الرحيل المر رموز وقامات وطنية تحتضن المنافي جثامينهم الطاهرة
بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري
الموت حق وهي سنة الحياة منذ ان خلق الله الخليقة حيث يقول سبحانه
(كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وقوله تعالي (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا وهو العزيز الغفور) فكما خلقنا سوف يميتنا ثم يحيينا واليه النشور اي اليه المرجع.
فلا اعتراض علي قضاء الله وقدره. وإنما يحز علي أنفسنا والقهر كل القهر ليس علي موت ورحيل هؤلاء الابطال انما علي مطاردتهم أحياء وامواتا وكأنهم لم يقودوا شعلة الثورة التحررية من اجل كرامة الإنسان وتحرير الوطن لتتوزع جثامينهم الطاهرة بين عواصم العالم ومنافي الشتات الارتري.
وها هي ذكري رحيلهم المر والمؤلم تمر علينا عام بعد عام وجثامينهم الطاهرة ما زالت تنتظر إذن السماح لها بالدخول ومعانقة تراب الوطن الذي افنوا من أجله زهرة شبابهم وجل أعمارهم تُري متي تتحقف رغبتهم هذه وترقد جثامينهم تحت تراب وطنهم؟
بالأمس كان ذكري رحيل أحد أنبل واطهر القيادات الوطنية الارترية القائد الرمز الشهيد احمد محمد ناصر رئيس جبهة التحرير الارترية واليوم ذكري رحيل المؤسس والزعيم الوطني بلا منازع الشهيد القائد الرمز عثمان صالح سبي شخصيتان فَقَدَهٌم الشعب الارتري وهو أحوج ما يكون إليهم.
فقد مثًل كلٌ من القائد احمد ناصر والزعيم عثمان صالح سبي ركنان أساسيان في مسيرة الثورة الارترية حيث تميز القائد احمد ناصر بصفات نبيلة وشخصية وطنية خالصة قل مثيلها اكسبته احترام القيادات والمسؤولين وحب المقاتلين والشعب الذي بادلهم بدوره حبا بحب وجعلت منه شخصية الاجماع الوطني بلا منازع وكانت تلك الصفات تتمثل بالصدق والتجرد والاخلاص في العمل الوطني ونزاهة الذمة بالاضافة الي مهاراته العسكرية والسياسية وخبراته الطويلة التي اكتسبها من الكلية الحربية والممارسة الميدانية وكان فقده خسارة كبيرة للشعب والوطن لما كان يحذي به من شعبية عارمة في الداخل وعلاقات واسعة في الخارج كان يمكن أن تلعب دورا مخالفا لما هو سائد اليوم.
اما الزعيم والقائد المؤسس والسياسي البارع والدبلوماسي والكاتب المفكر متعدد المواهب الشهيد عثمان صالح سبي فإذا قلنا انه كان عراب الثورة والقضية الارترية لا نكون بذلك قد جانبنا الصواب فهو كان كذلك وأكثر ومهما قلنا في هذا الرجل الأمة لن نوفيه حقه اذ كان اسم عثمان صالح سبي علي الصعيدين السياسي والإعلامي ملازما للثورة الارترية في الاذاعات والقنوات الإعلامية العربية والعالمية وممثلها الحقيقي في المحافل الدولية وصاحب الفضل الاكبر في توثيق وتعزيز علاقات الثورة مع دول الجوار والمحيط والتعريف بعدالة القضية الارترية وعلي الصعيد الداخلي كان الزعيم سبي الاب الروحي للشعب والثورة الارترية لدوره المميز في خدمات مجال التعليم والصحة ورعاية أسر الشهداء والمقاتلين وتوفير احتياجات الثورة من المواد التموينية والعسكرية والطبية.
الزعيم سبي شخصية سياسية ارترية لن تتكرر بإجماع الارترين فهو سياسي من الطراز الأول ومحلل وخبير بقضايا المنطقة السياسية والتاريخية وكان له تأثير كبير لدي زعماء وقادة المنطقة مما مكنه الإمساك بكثير من خيوط اللعبة السياسية بيده شكل غيابه المبكر فراغا كبيرا واخل بالتوازن السياسي.
لعب الرحيل المبكر للزعيمين سبي وناصر وهم في عنفوان عطائهم السياسي والاجتماعي دورا كبيرا في اختلال ميزان التوازن السائد اليوم في الدولة الارترية التي فقدت توازنها السياسي والاجتماعي بغياب الكثير من القيادات والرموز الوطنية ذات الثقل السياسي والتأثير الوطني والاجتماعي وأصبح مصيرها في يد فئة دالة أفسدت البلاد والعباد وجعلت من الوطن عاهة دائمة لا شفاء لجرحها النازف.