الخطاب السياسى الهام الذى القاه السيد/ عبدالقادر محمد صالح كبيري

بقلم الأستاذ: عبدالقادر حقوس محمد  المصدر: جريدة صوت الرابطة الاسلامية الارترية

رئيس فرع الرابطة الاسلامية الارترية لمدينة اسمرا والحماسين بمناسبة المظاهرة الكبرى

التى أقيمت فى يوم ١٩٤٧/٦/١۰م والتى طافت الجماهير المحتشدة بالالاف بدء من ساحة جامع العاصمة ومرورا بالشوارع الرئيسية وذلك للتعبير عن ارادتها فى الحرية والاستقلال التام.

بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر ولله الحمد

حضرات السادة أبائى اخوانى أبنائى انه لسرور عظيم أن أنال شرف الوقوف أمامكم خطيبا فى هذا اليوم العظيم الذى لا أغالى ان قلت فيه انه يوم اسمرا الذى سيظل تاجا فى جبين تاريخنا بل يوم اريتريا الخالد الذى تيقظت فيه الاغلبية الساحقة من ابنائها وقامت تظهر فيها وجودها وتعلن انها تنشد شيئا واحدا لا ترضى به بديلا وقد عبرت عنه بكلمتين اثنتين لا ثالثه لهما وهما:

الحرية والاستقلال

نعم، فالحرية حق طبيعى للامم وشيئ عزيز لكل حيوان فضلا عن الانسان يجرى وراءها ويتكبد المشاق فى سبيل الحصول عليها ويبذل الغالى والنفيس فى حفظها فلا عجب أن نرى هذا الجمع الكريم وهذا الشعب النابه ينشد حريته ويريد تحطيم الاغلال.
ويجلجل بالمطالبة فيها ويسير محتشدا يحدوه ضوء تلك الشعلة السامية التى عم الله بها قلبه تلك الشعلة هى الاستقلال.

نعم، الاستقلال يؤخذ ولا يعطى... ولا يدرك بالتمنى.

حضرات السادة، ان فكرة الاستقلال هى قبس من نور الله يفتح الله له قلوب المؤمنين ليظفروا بحقهم فى الحياة وبحق وطنهم ومجد بلادهم. ويعمى عنها اولئك الذين لا تتجاوز نظرتهم طرف انوفهم اولئك الذين يشترون بعهد الله ثمنا قليلا وخالفوا ضمائرهم بشىء تافه عاجل، وذهبوا يتلمسون له الادعاء الكاذب يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون.

فحمدا لله الذى أنار بصائر الأغلبية الساحقة من سكان ارتريا فابتعدوا عن الهوان واتجهوا نحو الله والوطن المقدس فكان الله معهم ولن يسلمهم الى غيره.

ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وسيرعاهم بعينه التى لا تنام فان الله سبحانه وتعالى لأكرم من أن تضيع هذه الامة التى تطالب بحقها الطبيعى فاكرم نفوس لا يضيع املها ولا تعتمد فى امورها الا به، وهو الذى جعل على نفسه وعدا (ان تنصروا الله ينصركم ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره) ان يكتب لها الفوز والنجاح.

أجل ان الله بالغ امره فأمر الله هو أن ينال العز أهلهه المجتهدون فيه حق الجهاد.

المظاهرة الكبرى التى أقيمت فى يوم ١٩٤٧/٦/١۰م فى اسمرا والتى طافت الجماهير المحتشدة بالالاف بدء من ساحة جامع العاصمة ومرورا بالشوارع الرئيسية وذلك للتعبير عن ارادتها فى الحرية والاستقلال التام.

والشعب من حقه ان ينال الحرية والاستقلال.

هاتان الكلمتان لهما معنى السحر رددهما بالسنتكم واذكروهما بقلوبكم حتى يمتزجا بدمائكم وارسلوهما صرخة عالية تملأ الفضاء وتشق عنان السماء فتصل الى الملك العادل.

وما ربك بظلام للعبيد

سادتى اننا لم نجتمع فى هذا اليوم السعيد على باطل ولم نجتمع على مكروه وانما اجتمعنا لنقول للعالم بأسره اننا امة ذات كيان خاص نطالب حقوقنا من اجل الحياة ولا نضمر لأى امة من الأمم أو أى شعب من الشعوب أو أى حكومة من الحكومات شعور كراهية أو بغض انما نحن امة تشعر بوجودها وبحقها فى الحياة فهى اذن تنادى بالاستقلال لتحيا حياة كريمة كغيرها من الشعوب.
فلا لوم عليها ولا عتاب وعلى ذلك لسنا نعادى اثيوبيا ولا نكره السودان ولا مصر بل نشعر نحوهما بشعور المحبة والأخاء.

وانما نجاهد لننال مثل ما نالته الأمم من حرية واستقلال ونصل الى ما وصلوا اليه من رقيى وكمال. واننا لن نتوانى ان نجابه أى دولة كانت متى ما حاولت ان تحيل بيننا وبين غايتنا المنشودة بالعداء. وهى غاية واحدة وغرض واحد حرية بلادنا ورفاهية انفسنا وهل يلام المرء على ذلك ؟

سادتى الأعزاء، لماذا أراد الله لهذا الشعب الخير والحياة، قامت الحرب العالمية الأخيرة التى كانت سبب انهزام الفاشيست الطاغية ودخلت فى هذا البلاد حكومة عادله استطاع الشعب بفضلها أن يخرج من مكنونه ويعبر عن رغباته فتمخص ذلك على ارادة قوية وكلمة صريحة هى المطالبة بالاستقلال والحرية.
سادتى لقد أكثرت ترديد الحرية والاستقلال ولم اتناول الحديث عن طريقهما. وطريقهما واضح وجلى وبابهما واحد الا وهو العلم.

العلم الذى هو سراج الحرية وزينته

العلم الذى نفتدى به وستضىء بنبراسه. العلم الذى لا يمكننا ان نحافظ على الحرية الا به. فاذا كنا حقا طلاب حرية واستقلال وحريصين عليهما فعلا فلا سبيل الا ذلك الا بالعلم، العلم وحده هو الكفيل الى وصولنا ولحاقنا بقافلة الأمم الحرة التى لا تعرف الاستعباد ولا الذل فعلينا اذن ايها السادة أن نبذل كل جهد وبكل ما اوتينا من قوة وان نبذل الغالى والنفيس فى سبيل الحصول عليه وليس ذلك بالأمر العسير.

اذا ما تضافرنا وتكاتفنا واجمعنا على ان نظفر به فهيا بنا الى العلم شيبا وشبابا وينبغى ان نعلم كلنا أن لا حرية ولا استقلال الا بالعلم والعمل (وهل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون وما يذكر الا اولى الالباب) ومن دواعى الأمل والبشرى أنه يدرك شبابنا هذه الحقيقة فسارعوا الى الأخذ بها وعملوا على تعميم التفهم لتعليم اخوانهم ويقدموا لهم المساعدة الفعالة فى المدارس ولا شك أن الشباب هو العرق النابض فى جسم الأمة وهو الذى عليه مستقبلنا. وروح الشباب هى التى تدفع الأمة الى الأمام خطوات وخطوات.

فيا أهل اسمرا ويا اهل حماسين شيبا وشبانا ويا أهل الروح القوية انكم بمظاهرتكم هذه قد أعطيتم الله ميثاقا وعهدا أن تنصروا الامة وان تصلوا بها الى النهاية وان اعمالكم فى هذا السبيل كثيرة وجمة وفى مقدمتها برنامجكم الشريف ذلكم البرنامج تصميمكم لنصرة التعليم فانجزوا ما اشترطتموه على انفسكم. وانتم ايها الشيوخ فقد كانت لأرائكم ولأعمالكم النصيب الأوفر والحظ الاكبر فى توجيه الأمة فبتجاربكم وحنكتكم وايمانكم أحرزت الأمة هذه العزة فلا عدمتم وانما لتنتظر منكم اكثر مما عملتم.

أما بعد
فها هى كلمة أخيرة أقولها اننا قد قمنا نطالب بالحرية والاستقلال ولا نرضى بهما بديلا مهما كان ، كلا ثم كلا والف كلا... نريد الحرية والاستقلال.

واننا ولا شك على استعداد تام أن نبذل فى سبيلها دماءنا الزكية الطاهرة.

لتحيا الرابطة الاسلامية الارترية لتحيا بلادنا الارترية حرة مستقلة

والسلام عليكم ورحمة الله

 

مقتطفات من كتاب: أبو الشهداء عبدالقادر محمد صالح كبيرى - رائد من رواد الوطنية ونبذة عن معالم حياته واثاره الخالدة
بقلم الأستاذ/ عبدالقادر حقوس محمد - ص ٦٦

التعريف بالكاتب:

الاسـم: عبد القادر حقوس محمد الجبرتى.

محل الميلاد وتاريخه: إرتريا - مدينة كرن 1930م.

دراسته الأولى: حفظ شيئاً من القران الكريم في مسقط رأسه ودرس في المعهد الديني بأسمرا وهاجر إلي السودان ليكمل دراسته في معهد أم درمان وأقام فيه سنتين.

سفره إلي مصر: التحق بالأزهر الشريف وحصل منه على الشهادتين الابتدائية والثانوية وكان ترتيبه الأول في الثانوية ونال شهادة الامتياز وميدالية في عيد العلم من الرئيس جمال عبد الناصر.

دراسته الجامعية: حصل على درجة الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية عام 1966م من كلية دار العلوم جامعة القاهرة كما نال دبلوم عالي من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة 1975م.

نشاطه في فترة الدراسة: كان واحد من المؤسسين لنادى اتحاد طلبة إرتريا عام1952م بالقاهرة ومثل الطلبة في مؤتمر الشباب الديمقراطي العالمى وحضر المهرجان الذي أقيم في مدينة موسكو عام 1957 وكان عضواً بارزاً في الربطة الأفريقية في الحقل الثقافي والاجتماعي ساهم في أنشطة رعاية الشباب والفنون والأدب لعدة سنوات. واشترك في ما بعد الدراسة في تأسيس الجالية الإرترية في ج.م.ع. بالقاهرة 1997/2/26م.

عملة في حقل التدريس: قام بتدريس اللغة العربية اكثر من 25 عام في السعودية.

مؤلفاته: صدر له اكثر من ديوان في الشعر. وله كتابات عن شخصيات بارزة من بلاده وبحوث أخرى تاريخية ومذكرات عن دور الحركة الطلابية في القاهرة من عام 1950 م حتى عام 1966م لأبناء إرتريا في مصر وآلف كتاب بعنوان (الإسلام دين يدعو إلي الحق والخير والإحسان). كما كتب عن إرتريا وصفحات من تاريخها في الماضي والحاضر.

زياراته ورحلاته: زار أثيوبيا - السودان - مصر - لبنان - سوريا - تركيا - السعودية - أوكرانيا - روسيا - روسيا البيضاء - استراليا.

Top
X

Right Click

No Right Click