يوشى بكلّ من عرفه فى خلايا العمل الجبهجى وقنوات التواصل وشـاء القدر أن يكون المناضل (إبراهيم رباط) أحد ضحاياه ولكن صمد المناضل (رباط) أمام التّعذيب والتنكيل والتّحقيق ولم يبوح بشيئ ممّن عرفهم فى العمل السرّى فى المدينة لأنه لا يعرفهم ولا يقابلهم وجها لوجه لدواعى العمل السرّى ولم يذكر أسم الشّيخ القائد الذى كان يعمل وإياه منذ زمن طويل.
ولكنه قال أنه كان يكلف من شخص لإيصال بعض الرّسائل ولكن لم يقابله أبدا لأنّ الشّخص هذا كان يترك له الرّسائل فى الأشجار فى دعارى وفى وسط أشجار (الدّعرو) يبحث عن الرّسائل وعندما يجدها ينطلق بها إلى عنسبا يسلّمها للمسؤولون وهذا كلّ ما فى الأمر ولكن حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن ثلاثة أعوام سجن المناضل (إبراهيم رباط ) فى سجن (دقانا) فى حىّ عد عقب وذاك كان مؤشّرا بإقترب الخطر من الشّيخ بالرّغم من عدم إدلاء المناضل (إبراهيم رباط) بإسم الشّيخ القائد ولا غيره من النّشطاء وحصر الأمر على نفسه ليحمى الآخرين ويحمى الخلايا الجبهجية من الإنكشاف والإنهيار وذاك قمّة التفانى وجلّ التّضحية.
ولكن بعد أربعة أشهر فقط من إعتقال المناضل (إبراهيم رباط) وبالتحديد يوم 25-12-1973 جاء المخبرون والعسكر مصطحبين معتقلا آخر هو المناضل (يوسف عمر ألف) وخرجو على الجبل فى حىّ (عد حباب) فى الصّباح الباكر وبعد سؤوالين إنهالو على الشيخ بالضّرب والرّكل أمام زوجته وإبنه ومن ثمّ إقتادوه إلى (الكارشيلى) مكتب التّحقيقات وبعد ثلاثة أشهر من التّحقيق والتّعذيب حكم عليه خمسة سنين سجن لأنّه وقع فى المحظور مرّتين ولكن بحكم أن من سجن معه من الشّباب حىّ يرزق بيننا حاولت الإتصال بالمناضلين االمهندس إدريس دافئ والمناضل يوسف عمر ألف الّذى كان طالبا حينها المناضل المهندس (إدريس دافئ موسى) معروف لدىّ الكثيرين لأنه منذ ذالك الزّمن وقبله بكثير عرف الثّورة والثّوار, وعرف جبهة التحرير الإرترية منذ الصّغر الباكر ولا زال يعمل فى رحابها فهو مسؤول فى قسم العلاقات الخارجية فى الجبهة يعطى بسخاء للوطن بالرّغم من إعتلال صحّته فإليكم وقائع الحديث مع المناضل المهندس (إدريس دافئ موسى محمود).
سؤوال: المناضل إدريس دافئ هل يمكن أن تعرّف القارى بنفسك؟
دافئ: أنا إدريس دافئ موسى ولدت فى قرورة درست الإبتدائية فى مدينة (نقفة) ومنها رحلت إلى مدينة كرن لدراسة المتوسط والثّانوى بحكم وجود عمّى الخليفة محمد موسى محمود والّذى كان (قومندان) فى الشرطة.. فى السّاحل ثمّ كرن.
سؤوال: متى إلتحقت بالعمل السرّى الجبهجى؟
دافئ: كان لى علاقات مع الجبهة منذ الصغر وبحكم أنّ والدى كان فى الشّرطة (ضابط صف) والمسؤول عن نقطة الحدود بين السّودان وإرتريا فى (قرورة).كان يبعثنى ببعض المهمّات والمؤن العسكرية لإيصالها إلى (جبهة التحرير الأرترية) فكنت أحملها على ظهر حمار وأسلمها لعناصر الجبهة على الحدود الإرترية السّودانية فى مدينة (قرورة) الثّائرة و كانت اللّقاءات تتمّ فى حانوت (الحاج محممّد على باناى) رحمه الله وكان ذالك يتمّ أثناء عودتى فى إجازاتى المدرسية وعندما أعود لمساعدة الوالد فى الزّراعة لأنّى إبنه الوحيد.
سؤال: هل كنتم تتلقّون أى تدريب فى العمل السّرى داخل المدن أو تدريب على أسلحة للإسعمال عند الضّرورة؟
دافئ: نعم كنّا نستدعى إلى الميدان لأخذ التدريب والتوجيه وقد درّبنا على إستعمال السّلاح فى منطقة لا أذكرها الآن ولكنّنا وصلناها بعد(قدانا) الّتى أوصلنا إليها من (وازنتت) المناضل (سامئيل) ومن (قدانا) إصطحبنا المناضل (صاروخ) الّذى أوصلنا للمنطقة المقصودة فى عنسبا وكنّا قد درّبنا على كيفية إستعمال المسدّسات والكلاشنكوف و (سنوبال).
والقنابل الصّينية وعدنا بعد الرّحلة تلك متخفّيين إلى مدينتنا (كرن) وكان قد رافقنى فى تلك الرّحلة كلّ من الأخوين (محمّد عبدالمولى نور حسين) لاعب كرة القدم فى فريق (عنسبا) المعروف والمناضل ( عثمان محمد نور فايد) والذي ارسلنا للتدريب هو الاخ المناضل (سليمان موس حاج) والمهمة التي كانت الجبهة تريد تكليفنا بها هي اختطاف المعلميين الإثيوبيين من المدينة.
سؤوال: هل هذه هى أول مرّة تتواجد فيها فى الميدان؟
لا قبل هذه المهمة التدريبية كنّا قد كلّفنا من الأخ القائد (مرانت) بمعيّة الأخ (محمّد نور فائد) بأن نوصل رسالة سريعة ومهمّة جدّا وبلا تأخير إلى المناضل (سليمان موسى حاج) مسؤول الوحدة الفدائية35 (حينها والموعد المضروب للقاء (سليمان) كان فى قرية (وازنتت) فى عنسبا والأخ (عثمان فائد) كان يعرف المنطقه وانطلقنا من حىّ (عدحباب) الساعة الخامس مساء وعند خروجنا من عد حباب في اتجاه (قرية سودان طبابا) وعند مصنع الطوب للعم (عبدالله جبريل) وجدنا أنفسنا وجه لوجه مع وحدة من قوات (الطّورسراويت) الأمحرا أوقفونا وفتّشنا وربّنا لطف لم يجدو الرّسالة الّتى كانت بحوزتنا لأنّ الأخ (عثمان) كان قد أخفاها بحيث لا توجد بسهولة ولكن طلبو منّا أن نتواجد فى صّباح اليوم الباكر فى مكتبهم فى رئاسة الجيش الإثيوبى فى المدينة و انا شخصيّا إنتابنى الخوف من أن لا يقبض علينا ونحن متلبّسين ولكن بإصرار من الأخ (عثمان) لأهمّية الرّسالة عدنا إلى (عد حباب) وسلكنا طريق آخر وهو (طريق قطّيتاى) وبسرعة البرق وصلنا الي قرية (طباب) و قابلنا (الأخ المناضل المعروف أحمد شيخ زايد الّذى ذاق المرّ والحنظل وفى سجون الإثيوبيين فى كرن ومرّات متكرّرة رحمه الله) وأخبرنا بمكان تواجد المناضل (سليمان) وعند وصولنا (جبّال شبّح) قابلنا الاخ المناضل حيوتي تبادلنا السّلام ولم نفصح عن مهمّتنا وتعذّر الأخ (عثمان فائد) بأنّنا قادمون لحضور زواج أحد الأقارب وذالك على حسب التّوجيهات التى أعطيت لنا ولكن المناضل (صالح حيّوتى) طلب منّا أن نتوخّى الحذر لأنّ هناك عناصر تدخل المدينة وتطلب العفو من السّلطات الإثيوبية وصلنا الي الاخ المناضل (سليمان موسى حاج) وسلمنا الكتاب وكان مضمونه (إمكانية إختطاف دبلوماسيين إيطاليين الّذين يريدون القدوم إلى كرن لزيارة مقابر جنودهم الّذين قضو فى الحرب العالمية الثانية ورجعنا فورا فى ليلتنا وفى الصّباح الباكرتممنا فى مكتب رئاسة القوات الإثيوبية فى المدينة على حسب طلبهم ومنه إلى المدرسة.
أذكر فى تلك الزّيارة كان يتواجد فى نفس المكان الجنود الّذين حصل لهم التّسمم فى منطقة (عد تكليس).
سؤوال: ماذا كانت طبيعة عملك فى كرن وماهى الأمور التى كانت موكلة إليك؟ هل كان لديكم لجنة تقود وتوجّه العمل؟
دافئ: نعم كانت هناك لجنة على مستوى المدينة ولكنّى لم أعلم كامل عضويتها وحتّى من كان يعمل بتوجيهاتها.
لا يعرف كلّ أعضاء اللجنة ولكنّى بحكم إحتكاكى بالقائد (محمّد مرانت) كنت أعرف أعضائها ومن ضمنهم (الشّـيخ إدريس آدم)
وكان العمل الموكول إلىّ هو جمع التبرّعات فى المدينة أجمع التّبرعات من أفراد وتجّـار المدينة وكان البعض يعطى أكثر ممّا طلب منه أذكر منهم الأب الرّحيم وصاحب المساكين (محمّد نور ياقوت) وصاحب الهمّة العالية العم (عبد الرّحيم عثمان عبدالله كيكيا) وكثيرون غيرهم وعندما أستلم الإشتراك والتبرّع لا أسجّل الأسماء ولا المبالغ فقط أنقلها إلى الشيخ (محمّد مرانت نصّور) شفهيّا وهو يسجّل الأسماء والمبالغ فمرّة أوصلها بنفسى وأحيانا يكلّف شخص آخر بالمهمّة.
وكلّ العمل يتم بالتنسيق مع المناضل (محمّد مرانت نصّور) وهو المنسّق العام والموجّه لكلّ العمل الجبهجى فى المدينة وكانت هناك لجنة للطلبة كان الاخ محمّد نور فايد (مقيم حاليّا فى ألمانيا الأتحاديّة) هو المسؤول عنها وعندما غادر كرن إنتقلت مسؤولية التّنسيق فى داخل الطّلاب إلى الأخ (يوسف عمر ألف).
سؤال: أنت لا تسجّل الأسماء ولا المبالغ.. خوفا من تعريض أرواح المشتركين للخطر.. ولكن الشّيخ (مرانت) يسجل الأسماء والمبالغ ألم تكن تلك مفارقات.
دافئ: نعم ولكن كان فى ذالك حكمة وهى إرتأينا أن يحفظ السّجل شخصا واحدا أأمن وأفضل من أن تكون مسجّلة فى يد أكثر من شخص وأكثر من سجل واحد ثمّ هناك شيئ مهم وهو أن (الشّيخ محمد مرانت) لم يحتفظ بشيئ فى منزله وعندما داهمت المخابرات منزله عام 1973 لم تجد شيئا فى المنزل غير الكتب الدّينية ومصحف القرآن كان للشّيخ (مطمورة) فى ركن من أركان الجبل فى (عد حباب) مكان سكناه حتى بداية الثمانينيات يخفى بداخلها شنطة متوسّطة الحجم من الحديد وفى داخل هذه الشّنطة الحديدية كان يحفظ كلّ أسرار العمل الجبهجى السّرى فى المدينة كان يحتفظ بكلّ السجلات وكلّ الأختام والمال هناك وكنت أعرف مكانها كإجراء إحتياطى تحسّبا لأىّ طارئ.
كان (الشّيخ القـائد) يخرج ليلا والنّاس نيام فيطمر فى مطمورة الأسرار كلّ أسرار المدينة ويأخذ حينا مـا يريد وقبل أن يراه أحد وتلك إحدى تفاصيل كفاح (الشّيخ القائد مرانت).
سؤال: الأخ إدريس هل يمكنك أن تقرّب لنا الصّورة عن الوضع فى عام1973 و إعتقالك فى السّجون الإثيوبية فى كرن بمعيّة الشّيخ مرانت؟
دافئ: فى تلك الفترة كان قد ظهر أنّ القبضة الإثيوبية على إرتريا قد وهنت وظهر إنسحاب كثير من أبناء المرتفعات من حلبة الصراع وإنحيازهم لقضيّة شعبهم وبالذّات ممّن كانو ضمن قوّة الكمندوس واللّذين كان الصّراع بينهم وبين قوّات الثّورة الإرترية يتّسم بالحدّة والعنف بحكم أنّهم (أبناء بلد يعرفون الأرض والنّاس فى إرتريا ولكن مشحونون بشحنات طائفية).
والعمل الوطنى الجبهجى بدأ يتوسّع وإنضمّ كثير من الشباب إلى الخلايا السرّية وفى مقابل ذالك أيضا المدينة كانت تعجّ بالجواسيس ورجال الأمن والمخبرين أمثال (تخلى برهان والمدعو محارى ومحمّد إكلت, ومحمد دبّاس) كلّهم كانو فى قمّة نشاطهم وحفنة أيضا ممّن طلب العفو مستسلما للعدوّ الإثيوبى خلقو الرّعب والقلق فى المدينة واللواء 12 من جيش العدوّ الإثيوبى جاء كقوّة إضافية جثمت على صدر المدينة وإختارت (موقع شركة شيشيتا سابقا) فى بداية حىّ (كرن لعلاى) مقرّا لها بقيادة الميجر جنرال (فقرو مكنّن) وطعّمت المخابرات والشّرطة من عناصر من (الجيش الإثيوبى) ولكن التفانى فى مدينة التّفانى كرن كان أيضا على أشدّه والعمل الفدائى إرتفعت وتيرته.
سؤوال: هل يمكنك أن تذكر عمليات فدائية حصلت فى تلك الأيّام من عام 1973
نعم أذكر فى تلك الأيّـام عمليّة فدائية حصلت فى (مقابر الإنجليز) إذ أعدمت مجموعة فدائية أحد العملاء وكان المتّهم الأول فى العملية كمتعاون فى التّنفيذ شّابا فى مقتبل العمر وفى بدايات ريعان شبابه أحضروه إلى المعتقل فى (شيشيتا) ومعى فى نفس الغرفة ومنه عرفت العملية قال لى هذا الشّاب اليوم كان عرسى أخذونى اليوم من حفلة زفافى فى حىّ (كرن لعلاى) أو منطقة (بقّو) القريبة لا أذكر الآن ولكن يومين بعدها إختفى الشّاب الفدائى وعرفت لاحقا أن (الأمحرا) نفّذو فيه حكم الإعدام ومات شهيدا فى يوم عرسه وعمليّة أخرى فى (فرش أكل) سوق الذّرة وغيرها من العمليّـات.
سـؤوال: هل العملية التّى تقصدها هى عملية إعدام الخائن (كفل) الّذى هرب من الجبهة وسلّم للعدوّ الإثيوبى وكان يقال أنّ منطقته هى (فار ألبا) بعد (بقّو) وقبل (قلاس) و كان يذهب إليها دائما نهارا جهارا وبلا خوف من الجبهة.
دافئ: لا أذكر حقيقة
سؤوال: ولكن ما السّبب الّذى قاد إلى إعتقالكم وكيف كشف أمركم؟
في هذه الاجواء كانت الرياضه الكرويه معلما بارزا في كرن وهنالك فرق مثل فريق (عنسبا) وفريق (والساحل) وفرق (استيلا) (النجمه) وفريق (الهلال) ولسالي وفريق (الجيش) والّذى كان يتكوّن من الأمحرا (الطور سراوييت) وكان هناك دوري تتسارع فيه الفرق للفوز باللقب والصراع اخذ مسار سياسي بين فريق (عنسبا) وفريق (استيلا) حيث أعبر (عنسبا) يمثّل الجبهة أو قل أن عناصره مرتبطة بالجبهة بأىّ شكل من الأشكال وأعتبر فريق (استيلا) تمثّل اثيوبيا ومؤيّدا منها وكان هذا هو الإنطباع الّذى كان سائدا مع أنه لا يعطى صورة كاملة لما كان عليه الحال بالرّغم من أنّ الرّياضة كان يجب أن تكون خارج السياسة ولكن الصّراع المحموم مع إثيوبيا فى كلّ الميادين خلق هذا الجو المريض فتسيّست نوعا ما كرة القدم, وفى إحدى المباريات بين فريق (عنسبا) وفريق (إستيلا) هزم فريق (عنسبا) المحسوب على (جبهة التّحرير الإرترية) وإمتعض كثير من الكرنيون والـ (العنسباويّون) بالأكثر ولكن أحد لاعبى فريق (عنسبا) ترجم غضبه إلى أفعال واتصل باحد اخوته في الميدان و المقيم حاليا في استراليا وطلب منه ان يرسيل اليه رسالة تخويف لبعض الاشخاص الذين يوئيدون (فريق استيلا)1 المحسوب على إثيوبيا. وان المناضل المعنى فى الميدان أرسل ما طلب منه ولا ندرى إن إستشـار قيادته فى فعل ذالك أم لأْ.
ومن ضمن من أرسلت لهم رسالئل التهديد الجبهجية هذه كان (مهندسا أمحراوى) يعمل فى بلدية كرن وكان من اللّذين يدعمون ويشجّعون فريق (إستيلا) ويعادى عناصر فريق (عنسبا) والجبهة لشيئ فى نفسه. ولكن هذا المهندس عندما وصلته هذه الرساله عن طريق البريد انزعج بشده ولم تحمله الأرض وضاقت عليه مدينة كرن بوسعها وحاول ان يجد مخرجا من المأزق الّذى أوْقع فيه نفسه ولأنّ يد الجبهة طويلة فى المدينة خاف أن تطــاله وحاول أن يجد أحدا من أبناء المدينة يساعده ويخرجه من محنته ومع أنّ الرّســالة القصد منها كان التهديد فقط لا أكثر ولا أقلّ.
وهنا كلّ من وصلته الرّسالة سلّمها للمخابرات اما المهندس اراد ان يتريّث ويصبر ويجد من يتوسط له ويخرجه من هذه الحاله وصار بهدوء يسأل من يقدم له العون وهو علي استعداد لدفع بعضا من المال للحفاظ علي روحه من مارد الجبهة الذي خلق الرعب لكل عميل في المدينه.
ولأنّه كان يتردّد على (بار إستيفانوس) بجوار باسكوسي في قلب المدينه ليلهى نفسه بلعبة (البلياردو) مع بعض الشّباب تعرّف على الأخ المناضل (يوسف عمر ألف) الّذى كان يتردّد أيضا على البار المذكور للعب البيلياردو بواسطة إرترى يعمل معه فى البلدية وعرض رسالته ومشكلته للأخ يوسف والأخ المناضل يوسف كان قد إستلم حلقة الإتّصالات الطّلابية والجبهجية من الأخ (عثمان محمّد نور فـائد) الّذى يقيم الآن فى ألمانيا الإتّحادية ووصّاه خير وصاية على الّدقّة والحذر وإلاّ إنكشاف أمر الشّبكة سوف يعرّض الكثيرين للهلاك والبلاء.
وهنا وقع المناضل (يوسف عمر ألف) فى الخطأ حين طمأنه بأنّه سوف يساعده ويخرجه من المأزق اطمئن المهندس لانه تحصل علي شخص له ارتباط بالجبهة ومن يقوم له بالمهمة. ولكنّ المهندس ذهب مهرولا في ليلته وبلغ عنه للمخابرات الّتى استلمت الرساله واعتقلت الاخ يوسف فى ليلتها وحقّق مع (يوسف) ويبدو أنّ الأخ يوسف تحت التّعذيب قد نطق ببعض الأسماء ممّن عرفهم مثل (الشّيخ القائد مرانت) وممّن لا يعرفهم ولكن ربّما عرف تواجدهم فى الشّبكة أو الخلايا الجبهجية مثل الأستاذ (إدريس آدم) وهنا ســاد الخوف ووقع الخبر كالصّاعقة على كلّ العاملين فى النّشأط الجبهجى ولربّما غادر البعض المدينة خوفا من بطش المخابرات الجائرة.
سؤوال: هل تذكر كلّ المعتقلين؟
دافئ: أذكر من المعتقلين (حامد جمجام, وعمر بيرب, وأببى (شقيق أرقاى) وأسمروم(موظّف البلدية) والقائد (مرانت) ويوسف عمر ألف والشّيخ إدريس آدم.
سؤال: هل لك أن تخبرنا كيف قبض عليك؟ و ما الّذى حصل لكم بعد الإعتقال؟
دافئ: بإعتراف بعض الأخوة منّا قبض على القائد (محمّد مرانت) فى نفس اليوم و قبض علىّ لاحقا فى صباح اليوم التّالى وكنت حينها خارج منزل أسرتى إقتادونى للـ (كارشيلى) وإستمرّ التحقيق أسـابيعا مع البعض وشهور مع الآخرين ونحن لا نعترف. ولكن بنصيحة من القائد (مرانت) إعترفنا بأنّنا أعضاء (جبهة تحرير إرتريا) ولكن دورنا كان دفع إشتراكات فقط.. وتلك كانت من توجيهات الشّيخ القائد (مرانت) وأثبت الشّيخ فى تلك المحنة بأنّه القائد ويملك موهبة بعد النّطر والحسّ الأمنى العالى حين قال أحصرو الأمر فينا نحن المقبوض علينا والمعترف علينا, ولأن أمرنا إنكشف يجب أن نعترف ولكن يكون إعترافنا بالصّيغة التّالية ( نعم نحن أعضاء جبهة التّحرير الإرترية) ولكن دورنا ينحصر فى دفع الإشتراكات الشّهرية فقط. أمّا أىّ شيئ آخر غير ذالك لا علم لنا به بتاتا.
أمّ التّحقيق كان فى (الكارشيلى) ومعسكر (شيشيتا) إستعملو معنا الضرب فى كلّ الجسم وحافة الأرجل والصّعق الكهربائى. و صبّ الماء البارد فى الجسد, وإغطاس الوجه فى الماء ممّا يعرّضنا لضيق التّنفّس والمطلوب منّا كان الإعتراف بمن يعمل معنا. والكشف عن أعمالنا والتصريح بأعضاء التنظيم فى المدينة وفى الأخير إعترفنا بالعضوية وبالإشتراك المالى وكان أكثر النّاس قسوة عليّ هو المدعو (محمّد دبّاس) وكان مشهورا بولاءه لأسياده الأمحرا وجاسوسا محترفا.. وكان يريد أن يعرف منّى أسماء الملتزمين فى (جبهة التّحرير الإرترية) فى المدينة ولكن أعاننا الله فى أن نصمد أمام التّعذيب ولم نتفوّه بإسم أىّ أحدا من الشّرفاء الذين عملو معنا وأعانونا فى مهمّاتنا.
سؤوال: مالذى حصل بعد ذالك؟
دافئ:عقدت المحكمة فى معسكر اللواء 12 فى (شيشيتا) وحكم علىّ بالبراءة لعدم ثبوت الأدلّة ولكن ولكن بعد أيّام قليلة من الصّباح الباكر هجمو على منزلى وأعادونى إلى مكتب التخقيقات ومنه إلى السّجن الكبير وبلا محكمة قضيت فيه عشرة أشهر فى سجن (دقانا) فى حىّ (عد عقب) والإفراج تمّ بسبب ضمانة مالية دفعها الّسيد (عبدالله الميرغنى) والسيّد (محمّد على باناى) والسيّد (على بخيت) أحد أعيان مدينة (أفعبت) دفع الضّمان المالى إلى العقيد( فقرو مكنّن) قائد اللواء 12 فى شيشيتا ولكن طلب منّى أن أراجع مكتب الشّرطة يوميّا لأثبت وجودى وحضورى ولكن بعد فترة وجيزة غادرت المدينة إلى السودان ومنها إلى مصر ثمّ ألمانياالإتّحادية.
سؤال: الأخ إدريس هل لك أن تعرّفنا بالمناضل الشيخ (مرانت) أكثر؟
دافئ: الأخ المناضل (محمّد مرانت نصور رجل شجاع وصبور قبض عليه كما يعرف الجميع وفى حوزته رسالة من الجبهة فى الـ (بياسا) محطّة البصّات الرّئيسية فى المدينة ولكن درءا للخطر من الآخرين بلع الرّسالة فى فمه وأعدمها وبذالك أعدم رسالة إدانته ولكنّ الظّلمة حكمو عليه عام واحد سجن قضاه كما هو معروف فى سجن (دقـانا) السّجن الكبير فى حىّ (عد عقب) المعروف.
ولأنه دائما يعمل بحذر إن وقع فى الأسر يتمنىّ أن يأخذه الشّر هو وحده وأن لا يصاب الآخرون بأذى ولا أحد غيره وذالك قمّة التفانى ونكران الذّات وحتى فى سجنه الثـّانى فى عام. 1973 كان يطلب منّنا أن نعترف نحن الّذين قبض علينا بمستمسكات أو من شهد علينا شـاهد بإنتمائنا للعمل الجبهجى فى المدينة ولتنتهى القضّية بمعاقبتنا نحن وإلاّ سوف يعمّ الإعتقال معظم رجال المدينة (محمّد مرانت) كان رجلا فى قمّة التفانى ونكران الذّات قلّ ما تجد مثله فى هذا الزّمان فكّ الله أسره إن كان فى الأسر ورحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى إنّه سميع مجيب إن نزع روحه الضّللة الحاقدون فى الحكومة الإرترية.
سؤوال: ماذا عن الأستاذ (إدريس آدم) ؟
دافئ: الأستاذ آدم أيضا رجل صبور يعمل بهدوء وبلا رئاء عمل للوطن والجبهة دون أن يشكّ فيه أحد ولكن غضبنا عندما عرفته المخابرات بسبب إدلاءات بعضا من رفاقنا الّذين إنهارو أثنـاء التّحقيق ليقدّم للمحكمة العسكرية فى (شيشيتا) ويحكم عليه ثلاث سنين سجنا قضاها فى سجن (دقانا) المعروف.
هل لك كلمة أخيرة تقولها للقارئ ؟
دافئ: أقول للشّباب الإرترى هذا تأريخ آباؤكم وإخوتكم الكبار عملو فحافظو على الوطن من الضّياع ولكن بعد رحول الأمحراإستأثرت قلّة من الهقدف على مصير الوطن وإستأسدت على النّاس بالتخويف والتهديد ونراها تعمل على طمس الهويّة الإرترية لتجعل الوطن الإرترى نسخة من ثقافتها الأحادية الجانب شتّة الأسر ومزّقت الأسر وأخفت الكثيرين ممّن ذاق المرّ والحنظل فى سبيل أن يخرج هذا الوطن (إرتريا) من قبضة المستعمر فى غياهب السّجون تحت الأرض وفوق الأرض أخفتهم ووارتهم من أبناءهم وزوجاتهم والوطن أبناءهم والقائد (محمّد مرانت) مثال صارخ وحاضر فى الأذهان لكلّ هؤلاء هل هكذا يستقيم الأمر!! أهيب بكلّ الشّباب الإرترى أن يقف وقفة واحدة ضدّ هذا الظّلم البائن لنهنأ معا بوطن يسوده الأمن والعدالة تحفظ فيه كرامة الوطن والمواطن وتصان فيه كرامة الإنسان الإرترى كإنسان.
نواصل بإذن الله... في الـحـلـقـة الـقـادمـة
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.