قصةٍ لرجلٍ فارسٍ شهمٍ يدعى جمع ود عجيل
بقلم الأستاذ: عبدالعزيز إبراهيم العامري - كاتب وفنان تشكيلي
جئتكم اليوم بقصةٍ لرجلٍ فارسٍ شهمٍ يدعى جمع ود عجيل وهو رجلٌ شاعرٌ في الوقت نفسه.
هذا الرجل اراد ذات يوم ان يذهب الى أقربائه كانوا يسكنون في منطقة بعيدة، فأخذ زوجته وكان لهما ثوراً يحملان عليه زاداً لهما، سلكا الطريق متجهان شطر المنطقة التي يسكنها ذويهما وطفقا يمشيان طوال النهار وما ان بلغا مكانٍ قَفر، (لا ناس فيه) حتى اقبل الليل وارخ عليهما دسوله، فقال الرجل لزوجته سنبيت هنا في هذا المكان وعندما يبزغ الفجر نواصل طريقنا لاننا اذا واصلنا المشي سنضل ولن نستطيع ان نسلك الطريق السوي في هذا الليل المدلهم الدامس، اخذت الزوجة تعمل في الطعام (العشاء) وهو بدأ ينشد اشعاراً بصوتٍ عالٍ فقالت له زوجته وقلبها يتفطر خوفاً، ان صوتك هذا سيجلب لنا قطاع الطرق فهلا سكت يا عزيزي ؟
ردَ عليها بابياتٍ من شعر قائلا:
لَقَرَم بدير ئبْلا إتْكْرعيني من حلاي
إسيت ناسآي مقابا مَسْلْ ديبا كم قْنْداي
ئْفَتحو لَبيلا إسور هلا لَبْعْراي
وحَنْفْلو لبيلا ملوء هلا لَقْراي
إفَرِهْ من كَدَن وإفرهْ من كَراي
إفرِهْ من بأس وإفرهْ من وِداي
لَسَيْف هَبونكاي إكون ولا بَعَلو مندَلاي
منتو من لِبْلوكي جمع تو بيلوم لأفْلَنْداي...
شرح القصيدة:
• (لقرم بدير إبلا إتكرعيني من حلاي) يعني يقول لزوجته بأنه متعود على رفع صوته أثناء نشيده للشعر وكذلك يحذرها لئلا تحول بينه وبين شعره.
• (إسيت ناسآي مقابا مسل ديبا كم قنداي) قنداي هو ساق الشجرة يقول في هذا البيت ان المرأة من عادتها ان تستهزئ ببعلها وتحسبه كجذع النخلة الخاوي لانه يتعامل معها بكل لطفٍ وليونة فتظنه انه يتعامل مع اعدائه بكل حنية ويرفق بهم كما يرفق بها.
• (إفَتحو لبيلا إسور هلا لبعراي) بْعراي هو الثور، يقول اذا جاء الاعداء وارادوا ان يأخذوا الثور، فليأخذوهُ إن استطاعوا اليه سبيلا.
• (وحنفلو لبيلا ملوء هلا لقراي) قْراي هو شبكةٌ تشبه الشبكة التي تستخدم لاصطياد السمك تنسج من الزعف وغيره وتستخدم لرفع الزاد في السفر والتسوق ايضا. هنا يبرز عدم مبالته بالاعداء إذ يقول ان هذه المؤنة فيها ما يكفي من الخيرات فإن اراد الاعداء البحث عن غنيمة فليقوموا بتفتيشها ان استطاعوا.
• (إفره من كدن وإفره من كراي) يقول بأنه لا يخاف القَفر والخلاء من الارض ولا يخاف الضباع وغيرها من الحيوانات المفترسة.
• (إفره من بأس وإفره من وداي) يقول في هذا البيت بأنه لا يعتريه الخوف من الحرب ولا من بطش الاعداء اذا ظفروا به.
• (لَسَيْف هبونكاي إكون ولا بعلو مندَلاي) هنا اراد ان يبرز قوته وصرامة سيفه البتار حيث قال بأن سيفه ليس مَثلوماً مَتلوفاً وليس بعله أي صاحب السيف (يعني نفسه) فتىً يافعاً غير قادر على التصدي للاعداء.
• (منتو من لبلوكي جمع تو بيلوم لأفلنداي) وهنا في هذا البيت الاخير يقول لزوجته، اذا جاء الاعداء وسالوكِ عني فقولي لهم إني انا جمع الافلنداوي وحينها سيذكرون مواقفي الحميدة التي يعرفها القاصي والداني. قال (جمع لافلنداي) نسبةً لقبيلته أي قبيلة أفلندا وهي من قبائل البني عامر ولها شهرتها بفرسانها مثل الفارس هِرِب ود عجيل وغيره من الفرسان.
♡ اشكر كل قارئ على قراءته لهذه القصة الجميلة ♡