يا أهل المنخفضات تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم
بقلم الأستاذ: أبو أسامه - الســودان
كثر الحديث واللغط منذ أن أعلن بعض الإخوة تكوين رابطة بإسم المنخفضات بتاريخ 2014/3/29م.
فالبعض هاجم الخطوة ونعت أصحابها بنعوت عديدة وصل بهم حد الخيانة والبعض دافع عن الفكرة وتحمس لها والبعض وصفها بغرض التخفيف من حدة الهجوم بأنها مؤسسة مجتمع مدني تعني بالشئون الاجتماعية لأهل هذه المناطق. وتابعت العديد من المقالات التي هاجمت ونددت بهذه الفكرة الجهنمية!!؟
على الرغم من أن هذه الجماعة قد سبقتها مجموعات عدة وتحت مسميات قبلية وإقليمية ومناطقية على سبيل المثال (كنوما - ساهو - عفر البحر الأحمر - قاش سيتيت) والبعض تحت مسميات عامة لكنها للأعضاء فقط! لم تتعرض الى ما تعرضت له رابطة أبناء المنخفضات بل وجدت القبول والترحاب ودخلت كل المظلات التي أقيمت للعمل العام ونالت نصيبها على قدم وساق مع القوى السياسية.
وأمسكت عن الكتابة والخوض في هذا الموضوع لأنني لست من الرافضين لها لأن من حق أي أحد أن يطرح ما يراه مناسباً لمعالجة الأزمة الإرترية التي نتجت من جراء سياسات نظام الجبهة الشعبية الإنعزالي ولست من الداعين والمرحبين بالفكرة لقناعتي التامة بأن الحل ليس تكوين مؤسسة مجتمع مدني وإنما الحل في مشروع سياسي يصون كل الحقوق للمجتمع الإرتري من خلال الدستور والقانون فالأهم في هذه المرحلة هو إسقاط نظام الجبهة الشعبية الذي جلب كل هذه المشاكل التي يعاني منها المجتمع الإرتري وأصبح يشكل خطراً على المشروع الكبير وهي الدولة الإرترية التي ناضل أبناء المنخفضات من أربعينات القرن الفائت من أجل تحقيقها.
فمنذ أن طرحت المشكلة الإرترية على الساحة الدولية والإقليمية كان أبناء المنخفضات حضوراً وبقوة فمنهم من طرح مشروع التقسيم ومنهم من طرح مشروع لا بديل للإستقلال التام لإرتريا أما أهل كبسا فطرحوا مشروع الإنضمام الى إثيوبيا...
وعندما أقرت الأمم المتحدة القرار الفيدرالي الذي ربط إرتريا بإثيوبيا عام 1950 ونفذ عام 1952م كان نصيب المسلمين عموماً وأهل المنخفضات تحديداً رئاسة الحكومة إلا أن رموز وقادة تلك المرحلة تنازلوا طواعيةً للإخوة المسيحيين من أجل كسبهم وجرهم الى المشروع الوطني فكانت النتيجة أن تكون رئاسة الحكومة للمسيحيين ورئاسة الجمعية التأسيسية للمسلمين وعندما فشل المشروع الفدرالي من خلال إنتهاكات إثيوبيا لبنوده تصدر أبناء المنخفضات المقاومة الوطنية إبتداءاً من حركة تحرير إرتريا عام 1958م بقيادة محمد سعيد ناود رحمه الله مروراً بتأسيس جبهة التحرير الإرترية بالقاهرة عام 1960م بقيادة الزعيم الوطني الراحل الشيخ إدريس محمد أدم إنتهاءاً بإعلان الكفاح المسلح بقيادة الشهيد حامد إدريس عواتي في منطقة أدال في الفاتح من سبتمبر عام 1961م بإسم جبهة التحرير الإرترية ثم تحمل أهل المنخفضات تبعات النضال والثورة ومتطلبات إستمراريتها وتعرض أهل هذه المناطق الى عقوبة من قبل السلطات الإستعمارية من قتل وحرق القرى والإبادة لأرواحهم وممتلكاتهم و ثرواتهم كل هذا تحمله أبناء المنخفضات من أجل إقامة دولة إرتريا وتعاملوا بسماحة خلقهم ودينهم مع من ساهموا في هذه المأساة ضدهم عندما شاركوهم في الثورة وإلتحقوا بها وعندما أيقن الأعداء أن الثورة ماضية في طريقها وأن كل من يقف ضدها ستحطمه بصمودها وعنفوانها أرادوا أن يزرعوا في داخلها من يجعلها تنحرف عن مقاصدها وتأكل بعضها البعض فكان أسياس أفورقي صنيعة الإستعمار الذي إستقل نقاط ضعفنا نحن أبناء المنخفضات وأول من قدم له العون والمساعدة ونصروه على مشروعهم الوطني هم أبناء المنخفضات أنفسهم فقاموا بإيوائه وتقديمه الى أبناء شعبهم بإعتباره القائد الملهم وقدموه الى أشقائهم وأصدقاء الثورة ومكنوه من كل وسائل الدعم وتأسست الجبهة الشعبية في منطقة بليقات في عام 1976م عندما تمكن من تجريد أولئك النفر من كل عوامل التأثير إنتقم منهم واحداً تلو الأخر.
وظهر العجز والفراغ عندما نجح مشروع أفورقي بإخراج الجبهة من دائرة التأثير الفعلي من الساحة الإرترية بفعل المؤآمرة الكبرى التي إشتركت فيها قوى دولية وإقليمية في ظل غفلة وعدم وعي وإدراك لمآلات الأمور ومنذ تلك الفترة ضاعت البوصلة من أصحاب المصلحة الحقيقية من إنتصار الثورة وتحقيق شعار الإستقلال لذا فالمطلوب من الجميع صيانة وحماية المشروع الذي تتبناه جبهة التحرير الإرترية وبإنتصار هذا المشروع ونجاحه تنتهي المظالم الواقعة على أبناء المنخفضات وهذا لا يكلف جهداً كبيراً ولا يحتاج الى إقناع وتبريرات يحتاج فقط الى تقديم الدعم المالي والفكري والجاهزية لذلك.. أما أن نضيع في أتون التعريفات والبحث عن المصطلحات بأن الرابطة مقاصدها كذا وكذا... ثم يختلف الجميع ويتباين في التعريف و التفسير وتتولد من ذلك أهداف ومقاصد فرعية تؤدي الى صراعات عقيمة، والشواهد أمامنا كثيرة لا أود الدخول أو الخوض فيها وأكتفي بهذه الإشارة - وحتى نوفر لأنفسنا الكثير من الوقت والجهد أتوجه صادقاً بالنداء الى الإخوة أصحاب المبادرة الى توجيه جهدهم لدعم جبهة التحرير الإرترية لأنها تمثل تأريخهم ونضالهم وأن إنتصارها يعتبر إنتصارا لهم وضمانا لوحدة الأرض والإنسان الإرتري عامة وأبناء المنخفضات أصحاب التضحيات من أجل الإستقلال التام لإرتريا وعلينا أن نضع أنفسنا في مكان يستحق تضحياتنا.