مدينة قندع الحبيبة
بقلم الأستاذ: ود ماي أتكموم - كاتب وناشط سياسي إرتري | سماديت دوت كوم
نبذة تعريفية: الإخوة والأخوات أقدم إليكم نبذة مختصرة عن مدينة قندع، وسأبدأ تاريخ هذه المدينة
بواقعة تاريخية وهي قصيدة ألقاها أحد علماء البعثة الأزهرية في إرتريا إلى مدينة قندع (جندع) وهو الشيخ محمود مصطفى بدوي وأورد هنا نبذة عن فضيلته والقصيدة التي ألقاها هناك في حضرة الكفليري عمر صفاف ناظر مدينة قندع آنذاك، وهذا يدل على أن قندع كانت منارة من منارات العلم والدعوة في بلادي.
الشيخ محمود مصطفى بدوي:
• ولد في عام 1918م في إحدى قرى الدقهلية بمصر.
• تخرج من الأزهر في عام 1948م.
• أبتعث إلى أرتريا في ديسمبر 1952م وبقى فيها إلى يوليو 1958م.
• كان من أخلص وأنشط أفراد البعثة، وكان قد بدأ في تأليف كتاب عن تاريخ أرتريا ليتقدم به لإمتحان كبار هيئة العلماء، وقد أهداه سماحة المفتي عددا من كتبه، وبعض المطبوعات والوثائق، وصحح قسما كبيرا من الكتاب. ولكن أحد الحساد وشى به إلى الحكومة وكتب عرضا ذكر فيه بأنه يؤلف كتابا يمس كرامة أثيوبيا وسمعتها وكان هذا العرض مكتوبا باللغة العربية ولحسن الحظ وقعت العريضة في يد موظف مسلم يتقن العربية فاتصل حالا بالشيخ محمود البدوي ونبهه إلى ما يكاد له ونصحه بأن يبعد الكتاب والوثائق التي عنده حتى لا يتعرض للتفتيش ألمفاجئي من قبل البوليس فقام الشيخ بإخفاء الكتاب والوثائق عند من يثق فيه ثم تم تهريب الكتاب فيما بعد إلى خارج أرتريا ووصل إلى مصر.
• كان شاعرا وله الكثير من الشعر ومنها قصيدة في النجاشي، ومنها أيضا قصيدة مرتجلة ألقاها في مدينة جندع في دار "الكفليري عمر صفاف" ناظر جندع في 6 فبراير 1953م حين زارها مع بقية أفراد البعثة، يقول في هذه القصيدة:
وما جندع إلا ديار كريمــة *** يطيب لدين الله في أرضها ذكر
حللنا بها يوما فكان لقاؤهــا *** لمقدمنا كنزا يضن به الدهــر
إذا ذكر الله العلي تجــاوبت *** بها فلذات طبعها الحمد والشكر
عليهم سمات الصالحين تراهم *** سراعا إذا ما نودي الله أكـبر
يفيض محياهم بنور قلوبهـم *** ويشرق بالإيمان في وجههم بدر
الاسم:
قندع مشتق من "القندعي" وهو شجر العشر الذي يكثر فيها.
الموقع:
تقع مدينة قندع في مديرية سمهر "إقليم شمال البحر الأحمر" حسب التقسيم الجديد بعد الاستقلال، على الطريق الرئيسي الذي يربط العاصمة اسمرا بميناء مصوع جوهرة القرن الأفريقي، تبعد قندع عن العاصمة أسمرا بحوالي 45 كيلو متراً ويشقها الخط الرئيسي المسفلت كما يمر بها خط السكة حديد الذي بناه الايطاليين، تتميز المدينة بمناخها المعتدل صيفاً وشتاء وذلك بسبب موقعها الجغرافي الذي يقع في تضاريس سمهر الجميلة، تعتبر مدينة قندع من المدن القديمة بسبب موقعها الاستراتيجي حيث شهدت أغلب الحروب التي مرت بها المنطقة المعروفة حالياً بإرتريا حيث شهدت معارك الغزاة الأحباش أمثال الرأس وبي من قبل الإمبراطور تيودروس والرأس ألولا الذي أرسله الإمبراطور يوحنا لمحاربة أهل (مدري بحري) "أرض البحر" أو مرب ملاش (المنطقة ما دون نهر مأرب) كما شهدت الحروب التي دارت بين الايطاليين والرأس ألولا وذلك لقربها من الميناء الذي أتى عن طريقه الايطاليين حيث وقعت معركة حامية الوطيس بالقرب من مدينة قندع في منطقة تسمى إندا ماريام ناحية العاصمة أسمرا حيث صمدت قوات الرأس ألولا في وجه الزحف الايطالي لبضع أيام وكان الجيش الايطالي مكون من قوات إيطالية وأخرى من أهل أرض البحر "إرتريا" الذين كانوا قد تعرضوا للاضطهاد والقتل والمطاردات من قبل الرأس ألولا فأشاروا على الايطاليين السماح لهم ليكونوا هم في المقدمة ويواجهوا جيش الرأس ألولا وبالفعل أصبح الجيشان الإثيوبي والارتري وجهاً لوجه وبدأت قوات ألولا التي كانت ترعب الناس بالتراجع والتقهقر حتى توقفت في منطقة إمبا ألاجي (Emba ALagie) في عمق الأراضي الإثيوبية وتحديداً في إقليم تقراي والتي تم بعضها تحديد الحدود الارترية الحالية.
كل هذه الأحداث والوقائع تركت بصماتها في التكوين السكاني للمدينة الذي يتشكل من كل الأعراق الارترية والغير ارترية نتج عنه تجانس سكاني لا يضاهيه إلا تجانس سكان مدينة كرن وقد ذهب البعض إلى تشبيه مدينة قندع بسبب هذا التجانس والتآلف بمدينة كرن.
كما شهدت مدينة قندع الحروب الحديثة بين قوات العدو الإثيوبي ومقاتلي الثورة الارترية ومن أشهر تلك المعارك عملية فنقل التي كان لقندع حضور فيها حيث لعب موقعها الاستراتيجي دوراً هاماً في إنجاح العملية والتي كانت بدورها المسمار الأخير الذي دقه الثوار في نعش العدو الإثيوبي.
الأهمية الاقتصادية:
وتعتبر مدينة قندع المدينة الثانية في إقليم سمهر وتلي مصوع من حيث المساحة والسكان، وتعتبر مدينة نموذجية إذ تضم قبائل من مختلف الإقليم، وهي الوعاء الأكبر الذي يضم كل قبائل إقليم سمهر. يعمل سكانها بالزراعة لخصوبة تربتها وتربية الماشية والتجارة إضافة إلى الحرف اليدوية والتقليدية.
الحياة في مدينة قندع:
الناس في قندع ينقسمون إلى عدة فئات فمنهم المزارع والتاجر والعامل في السكة حديد والعامل في مزارع دناداي سابقاً ومشاريع قاحتيلاي المليئة بالبساتين الصغيرة للأهالي.
يوجد في قندع مدارس لكل المراحل وبها معهد الدين الاسلامي (معهد علمي) تخرج الكثير من طلابه من الجامعات الإسلامية ومساجد عدة ومن أشهر الشيوخ الذين أنجبتهم قندع وهاجروا إلى الخارج الشيخ عمر الذي استقر به المقام في مدينة القضارف حي دار السلام حيث افتتح خلوة لتحفيظ القرآن الكريم ثم عم نفعه - رحمة الله عليه - المنطقة فأصبح حال أهل حي دار السلام في عهده حال أشبه بحال السلف من التزام بالحجاب الشرعي وحب العلوم الشرعية بعد أن كان من الأحياء التي كانت تعرف بحب أهلها للهو بالأيام والليالي فكان لأسلوبه وليس لعلمه فقط دوراً في التزام الناس في مدينة قندع ثم في القضارف كما أسلفت وقد قال له الشوم سعيد قولته المشهورة: (يا شيخ عمر لقد جاءنا من قبل الكثير من المشايخ والدعاة بعضهم مثلك وبعضهم أعلم منك ولكنك اتبعت معنا أسلوب اللين والرفق فتمكنت من قلوبنا والآن أصنع بنا ما تشاء فنحن مثل العجينة بين يديك).
قندع والثورة الارترية:
لقد وهبت مدينة قندع العشرات بل المئات من أبناءها بشتى فئاتهم وتوجهاتهم حيث لم يكونوا ضيوفاً على الثورة بل ساهموا ضمن المؤسسين ومن تخلف عن المؤسسين كان في أوائل الملتحقين وتقلد الكثير منهم مهام قيادية متقدمة في الثورة الارترية بفصائلها المختلفة.
قندع في الأدب والفن الارتري القديم والمعاصر:
لقد سجلت قندع حضوراً فنياً في الماضي والحاضر يمكن ذكر بعضهم على سبيل المثال لا الحصر:-
• الفنان الراحل العم/ سعد حجي الذي ألهب المشاعر في أكسبو اسمرا 1972م وهو صاحب الأغنية المشهورة (سبركو كبد سيني بحري زمزم).
• الفنان/ حسين محمد علي (ثرنا من أجل مصلحة الملايين ثرنا من أجل كل الكادحين ورفضنا كل ظلم واقع فينا وأعلناه أعلناها... أعلناهاااا ثورة في الواحد والستين) وصاحب الأغنية الحديثة والجريئة (مي سمعكا؟ تممممم... مي رئيكا؟ تمممممممم. من تتهاقي أفوكا إنلقم).
• الفنان/ سعيد عبدالله صاحب الأغاني التي لا تحصى مثل (أدبر عدنا، وأغنية استيني ما طمائكو).
والعديد من الفنانات، أما الفن التشكيلي فقد أهدت إلى إرتريا والإنسانية الفنان محمود دبروم وغيرهم. وكل أبناء ماي أتكموم معروفين بفصاحة اللسان.
بعض الأسر والشخصيات المشهورة في قندع:
آل صفاف، آل قدم، آل آيم، آل سمهراي، آل درير، آل أدحنا، آل سليمتو، آل عوته، آل محمد حسين، آل زبوي، آل شوم سعيد، آل بتعاي، آل مهري، آل حجرت، آل بخيتاي، آل موسى حاج، آل فونجاى، آل اشماعيلو، آل تركاى، آل عمار إدريس، آل أكوب، آل أبريهم، آل أسناي، آل قما، آل تركي، شيخ عمر، آل كليم، آل كوكل، آل ابو بخيت، آل أبعري، آل بارماي، آل حمد، آل شنيتي، آل كاكاي، آل كيكيا، آل سندح، آل ريحاني، آل بلع وأت، آل ناشح، آل إبراي، آل حب الدين، آل ماحيشو، آل شري، آل حليبو، آل حليباي، آل مالك، آل أب سلاب، آل جبيب، آل عرمسيس، آل شولول، آل باهو، آل صائغ، آل بارياي، آل ناشح، آل بيني... وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم.
أحياء مدينة قندع:
حديش عدي (الحلة الجديدة)، دبالغو، عد دوحي، حلة جيزان، بنسبيرو، بلوكو (كامبو بوليس)، رأس ألولا، دار السلام، دار النعيم (أحياء تم تأسيسها في حضن جبل قحايات بعد التحرير لتحتضن العائدين من الغربة) حديش ألم، فروبية عد نبب، ودق شيخ سعيد، شيخ عمر، أتسيوني.