إثارة المسلمين في ارتريا محاولة أسياس للتشبث بالسلطة

بقلم الدكتور: الجبرتي

بلغت مظالم اسياس الاخوة النصاري واصبحو في السنوات الاخيرة يدفعون ثمنا باهظا لصبرهم عليه،

لظنهم السابق انه اقل قسوة عليهم من المسلمين، ولكن في الاونة الاخيرة فقد الاخوة النصاري في ارتريا شبابا كثيرا في البحار والمحيطات والصحاري و اصبحو سلعة بشرية خاما و اسبيرات. بعد ان كانت قد انطلت عليهم خدعة تخويفهم بالمسلمين في ربع قرن من الحكم الظالم علي جميع الفئات الارترية.

قبل سنوات وبعد الصراع مع القساوسة في ارتريا، اجتمعت القساوسة مع اسياس، واخبروه بمخاوفهم من نتائج سياساته، وان صبرهم قد نفد، وان ما كان يدعوهم به للصبر لم يعد له وجود حقيقي. فما كان منه الا ان اعاد عليهم اسطوانته المشروخة، ان انا ذهبت فلن تضمنوا الاستقرار في ارتريا، ولن تضمنوا التفوق النوعي الذي حققته لكم.

ولعب هذه المرة بجرأة اكبر وتعرض لهم بقوته وسجن منهم عدد من القساوسة. كما تمكن من تطوير الصراع بين فئات المذاهب النصرانية الكاثوليك والارثوذكس وغيرهم، و ضمن له اطرافا تحاول دائما ان تخادع المجمعات الكنسية بان مايقوم به هو للمصلحة الاستراتيجية لهم (اسال الهاربين من شباب النصاري عن ماساتهم، الكثير منهم وليس الجميع). وظلت ماساة النصاري في ارتريا تتفاقم وتبحث خلف الكواليس، وهي محتارة بين تصديق اسياس وتكذيبه بالواقع الذي يرونه ماثلا امامهم في خسارة شبابهم وابنائهم.

قبل ايام من اثارة المسلمين في ارتريا، كان قد صدر بيان بتعداد افراد المذهب الارثوذكسي بانه بلغ 2.500.000 نفس، مليونان ونصف المليون في ارتريا، وهو ما صدر من مصادر شبه رسمية في ارتريا، وقد كان سببا في اثارة الصراع بين المجمعات الكنسية المذهبية. وحدث ان تم النقاش خلف الكواليس في هذه المسالة، ولم يتم الاتفاق حولها.

ماكان من اسياس الا ان اعلن بغير مناسبة رسمية علي قناته الفضائية موعدا لظهوره، وتحدث كثيرا مشيرا الي ضرورة التعايش واحترام الاختلاف، وان العلمانية هي التي ستسود في البلاد وسيعمل علي تحقيقها، لانها تضمن الوقوف علي مسافة واحدة من الاديان، حسب رأيه، ولكن اية اديان كان يقصد ؟

ثم تلت المقابلة التلفزيونية غي المبررة لاسياس، تحريش وتحرش المفتي سالم بالجماعات السلفية في اسمرا، وسجن شيوخها وشبابها بتهم تلقي الدعم المعنوي والمادي من ارهابيي الخارج لزعزعة امن البلاد. ثم اكمال اللعبة لتوريط المسلمين باثارتهم، بالمساس بشرفهم وعقيدتهم، وزيادة حدة النقاش حول مدرسة الضياء الاسلامية بحي اخريا في اسمرا. وتسخين الاجواء حتي يتفاعل المجتمع المسلم مع قضيتها وتكتمل الطبخة.

المتابع للاحداث علي ارض الواقع في اسمرا، وتطور احداث قضية مدرسة الضياء الاسلامية في اخريا، يجد ان النظام بعد اعتقاله للشيخ موسي محمد نور (فرج الله اسره وجميع المعتقلين) لم يجد ردة الفعل التي كان يريد، رغم احتشاد المئات في المدرسة وتفاعلهم مع كلماته القوية الواضحة.

تدخلت الشرطة يوم الواحد والثلاثين من اكتوبر، وحضرت الي المدرسة، وتحدث الضابط للجموع، انه لايريد وصولهم الي أي جهة اخري خارج المدرسة (يعني اخرجوا)، وقد وصلته الانباء عن رغبتهم لمواجهة المفتي. مما اثارهم وادي بهم الي طرده و محاولة القبض عليه.

تدخلت مجموعات اخري من شرطة المدينة في الاحداث واطلقت النار بكثافة علي الشباب والطلاب والنساء، واتسعت رقعة الثورة والثوار واحاطت بالشرطة واقتلعت عددا من الاسلحة منهم (الوقوع في الشرك) ومن الشرطة من القي بسلاحه وهرب ليستدرجوهم للمواجهة (وانهم ارهابيون ولديهم اسلحة القصة القديمة) !!! الا ان بديهة الثوار المتظاهرين وخبرتهم، منعتهم من استخدامها وتم تجميعها لاعادتها، حتي لا تتحول الي حرب وتبلغ الاضرار مبلغا لا يقصدونه (الفكاك من الشرك).

وبعدها اسقط في يد اسياس وتواصلت المسيرة المتظاهرة الي مكتب المفتي بمسجد الخلفاء الراشدين محددة اسلوبها، ومعرفة بمقاصدها و اهدافها الديموقراطية الوطنية المشروعة. ولما هرب المفتن والتجأ الي السفارة السودانية، لم يحاول المتظاهرون اقتحام السفارة احتراما للسودان و الاعراف الدبلوماسية (نتمني ان يحترمهم السودان المدافع عن الانسانية، وان يقف معهم).

ثم حدد المتظاهرون الثوار وجهتهم الي بيت اسياس، والذي كان معدا لمثل هذا في خطته، فهرب بالطائرة العمودية الي المقر الآمن الذي يبعد حوالي 40 كيلومترا شمال شرق اسمرا. ليتابع تطور الاحداث التي جائت عكس توقعاته. وتتابعت الاحداث وقتلت الشرطة العديد من المتظاهرين واعتقلت الاطفال والنساء والجرحي. وبلغت المظاهرات عدة مدن ارترية استمرت لثلاثة ايام متتالية، اقلقت الظلم وفتحت ثقبا من ضياء ليمر العابرون به الي رحاب الديموقراطية باذن الله.

لم يجد عملاء اسياس شيئا يتهمون به المتظاهرون بالارهاب والوقوف ضد النصاري، الا تكبيراتهم و تهليلهم، لكن الوعي النصراني في ارتريا كان حاضرا، حيث شارك مبكرا في نشر توضيحاته بشأن مطالب المتظاهرين، واسلوبهم ومعني تكبيرهم، مما زاد فساد طبخة النظام واسياس لاكل عقول ومشاعر النصاري. وتسربت الفيديوهات. وشاركت مواقع التواصل في نقل الصورة الحقيقية للمظاهرات التاريخية. و شاركت الولايات المتحدة عبر سفارتها في اسمرا عن قصد او دون قصد في توصيل حقيقة ما يجري في العاصمة بتوجيه عناصرها في اسمرا بعدم الخروج. و اذعنت السفارات الغربية لبيان السفارة الامريكية وعملت به ضمنا. و أّجبرت القنوات الخائنة للالم الارتري سابقا نشر تفاصيل المظاهرات، خناة الجزيرة والبي بي سي وغيرها من القنوات الفضائية المشهورة. وانتشرت الاخبار في العديد من المواقع الالكترونية الغربية و الاقليمية. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

لعبة السياسيين بالاديان والمجتمعات، اصبحت اسطوانة مشروخة لا تخدم بقائهم وسرقتهم لمصالح الابرياء داخل وخارج ارتريا في النظام والمعارضة. و ان سنين اللجوء الطويلة والتعليم بالخارج والاحتكاك وحدت عناصر المجتمع الارتري، واصبحوا اكثر تعقلا واقل انجرافا وراء العواطف الدينية والاجتماعية، ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورها البارز في صناعة العقل الارتري الموحد والمحصن ضد التفريق وزيادة المسافة بين افراد الوطن الواحد.

لقد انقلب السحر علي الساحر، وانكشفت خططه لاخوته قبل اعدائه، ونجح كيد الله القائل ومهد الكافرين امهلهم رويدا.

التحية للشرفاء اخوة الوطن من نصاري ارتريا الذين شاركوا في معركة الوعي خلال الايام السابقة، التحية لكل شرفاء وعقلاء المظاهرات السلمية التي كسرت حاجز الخوف الذي استمر لسبعة وعشرون عاما. التحية والنصر والفرج للمعتقلين علي راسهم النساء والاطفال والطلاب والملهم الشيخ موسي محمد نور. الخلود في الجنة لشهداء الواحد والثلاثون من اكتوبر المجيد.

Top
X

Right Click

No Right Click