دور الفن والأدب في الثورة الإرترية - الجزء الثاني
بقلم الأستاذ: محمد سعيد ناود
أحمد محمد سعد، عبد الرحمن سكاب، محمد عثمان كجراي، محمد محمود الشيخ المعروف بـ ”محمد مدني“، وهؤلاء الشعراء،
أنتجوا الكثير.
• أحمد سعد له ديوان مطبوع، محمد عثمان كجراي له أكثر من ديوان مطبوع بالمكتبة السودانية.
• محمد مدني له ديوان مطبوع، عبد الرحمن سكاب يوجد شعره في شكل مخطوطات ولم يطبع وموجود لدى أسرته بعد وفاته في اليمن، علما بأنه كان ينشر الكثير من أنتاجه الشعري في الصحف العربية. والدواوين المطبوعة التي أشرت اليها فلايوجد منها شيء في المكتبة الأرترية. ولكنها ربما توجد في المكتبة السودانية.
أن هذا التراث يحتاج الى الطباعة واعادة الطباعة وأنزاله ضمن المكتبة الأرترية لأن الجيل الحالي لم يقرأه أو يتابع أنتاجهم وربما لم يسمع البعض بهم فكل ذلك تراث أرتري لمرحلة هامة وخصبة هي مرحلة الثورة التي ناضل الكثيرون من أجل تحقيق أهدافها ويعيش الجيل الحالي تحت ظل أرتريا المستقلة التي حلم بها الجميع وفي مقدمتهم هؤلاء الشعراء، وأصبحت اليوم حقيقة ومن بين هذه الأسماء من الشعراء التي ذكرتها أخترت كنموذج لهم القصيدة أدناه للشاعر أحمد محمد سعد.
في أنتظار اللقيا
فرحة اللقيا أطلي
فجري النور بعقلي
طال ليلي
ورحيلي
في دياجير بعادي
عذب الشوقُ فؤادي
يابلادي
ياقناديل يقيني
أنقذيني
من ضياعي وأنيني
يابلادي
ياعناقيد حنيني
ومواويل فؤادي
أين أمسي... عرس أفراحي
ولوحات فنوني وجنوني
حيث سرت
أو وقفت
لا أبالي
يشعل الحب خيالي
وفضولي
رافع الرأس أغني
كالكناري
والأماني في بساتين نهاري
أغنيات ذوبتها أرتعاشات ضياء في العصاري
أيه يا أغلى الأغاني
ياشموعي
يل لأهازيج ربيعي
ياخرير الماء
ياصفاء السحر في تلك الروابي
يا أنين النأي ياسحر المروج
ومغارات الجبال
ياحفيف الغصن ياسر الجمال
لأين أنت يابلادي
طال ليلي
ورحيلي
غَيرَ المنفى هوايا
ضيع الهجر منايا
يارفيقي
لاتسلني
أين ولت هاتيك الأماني؟
فتعالي
ياعصافير بلادي لنغني
فلعل اللحن يمحو بعض آلام فؤادي
بيد أني رغم آلاف الصعاب
لن أبالي بالعذاب
بل سأمضي في طريقي
حاملا نبض الشباب
وغدا تحيا بلادي
حرة تبني أماني الكادحين
فرحة اللقيا أطلي
فجري النور بعقلي
طال ليلي
ورحيلي
حاليا مساهمة الفن والأدب في بناء الدولة الأرترية المستقلة:
اذا كان الفن والأدب في الحقول التي أرتادها قد ساهم في أنجاح الثورة فانه اليوم وبعد التحرير يعمل لبناء دولة أرتريا المستقلة، ورغم أن الموجود والمعروض يعتبر أقل بكثير من الطموح ومن الذي كان مؤملا، الا أنه وبالمقارنة مع قلة الأمكانيات ولقصر المدة الزمنية لعمر دولتنا الوليدة، فأن ماتحقق يعتبر قفزة كبيرة الى الأمام كما ونوعا.
واذا كانت المجالات التي عمل فيها الفن والأدب قبل تالتحرير محدودة للغاية فأنها اليوم قد توسعت الى آفاق أرحب. فالساحة الأرترية مليئة اليوم بشتى ألفنون من غناء ورقص وشعر وقصة ”دراما“ ومسرح وكذلك الفن التشكيلي.
واذا كان دور الفن والأدب في مرحلة الثورة كان التحريض ضد المحتل الأثيوبي والتبشير بانتصار الثورة وحتمية ذلك، وضرورة دعمها ومساندتها من أجل ميلاد دولة أرتريا المستقلة، وتحقيق الوحدة الوطنية من أجل الوصول الى هذا الهدف.
فأن دور الفنون والآداب وبعد أنتصار الثورة قد أضاف المزيد من المهام في رسالته ويتلخص ذلك في سعيه للمحافظة على السيادة الوطنية، والتبشير بمستقبل واعد وغد مزدهر، وبناء أرتريا ووحدة شعبها، وتأثير ذلك ليس مقتصرا على شعب أرتريا في الداخل بل صار يتجاوزه الى أوساط الأرتريين في المهجر. كما شمل غير الأرتريين من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحتى الحكومات. فرغم أستقلالنا قصير المدى والذي لم يتجاوز 17 ربيعا فقط فقد ظهر جيل جديد في الساحة الأرترية تلقف الراية من آبائه وأندفع بها للأمام في شتى الحقول وليس فقط في مجال الفن والأدب.
وهذا الجيل يعتبر أكثر حظا من جيل أبائه، ومايساعده في مهمته فانه يعمل ويبدع في ظل وطنه وتحت رعاية دولة أرتريا المستقلة رغم كل المصاعب والتحديات التي تواجهه. فبدلا من حياة التشرد واللجوء التي عاشها آباؤه فهو يعيش في أرضه ووسط شعبه، ومما يساعده في مهمته فقد تم التوسع في التعليم من مرحلة الأساس وحتى الجامعة، ويشمل ذلك كل الأقاليم الأرترية بحكم شعار ”التنمية المتوازنة“ المرفوع والذي يتم تطبيقه على أرض الواقع في حدود الإمكانيات المتاحة للدولة الإرترية.
أيضا هناك وسائل إعلام من اذاعة وتلفزيون وصحافة والتي تساهم الى حد كبير في صقل المواهب ودفع الطاقات الجديدة الى الأمام، بل وهناك مراكز تدريب ومعاهد ودورات التأهيل بل هناك من يتم أبتعاثه الى الخارج في دورات تدريبية في شتى الحقول والنتيجة لكل ذلك نلاحظها في البراعم التي تفتحت.
سوق عكاظ الأرتري:
”سوق عكاظ“ مشهور في تاريخ الجزيرة العربية من أقصاها الى أدناها منذ القدم وكان ذلك السوق يعقد سنويا في مكة ويرتاده العرب وكان موسما لايتخلف عنه أحد للبيع والشراء وأغراض أخرى. وماساهم في تخليد هذا السوق هو قدوم فحول شعراء العرب اليه وعرض قصائدهم والتنافس فيما بينهم.
وهذه القصائد وعبر الدهور عرفت بالمعلقات المذهبات لأنها كانت تكتب بماء الذهب وتعلق في جدران الكعبة، وشعراء المعلقات هم:
أمرؤ القيس، طرفة بن العبد، زهير بن ابي سلمى، لبيد، عمرو بن كلثوم، عنترة بن شداد، والحارث بن حلزة.
وتميزت ارتريا بشيء مشابه بسوق عكاظ، فهناك ظاهرة تفردت بها أرتريا دون غيرها وهي أقامة مهرجان أرتريا السنوي الذي يقام في أرض المعارض ”أكسبو“ بالعاصمة أسمرا. وهذا المهرجان تحضره الجماهير الأرترية من الأقاليم الستة كما تحضره قطاعات واسعة من جماهيرنا وجالياتنا في المهجر، وفي هذا المهرجلن تعرض فنون كل القوميات الأرترية من تراث، غناء، رقص، عادات، وتقاليد، أيضا تعرض فيه الصناعات اليدوية والإبتكارات والأختراعات التي يقدمها المبدعون، كما تعرض الكتب بالأقلام الأرترية وفي هذا المهرجان تقام المنافسات والمسابقات وتوضع حوافز مالية وغيرها في شكل جوائز للفائزين.
ومثل هذا المهرجان السنوي الذي يقام في ظل دولة أرتريا المستقلة فهو يساعد الإرتريين لمعرفة بعضهم البعض وبالتالي يوطد وحدتهم الوطنية بل ويحفزهم للمساهمة في بناء وطنهم. أيضا هناك كثيرون من غير الإرتريين يحضرون الى هذا المهرجان وبالتالي تزداد معرفتهم بارتريا وشعبها وبامكانياتها وبتطلعاتها المشروعة.
وكما كان الحال في سوق عكاظ في مكة فأن الكثير من الشركات والتجار الارتريين يعرضون بضائعهم وباسعار اقل من الأسواق في مهرجان ارتريا السنوي ولذا فان رواد وزوار المعرض الذين يقدرون بعشرات الالاف ينتهزون هذه المناسبة لشراء حاجياتهم المنزلية وغيرها بل ويستعدون سنويا لهذه المناسبة.